1
الفصل الأول
“أوه… هل طلع الصباح بالفعل؟”
تململت لوسيانا بين خيوط حلمها الدافئ بكسل ، ثم عقدت حاجبيها ببطء.
كان الضوء الذي يربّت على جفنيها لطيفًا وحنونًا، لكن جسدها المثقل والواهن لم يبدُ على ما يرام، وكأنها لم ترتَح رغم نومها الطويل.
“آه…”
لماذا تؤلمني عظامي منذ الصباح؟
هل نامت في وضعية مزعجة دون أن تشعر؟
كلما تحركت، انفلت منها أنين خافت لا إرادي.
(هل يمكن أن تكون ميري قد نسيت إغلاق النافذة؟ لا يعقل، فالشتاء في أوجه الآن. أم أنني أصبت بنزلة برد؟ رأسي يؤلمني منذ قليل كأن شيئًا يضغط داخله…)
هكذا استقبلت يومها بمشقة ثقيلة، فانقشعت بقايا النعاس شيئًا فشيئًا.
“…؟”
وما إن استعادت قدرًا من وعيها حتى اكتشفت لوسيانا أمرًا غريبًا.
لقد كان أحدهم نائمًا بجوارها.
شهقت، وقد اتسعت عيناها بدهشة مذهولة، وكأنها وقفت فجأة تحت مطر البرق.
لم يكن عقلها الذي لم يفق بعد من النوم قادرًا على استيعاب المشهد. حتى أنفاسها نسيتها، فغدت جامدة كالصخر.
(ما الذي حدث بحق السماء؟)
حين أخذت نفسًا عميقًا، تسللت إلى رئتيها رائحة غريبة كانت تحوم حول أنفها منذ لحظات.
“…!”
رائحة باردة عميقة، ذات وقع مهيب، انزلقت إلى أعماق صدرها، فأثارت فيها رجفة دقيقة.
انتفضت مسام جسدها، وشعرت بتوتر لا إرادي.
كيف لرائحته أن تُؤثر فيها هكذا؟
حرارة مفاجئة ارتفعت إلى وجنتيها، حتى اضطرت لتعض على لسانها كي تستعيد تماسكها.
لكن أنفاسها الحارة أفلتت منها أخيرًا.
ارتجف الشاب بجانبها حين لامسته أنفاسها، ثم تحرك قليلًا.
فجأة، شدّ ذراعيه حولها كمن يتمسك بأعز مقتنياته.
“…!”
كتمت شهقتها، لكن قلبها لم يكفّ عن الخفقان.
كانت … كلها اشياء في مشهد واحد لم تتخيله قط.
عندها، تذكرت ما حدث ليلة البارحة.
في الحفل الأول الذي حضرتْه، استسلمت للأجواء المترفة المليئة بالمرح… وشربت أكثر مما تحتمله.
(لقد بالغت حقًا.)
لم تكن ساذجة إلى حد إنكار ما جرى.
ألم رأسها لم يكن إلا أثر الخمر.
استوعبت الحقيقة بعقل بارد، لكن قلبها ارتجف بخليط من الذهول والمشاعر المتناقضة.
(لماذا ينبض بهذه السرعة؟)
التفتت بعينيها في حذر، كأن دقات قلبها قد تفضحها للرجل الواقع امامها ، وابتلعت ريقها بتوتر.
لم تكن تولي للأمر أكثر مما يحتمل.
لكن ما آلمها هو أنها تهاونت وفقدت زمام نفسها أمام الشرب، وهو ما لم يحدث قط حتى في حياتها السابقة.
(لقد عشت طويلًا بعقل ناضج في جسد مراهقة… ربما لذلك انفلت زمام أمري أخيرًا. جهلت حدود قدرتي على الشرب، فأسرفت حتى الثمالة.)
لم يكن ما جرى إلا نتيجة طيشها.
أسرفت في الشرب، ولا تتذكر ما حدث ، ثم هاي تجد نفسها في هذا الموقف.
مهما حاولت أن تلتمس الأعذار لنفسها، فلن يكون لها ما تقوله.
صحيح… ما جرى قد وقع بالفعل. فلا جدوى من الندم بعد الآن.
فأدركت أن التأسف لن يغير شيئًا.
(لكن… من يكون؟)
حين هدأ اضطرابها قليلًا، برز السؤال الأكبر في ذهنها: من هو الرجل الذي هو بجانبها ؟
“همم…”
قبل أن تغوص أكثر في التفكير، اخترق أذنها صوت أجش عميق خرج من بين شفتيه المغمضتين.
(صوته جميل…)
انخفضت جفون لوسيانا ببطء، كزهر أصفر يطويه النسيم.
