الفصل الثالث
**********
اختفى كبير الحجّاب وقائد الحرس الخاص، وهما أقرب المقربين إلى الإمبراطور، في حادث غير متوقع.
كانت تريد أن تُواسي “إيرن” الذي غرق في الحزن……
“لا حاجة، فلا تقتربي مني بعد الآن.”
منذ ذلك الحين بدأ إيرن يتجنّب إيزايا مجددًا.
سألته عن السبب بدافع الضيق، لكن لم تتلقَ أي جواب.
‘لماذا بحق السماء يفعل ذلك؟’
عذّبت الكآبة والحزن إيزايا.
وبينما كانت تتألم، سمعت السبب عبر أحد أعوان والدها المخلصين.
“الذي تخلّص من كبير الحجّاب ورجال الإمبراطور هو والدك بالذات.”
بعد وفاة أمها، كان والدها هو الشخص الوحيد الذي اعتمدت عليه وآمنت به.
لذلك لم ترغب “إيزايا” في تصديق الأمر.
لكن ما عاد إليها كان اعترافًا مباشرًا من والدها.
“أجل، ذلك الوغد تجرأ وقال لك ذلك الكلام الفارغ إذا…. رغم أنني أمرته مرارًا بأن يكمّ فمه.”
في تلك اللحظة شعرت وكأن جسدها كله قد غُمس في مستنقع مظلم.
‘هل فكّرت يومًا بي حقًّا كابنة؟’
بدلًا من أن تلوم أباها، ابتسمت “إيزايا” ابتسامة مشرقة كالزهرة المتفتحة.
“لا تقلق. الإمبراطور لم يشك في شيء على ما يبدو.”
حتى وإن كان عليها أن تتقمّص دور الشريرة.
حتى وإن كانت تعلم أنها ستُبغَض بسببه.
لقد تحمّلت.
لأن عليها حماية زوجها الصغير الذي لا يملك سندًا، من أبيها.
لكن النتيجة كانت الفشل.
‘لقد قررت تركك متأخرة جدًّا. كان يجب أن أبتعد منذ البداية…… طمعي هو السبب.’
وفي لحظة الندم تلك، غاب وعيها تمامًا.
فزعت “إيزايا” وفتحت عينيها.
‘هل وصلت إلى الجحيم؟’
جالت بنظرها حولها، فتصلّب وجهها.
‘مهلًا، هذا المكان…….’
أرضية من الرخام الأبيض، وزخارف من الذهب هنا وهناك.
مترف للغاية ليكون مشهدًا من الجحيم.
وفوق ذلك بدا المكان مألوفًا لديها.
‘كيف…… ألم أمت أنا حقًّا؟’
لكن كل حواسها كانت حيّة.
عبير رقيق يدخل أنفها، المنظر المترف أمام عينيها، وثقل الإرهاق الذي يجثم على جسدها.
‘هل يُعقل أن أحدهم أنقذني وعالجني؟’
حينها، وضع أحدهم يده على كتفها.
ولما رأت صاحبه شهقت مذهولة.
‘أنت……!’
شَعَرٌ فضّي يلمع تحت أشعة الشمس، وحاجبان مجعدان فوق عينين كالعقيق البنفسجي.
أربعة عشر؟ خمسة عشر عامًا؟
وجه طفولي أصغر من زمن الوداع بما لا يقل عن عشر سنوات، كان يحدّق بها.
‘كيف عدت صغيرًا؟ أيمكن أن…….’
“إيزايا، أريد أن أسألك شيئًا…….”
زوجها الصغير الذي كان أول من مدّ لها يده وصار عائلتها الوحيدة.
هو الذي اشتاقت إليه طويلًا وظلّ ذكرى عالقة في قلبها.
‘إن كنت قد عدت حقًّا إلى الماضي…….’
نادته بلقبه الذي منحته له يومًا ما.
“إيرن.”
قبل العودة لم يكن بوسعها أن تناديه هكذا.
