اندهشت الشابات اللاتي كنّ حول أرتيسيا وبدأن في الهمس، حتى السيدة آتييا التي كانت غاضبة منذ لحظة إندهشتْ.
“مَن جاء ليراها؟”
“لقد سمعتُ أنّ الدوق الأكبر إيفرون لا يُحب النساء.”
“هل توجد احداهن قريبة مِن نعمتهِ في هذا المكان؟”
نظرتْ الشابات حولهن، لكن لم تعتقد أي منهن أنّ أرتيسيا هي التي جاء سيدريك لرؤيتها.
حبستْ أرتيسيا أنفاسها، منذ اللحظة التي أدركتْ فيها أنّه كان هنا، اعتقدتْ بطبيعة الحال أنّه جاء مِن أجلها، وفي الوقت نفسه، وجدتْ أنّه مِن غير الواقعي رؤيته يقترب منها مباشرة، كانت نظرتها مركزة عليه، لم تتخيّل قط أنّ مجال رؤيتها يمكن أنْ يكون ضيقاً إلى هذا الحد، لكنها كانت تنظر إليه باهتمام شديد لدرجة أنّها لم تلاحظ حتى دهشة الناس مِن حولها، بما في ذلك السيدة آتييا. وعندما مدَّ سيدريك يده اليمنى، لم تسمع أرتيسيا حتى الهمهمات مِن حولها، كانت الشابات مندهشات للغاية لدرجة أنّهن نظرن إليها وإليه بأفواههما مفتوحة، متناسين الاهتمام بتعبيرات وجههم، كان جميع الحاضرين على حد سواء، يولون أقصى قدر مِن الإهتمام لهذا الأمر دون وعي.
“كيف حالكِ يا سيدة أرتيسيا؟”
تردّدتْ ارتيسيا، غير قادرة على إخفاء إحراجها، ووضعتْ يدها على يده.
“ما الذي أتى بكَ إلى هنا يا صاحب الجلالة؟”
في تلك اللحظة، نشأتْ عدّة صرخات قصيرة حولهم.
عبَّسَ سيدريك، ودون الإهتمام بالجو في القاعة، مدَّ يده اليسرى وأمسكَ بذقنها، ويده اليمنى لا تزال ممسكة بذقن أرتيسيا.
“ماذا حدث لوجهكِ؟”
“آه؟”
قام سيدريك بفحص وجهها لدرجة أنّه بدا غير محترم.
“خدّكِ منتفخ، كما أنّ لديكِ خدوشاً بسبب الأظافر، كما أنّ جانباً واحداً مِن شفّتيكِ مجروح أيضاً.”
فكر سيدريك: “كان مِن الصعب معرفة ذلك للوهلة الأولى، لأنّها كانت مغطاة جيداً بالمرهم، لكن مِن المؤكد أنّها كانت تحمل آثار الصفع، ربما مع مرور الوقت، ستتشكل كدمات زرقاء على وجهها، ماذا حدث بحق الجحيم؟ إضافة إلى ذلك، مع وجهها في هذه الحالة، كيف يمكن لميريلا أنْ تسمح لها بالخروج؟”
ينطبق الشيء نفسه على موظفي ماركيزية روسان. كانت هذه حفلة عاديةً، ولم تكن بحاجة لحضورها، ارتيسيا لا تريد حقاً أنْ تأتي، في حفل مثل هذا، لا يمكن الحصول على أي معلومات مفيدة، لكن لم يكن أمامها خيار سوى الحضور لأنّ ميريلا ستغضب إذا لم تحضر الحفلة كما أمرتْ.
أمسكتْ أرتيسيا يد سيدريك بوجه شديد الحياء.
“نعمتكَ.”
نظرَ إليها سيدريك وهمس بهدوء.
“هل الكونتيسة يونيس فعلتْ هذا بكَ؟”
قبل أنْ يغادر سيدريك القصر الإمبراطوري، أوقفتهُ الكونتيسة يونيس، نظرَ إليها بحذر، على الرغم مِن أنّهم كانوا أقارب، إلّا أنّهم لم يكونوا قريبين أبداً.
[هل ستُقابل السيدة أرتيسيا؟]
[هل هذا مِن شأنكِ؟]
[لا، ولكن هناك شيء واحد أودُّ أنْ أطلبه منكَ سموكَ.]
[لا أستطيع أنْ أضمن أي شيء، ولكن تفضّلي، أنا أستمع.]
قالت الكونتيسة يونيس وهي تمسك بتنورة فستانها.
