لم يتمكّن سيدريك مِن النوم في تلك الليلة.
[ثمَّ سأجعل سموّكَ الإمبراطور.]
ظهرَ وجه الفتاة الجميلة التي قالت له هذه الكلمات باستمرار في ذهنه، لم يتساءل عمّا إذا كان بإمكانها حقاً أنْ تجعله إمبراطوراً.
تمتم سيدريك في نفسه: “هل أريد أنْ أصبح الإمبراطور؟ واستمرّ هذا الفكر في ذهني، فإنْ قلتُ إنَّني لم أفكّر فيه قط فقد كذبتُ. لم تكن أرتيسيا هي الوحيدة التي أخبرتني أنّه يجب أنْ أصبح إمبراطوراً، وفي مناسبات مختلفة، قام أشخاص في مناصب أكثر جدارة بالثقة مِن منصبها، بزيارتي سراً لنفس الشيء، ولم أستمع إليهم قط…”
[يجب أنْ تصبح الإمبراطور مِن أجل البقاء، كن الإمبراطور للإنتقام لمقتل والديكِ.]
تمتم سيدريك في نفسه: “والذين ذكروا أنّه يجب أنْ أتولّى العرش كانوا يقولون لي هذين الأمرين دائماً. لقد مرّ ما يقرب من عشرين عاماً منذ إعدام والدتي ووالدي بعد اتّهامهما زوراً بالخيانة، لقد نسيَ معظم الناس في الإمبراطورية فعلاً، تمَّ استعادة مكانة عائلتي في السلطة، وخلفتُ دوقية إيفرون الكبرى، لكنّني لم أنسَ أبداً أنّني كنتُ أقف على خط رفيع، ربّما لم يقتلني الإمبراطور غريغور لأنّه ندمَ على قتل أخته الصغرى، أو لأنّه علمَ أنّني ليس لدي القدرة على تهديده، لكن كخليفة للعرش، كانت القصة مختلفة، كان نسبي عميقاً جداً بحيث لا يمكن تجاهله، كان رعاياي مصمّمين على أنّه إذا واجهتُ نفس الخطر الذي واجهه الدوق الأكبر والدوقة الكبرى السابقين، فهذا هو الوقت الذي سيرفعون فيه قواتهم حقاً ويظهرون القوة الحقيقيّة لدوقيّة إيفرون الكبرى، كنتُ أثنيهم دائماً، تماماً كما قاموا بحمايتي، وقفتُ جانباً لحمايتهم، لقد ابتعدتُ عن الساحة السياسيّة المركزية وتصرّفتُ وكأنّني أمقت السلطة، أصبحت الدوق الأكبر إيفرون على نحو متزايد درع الإمبراطورية، ولكن في النهاية، ما لم أتخلّى عن منصبي باعتباري الدوق الأكبر إيفرون وأعيش كناسك، فإنّ الطريقة الحقيقيّة الوحيدة التي يمكنني من خلالها البقاء على قيد الحياة هي أنْ أصبح الإمبراطور. ومع ذلك، لم أستطع التخلّي عن منصبي كدوق أكبر، ناهيك عن دوقيّة إيفرون الكبرى، لقد كانت عائلتي، ومع ذلك، حتى يومنا هذا، لم أفكّر حتى في نطق كلمتَي الخلافة أو العرش الإمبراطوري، لأنّني لم أرد أنْ تتّسخ يديّ مِن أجل البقاء. أُفضّل أنْ أموت بشرف، هل سيكون والداي سعيدين إذا اعتليتُ العرش مُلطّخًا يديّ بدماء الإنتقام؟ لم أعتقد ذلك، ولم أستطع حتى أنْ أتذكّر وجه والدتي، بالإضافة إلى ذلك، كنتُ رجلاً صالحاً وعادلاً، وقد أشاد بي شعب الدوقيّة الكبرى إيفرون على ذلك، ومن غير المرجح أنْ أرغب في الإنتقام. ومع ذلك، لم تكن أرتيسيا تريدني أنْ أصبح إمبراطوراً مِن أجل بقائي أو سعياً للإنتقام، ولكن من أجل رفاهية شعب إمبراطورية كراتيس… لقد صُدِمتُ، حتى الآن، كنتُ أعتبر دوقيّة إيفرون مسؤوليتي الوحيدة، لقد عملتُ بجد لحماية منزلي وشعبي الثمين، لكن هل أستطيع أنْ أغض الطرف عن إمبراطورية كراتيس نفسها؟ بالطبع لا، وكنتُ درع الإمبراطورية، لم أكن أمتلك ذرة مِن الولاء للعائلة الإمبراطورية، لكن حماية شعب الإمبراطورية كانت دائماً في ذهني. لم أتمكّن مِن مشاركة هذا القلق مع أي شخص، كان مساعديني على استعداد للتضحية بحياتهم مِن أجلي، إذا قلتُ أنّني سأشارك في الصراع على الخلافة، فسيكون الجميع سعداء وسيتصرفون… أريد التحدّث إلى أرتيسيا مرة أخرى، كان لدي شعور بأنّها ستكون قادرة على توجيهي في الإتّجاه الصحيح حتى في وسط الضباب.”
