غادر سيدريك بعد شرب كوب من الشاي مع الإمبراطور، ثمَّ ذهبَ إلى قصر الماركيزية روسان كما كان مُخططاً له في الأصل، كان كبير الخدم مندهشاً للغاية مِن زيارة الدوق الأكبر إيفرون، وكان مندهشاً أكثر مِن حقيقة أنّ الشخص الذي جاء لزيارته لم يكن لورانس ولا ميريلا، بل أرتيسيا.
“خرجت السيدة.”
“إلى أين ذهبتْ؟”
أصبح كبير الخدم متوتراً مِن سؤاله.
تمتم سيدريك في نفسه: “أدركتُ أخيراً مدى سوء وضع أرتيسيا في هذا المنزل، كانت أرتيسيا الوريثة الوحيدة للماركيزية روسان، لذا ستخلف اللقب في غضون عامين، ولكن على الرغم من ذلك، لم يكن كبير الخدم يعرف حتى أين ذهبتْ…”
توسّل إليه كبير الخدم مراراً وتكراراً أنْ ينتظر لحظة قبل أنْ يقترب مِن الخادمات. بقيَ سيدريك في الردهة وانتظرَ، كان غاضباً، كان هذا أمراً لا يمكن تصوّره في دوقيّة إيفرون الكبرى.
تمتم سيدريك في نفسه: “لقد فقدتُ والديّ بشكل مأساوي خلال طفولتي، لكن أتباعي إعتنوا بي كما لو كنتِ ابنهم أو حفيدهم، وحتى يوم عودتي مِن الجنازة، كان منزلي لا يزال منزلي، في اليوم الذي شعرتُ فيه بقمع الإمبراطور، في اليوم الذي ظننتُ فيه أنّني لا أستطيع فعل أي شيء، حتى في اليوم الذي أردتُ فيه ببساطة الإستسلام والبحث عن الراحة بقلبي المكسور، كان منزلي لا يزال منزلي، لقد كان مكاناً يمكن أنْ أستريح فيه بسلام، ومكاناً أشعر فيه بالحماية، لم يكن خادمي وخدمي مجرّد موظفين لدي، إعتبرتهم عائلتي، لقد أخذوا مكان والديّ الراحلين، لقد إهتمّوا بي كما لو كنتُ ابنهم، أو حفيدهم، أو حتى شقيقهم…”
بينما كان سيدريك ينتظر واقفاً، أُصيبَ كبير الخدم في الماركيزية روسان بالذعر ولم يعرف ماذا يفعل.
لن تكشف خادمات أرتيسيا الموثوقات عن المكان الذي ذهبتْ إليه باستخفاف، في النهاية، اضطرَّ سيدريك إلى الإنتظار لمدة ساعة تقريباً قبل أنْ يتلقّى إجابة.
“اغفر لي يا جلالتكَ، لقد علمتُ أنّ السيدة أرتيسيا ذهبتْ إلى الحفل الراقص في ملكية الكونت إندا، إذا انتظرتَ لفترة أطول قليلاً، فسوف أضمنُ عودتها على الفور.”
“هل أنتَ في وضع أعلى مِن السيدة أرتيسيا في هذا المنزل؟”
رمشَ كبير الخدم بعينيه.
“عفواً؟”
تحدّث سيدريك ببرود.
“على حد علمي، السيدة أرتيسيا هي خليفة الماركيز روسان، هل يمكنكَ، كخادم شخصي، أنْ تخبرها متى تأتي وتذهب؟”
وسرعان ما أحنى كبير الخدم رأسه واختلق عذراً.
“اوه، لا، أردتُ أنْ أخبركَ أنّ السيد الشاب لورانس سيعود قريباً، ويمكن لسماحتكَ التحدّث مع السيد الشاب، في هذه الأثناء، سأرافق السيدة أرتيسيا إلى الخلف.”
العذر جعل سيدريك أكثر غضباً.
“أنا يجب أنْ أكون مخطئاً.”
“إيه؟”
“اعتقدتُ أنّني كنتُ أتحدّث مع كبير خدم الماركيزية روسان، ولكن يبدو أنّكَ كبير خدم اللورد لورانس.”