[مِن فضلكَ أخبر السيدة أرتيسيا أنّني نادمة على ما حدثَ بالأمس.]
[إذا كان لديكِ شيء تعتذرين عنه، فلماذا لا تفعلين ذلك شخصياً؟]
[بالطبع سأزورها شخصياً وأعتذر عن ذلك في الوقت المناسب، ولكن الآن أعتقد أنّ هناك حاجة إلى وسيط، فقط قل لها أنا آسفة، وأنا أُقدّر نصيحتها.]
لم يعرف سيدريك السبب، لكنه أومأ برأسه وغادر، لم يتخيّل قط أنّ هذا هو السبب.
“الكونتيسة يونيس.”
ضغطتْ أرتيسيا على يده قليلاً.
“مِن فضلكَ، لا تقل أي شيء أكثر مِن ذلك، إذا واصلتَ ذلك، فسوف تضعني في موقف صعب.”
أطلق سيدريك ذقنها، ثمّ تكلّمَ بصرامة، واحتوى غضبه.
“دعينا نعود.”
شعرتْ ارتيسيا بالغرابة، فكرت: “كانت أليس هي الوحيدة في حياتي الماضية التي اهتمّتْ بي على الإطلاق، بعد وفاة أليس، لم يلاحظ أحد إصاباتي، وفي شبابي كان الأمر أسوأ، عندما كانت ميريلا في مزاج سيء، كانت تُنفّس عن غضبها عليّ، لم يهتم أحد في ماركيزية روسان بصفعها على خديّ. ومع ذلك، الآن الدوق الأكبر سيدريك كان غاضباً من ذلك، مِن بين كل الناس، اللورد سيدريك…”
بطريقة ما، مع الدموع في عينيها، خفّضتْ أرتيسيا رأسها وقالت بتصلّب.
“حسناً.”
لن يكون مِن الجيد لها أنْ تغادر القاعة في ظل هذه الظروف، لكن أرتيسيا لم تكن هنا لتجد شريك زواج جيد على أي حال، ولم تكن هناك أي فتاة في هذا المكان تريد أنْ تكون صديقتها، لقد وصلتْ سُمعتها فعلاً إلى الحضيض، وحتى الآن لا يبدو أنّها ستتحسن. تراجعَ سيدريك خطوة إلى الوراء ومدَّ ذراعه لمرافقتها.
عندها فقط قامتْ السيدة آتييا بالتواصل مع سيدريك بشكل عرضي، أدركتْ السيدة آتييا التي كانت تُحدّق فيهما بوضوح أنّ هذه كانت فرصتها، وسرعان ما أمسكتْ بتنورة فستانها وانحنتْ وابتسمتْ بشكل جميل قدر الإمكان.
“أعتذر عن تحيّتي المفاجئة، يا صاحب السمو الدوق الأكبر إيفرون، اسمي ليلى، أنا ابنة الكونت آتييا، لم أكن أعلم أنّكَ تعرف السيدة أرتيسيا.”
“ممتن لمقابلتكِ، سيدة، هل أنتِ صديقة للسيدة أرتيسيا؟”
“عفواً؟ هاه نعم!”
قالت ليلى ذلك، مُعتقدة أنّها ستترك انطباعاً جيداً لدى سيدريك، ثمّ واصلتْ بابتسامة في عينيها.
“لا يمكن لرجل نبيل يأتي إلى حفلة ويغادر دون أنْ يرقص، والأكثر مِن ذلك عندما يكون هناك سيدات شابات لم يرقصن على أغنية واحدة.”
تلاشى كل الدفء في عيون سيدريك.
“الواجب الحقيقي للرجل هو رعاية امرأة في وضع غير مريح، سيدة ليلى، هل أنتِ حقاً صديقة للسيدة أرتيسيا؟”
“ماذا؟”
قال سيدريك ببرود.
“إذا كنتِ صديقتها فيجب أنْ تشعري بالقلق عليها، ولكن يبدو أنّكِ تركزين أكثر عليّ.”
تحوّل وجه ليلى إلى اللون الشاحب مِن العار، قامت أرتيسيا بسحب كمّ سيدريك قليلاً، مِن وجهة نظرها، لم يكن هناك سبب لغضبه مِن ليلى. فظنّتْ أنّ سبب استيائه هو كذب ليلى قائلة إنّها صديقتها.
