الفصل السابع
*********
نهضت إيزايا ببطء من مكانها ونادت الخادمات.
“هل ناديتِنا يا جلالة الإمبراطورة؟”
كانت إيزايا تنوي أن تعطي التعليمات للخادمات كما خططت، لكن ملامحهن بدت غريبة.
“ما الأمر؟”
“آه، في الحقيقة… قيل إن الحديقة خلف جناح الإمبراطورة قد امتلأت بالورود.”
أثار هذا الجواب دهشة إيزايا، فأعادت التأكيد.
“ورود، تقولين؟”
“نعم، ويبدو أنها بالتحديد من الصنف الجديد الذي زُرع منذ فترة قصيرة.”
تصلّب وجه إيزايا عند سماع ذلك.
‘إنها ورود باهظة الثمن، من الذي تجرأ على فعل هذا… أيمكن أن يكون من فعل ساخطين على العائلة الإمبراطورية؟’
“لم يُقبض على الفاعل بعد، أليس كذلك؟”
“نعم، بما أن الأمر وقع عند الفجر…”
‘هذا يثبت أن أمن جناح الإمبراطورة هش إلى هذا الحد. أي أن الظروف مهيأة تمامًا لدخول وخروج أي مغتال.’
لم تلبث أن بدت بوجه متجهم، حتى أطلقت ضحكة قصيرة.
بدت ملامح الخادمات متوترة.
“لا تقلقن كثيرًا. من ارتكب مثل هذا العمل الشنيع، فلن أسمح له أبدًا بأن يلحق الأذى بأحد منكن.”
‘نحن… من خاصّة جلالة الإمبراطورة؟’
لطالما شعرن أنها بعيدة عنهن، باستثناء ميلاني.
فإيزايا كانت دائمًا مع الإمبراطور أو مع ميلاني، أما ميلاني فكانت تنصحهن بالحذر في الكلام لأنها لا ترغب بحديث غير ضروري مع الإمبراطورة.
لكن كلماتها الآن جعلتهن يشعرن بحماسة غريبة.
“إذن هل ستساعدنني في التزيّن؟”
“آه، نعم! بالتأكيد! إذن سنجهز ما أعدته كبيرة الخادمات…”
“إن كان مُعَدًّا مسبقًا فلا بد أنه ثوب عادي. لكنني أريد أن أرتدي شيئًا فاخرًا اليوم.”
ارتبكت الخادمات عند سماع ذلك.
“آه، ولكن كبيرة الخادمات غير موجودة حاليًا…”
“إذن اخترن أنتن لي.”
“لكن…”
“لا بأس. فكل الفساتين في خزانتي جميلة. فلا تشعرن بالعبء.”
عند كلماتها، تبادلن نظرات مذهولة ثم انحنين.
“نعم، كما تأمرين.”
سرعان ما أحضرن ثوبًا ومجوهرات. كان فستانًا أحمر فخمًا للغاية.
ابتسمت إيزايا بسعادة.
“يعجبني. لتقمن باختيار ثيابي في المرات القادمة أيضًا. إيريكا، زيلدا.”
أجابتا بامتنان.
“نعم، بكل سرور.”
وبينما بدأن في تزيينها، فتحت إيزايا شفتيها الحمراء.
“أريد تغيير أجوائي، فجهزن لي الشاي في الحديقة بعد قليل.”
ثم نظرت نحو النافذة.
تحديدًا باتجاه بوابة القصر الإمبراطوري.
**************
“مرحبًا بقدومك، دوق لاوشين.”
استقبلت ميلاني الدوق هذه المرة بغاية الأدب.
لكن ملامح الدوق لم تكن راضية.
“اليوم لا أراها.”
كان من عادة إيزايا أن تخرج إلى بوابة القصر لاستقبال دوق لاوشين.
أما اليوم فلم يجد في استقباله سوى ميلاني، وهو ما لم يستسغه.
“أين هي؟”
ارتبكت ملامح ميلاني عند سؤاله.
“إنها… في جناح القمر.”
لم يرد أن يصدق، لكن الأمر كان حقيقيًا.
