بعد رحيل كاليوس حاملاً الين ذاهباً إلى النزل، قسم يون الأوامر عليهم، فهو كان سيحرس العصابة و دان ويذهب بهم إلى النزل ويضعهم في القبو، بينما يذهب ناي أو ليو لإحضار الطبيب.
قال يون:
“إذا من منكم سيذهب لإحضار الطبيب؟”
كان مجرد سؤال طبيعي، لكن ردهم صدم يون، حيث أشار كل منهم لنفسه راغباً في الذهاب لإحضار الطبيب.
شد يون على أسنانه من الغضب قائلاً بانفعال:
“لا يمكن، ما رأيكم أن أذهب أنا بالعصابة للنزل، وتذهبوا أنتم لإحضار الطبيب؟”
ارتسمت الابتسامة على وجوههم، وقالوا دون أن يلاحظوا السخرية في صوته، موافقين على كلامه حتى كادوا أن يرحلوا ويتركوه. فقال يون بابتسامة شريرة:
“لدي فكرة أفضل، ما رأيكم أن أذهب أنا لإحضار الطبيب، وأنتم تعودوا بالمجرمين إلى النزل؟”
شحُبت وجوههم بشدة من كلامه، فكيف سيستطيعون السيطرة على المجرمين بدون يون؟ لذلك اضطروا إلى المثول لأوامره، فأمرهم يون بأن يذهب ناي لإحضار الطبيب وأن يبقى ليو معه.
فرِح ناي داخلياً لكنه حاول إخفاء ذلك، فهو يشعر بالسعادة، ولولا وجود يون لكان حاول إثارة غيظ ليو.
لكن ما فاجأه ابتسامة ليو الواسعة وقوله ليون إنه سيمتثل لأوامره، وأن هذا هو القرار الأفضل، مما جعل ناي يموت من الغيظ.
بعد رحيل ناي، ابتسم يون قليلاً، فهو قد لاحظ أن ليو قد استخدم الطريقة العكسية، فإظهار السعادة قد نجح في إثارة غيظ ناي.
في قلعة كانور:
نظر ليام بصدمة من رؤية ليندا قائلاً:
“ماذا تفعلين هنا؟ على ما أذكر فقد تم إرسالك في مهمة سرية منذ شهر.”
قالت ليندا بنبرة مرحة، وتعابير وجهها السعيدة كانت واضحة:
“لقد جئت بأخبار رائعة، ربما سيعطيني الرئيس هذه المرة مكافأة كبيرة. أين هو الآن؟”
نظر لها ليام بحقد، بينما هو متعب ومُثقل بالكثير من الأعمال، فهي تذهب وتعود لتطلب مكافأة، لذلك قرر إفساد فرحتها قائلاً:
“يا له من شيء مؤسف، لكن الرئيس قد ذهب في مهمة لإحدى القرى، وربما لن يعود الآن.”
لكن على عكس أمل ليام، لم تتغير تعابيرها، فقد صمتت لحظة، ثم قالت بابتسامة:
“لا يهم، فأخباري الرائعة سيتم مكافأتي عليها سواء الآن أو بعد عدة أيام.”
شعر ليام بالفضول، راغباً في معرفة ما هو هذا الخبر الهام، فسأل من كثرة الفضول:
“وما هي هذه الأخبار المهمة؟”
تصنعت ليندا التفكير ثم قالت:
“لن أخبرك بالتأكيد.”
ثم تركته وذهبت.
نظر ليام في ذهول إلى الطريق الذي ذهبت به، قائلاً لنفسه بحسرة:
“(ربما كان يجب أن أقتلها، وأدعي أنني لم أر وجهها جيداً في الظلام.)”
في الوقت الحالي:
كان كاليوس يجلس على الكرسي بجوار سرير الين، ويضع المنشفة الباردة على وجهه، فقد زادت حرارة الين، مما جعل كاليوس يستدعي الطبيب مجدداً.
بعد أن فحصه الطبيب، قال:
“أعتقد أن هذه الحمى من السم، لكن ربما هذا ليس السبب الرئيسي. أنا أعتقد أن الكوابيس المتلاحقة تضغط عليه نفسياً، مما يسبب الحمى.”
لذلك لم يجد الطبيب ما يقوله سوى إعطاء دواء خافض للحرارة وإخباره أن يضع له منشفة باردة على جبهته.