طوال الليل، لم يتمكّن سيدريك مِن النوم مرة واحدة، وعندما أشرقتْ الشمس، أدرك أنّ عقله كان يشير في اتجاه واحد.
سأله أنسجار، كبير خدم الدوق الأكبر إيفرون، الذي وصلَ إلى الثكنات هذا الصباح.
“لم تتمكّن مِن النوم جيداً الليلة الماضية؟”
كان سيدريك قد نهض فعلاً وكان يَحلق ذقنه، كان وجهه منهكاً، وكانت هناك دوائر سوداء تحت عينيه.
تبعَ أنسجار سيدريك إلى ساحة المعركة لخدمته، لم يكن سيدريك بحاجة إلى الكثير مِن اهتمامه، على العكس مِن ذلك، كان القلق أكثر إرهاقاً مِن عدم حدوث أي شيء سيئ لكبير الخدم العجوز، لكنّه لم يستطع أنْ يطلب منه البقاء والراحة في القصر المريح، لأنّه كان يعلم أنّه بعد الخسارة المأساوية لأسياده السابقين، كان أنسجار يخشى ويشعر بالقلق مِن أنّه قد يفقد سيدريك بهذه الطريقة.
“لقد تمدّدتُ وتحولّتُ في السرير قليلاً.”
أنسجار لم يسأل لماذا، لم يكن بإمكانه التورّط في مثل هذه الأمور، الشيء الوحيد الذي يمكنه فعله لسيّده، الذي كان يتعامل مع واجباته الرسمية، هو الإعتناء به بأي طريقة ممكنة.
“مِن فضلكَ اجلس يا سموكَ.”
جلس سيدريك بهدوء على الكرسي.
“حسناً.”
أمسك أنسجار وسادة ووضعها خلف رقبته حتى يتمكّن مِن الإستلقاء بشكل مريح، ثمّ وضع منشفة دافئة على وجهه.
“أعتقد أنّني قد أغفو حتى.”
“هل ترغب في الحصول على بعض النوم؟”
“لا، ليس لدي ما يكفي مِن الوقت للنوم، سأذهب إلى القصر الإمبراطوري اليوم.”
بعد أنْ قال ذلك، بحثَ أنسجار عن رداءه بدلاً مِن زيه العسكري. غيَّر سيدريك ملابسه وتوجّه إلى العاصمة برفقة مرافقين.
وصلَ سيدريك إلى القصر الإمبراطوري حوالي الساعة 10 صباحاً، اعتادَ الإمبراطور غريغور قضاء الصباح في حضور الإجتماعات الصغيرة واستقبال الضيوف الشخصيين، اختار سيدريك ذلك الوقت لأنّه لم يرغب في تناول الغداء معه. عندما وصل سيدريك، كانت الكونتيسة شارلوت يونيس تقابل الإمبراطور فعلاً مع ابنتيها.