بعد أن ارتكبت تلك الحماقة، كان يجدر بي أن أقلق أو أتوتر، لا أن أستسلم لهذا الهدوء.
ومع ذلك، وأنا مستندة إلى صدره الدافئ أستمع إلى همهماته النائمة، شعرت فجأة كقطة تتمدد تحت أشعة الشمس، يغمرها الكسل والطمأنينة.
صوته العميق، ورائحته التي تبعث على راحةٍ غامضة، وحتى بنيته القوية التي تنمّ عن حياة مفعمة بالتدريب والانضباط… كل ذلك ترك في نفسها شعورًا مبهَمًا بالانجذاب.
ابتلعت ريقها، محاولة طرد التشتت.
صحيح أنها لم تتذكر تفاصيل البارحة بسبب الشراب، لكن ألم حلقها وصوتها المبحوح كانا يشيان بأنها قد بالغت في اللهو والضحك حتى ساعة متأخرة.
“همم…”
“آه!”
وفجأة، وكأن القدر أراد أن يؤنبها على أفكارها الطائشة، شدّ الرجل ذراعيه حولها بقوة أكبر.
“؟!”
ارتبكت وهي تجد نفسها ملتصقة به دون مهلة للابتعاد. جعلها ذلك تجفل وتشيح بوجهها بسرعة.
(ما هذا الذي يحدث…!)
شعرت وكأنها تجاوزت حدًا لم يكن ينبغي تجاوزه، فانعقد جبينها في توتر.
وفي تلك اللحظة، تغيّر شيء ما في أجواء الغرفة. كان واضحًا أن الرجل استيقظ أخيرًا.
(لقد استيقظ…)
رغم أن ما حدث كان بقرار مشترك، إلا أن جوًا من التوتر الثقيل خيّم فجأة.
ما أول جملة سيلقيها عليها؟ وأي وجه سيواجهها به؟
خلال ثوانٍ قليلة فقط، تفرعت في ذهنها عشرات الأسئلة.
صحيح أنه لم يكن بينهما أي علاقة عاطفية، لكن أليس ما جمعهما ليلة الأمس كافيًا لأن يترك شيئًا من الود أو على الأقل بعض المجاملة؟
كل ما كانت ترجوه هو ألّا تنتهي الأمور ببرود يترك أثرًا جارحًا.
لكن بدلاً من ذلك…
“تبا…!”
زمجر الرجل بغلظة، ثم دفعها بعيدًا عنه بيدٍ قاسية.
“آه!”
ما هذا؟ قبل لحظات كان يعانقها كما لو كانا عاشقين!
لم يمنحها حتى كلمة واحدة، بل أبعدها كما يُبعد شيئًا مزعجًا.
حركته الفظة أوحت وكأنه يعدّ ما جرى أكبر خطأ في حياته.
نظرت إليه لوسيانا بذهول.
هل يظن أن الصدمة تخصه وحده؟
حتى وإن كان غاضبًا، فهل يليق أن يواجهها بالشتائم ثم يزيحها بتلك الطريقة؟
(آه، كم يؤلم… أي ذوق هذا؟!)
ضحكة قصيرة ساخرة أفلتت منها، ثم سحبت الغطاء على جسدها وجلست منتصبة.
كانت حركاتها حادة كأنها تستعد لمواجهة، فتطايرت خصلات شعرها الوردي بعشوائية حول وجهها.
(لو رآنا أحد الآن لظن أنني كنت أنا المعتدية!)
لقد كان ردّ فعله ينضح بالرفض، بطريقة أغاظتها.
(أي منطق هذا؟)
صحيح أنها شربت أكثر مما تحتمل، لكن لم يكن في وسعها أبدًا أن “تفرض” شيئًا على أحد.
هي لم تكن متوحشة ولا جاهلة، ولم تفكر يومًا بالاعتداء على رجل غريب.
ثم إنّ الرجل أمامها لم يكن شخصًا ضعيفًا أو هشًّا، بل جسده يدل على سنوات طويلة من التدريب والانضباط. فهل يُعقل أن تعجز فتاة بحجم نصفه فقط عن مقاومته إن كان لا يريد ذلك؟
(لو فكّر قليلًا لأدرك الحقيقة بنفسه.)
كان لابد أن تزيل هذا اللبس.
“أيها السيد.”
نادته بصوت مفعم بالاستياء، تطلب منه أن يواجهها.
رفعت رأسها بجرأة ونظرت مباشرة إلى وجهه.
وفي اللحظة التي التقت فيها عيناها بعينيه… صُعقت.
فقد كان ينظر إليها بعينين حادتين، حمراوين كالياقوت المغموس بالدم.
“…ما هذا؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"