بعد موت كبير الحجّاب وقائد الحرس،
عاملته بقسوة لتخدع دوق “لاوشين” عن حقيقتها،
فاحتقرها زوجها بدوره وتجاهلها.
لكن الآن……
“ماذا؟”
كان يجيبها ولو بفتور، وكأنهما ما زالا على وفاق كما في الماضي.
‘هل عدت حقًّا؟’
حين كانت تموت، عزمت بقلب يتفتّت أنها لن تكون مع “إيرن” أبدًا بعد ذلك.
ندمت وحقدت على نفسها لكونها عاجزة عن منحه السعادة الكاملة.
‘لكن…… الآن يمكنني أن أغير كل شيء.’
غلبتها مشاعر الفرح فعانقته بقوة.
‘هذه المرة سأحميك أنت وكل من تحبّهم. لذا…….’
لكن “إيرن” تراجع عنها بعنف.
“م، ماذا تفعلين الآن؟”
‘هاه؟’
كان يحدّق بها كما لو كانت مجرمة، بوجه متصلّب.
لم تدرك “إيزايا” ما فعلته إلا حينئذ، فضحكت بارتباك.
‘أجل، لا بد أنه نفر من ذلك.’
صحيح أن علاقتهما لم تكن سيئة إلى درجة تمنعها من مناداته بلقبه، لكن بينهما خط فاصل.
فهو ما زال صغيرًا، وكانت هي تراه كأخ.
أي أنهما كانا أقرب إلى الأشقاء من كونهما زوجين، لذا لم يكن غريبًا أن ينفر.
“آسفة، لقد أخطأت للتو.”
ظنّت أن اعتذارها سيخفف الموقف، لكن وجه “إيرن” ازداد سوءًا.
“خطأ؟”
“نعم.”
“لماذا فعلتِ…… مثل هذا الخطأ؟”
سألها بنبرة منخفضة تُشبه التحقيق، ففكّرت “إيزايا”.
‘لا بد أنه انزعج حقًّا.’
لم يعد هناك مفرّ من التهرّب، فابتلعت ريقها وقالت:
“لقد رأيت كابوسًا فظيعًا.”
“أيّ كابوس كان؟”
خفضت “إيزايا” عينيها.
قريبًا سيخسر “إيرن” مقربيه وداعميه، ويُجرّد من سلطته بحجّة عجزه عن إدارة الدولة، على يد دوق “لاوشين” والنبلاء.
وعندما يبلغ سن الرشد سيعيدون له الحكم كما وُعد، لكن بعد أن يكونوا قد استحوذوا على كل شيء.
حتى يصير الإمبراطور مجرد دمية.
‘لا داعي لأذكر هذا المستقبل المقيت. لن أسمح بحدوثه.’
فتحت شفتيها الحمراء وقالت:
“في الحقيقة…… لا أذكر.”
“ماذا؟”
أجابها بدهشة، لكنها غيّرت الموضوع.
“أليس وقت عملك في شؤون الدولة قد حان؟ ستتأخر هكذا.”
فأطلق “إيرن” تنهيدة خافتة وقال:
“ساعديني لأبدّل ثيابي.”
وساعدته “إيزايا” ليرتدي زيه الرسمي.
‘لكن يا ترى، في أي زمن أنا الآن؟’
فجأة سألها “إيرن”:
“هل هناك شيء ترغبين فيه؟”
‘شيء أريده؟ فجأة هكذا؟’
لمّا حدّقت به بحيرة، تابع:
“أنت على وشك أن تصبحي راشدة، وتستحقين هدية.”
‘راشدة……؟’حينها برز في ذهنها مشهد من الماضي.
“أبي، هل عُدت سالمًا من جولتك؟”
“أجل، يبدو أن دعاءك قد حفظني.”
“سعيدة أن صلاتي استُجيبت.”
“يا ابنتي البارّة، أخبريني بما جرى معك مؤخرًا.”
“آه، لقد سألني جلالة الإمبراطور إن كنت أريد هدية لبلوغي سن الرشد.”
كانت في الماضي ساذجة للغاية.
