تأكد الين من أن ستائر العربة كانت منسدلة جيدًا، حتى لا يكون لاحظها أحد من الخارج.
ثم تنهد وقال:
“لا أريد لأحد أن يرى وجهك الآن، نستطيع على الأقل لو رأى أفراد العائلة المالكة أو لوحظ وجهك أو شعرك أن نتجنب أن تُعاقب مملكتنا علنًا. لذلك علينا إخفاؤه بقدر المستطاع.”
“ألن تخبرني حقًا بخطتك؟ أنت تعلم أن هناك من يعرف وجهي في مملكتنا، ولكاليوس العديد من الجواسيس هناك، ألن يُكشف أمرنا؟”
قالتها الينا وهي تحاول أن تجعل الين يتحدث بخطته، فهي تعلم أنها خطة متهورة بالتأكيد، لذلك عليها منعه قبل أن يتسبب في إيذاء نفسه.
ربما السبب الذي جعلها توافق على المجيء بالادعاء أنها الأميرة، هو أنها تستطيع منعه من التعرض لأي أذى، فهم ربما يحاولون جعلها وحدها وقتالها أو تسميمها.
من الجيد أنني لست مجرد خادمة عادية، فأنا أعرف استخدام السيف جيدًا.
في الخارج:
كان كاليوس في المقدمة يسير بالموكب إلى القلعة، غارقًا في أفكاره في كيف سيعاقبه الملك، فهو قائد الجيش ومن المفترض ألا يستخدم أفراده بمبالاة ولو حتى جزءًا صغيرًا.
ربما سيتعرض للتوبيخ كثيرًا، لكنه لن يندم حقًا لما فعله، فقد وجد شخصًا جيدًا في القتال حتى يستطيع منافسته، بل ربما يستطيع معرفة تكتيكات الحروب التي تعلمها.
فعلى الرغم من أنني ملك الحروب، إلا أنني أفتقر إلى معرفة كيفية استغلال الموارد حتى آخرها، وهي مهارة مفيدة جدًا في حالة قطع الإمدادات.
تنهد قليلاً وهو يفكر في كمية الأوراق التي تراكمت عليه وكم سيظل بلا نوم عدة أيام حتى ينجزها.
كان من المؤسف أنني ابن وحيد، ليس هناك غيري لتولي شؤون المملكة.
تمنى كاليوس أن يجد شخصًا مؤهلًا حقًا لمساعدته قبل أن يموت مساعده من شدة الإرهاق.
ربما مساعدي يتمنى أن يموت حتى يرتاح من هذا الإرهاق.
ومع استمرار تحركهم بدأت معالم القلعة تظهر.
كانت القلعة ضخمة ومهيبة ذات لون رمادي، جميلة جدًا، وملابس الحراس الزرقاء الداكنة ذات الأشكال الذهبية جعلت المكان أكثر فخامة.
شعر الين بالقلق قليلاً، فهو لم يرد لإلينا أن تأتي كي لا تُصاب بأذى، حيث أشعره رؤية أبواب القلعة التي تُغلق عليهم داخلها بشعور مشؤوم وغير مريح.
لكنه لن يتركها وحدها، سيبقى معها طوال الوقت، لحمايتها من أي خطر.
نزل كاليوس من على حصانه أمام أبواب القصر التي تلمع، وذهب باتجاه العربة طارقًا الباب حتى يخرج الين والأميرة منها.
بعدما رآهما يتقدمان، تحرك كاليوس للدخول إلى القلعة.
كان في انتظاره في مدخل القصر جميع الخادمات ووالدته الملكة بيلا التي نظرت إليه بنظرات حادة حتى كادت أن تقطعه نصفين.
كان في نظرها الآن بالتأكيد الابن العاق الذي لم يكفه أن يتشاجر مع أقاربه، بل ذهب إلى حد أن يتشاجر مع جارته الصغيرة وتسبب في مشاكل في الحي.
قاطع نظراتها بتحية حاول أن تكون ودودة حتى تعفو عنه:
“مرحبًا أمي، لقد افتقدتك كثيرًا، لذلك عدت بسرعة كما قلتِ لي، ولم أسبب أي خسائر، ألا أستحق المديح؟”
على الرغم من أنه حاول المزاح لتخفيف الأجواء، إلا أنه جعل الأمور أسوأ.
لم يوقف صراخ والدته إلا رؤيتها الين وإلينا خلفه ينظران إليهما بدهشة.