أصبح وجه كبير الخدم شاحباً، لقد نسيَ كبير الخدم ذلك لأنّه لم يشر إليه أحد، لكن سيدة الماركيزية روسان كانت في الواقع أرتيسيا، على الرغم مِن أنّه كان أحد أتباع ميريلا، إلّا أنّه كان صحيحاً أنّه بصفتهِ كبير الخدم في الماركيزية روسان، فقد قال بعض الأشياء التي لا ينبغي له أنْ يقولها.
انحنى كبير الخدم بأدب.
“أنا أعتذر.”
مِن بين نبلاء المجتمع الراقي المتحمّسين وغير المرنين، كان هناك أولئك الذين كانوا مهووسين بالآداب والشكليّات، بغضّ النظر عمّن هو الشخص الذي يتمتّع بالسلطة الحقيقيّة، إضافة إلى ذلك، كان سيدريك يكره ميريلا، شعرَ كبير الخدم بأنّه مُحاصر، وكان يعتقد أنّ السبيل الوحيد للخروج مِن هذا الوضع هو الإعتذار، لم يتخيّل أبداً أنّ سيدريك سيدافع عن أرتيسيا، ولم يفهم حتى سبب مجيئه لرؤيتها، كان لدى أرتيسيا بعض الأفكار الجيدة مؤخراً، ممّا نالتْ ثناء ميريلا، ومع ذلك، في ذهن كبير الخدم، كانت أرتيسيا مجرّد كيس ملاكمة لميريلا.
“سأخبر السيدة أرتيسيا بهذا الأمر.”
لأنّه لم يكن منزله، قال سيدريك هذه الكلمات وغادر الماركيزية روسان.
[أريدُ فقط أنْ أرث الماركيزية روسان بالكامل وأنْ أصبح مستقلّة، مِن فضلكَ ابقَ متزوجاً رسمياً منّي لمدة عامين فقط واحميني يا صاحب الجلالة.]
هذا ما قالته أرتيسيا لسيدريك.
تمتم سيدريك في نفسه: “يبدو أنّني أفهم ما تعنيهِ بحمايتي لها.”
أرتيسيا التي حضرتْ الحفلة في ملكية الكونت إندا، وقفتْ جانباً كما لو كانت زينة حائط.
إنّ حفلة مثل هذه، التي تُقام عند الظهر، لم تكن مكاناً للإستمتاع، لقد كان مكاناً للشباب والشابات للتواصل الإجتماعي بشكل سليم تحت إشراف البالغين، بالطبع، كان الهدف النهائي هو العثور على شريك زواج جيد، ومع ذلك، فإنّ معظم الزيجات لا يزال يقرّرها أرباب الأُسر، مع الأخذ في الإعتبار مكانة وثروة كلتا العائلتين، ومع ذلك، فإنّ اللقاءات بين الشباب النشيطين لم تكن شيئاً يمكن تجنّبه، لذلك فضّلَ الآباء أنْ تُعقَد هذه الإجتماعات في بيئة خاضعة للرقابة والإشراف، وبفضل هذا، يمكن للشباب النبلاء في سن الزواج أنْ يتّخذوا خيارهم الخاص، حتى لو لم يكن لقرارهم وزن كبير، بالإضافة إلى بناء علاقات اجتماعيّة بين الأشخاص مِن نفس النوع ومشاركة اللحظات الجيدة مع النوع الآخر، تمكّنوا مِن تجربة المناسبات الإجتماعيّة، ومِن خلال هذه الإجتماعات أيضاً، يمكنهم تحديد ما إذا كانت الأُسرة يمكن أنْ تؤدّي إلى الفوضى، وما إذا كانت هناك عائلة يجب إنشاء اتصال معها بأي وسيلة ضرورية، أو ما إذا كان ينبغي تجاهل الأُسرة، كل ذلك حسب الإقتضاء.
كانت أرتيسيا واحدة مِن الفتيات الأقل شعبيّة في هذا النوع مِن الحفلة، وبالنظر إلى موقعها كخليفة للماركيزية روسان، كان ينبغي أنْ تكون مركز الإهتمام في هذه اللقاءات الإجتماعية، لكن أرتيسيا كانت ابنة ميريلا، أولئك الذين احتقروا أو كرهوا ميريلا تجنبوها بطبيعة الحال، وأولئك المتملّقون الذين تشبّثوا بميريلا تجاهلوا وأساؤوا معاملة أرتيسيا بنفس الطريقة التي فعلتْ بها ميريلا، لأنّهم إذا عاملوا أرتيسيا جيداً، فإنّهم يخشون أنْ تفقد ميريلا أعصابها وتغضب منهم.
