بعد اللقاء الأول بين هايدن وشقيقه الغامض، لم يستطع هايدن التركيز طوال اليوم. كانت الصور والوجوه تتقاطع في ذهنه، وكل كلمة قالها الضيف الغامض تعيد ترتيبه للأحداث الماضية في ذهنه.

جلس هايدن في الحديقة، بين أشجار القصر العالية، يحاول استيعاب كل شيء. فجأة، ظهر شقيقه الغامض على مقربة منه، يجلس بهدوء على مقعد حجر قريب. كان الصمت بينهما محمّلًا بالكثير من المعاني: الفضول، الغضب، والخوف من المجهول.

“هل… هل أنت دائمًا بهذا الغامض؟” سأل هايدن وهو يحاول كسر الجليد، لكن صوته كان يختنق أحيانًا.

ابتسم الشقيق ابتسامة نصف ساخرة، نصف حزينة. “أنا لا أستطيع اختيار الماضي… ولكني موجود الآن. وربما… علينا أن نتعلم كيف نتعايش مع ما حدث.”

قبل أن يتمكن هايدن من الرد، ظهر الضيف الغامض فجأة عند بوابة الحديقة، يراقب المشهد بعينين متقدتين. “التعرف على بعضكما ليس سهلاً، أليس كذلك؟” قال وهو يمد يده نحو أحد الأشجار كما لو كان يشير إلى الظلال التي تتسلل في القصر. “لكن تذكر، كل خطوة تخطوها اليوم ستحدد مجرى الأحداث القادمة. البعض سيقف إلى جانبك، والبعض الآخر… سيحاول الاستفادة من كل سوء فهم.”

هايدن شعر بمزيج من الغضب والارتباك. “لماذا تضعنا في هذه الوضعية؟ لماذا يظهر كل شيء دفعة واحدة؟”

الضيف ابتسم بهدوء: “لأن الحقيقة لا تنتظر أحدًا، وكل سر يظل مخفيًا، يزداد ثقله حتى ينهار في النهاية.”

الكونت والكونتيسة جاءا لمراقبة الموقف من بعيد، يحاولان السيطرة على التوتر بين الشقيقين الصغيرين. كانت هناك لحظة صمت مشحونة، ثم فجأة انفجر الشقيق الغامض: “أريد أن أعرف كل شيء عن والدي! كل شيء! لماذا تُركت وحيدًا بينما كان العالم يعرف؟”

هايدن حاول التوسط، لكنه شعر بالعجز. كانت المشاعر المعقدة تتصارع بداخله: الخوف من المستقبل، القلق على والديه، الغضب من الأسرار، والفضول لمعرفة كل الحقيقة.

بينما اختتمت الشمس يومها، شعر هايدن أن شيئًا ما في قلبه قد تغيّر. لم يعد الطفل الذي يعرف حياته مستقرة؛ فقد دخل عالم مظلم مليء بالحقائق المزعجة، الصراعات المحتدمة، والأسرار التي ستكشف تدريجيًا، لتعلمه معنى الشجاعة، الحب، والخيانة، وكل ما هو مظلم ومشرق في نفس الوقت.