الفصل الخامس
**********
النوم في غرفة منفصلة عن إيرن ليس أمرًا صعبًا.
كل ما علي فعله هو أن أخلق ظرفًا لا يمكن لدوق لاوشين إلا أن يتجاوزه. المشكلة هي……’
في تلك اللحظة، قطع صوت منخفض التفكير.
“يا صاحبة الجلالة الإمبراطورة.”
التفتت إيزايا من دون وعي.
‘إيرن؟’
لماذا أتى؟ أليس هذا وقت انشغاله بأعمال الحكم؟
لم يدم تعجبها طويلًا، إذ تذكرت ما قاله لها إيرن آنفًا.
‘صحيح، لقد جئتَ لأنني تجرأت وفعلت أمرًا لم توافق عليه بعد.’
سرعان ما قابلته إيزايا بابتسامة ودودة.
“مرحبًا بقدومك، جلالة الإمبراطور. حُجراتي لم تُرتَّب بعد، فلننتقل إلى غرفة الاستقبال……”
“لينصرف الجميع.”
قاطع إيرن كلامها ببرود وهو يأمر.
الجواري اللواتي لم يكن يخشين الإمبراطورة، لكن ارتعدن من هيبة الإمبراطور، أسرعن في مغادرة البهو.
وعندما بقيا وحدهما، رمقها إيرن بنظرة حادة وسأل:
“لم أعطِ أي جواب بعد، فبأي حق نقلتِ مقرك؟”
بداخله، كان عتابه قاسيًا، لكن إيزايا ردت بملامح بريئة:
“ألم تعدني بأنك ستقبل كل ما أطلبه؟ لهذا السبب انتقلتُ…… أيمكن أنني فهمت خطأ؟”
عندها ثبتها إيرن بنظرة خالية من التعبير.
“أتريدين حقًا أن…… ننام في غرف منفصلة؟”
في عينيه مسحة يائسة لم تستطع إيزايا أن تتجاهلها، فارتبكت دون قصد.
لكن سرعان ما تذكرت كلماته الباردة:
“لا تقتربي مني بعد الآن.”
فأومأت برأسها ببطء.
“نعم.”
للحظة ساد الصمت، ثم انبثق من بين شفتيه صوت خافت:
“حسنًا. إذا كان هذا ما تريدينه، فلننم منفصلين من الآن فصاعدًا.”
وهي تحدق في ظهره المتباعد شيئًا فشيئًا، ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة.
‘كدتُ أن أجيبه بـ”لا” دون وعي.’
في لحظة غفلة، ينهض بداخلها شوقٌ لأن تبقى معه للأبد.
‘لكنني لن أتمسك بك بعد الآن.’
في حياتها السابقة، كان إيرن يتجمد وجهه كلما التقت عينه بعينها، كأنه شاهد ما لا يحتمل النظر إليه.
‘لا بد أنه كان يعرف منذ ذلك الوقت من يكون والدي حقًا.’
من الآن، عليها أن تصلح ما أفسده والدها قبل أن يصبح إيرن رجلًا مكتملًا.
‘حتى هذا الزواج لم يكن رغبته، بل إرادة والدي…….’
حين تُعيد كل شيء إلى نصابه، ستغادر إيزايا جانب إيرن.
‘ذلك ما أستطيع فعله لأجلك.’
***************
بعد أن غادر إيرن، كان هانس بانتظار عودته بوجه ممتلئ بالقلق.
‘من خروجه المفاجئ، يبدو أنه سمع حديثي مع القائد…….’
دوّى صوت باب يُفتح ويُغلق بعنف.
‘لقد عاد.’
اقترب هانس منه ليسأله بحذر عن سبب الغرف المنفصلة، لكنه تصلّب مكانه.
‘يا إلهي.’
عينا الإمبراطور تشعان بوحشية، كما كان قبل أن يلتقي بالإمبراطورة.
‘يجب ألا أستفزه أبدًا. عليَّ أن أتعامل معه بحذر، كما لو كنت أحمل كرة من زجاج.’
في تلك اللحظة التي همّ فيها هانس بالكلام، سُمِع وقع أقدام قادم.
توجهت نظرات إيرن إلى الباب دون وعي، كأنه يرجو أن يكون القادم هو من يتمنى.
لكن الداخل لم يكن كما توقع.
“جلالتك! ثمة خبر عاجل!”
قائد الحرس الإمبراطوري، غرهين، ارتاع عند دخوله غرفة الإمبراطور.
إذ كان إيرن قد استل سيفه بوجه جامد.
“ما هو؟ هذا الخبر العاجل.”
كان سؤاله قاسيًا يوحي بأنه لن يتهاون إن كان الأمر تافهًا.
ابتلع غرهين ريقه وأجابه بصوت مرتجف:
“يبدو أن دوق لاوشين سيصل العاصمة قريبًا…… هكذا بلغني.”
ما إن سمع إيرن ذلك حتى قطب جبينه، فعلا بريق مرعب في عينيه جعل غرهين يترقب كل حركته بتوتر شديد.
وأخيرًا تكلم إيرن بعد صمت ثقيل:
“حين يصل دوق لاوشين إلى العاصمة، أبلغني فورًا.”
“نعم، أمرُك. ولكن، جلالتك، ألم تكن تنوي مناقشتي قريبًا بخصوص…….”
“أُلغي ذلك.”