فكّرتْ أرتيسيا وهي تأخذ كوباً مِن عصير المشمش مِن الطاولة وترتشفه: “وفي هذا العصر المظهر هو القوة. بعد كل شيء، كانوا شباب وشابات في العشرينات، قليل منهم يمكنهم ملاحظة الثروة الهائلة التي تتمتّع بها الماركيزية روسان خلفي، وحتى أولئك الذين فعلوا ذلك، ما زالوا يعتقدون أنّ المظهر الجميل والشخصية اللطيفة لهما قيمة أكبر مِن الثروة، مِن المؤكد أنّ الشخصية اللطيفة تستحق أكثر مِن ذلك بكثير، أعتقد ذلك، حتى لو كان المرء يمتلك عشرة أضعاف ثروة الماركيزية روسان، فلا يمكن مقارنتها بقلب ليسيا الطيب، أرغب في أنْ يكون لي قلب نبيل على الأقل نصف قلب ليسيا، حتى لو اضطرت إلى التخلّي عن كل ثروة الماركيزية روسان…”
أرادتْ أرتيسيا أنْ يمر الوقت بسرعة لتغادر، وتُفضّل أنْ يكون ذلك في صمت ودون تبادل التحية مع أي شخص، ومع ذلك، لم يكن غريباً أنّ الأمور لم تكن كما أرادتْ.
وكانت السيدة آتييا هي التي استقبلتها.
“مرحباً سيدة أرتيسيا، لماذا تبدين مكتئبة جداً؟ لقد وصلتِ مبكراً، لكنكِ لم ترقصي بعد على أنغام أغنية واحدة.”
“يجب على شخص ما أنْ يقف ساكناً لتزيين الجدران.”
“أوه، انا آسفة لسماع ذلك. جميع الرجال الذين أتوا إلى هذه الحفلة فظّون وبلا قلب، لا أستطيع أنْ أُصدّق أنّهم لم يطلبوا منكِ الرقص معهم، ولا حتى أغنية واحدة.”
عندما قالت، خفّضتْ عينيها وواصلتْ.
“ومع ذلك، سيدة أرتيسيا أنتِ أيضاً المُلامة، هذه هي المرة الرابعة التي ترتدين فيها نفس الفستان، كيف يمكن للسادة الشباب معرفة ما إذا كانوا قد رقصوا معكِ اليوم أو إذا كان ذلك قد حدث في الحفلة الأخيرة؟”
ضحك الشباب والشابات مِن حولها بينما اهتزّتْ أكتافهم.
أظهرتْ ارتيسيا ابتسامة، فكرت: “مِن قبل، كنتُ غير متأكدة مِن مظهري وكنتُ أخجل مِن ملابسي القديمة لدرجة أنّني لم أكن أستطيع حتى رفع رأسي عندما أسمع هذه الكلمات. ولكن الآن بعد أنْ فكّرتُ في الأمر، تساءلتْ عما إذا كانت السيدة آتييا في وضع يسمح لها بقول ذلك، بغضّ النظر عن مدى جمال زهرة الحفلة، كنتُ أنا خليفة الماركيزية روسان، كان الكونت والكونتيسة آتييا تافهين للغاية بحيث لم يتجاهلاها، لم يكونوا بالقرب مِن ميريلا.”
“مع وجه قبيح، ألن يكون مضيعة إذا تمّ ارتداء فستاناً سعره مئات الآلاف مِن العملات الذهبية؟ وخاصة هذا الفستان، بقدر ما أستطيع أنْ أرى، فهو فستان مخملي مُطرّز مِن عصر المملكة الجنوبية، أليس كذلك؟ فستان ثمين مثل هذا يجب أنْ ترتديه سيدة جميلة، وهذا سيكون الشيء الأكثر مكافأة للمصمّم الذي عمل عليه.”
“أوه، إذاً لديكِ عين جيدة.”