لذلك كان كاليوس ينفذ الآن ما أخبره به الطبيب. كان منتصف النهار قد انقضى، ويكاد الليل أن يحل دون ظهور أي علامات على استيقاظ الين.
لذلك سهر كاليوس للاعتناء به، وفي منتصف الليل كان الين يهذي ببعض الكلمات غير المفهومة ويتصبب عرقاً، وازداد انعقاد حاجبيه. كان واضحاً أنه يواجه كابوساً، لم يعلم كاليوس ماذا يفعل، لذلك كل ما استطاع فعله هو أن يربت على يديه بهدوء قائلاً:
“لا بأس، الآن كل شيء سيكون على ما يُرام، إن حدث أي شيء تعال إليّ وسوف أنقذك.”
وبعد فترة طويلة، أخيراً هدأت ملامحه وحلت بعض السكينة عليه، فتنهد كاليوس من التعب وقال وهو يضغط بيده على خد الين:
“سوف أُريك عندما تستيقظ كيف تفعل بي ذلك، لن أرحمك.”
بينما استيقظ فجأة ناي من نومه شاعراً بقشعريرة من الضحكة المفاجأة، معتقداً بوجود أشباح في النزل. لكنه طمأن نفسه أنه لو كانت هناك أشباح لطاردت دان لأنه هو من أذى أهل القرية وليس هو بالتأكيد.
ونظر بجانبه فرأى ليو يغط في نوم عميق. فشعر بالضيق، وغطى كامل وجهه بالبطانية محاولاً منع الضجيج، ثم عاد إلى النوم.
مع طلوع شمس يوم جديد:
كان الين يحلم بنفس الحلم الذي حلم به من قبل، فقد تكرر ذلك الحلم كثيراً، لكنه لم يستطع أن يفهم السبب. ففي كل مرة يسير في إحدى ممرات قلعة سون، ثم ينتهي به المطاف بالنظر إلى إحدى الجدران، ثم يلمع الضوء فجأة ويتبخر الحلم بعدها دون أن يعرف ما الذي قد رآه.
بعد انتهاء هذا الحلم الغريب، بدأ الين يفتح عينيه، حاول فتحهما ببطء بسبب الضوء الذي هاجم عينيه فجأة، ثم لاحظ ضوء الشمس من النافذة التي كانت مفتوحة، حاول النهوض قليلاً ثم رأى فجأة أن كاليوس كان نائماً على الكرسي بجانب السرير، وموضوع بجانبه منشفة ومياه، ففهم أنه قد اعتنى به طوال الوقت.
شعر بالغرابة، ثم عندما اقتربت يده لإيقاظ كاليوس كان قد شعر بحركة ما، ففتح عينيه، نظر بدهشة إلى الين الذي كان ينظر إليه وقال:
“لقد استيقظت أخيراً.”
أوما له الين، لكنه تفاجأ عندما اقتربت يد كاليوس من جبهته، ثم ضربه ضربة خفيفة مما جعل عيني الين تتسع، وقال له بضيق:
“لماذا فعلت ذلك؟ أنا قد استيقظت للتو.”
قال كاليوس وهو ينظر إليه باللوم:
“هل تظن أنك إذا أنكرت الأمر فلن تُعاقب؟ لقد قمت بشيء خطير الآن، لذلك استعد لأن تُعاقب بشدة، لن أرحمك.”
لمعت فكرة في ذهن الين لكنه لم يظهر أي مشاعر لعدم اكتشاف أمره، فقال:
“إذا ما رأيك أن نتبارز عندما نعود للقلعة؟ أليس عقاباً جيداً؟”
ابتسم له كاليوس ابتسامة خفيفة، فهو قد أدرك نوايا الين جيداً، لكنه سينفذ له ما يريد هذه المرة فقط.
طرق شخص الباب، فأذن له كاليوس بالدخول، فكان ذلك صاحب النزل الذي تنهد بارتياح عندما رأى الين بصحة جيدة، وقال ما جاء لقوله:
“لقد أرسلت إحدى الأمهات طفلاً ليخبركم بالمجيء لمنزلهم، يبدو أنه من أحد المنازل التي عالجها الترياق.”
التعليقات لهذا الفصل " 25"