“ماذا؟ ولكن……”
كان غرهين على وشك الاعتراض، لكنه صمت عند رؤية صرامة وجه الإمبراطور.
‘حياتي أغلى من أي شيء.’
“مفهوم. إذًا، أستأذن.”
“انتظرا.”
رمق إيرن هانس وغرهين بنظرة غاضبة وهو يزم شفتيه.
‘ما الذي يحدث له؟’
ارتجف هانس لحظة، لكنه تمالك نفسه وقال:
“مولاي، هل لديك ما تود قوله؟”
حرّك إيرن شفتيه قليلًا، ثم صرّ بأسنانه وقال:
“لا شيء.”
وهو يخرج من مكتبه، تنفس الحارسان المخلصان الصعداء.
‘الحمد لله لم يحدث شيء.’
لكن غرهين تمتم معترضًا:
“كيف يُلغى الأمر فجأة بلا تفسير؟”
أجاب هانس متنهدًا:
“أنا أيضًا أود معرفة السبب.”
*************
بعد أن انتهى ترتيب قصر الإمبراطورة، دخلت إيزايا حجرتها الجديدة.
كانت الغرفة الغريبة موحشة وفارغة.
‘الإنسان حين يعتاد على الراحة والجمال، لا يطيق مفارقتها.’
في حياتها السابقة، كان إيرن قد احتقرها وازدرى شأنها، لكنه لم ينم في غرفة منفصلة عنها.
وربما لهذا السبب لم تستطع محو تعلقها به.
‘لا بأس. سأغادر عندما يصبح رجلًا كاملًا. حتى ذلك الحين فقط عليَّ أن أصبر.’
تمتمت كأنها تلقن نفسها، ثم نظرت إلى التقويم.‘لم يعد هناك وقت.
عليّ أن أستعد لعودة دوق لاوشين. فسبب خروجه في جولة التفقد هو…….’
طَرقٌ خفيف.
“مولاتي الإمبراطورة، أنا ميلاني.”
“ادخلي.”
قدمت ميلاني شيئًا إلى إيزايا.
“ها هو السجل الذي طلبتيه.”
“شكرًا.”
أخذته إيزايا وشرعت تراجعه، بينما كانت تلمح ميلاني من طرف عينها.
‘تبدو واثقة.’
سرعان ما سمعت صوتها الجهوري:
“إن كان هناك ما يزعجك، فأخبِريني، وسأصلحه فورًا.”
كانت تفكر أنه إن تذرعت الإمبراطورة بأي حجة، فسوف ترفع الأمر إلى الدوق. لكن……
“لقد تعبتِ اليوم كثيرًا في أمر الانتقال.”
جاء رد الإمبراطورة على غير المتوقع، فارتبكت ميلاني.
‘لماذا تغيرت فجأة؟’
لكن سرعان ما أبهجتها الكلمات التالية:
“سأصرف مكافآت لجميع الخدم الذين ساعدوا قريبًا.”
انحنت ميلاني باحترام.
“نشكركم على كرمكم يا مولاتي.”
“هذا واجبي لا أكثر.”
“آه، وبالمناسبة، سمعت أن الدوق سيعود قريبًا إلى العاصمة. ربما خلال هذا الأسبوع.”
عندها احمر وجه إيزايا وابتسمت بلهفة:
“حقًا؟ إذن يجب أن أستعد لاستقباله. متى سيأتي؟ بعد أربعة أيام ربما؟”
ومض في عيني ميلاني بريق غريب وهي تراقبها.
“كما تعلمين، غالبًا ما يعود الدوق فجأة. لذا من الأفضل أن تمنحي إذن دخول مسبق.”
“صحيح، فكرة جيدة.”
إذ كان لا بد من إذن خاص لدخول المساحات الخاصة بأفراد العائلة الإمبراطورية.
فوقعت إيزايا اسمها وبصمتها على ورقة وسلمتها لميلاني.
“ها هو تصريح الدخول إلى جناحي.”
انحنت ميلاني شاكرة وخرجت من غرفة الإمبراطورة.
وبينما تمشي في الممر الخالي، ارتسمت على محياها ابتسامة ساخرة.
‘كما توقعت، لم تكتشف شيئًا.’
فقد سلمت لها سجلًا مزورًا دون أن يرف لها جفن.
كانت تخشى أن تلاحظ الإمبراطورة أي خلل، لكن مخاوفها كانت بلا أساس.
‘إلا إذا قامت بمراجعة الأشياء واحدة واحدة بنفسها، فلن تعرف أبدًا.’
كانت قد خافت قليلًا من تغير سلوكها الوقح سابقًا، وظنت أنها ربما لن ترتجف حتى أمام الدوق.
لكن يبدو أن الإمبراطورة لا تزال تهاب والدها.
‘لكن لماذا توجه كل تلك الجرأة نحوي أنا وحدي؟’
لم تفهم السبب، لكنها أيقنت أن الأمر ليس فألًا حسنًا.
قد يصعب عليها السيطرة على الإمبراطورة بعد الآن.
‘وإن حصل ذلك، فسأُقصى بدوري.’
أغمضت ميلاني عينيها ثم فتحتهما وقد امتلأتا بسم زعاف.
‘لا بأس. قريبًا لن تجرؤ الإمبراطورة على معارضتي أبدًا.’
ثم أخرجت رسالة من صدرها وابتسمت ابتسامة ملتوية.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"