ومع ذلك، كان سيدريك ساخطاً حقاً، منذ لقائهما الأول، لم يتوقّف عن التفكير في أرتيسيا، لقد قرّر قبول اقتراح أرتيسيا لأنّها ذكرتْ سبباً وجيهاً، ولكن أبعد مِن ذلك، شعر بالرغبة في حمايتها.
فكر سيدريك: “إنّها رقيقة جداً. كنتُ أعلم أنّ ميريلا لديها ابنة، لكنني لم أعتقد أبداً أنّها ستكون فتاة هشة ونحيلة إلى هذا الحد، كانت أرتيسيا شابة جميلة ذات بُنية بدنية أنيقة وبشرة بيضاء كالثلج، لكن وجهها الذي لم يتمّ الإعتناء به مِن قبل، كان منهكاً، وجسدها نحيفاً للغاية، وكان معصماها البارزان مِن فستانها طويل الأكمام نحيفين للغاية بحيث لا يمكن للمرء رؤية سوى العظام، ومِن ناحية أخرى، ارتدتْ نفس الفستان المُخطّط باللون الأخضر الداكن الذي ارتدته بالأمس، لقد كان فستاناً عادياً، ومناسباً للنزهة، لكن لا يمكن اعتباره فستاناً للحفلات على الإطلاق، حتى أنا الذي لم أكن على دراية بأجواء قاعات الرقص، يمكن أنْ أدرك أنّه تمّ إهمال أرتيسيا، على الرغم مِن أنّها كانت وريثة الماركيزية روسان وأخت المرشح المحتمل ليصبح الإمبراطور القادم، إلّا أنّ السيدة الشابة، التي احتقرتها عائلتها، لم تكن موضع ترحيب في أي مكان، يبدو أنّ ارتيسيا نفسها تتقبّل الأمر كالمعتاد، وحتى ذلك جعلني غير مرتاح، لأنّه بدا أنّها تتخلّى عن الحقوق التي كان مِن المفترض أنْ تتمتع بها كابنة وكإنسانة…”
تواصل سيدريك مع أرتيسيا.
“ثمّ، سيدة أرتيسيا.”
“ماذا؟”
“هل لي بهذه الرقصة؟”
كان وجه ليلى مشوهاً بسبب الإذلال الذي شعرتْ به.
لقد كان بعيداً عن شخصية سيدريك المعتادة أنْ يفعل أي شيء مِن شأنه أنْ يلفت الإنتباه في قاعة مثل هذه، لكنه الآن أراد أنْ يفعل ذلك.
همستْ أرتيسيا بهدوء.
“أنا حقاً لا أريد أنْ ألفت الكثير مِن الاهتمام.”
“أنا أعرف، كل شيء على ما يرام، سيدة أرتيسيا، يعتبر الدوق الأكبر إيفرون مُكمّلاً مثالياً.”
لم تجب أرتيسيا، لأنّه يبدو أنّ سيدريك لاحظ أنّ ملابسها لم تكن مناسبة لهذه الحفلة وأنّه تمّ تجاهلها، بدتْ وكأنّها غير مبالية بمثل هذه الأشياء. ومع ذلك، هذه المرة، كانت خجلة.
حثَّها سيدريك.
“تعالي.”
كانت حقيقة أنّ رجل طلب منها الرقص أمراً غريباً بالنسبة لأرتيسيا، والأكثر مِن ذلك أنّه في هذه المناسبة كان ذلك الرجل هو الدوق الأكبر سيدريك إيفرون، كان عليها أنْ تستجمع بعض الشجاعة لتأخذ بيده، لم تكن أرتيسيا تعرف سبب توترها الشديد.
“قد أدوس على قدميكَ، أنا لا أجيد الرقص كثيراً.”
قال سيدريك وهو يشد على يدها.
“ثم حتى لو دسنا على أقدام بعضنا البعض، دعينا نكون متفهّمين ونتظاهر بعدم ملاحظة ذلك، لا أستطيع الرقص جيداً أيضاً.”
عندما لفّ سيدريك ذراعه حول خصرها، أصبحتْ أرتيسيا متوترة للغاية، على الرغم مِن أنّ سيدريك قال إنّه لا يجيد الرقص، إلّا أنّه قاد الرقصة على إيقاع الموسيقى، كإنسياب الماء، واتجه نحو وسط القاعة، انفجرتْ الهمسات في كل مكان، تنحّى بعض الشركاء جانباً، وتوقّفَ آخرون عن الرقص تماماً لمشاهدتهم. وبينما كانت ترقص، شعرتْ أرتيسيا أنّ القاعة كانت فارغة.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 14"