اتّبعتْ الكونتيسة يونيس نصيحة أرتيسيا، كانت الآن تبلغ من العمر 36 عاماً، وكانت ابنتها الكبرى تبلغ من العمر 15 عاماً هذا العام. كانت الكونتيسة يونيس في سن لا يمكن اعتبارها جميلة أو جذابة، لذلك لم يكن مِن المفيد لها أنْ تتصرّف بغطرسة، إذا أرادتْ أنْ تكتسب حب والدها الإمبراطور، كان عليها أنْ تعرف كيف تتعرّف على مزاجه وترضيه، ومن أجل بناتها أيضاً، لم يكن الإمبراطور مِن النوع الذي يعتني بأطفاله، ولم يكن بحاجة إلى القيام بذلك، ولم يفعل ذلك إلّا عندما أراد ذلك. ونتيجة لذلك، دخلتْ الكونتيسة يونيس مرحلة مِن التمرّد، وبعد ولادة لورانس، كان لديهما وقت أقل بكثير ليقضوه معاً، كأب وابنة، لكن هذا لا يعني أنّه كره فجأة ابنته التي أحبَّها كثيراً، لقد وضعها جانباً، لأنّ كل لقاء مع ابنته كان يؤدي في النهاية إلى جعل حالته المزاجية أسوأ. قامت الكونتيسة يونيس بزيارة مفاجئة للإمبراطور لتدخل قلبه مرة أخرى، وبطبيعة الحال، لم يكن الإمبراطور على علم بنواياها الحقيقيّة.
فكر الإمبراطور غريغور: “لقد اعتقدتُ أنّها ربما شعرتْ بالذنب لأنّها أزعجتْ هدوئي بالأمس وكانت تحاول الحصول على عفوي بطريقة ما. مهما كان السبب، لأول مرة منذ فترة طويلة، يبدو أنّ ابنتي قرَّرت تغيير رأيها وتصبح ابنة أبوية، كنتُ أستمتع بوقت ممتع، كنتُ أيضاً مسروراً بالبروش الكهرماني الذي أعطته لي أرتيسيا. لقد قبلتُ دائماً أرتيسيا كملحق لميريلا، بالطبع، لم أفكّر بها أبداً على أنها ابنتي، ولم أشعر بأي مشاعر عائلية تجاهها، لكن أرتيسيا لم ترتكب أي خطأ حتى أكرهها أيضاً، على الرغم من أنّه لم يكن لدي أي رغبة جنسية تجاهها، إلّا أنني شعرتُ بالإرتياح عندما علمتُ أنّ هذه الفتاة الجميلة تريد أنْ أُحبّها، لو بكت أرتيسيا في حادثة الأمس واشتكت ميريلا، لكنتُ قد شعرت بالسوء الشديد، وكان مِن العجيب أنّ فتاة في مثل سنها، لم تشتكي رغم صفعها على خدها، وحاولتْ بحكمة أنْ تُهدّئ قلبي، إضافة إلى ذلك، بعد أنْ كانت ابنتي المتمردة تنظر إليّ بهدوء، شعرتُ أنّني قد اكتسبت الكثير دون أنْ أضطر إلى فعل أي شيء، كنتُ عجوزاً الآن، وعلى عكس أيام شبابي، أصبحتُ الآن أستمتع بحنان أبنائي وأحفادي بقدر ما أستمتع بحبيبتي المغوية…”
ولذلك عندما تمّ إبلاغه بزيارة سيدريك، طلب الإمبراطور غريغور بكل سرور السماح لسيدريك بالدخول.
“اسمح له بالدخول، أنا فقط آخذ قسطاً مِن الراحة.”
تردّد سيدريك عندما كان على وشك دخول غرفة معيشة الإمبراطور تحت إشراف كبير المرافقين، لقد تفاجأ لأنّه تمّ اقتياده إلى غرفة المعيشة، وليس إلى غرفة الدراسة أو غرفة الجمهور، أيضاً، كانت هناك الكونتيسة يونيس مع بناتها، في خصوصية تامة.
كان هذا أول ما قاله سيدريك بعد التحية الرسمية.
“شكراً لكَ على استقبالي، لو كنتُ أعرف أنّ الكونتيسة يونيس هنا، لم أكن لأزعجكَ.”
ضحك الإمبراطور.
“لماذا تتصرّف بشكل رسمي هكذا؟ شارلوت هي ابنتي، وأنتَ ابن أختي، لذلك أنتما أبناء عمومة، نحن جميعاً عائلة.”
