كان كاليوس يركز بصره على القائد ودان، وبينما كان ينتظر تعليق ألين من خلفه، شعر بحدسه أن شيئًا سيئًا قد حدث نتيجة لعدم سماعه أي صوت.
ثم فجأة نظر إلى الخلف ليرى ألين يمسك رأسه بشدة، وتظهر على وجهه علامات تدل على شعوره بالألم.
وبينما كاد ألين أن يقع ويصطدم رأسه بالأرض، استطاع كاليوس أن يمسكه بسرعة ويمنع وقوعه. شعر فجأة بالذعر عندما رأى الدماء التي تخرج من فمه.
صرخ على يون وناي وليو أن يذهبوا ويحضروا الطبيب إلى النزل بسرعة، بينما يذهب به إلى النزل.
ركض كاليوس بخطوات سريعة نحو النزل وهو يحمل ألين على ذراعيه، الذي كان وجهه شاحبًا جدًا بل يكاد يتحول إلى اللون الأزرق.
وصل كاليوس أخيرًا إلى النزل واستطاع تخطي السلالم بسرعة، دافعًا باب غرفة ألين بقوة وواضعًا إياه على السرير، وقام بفتح النافذة التي بدا من خارجها أن الشمس بدأت تشرق ناشرة ضوءها على أنحاء الغرفة.
ثم سمع طرقًا على الباب، كان ذلك صاحب النزل الذي استيقظ في الصباح الباكر، وبينما كان يمشي وهو يتثاءب، ذُهل فجأة من سرعة كاليوس الرهيبة ولاحظ أنه يحمل ألين، الذي كانت علامات المرض بادية بشدة على وجهه. ففزع بشدة وذهب ليعلم ما حدث له.
بعد طرقه الباب لاحظه كاليوس، الذي سأله بسرعة مقاطعًا ما كان سيقوله صاحب النزل:
“هل تعرف ما هو ترياق السم الذي أعطاك إياه ألين؟”
أومأ صاحب النزل ورد على كاليوس قائلًا:
“أجل، لقد أعطاني ألين قبل رحيله ورقة مكتوب فيها بدقة ما هو الترياق.”
شعر كاليوس ببعض الارتياح والهدوء، لكن ذلك لم يجعل قلقه يختفي بالكامل، فقال لصاحب النزل:
“هل يمكنك إحضار الورقة أو هل تستطيع تحضير الترياق؟”
نظر له صاحب النزل باستغراب، لكنه سرعان ما استنتج أمرًا ما، فقال:
“أجل أستطيع، هل يمكن أن ألين قد تسمم بالسم؟”
أومأ كاليوس، فقد فحص نبضه وعلامات وجهه جيدًا. كان واضحًا أنه تسمم، والسم الوحيد الموجود حاليًا كان السم الخاص بالقرية، وما أكد استنتاجه تذكره لألين وهو يخبره بأنه كان يتناول المكونات لإيجاد تفاصيل السم.
أمر كاليوس صاحب النزل أن يسرع في صنع الترياق حتى يستطيع ألين أن يتناوله بسرعة، فكل ثانية قد تُعرض حياته للخطر.
وافقه صاحب النزل وذهب مسرعًا لإعداد الترياق، بينما نظر كاليوس إلى ألين، ثم تنهد من التعب. جلس على كرسي بجانب سرير ألين ووضع يده على وجهه ليفحص درجة حرارته، كان باردًا كالثلج حتى اختفى لون وجهه، قال باستياء وكان ألين مستيقظًا:
“حالتك تبدو مزرية، تبدو كالأميرة النائمة؟ يجب عليك أن تستيقظ ، يبدو اننى افتقد ان تقول لا تنادني بالأميرة بتعابير منزعجة.”
مع مرور بعض الوقت واعتناء كاليوس بألين وبقائه بجانبه، أدرك أنه قد اعتبر ألين صديقًا فعلًا. هو الذي لم يحصل على أصدقاء من قبل ولم يعرف كيف يكون الأصدقاء، قد شعر لأول مرة بأنه ليس وحيدًا. كان قضاء الوقت مع ألين ومضايقته مسليًا لدرجة تخلصه من رتابة حياته اليومية.
تذكر كاليوس فجأة صغره وغرفته الهادئة الخالية من أي صوت وتمارينه على المبارزة، التي كان يفعلها مع معلمه الذي كان عجوزًا. ولم يكن في القلعة من هم في مثل عمره، حتى عندما حاول والداه إحضار الكثير من الأطفال ليلعب معهم، كان يشعر بالوحدة الشديدة.