“ولكن هل هذا جيد؟”
“ماذا؟”
“إنّ المخمل المُطرّز مِن إيانتز باهظ الثمن للغاية، لدرجة أنّ استخدام هذا القماش غير المحفوظ لصنع مثل هذا الفستان الرائع سيكلّف أكثر مِن عشرة آلاف قطعة نقدية ذهبية مِن تلك المادة وحدها، ويبدو أنّ هذا هو الفستان الرابع مِن هذا النوع الذي ترتديه، لذا لابدّ أنّ الكونت آتييا استثمرَ ما يقارب مِن نصف الدخل السنوي لمقاطعته في فساتين السيدة آتييا وحدها.”
“عن ماذا تتحدّثين؟”
“آه، الكونت والكونتيسة آتييا يُحبّانكِ كثيراً ولم يُخبرانكِ بأي شيء، أليس كذلك؟ مِن المحتمل أنْ يتمّ إغلاق منجم الرخام، مصدر الدخل الرئيسي للمقاطعة، خلال عام أو عامين، بسبب انخفاض ربحيته، وحتى الآن، لابدّ أنّ دخلهم قد انخفض بشكل كبير فعلاً، أعلم أنّهم على وشك الإفلاس.”
تحوّل وجه السيدة آتييا إلى اللون الأزرق.
قالت أرتيسيا بابتسامة.
“حسناً، إنّ الإنفاق بهذه الطريقة أمر مبالغ فيه، لكنه ليس كثيراً إذا كان استثماراً كبيراً لمستقبل الأسرة، سيدة آتييا، أنتِ جميلة، لذلك أنا متأكدة مِن أنّكِ تستطيعين بالتأكيد تلبية توقعات والديكِ.”
صرختْ السيدة آتييا بصوت عال، ناسية نظرات الناس.
“هل تقولين أنّ والداي يفكّران في بيعي؟!”
وفي الوقت نفسه، كان هناك ضجة صغيرة عند المدخل، على ما يبدو بسبب وصول ضيف جديد، نظرَ الجميع في هذا الاتجاه. أزال سيدريك السيف الطويل الذي كان يحمله وسلّمه إلى الخادم، حتى أنّ الناس توقفوا عن الهمس، ولم يكن مِن الممكن سماع سوى صوت الموسيقى في القاعة الهادئة.
قالت الكونتيسة إندا وهي تنحني بأدب.
“جلالتكَ، ما الذي أتى بكَ إلى هذا المكان فجأة؟”
كان الدوق الأكبر سيدريك إيفرون الرجل الذي أشعل قلوب عدد لا يحصى مِن الفتيات بمظهره الوسيم وتصرفاته الرجولية، لكنه لم يكن لديه شريكة في الرقص مِن قبل، لم يحضر الحفلات الراقصة أو المآدب على الإطلاق، إلّا إذا كانت الحفلة او المأدبة في القصر الإمبراطوري هي التي اضطرّ لحضورها، لكنه ظهر هنا في اجتماع اجتماعي للشباب والشابات.
كانت الكونتيسة إندا تفكّر: “ما هو تأثير مشاركته في هذه الحفلة؟”
“أحتاج إلى مقابلة سيدة، وقد قيل لي أنّ هذه السيدة موجودة هنا، أعتذر عن الحضور بدون دعوة، هل يمكنني الدخول؟”
“بالطبع، لا يوجد مكان في المجتمع الراقي لإمبراطورية كراتيس حيث لا تستطيع جلالتكَ الدخول.”
على الرغم مِن الوضع السياسي المعقّد والحرج الذي وجد نفسه فيه، كان سيدريك أحد أفضل المرشحين للزواج، لقد كان شاباً وقد ورثَ فعلاً لقب الدوق الأكبر، لقد كان أيضاً ثرياً وبطلاً عسكرياً بمزاياه الخاصة، سيدريك إيفرون يمكن أنْ يكون صانع الملوك، إذا اختار أداء قسم الولاء للورانس أو رويغار، فإنّ السيناريو الحالي لخلافة العرش يمكن أنْ يتغير بالكامل.
انتشرتْ الهمسات…
“للقاء مَن جاء؟”
“لا يمكن أنْ تكون امرأة، أليس كذلك؟”
دارتْ مثل هذه الأسئلة في أذهان الحاضرين. لكن يبدو أنّ سيدريك غير مدرك لذلك تماماً، فعبر القاعة واتجهَ مباشرة إلى أرتيسيا…
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 13"