تمتم سيدريك في نفسه: “لقد تصرَّف وكأنّه لا يعلم أنّني لم أدخل العاصمة حتى الآن بسبب قضية الجيش الغربي، في بعض الأحيان، اعتقد أنّ الإمبراطور ربما نسي أنّه قتل والديّ، بالطبع، لا يمكن أنْ يكون هذا صحيحاً. لأنّه لو كان الأمر كذلك، فلن يكون هناك سبب لمحاولة الإمبراطور ثنيي كلّما سنحت له الفرصة…”
أومأ سيدريك بأدب.
قال الإمبراطور بمرح.
“أنتما الإثنان لم تريا بعضكما البعض منذ وقت طويل، أليس كذلك؟ على الرغم مِن أنّكم أبناء عمومة، نظراً لأنّ سيدريك ليس لديه إخوة، يجب أنْ تتصرّفي كأخت حقيقية له، شعرتُ بالسوء بعض الشيء لأنّه كان يأتي لزيارتي في كثير من الأحيان، لكنّه كان في الثكنات خارج العاصمة ولم يكن يأتي حتى.”
تمتم سيدريك في نفسه: “إعتقد أنّه كان سخيفاً، إذا كان يشعر بالسوء حقاً، كان بإمكانه أنْ يُعطيني لقاءً خاصًا، تاركًا الوضع المعقّد جانباً، أو ربما حاول الإستماع إلى أسبابي، لكن الإمبراطور لم يفعل، كان قد أمرني بالعودة إلى العاصمة بمفردي والإنحناء له وترك الجيش الغربي.”
“ويجب عليكَ أيضاً أنْ تكون أقرب إلى تيا.”
“الأب، كيف يمكن للسيدة أرتيسيا أنْ تلتقي باللورد سيدريك، الذي يكون دائماً بعيداً في مهمة عسكرية؟”
“عن ماذا تتحدّثين؟ عندما يكون مِن المقرّر أنْ يلتقي رجل وامرأة، يمكن أنْ يحدث ذلك في أي وقت، أليس كذلك؟ إضافة إلى ذلك، أليست تيا أخت لورانس؟ على الرغم مِن أنّها لا تملك دمي.”
سأل سيدريك في مفاجأة.
“هل تقصد السيّدة أرتيسيا؟”
كان ذلك لأنَّ سيدريك لم يتوقع أنْ يخرج اسمها مِن فم الإمبراطور أولاً.
“سمعتُ أنَّكَ أرسلتَ فارساً بالأمس لمرافقة تيا إلى منزلها.”
وقد روى كيشور القصة للإمبراطور.
“لم تكن مشكلة كبيرة، لكنّكَ تعلم ذلك، إلتقينا بشكل عرضي في المعبد ولم يكن معها مرافقة، لذلك أرسلتُ أحد رجالي لمرافقتها إلى منزلها.”
“لقد كنتَ تتجوّل خارج العاصمة طوال هذا الوقت وفجأة قرّرتَ زيارتي، هذا لا علاقة له بالسيّدة أرتيسيا؟”
لم يتمكن سيدريك مِن إنكار ذلك على الفور، لأنّه لم يكن معتاداً على الكذب.
ضحك الإمبراطور بمرح.
“في بعض الأحيان تكون أيضاً مِن الطراز القديم جداً. أنا متأكّد مِن أنّها ستكون سعيدة بزيارتكَ لها اليوم.”
“لم آتِ إلى القصر الإمبراطوري مِن أجل السيدة أرتيسيا، يا صاحب الجلالة، الأمر يتعلّق بالجيش الغربي.”
هدرَ الإمبراطور وبدا غاضباً.
“السماوات! ألَا تفهم لماذا أحضرتكَ إلى غرفة معيشتي؟”
وبعد ذلك ابتسم الإمبراطور بهدوء، وقال له وهو يصب له كوباً مِن الشاي.
“لا ينبغي لنا أنْ نتحدّث عن مثل هذه الأمور عندما نجتمع كعائلة، دعنا نتحدّث عن ذلك مرة أخرى في ثلاثة أيام، هل ظننتَ أنّني سأنسى ما حقّقه الجيش الغربي هذه المرة؟”
أخذَ سيدريك كوب الشاي إلى فمه بتردّد، عندها فقط أدرك أنَّ أخبار لقائه مع أرتيسيا قد غيَّرت تماماً موقف الإمبراطور.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 12"