ارتجفت عينا الدوق الزرقاوان ببرود عند سماع ذلك.
“وما السبب؟”
“لقد سألتها عن الأمر، لكنها صَفَعتني وقالت ألا أتدخل فيما لا يعنيني.”
“ماذا؟! كان عليك أن تذكريها بكلامي وتمنعيها!”
“لقد أخبرتها بالفعل أن ذلك مخالف لإرادة سموك، لكنها هددتني بأنه إن تماديت فسوف تستبدلني بكبيرة خادمات أخرى.”
وبينما تتحدث، كانت تراقب ردة فعله.
‘يبدو أنه لم يقتنع تمامًا بعد.’
وذلك مفهوم، فإيزايا كانت دائمًا بالنسبة له ابنة مطيعة.
‘لكن ماذا لو أن تلك الابنة المطيعة بدأت بالتمرد؟’
فتحت ميلاني فمها لتضيف.
“بل إنني أخبرتها أنك ستأتي اليوم، لكنها لم تكترث وواصلت الانشغال بترتيب مقرها الجديد.”
اتسعت عينا الدوق بدهشة، ثم نظر إليها بريبة.
“إن اكتشفت أن في كلامك كذبًا، فلن أتركك بسلام.”
لكن ميلاني لم تُظهر خوفًا.
“طبعًا، أعلم ذلك.”
وحين ظهر جناح القمر، قال الدوق ببرود.
“سأتحقق بنفسي، اذهبي الآن.”
“حسنًا.”
وبعد أن ابتعدت ميلاني، تلألأت عينا الدوق بحدة.
‘هل نبت لديها فجأة روح التمرد؟’
لم يسبق لإيزايا أن خالفت أمر أبيها قط.
‘لكن إن كان ما قالته ميلاني صحيحًا… فقاعة الاستقبال ستكون فارغة.’
وإن كان الأمر كذلك، فقد قرر أن يذهب مباشرة إلى جناح الإمبراطورة ليؤنبها بشدة.
لكنه لم يستطع تنفيذ ما خطط له.
“أهلًا بقدومك، أبي.”
كانت إيزايا نفسها تستقبله، متزينة أكثر من أي وقت مضى.
“أبي، كنت بانتظارك. كيف كانت جولتك التفقدية؟”
تملكه الارتباك عند رؤية ابنته الباسمة.
‘ألم تقل تلك البغي إنها كانت مقصّرة؟ ما أراه يختلف عن كلامها.’
لكن لم يطل تردده.
“أبي؟”
ابتسم لها قائلًا:
“نعم، يبدو أنني عدت سالمًا بفضل دعواتك.”
عندها تشابكت ذراعها بذراعه وابتسمت.
“لقد أعددتُ ضيافة في الحديقة. فلنذهب.”
وهكذا، حين وصل معها، وجد مائدة عامرة بالفعل.
بل حتى كان فيها شطائر الخيار والمادلين المفضلة لديه.
غرق في التفكير.
‘مختلفة فعلًا…’مع أن ميلاني أكدت أنها لم تُعِد شيئًا، بدا واضحًا أنها أعدت مسبقًا.
‘أيعقل أن تلك الفتاة…؟’
وبينما يشك في نوايا ميلاني، سمع صوت ابنته.
“تفضل وتذوّق.”
كان يحب الشاي، لكنه هذه المرة فتح فمه ليقول:
“بصراحة الأمر مُحيّر. لمَ نقلتِ مقر إقامتك فجأة؟”
ثم التفت نحوها، فارتبك للحظة.
في عينيها الحمراوين كالياقوت كان يلوح بوضوح أثر استياء.
‘ما هذا؟ نظرة عصيان؟’
وفجأة قفز إلى ذهنه كلام ميلاني.
“لقد صَفَعتني وهددتني باستبدال كبيرة الخادمات.”
تجمدت عيناه ببرود.
‘صحيح… أن تنام منفصلة عن الإمبراطور وتقول باستبدال الخادمة التي أرسلتها أنا، فهذا يعني أنها ناقمة عليّ.’