صُدمت والدته وأبعدته عن الطريق، بينما تقدمت إلى الين وإلينا بنظرات أسف واعتذار لما اقترفه ابنها في حقهم، وقالت محاولة تعويضهم:
“أنا أعتذر بشدة، ذلك الابن العاق الأحمق الغبي لم يستمع لي، ولم يكتفِ بذلك بل جلب أشخاصًا لطفاء ورائعين مثلكم.
لا تقلقوا، سأعاقبه جيدًا حتى لا يُسيء إليكم مجددًا.
انتظروا فقط، ارتاحوا قليلًا، سأجعل الأمر كرحلة ممتعة، لن تشعروا بأي غرابة.”
صُدم الين بشدة، فهو لم يتوقع أن تكون تلك الأم اللطيفة ابنها هو ذلك المغرور الساخر، لكنه ارتاح للقائه الملكة، فهي لم تبدُ كشخص سيئ، لكن ما زال يجب عليهم الحذر.
عرف الين عن نفسه، وبعدها قدمت إلينا نفسها كالآتي:
“أنا هو الين، قائد جيش مملكة سيون، والحارس الشخصي للأميرة، أتمنى أن تكون علاقتي بالملكة الودودة واللطيفة جيدة.”
قالها بابتسامة جعلت عيني الملكة تُطلقان قلوبًا من الإعجاب به.
“أحيي سمو الملكة بيلا، أنا أميرة مملكة سيون، اسمي إيفلين، أتمنى أن نقضي معًا وقتًا ممتعًا.”
حيّتها إلينا بابتسامة مماثلة لابتسامة الين، محاولة إعطاء انطباع أنهم غير مؤذيين.
وبالطبع أثناء التحية كشفت الأميرة عن وجهها، فتغطيته بالفعل كان يجلب الشكوك، لذلك عليهم فقط التصرف بطبيعية.
وبينما الين يفكر في حل لأي مشكلة قد تحدث، احتضنتهما فجأة الملكة بإعجاب.
أخبرتهم عيناها الحنونتان أنها قد أحبتهم بالفعل كما قال كاليوس.
“كنت دائمًا أتمنى أن أنجب فتاة أو فتى طيبين ولطيفين، وأن أربيهم جيدًا.
لكن للأسف أنجبت كاليوس، الذي كلما نما زادت شخصيته غرابة.
لم يكن لطيفًا سوى عندما كان صغيرًا جدًا، لذلك سأعوّض ذلك الآن.
من الآن أنا كوالدتكم هنا، سنستمتع ونتسوق ونفعل أي شيء.”
لمعت عينا الملكة بالبريق وهي تنظر إليهم، مما جعلهم يشعرون بالقشعريرة فجأة، فقد ذكرت نظرات الملكة إلينا بوالدتها التي كانت توبخها بشدة لارتدائها البناطيل دائمًا، وكانت تحثها على التسوق وتجربة الفساتين.
قالت إلينا في نفسها:
(يبدو أن شبح الملابس الخاص بوالدتي قد أصبح بداخل الملكة الآن).
قاطع تفكيرها صوت كاليوس وهو يسأل والدته عن والده، فأخبرته:
“لقد جاء والدك منذ فترة قصيرة، ولقد علم بما فعلت، فاستعد لأن تُعاقب، لن أدافع عنك.”
تنهد كاليوس وهو ينظر إلى والدته التي بالفعل جعلت الين وإلينا أبناءها، والآن ستطرده من القصر.
نظر كاليوس إلى السلالم مفكرًا في ما سيقوله لوالده.
في مملكة سيون، في إحدى الأزقة المهجورة:
اجتمع رجلان من الجواسيس، كانت مناظرهم المرعبة والندبات على وجوههم تتناسب مع المكان المهجور والظلام الدامس فيه.
قال أحدهم:
“علينا أن نبعث برسالة فورية بسرعة، لنقل الأخبار، عندها ربما هذه المرة سنحصل على مكافأة مرضية.”
قال الآخر بابتسامة شريرة:
“بالتأكيد، فالأخبار تخص الأميرة الصغيرة المحبوبة، سيسعد بالتأكيد الرئيس من كونها رهينة، لذلك أحضر الحمام لنرسل الرسالة بسرعة.”
وبالفعل تم إرسال الرسالة إلى مكان ما في القصر الإمبراطوري.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 10"