ظنّت أن اهتمام أبيها كان نابعًا من حب، بينما لم يكن إلا للتجسس.
لذا باحت له بكل شيء دون حذر.
‘سيكون الأمر صعبًا، لكن يجب أن أغيّر كل خطأ. وأول ما يجب تغييره…….’
قالت “إيزايا”:
“هل تعدني بشيء واحد؟ ألا تُهمل شؤون الدولة أبدًا.”
قطّب “إيرن” جبينه قليلًا ثم أومأ.
“هذا بديهي، لكن أخبريني عن هديتك.”
فترددت “إيزايا” قليلًا قبل أن تقول:
“هل ستلبّي كل ما أطلبه حقًّا؟”
ارتسمت على ملامحه علامات شك، ثم أجاب بغرور المعتاد:
“ماذا تظنين بي؟ أنا الإمبراطور، ولا شيء يعجزني في هذه المملكة.”
في الماضي، طلبت منه أن يكون موعدًا معها كهدية.
لكن هذه المرة كانت تنوي طلب شيء مختلف.
“إذن، أريد أن تأذن لي منذ اليوم باستخدام قصر القمر.”
“ماذا قلتِ؟”
ظن أنها أخطأت التعبير، فكررت بوضوح:
“أعني، اعتبارًا من اليوم سننام في غرف منفصلة.”
حدّق فيها بعينين غامرتين ثم سأل:
“لماذا تريدين…… مثل هذه الهدية؟”
“ألم تقل بنفسك من قبل إنك تشعر بالضيق من نومنا في غرفة واحدة؟”
صمت قليلًا ثم قال:
“وهذا فقط هو السبب؟”
“ثم إنني حين فكرتُ في الأمر، وجدت أن الأباطرة والأمبراطورات عبر التاريخ كانوا ينامون منفصلين، وحدنا نحن مستمرون في غرفة واحدة. وهذا غريب حقًا.”
أصلًا، كان ينبغي أن ينفصلا بعد فترة الزواج الأولى.
فرغم نظام الزواج الأحادي، إلا أن معظم الأباطرة اتخذوا محظيات، ولذلك كان الفصل بين حجرات الإمبراطور والإمبراطورة أمرًا معتادًا.
لكن استمرار بقائهما معًا كان بسبب نفوذ دوق لاوشين.
“بما أن جلالة الإمبراطور ما زال صغيرًا، فمن الأفضل أن تنام معه الإمبراطورة لتعتني به.”
ذريعة تبدو منطقية لحمايته، لكنها كانت مجرد غطاء لنوايا خبيثة.
‘لقد استخدموني كذريعة للتجسس على الإمبراطور والسيطرة عليه.’
شدّت “إيزايا” قبضتها دون وعي.
حين لم تكن تعلم شيئًا، استغلها دوق “لاوشين” لقتل مقربي الإمبراطور والاستيلاء على السلطة.
‘كل هذا جرى لأننا كنا في غرفة واحدة. لذلك…….’
لا بد من النوم في غرف منفصلة هذه المرة.
ابتسمت “إيزايا” بهدوء وقالت:
“لقد كبرت الآن، أليس كذلك؟ ستجد أن النوم وحدك أكثر راحة.”
“…….”
“إيرن؟”
عندما نادته، رمقها بعينين بنفسجيتين مليئتين باللوم، ثم تمتم بشفاه غاضبة:
“سنتحدث لاحقًا.”
بانفجار!
ركل الباب وخرج.
رمقته “إيزايا” متعجبة، فقد بدا غاضبًا رغم أنه كان ينبغي أن يفرح.
‘لماذا غضب؟ كنت أظن أنه سيُسرّ…….’
زفرت بحيرة، لكن سرعان ما تلألأت عيناها ببرود.
‘مهما كان رده فلا يهم. لقد حسمت أمري.’
فوالدها سيعود قريبًا، وعليها التحرّك سريعًا.
لكي تمنع موت المخلصين الذين وقفوا بجانب الإمبراطور.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"