وتصلبت ملامحه وهو يراقبها.
“لمَ هذا الوجه؟ هل تشعرين بتوعك؟”
ظن أنها ستتكلم عن موضوع النوم المنفصل.
لكن جوابها كان مفاجئًا.
“آه، الحقيقة… طعم الشاي غريب.”
‘الشاي؟ وأي طعم هذا؟’
فضوليًا، احتسى رشفة، فتجعد وجهه فورًا من مذاق غريب في آخره.
“هذا… شاي رديء المستوى.”
أكان قصدها أنها لم تكن مستعدة إلا بهذا؟
نظر إليها بامتعاض، وفجأة نهضت بعنف.
ثم اقتربت من الخادمة التي قدمت الشاي.
“أنتِ من أحضر هذا الشاي، أليس كذلك؟”
كان صوتها باردًا وقاسيًا على غير عادتها.
ارتجفت الخادمة وقالت:
“أنا فقط… أخذت أفضل نوع موجود في المخزن. والمسؤولة عن المخزن هي كبيرة الخادمات.”
طَرَقت الطاولة بعنف وأمرت بصرامة:
“أحضري ميلاني فورًا!”
تفاجأ الدوق من مظهر ابنته الغريب، ثم ما لبث أن لمح في الموقف متعة.
‘يبدو أن ثمة مشكلة بينها وبين تلك الخادمة. الأفضل أن أراقب قليلًا.’
*****************
همس هانس بحذر وهو يرى إيرن يغفو متمايلًا.
“جلالتك…”
لكن رغم النداء، لم يفتح عينيه.
‘ليس غريبًا… لقد قضى الليل كله بلا نوم.’
رمقه هانس بشفقة، وفجأة فتح إيرن عينيه مذعورًا.
اقترب هانس قلقًا.
“جلالتك، ما بك؟”
تلفّت حوله، ثم عبس.
“لا شيء. كان مجرد حلم.”
“وأي حلم ذاك…؟”
“ليس مهمًا.”
فكّر إيرن:
‘حسنًا، الحمد لله أنه كان حلمًا.’
ففي الحلم، كان دوق لاوشين يخنق ابنته ليقتلها.
لكن إيزايا لم تُبدِ أي مقاومة، مستسلمة تمامًا.
‘ما الذي جعلني أحلم بهذا؟’
ناداه هانس ثانية بحذر.
“جلالتك…”
“قلتُ إنه لا شيء.”
كان صوته منخفضًا على غير عادته، فاختار هانس كلماته بعناية.
“ليس ذلك، مولاي… أردت أن أخبرك أن دوق لاوشين دخل القصر فور وصوله إلى العاصمة.”
“ولماذا لم أعلم بالأمر إلا الآن؟”
“لقد حاولت إيقاظك مرارًا لكنك لم تنهض… إلى أين تذهب يا مولاي؟”
قبض إيرن قبضته وقال:
“سأمنعه من لقاء الإمبراطورة قبل أن يحدث ذلك.”
لكن وهو يهم بالخروج من المكتب، جاءه صوت متردد:
“الحقيقة… جلالة الإمبراطورة قد سمحت له بالدخول بالفعل. وغالبًا أنهما معًا الآن.”
ضرب إيرن الطاولة بعنف ونهض.
حتى إن سطحها قد تشقق، مما جعل هانس يبتلع ريقه بخوف.
‘إن استمر على هذا، فقد يرتكب أمرًا خطيرًا…’
وعندما اتجه إيرن نحو الباب، وقف هانس أمامه ناشرًا ذراعيه.
“لـ… لا يمكنك الذهاب!”
“تنحَّ جانبًا.”
رغم الخوف، لم يعد أمامه خيار. فأغمض عينيه بإحكام وقال:
“أ… ألم تتذكروا ما قالت جلالة الإمبراطورة؟ لقد أمرتك بالتركيز على شؤون الحكم!”
حدق إيرن به بحدة.
“أتظن أنني سأُقيّد نفسي بمثل هذا؟”
لكن على عكس كلامه، جلس مجددًا على الكرسي متثاقلًا.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"