فإما أن يحاولوا اللعب معه بدافع الواجب، أو يحاولوا تملقه فقط. لم يتقبل أحد منهم شخصيته الحقيقية، لذلك لم يشعر بالسعادة الحقيقية برفقتهم، فتخلى عن مصادقة أي أحد. لكن ألين تعامل معه بطبيعية، مما جعل وحدته القاتلة في صغره تبدو وكأنها تذوب كالغيوم.
انتهى أخيرًا صاحب النزل من إعداد الترياق، وبينما كان يصعد السلم، تزامن ذلك مع مجيء الفرسان مصطحبين معهم الطبيب.
دخل الجميع فجأة الغرفة، انتبه كاليوس لدخول الحشد الكبير فجأة، لكنه أمسك الترياق بسرعة من يد صاحب النزل وقرر إطعامه لألين بسرعة، بعد أن حاول أن يجعل ألين يشربه ببطء، وبعدها أمر الطبيب بأن يفحصه.
لم يجد الطبيب ما يقوله سوى أنه فعلًا كانت حالة تسمم، وإن كان الترياق فعلًا يعالجه فما عليهم سوى الانتظار وسوف يُشفى بنفسه قريبًا.
وقال بتعابير جادة إلى كاليوس إن عليه بعد أن يستيقظ أن يرتاح على الأقل لمدة ثلاثة أيام، فربما يُصاب بالحمى.
أومأ كاليوس له، عازمًا على الاعتناء به جيدًا.
شعر ألين ببعض الألم، وظلت العديد من الذكريات السيئة من الماضي تطارده في هيئة كوابيس حية، جعلته ينزعج ويجعد حاجبيه وهو يتألم. فقد كانت أحلامه عبارة عن دماء وأشخاص يموتون أمام عينيه وهو يقف عاجزًا عن فعل أي شيء، بل حتى لا يستطيع الهرب.
كان ألين مدركًا أن هذا حلم وأنه ليس حقيقيًا، إلا أن واقعيتها كانت تدمر أعصابه ومشاعره، حتى تمنى أن ينتشله أحد من هذه الكوابيس الفظيعة.
في بعض الأوقات كان الناس يلاحقونه، أشخاصًا يعرفهم جيدًا وأشخاصًا لا يعرفهم. بدا كأنهم يكرهونه، لا بل يتمنون موته. فقد كان البعض يلحقونه ومعهم سيوفهم، والبعض كانوا يبكون وينظرون له بنظرات اللوم.
جعل ذلك ألين يشعر بالرغبة في الهروب، لكن قدميه لم تساعداه. لذلك استسلم للظلام الدامس الذي سيطر على أحلامه، جاعلًا منها كوابيس.
شعر وهو في حالة بين الوعي واللاوعي أن أحدهم يضع في فمه مشروبًا ما، شعر بعدها بأن الألم يهدأ قليلًا، ومع ارتياح جسده شعر أن عقله بدأ يرتاح أيضًا، حتى الكوابيس كانت تتلاشى ببطء، ويبدو أن حلمًا آخر قد ظهر فجأة لكنه لم يبدو ككابوس.
فقد وجد ألين نفسه فجأة يتمشى في إحدى الممرات، وبعد بعض التدقيق وجد أنه قصر مملكة سون. شعر بالغرابة واعتقد أنه فقط افتقد القصر، لكنه لمح شيئًا يلمع على إحدى الجدران، بعدها اختفى الحلم دون أن يتذكر ألين منه شيئًا، فقد ذهب في نوم عميق.
في الظلام الدامس:
تسلل شخص ما إلى أسوار قلعة كانور بهدوء وسلاسة، كان من الواضح أنه شخص يعرف القلعة جيدًا.
وبينما كان يتحرك بسرية تامة، كان ليام يتجول حول القلعة راغبًا في استراحة من أعماله التي لا تنتهي، لكنه يجب أن ينتهي من جولته حول القلعة من أجل التفتيش.
وبينما كان يتحرك لاحظ شخصًا يتحرك بسلاسة في الخفاء، لكنه استطاع القبض عليه واضعًا سيفه حول عنقه، واقترب منه محاولًا معرفة هويته.
لحسن الحظ ساعده ضوء القمر في ذلك، فما إن رأى من أمسك به شعر بالذهول للحظة قبل أن يقول:
التعليقات لهذا الفصل " 24"