الفصل 1
*******
طَراخ!
دوى صوت تحطّم مدوٍ في قاعة الاستقبال بالقصر الإمبراطوري.
على الأرض تناثرت شظايا فنجان شاي مكسور وملعقة فضية تحولت إلى السواد.
“أليس هذا هو السم الذي أعطيتُك إياه لتقدميه إلى الإمبراطور؟”
الدوق لاوشين، وقد استبدّ به شعور الخيانة، مدّ يده ليقبض على عنق ابنته.
“أتجرئين على أن تعيدي إليّ السم الذي ناولتُك إياه! يا جاحدة!”
كان يظن أنها ستتوسل وتقرّ بخطئها، لكن إيزايا قابلت ذلك بابتسامة هادئة.
“لقد كنت تنوي التخلّص مني إذا ما دسستُ السم للإمبراطور. لذا خنتك أنا أولاً. أهذا خطأ برأيك؟”
حدّق فيها الدوق مبهوتًا غير مصدّق.
“لو أنك أنجبتِ طفلاً فحسب، لكنتُ احترمتك كإمبراطورة أرملة. لكنكِ فشلتِ، أليس كذلك؟”
لقد مضى على بلوغ الإمبراطور سنّ الرشد أكثر من ست سنوات، ومع ذلك لم يظهر له وريث.
وبدأت الأصوات تعلو بضرورة اتخاذ إمبراطورة جديدة.
وفوق ذلك، انتشرت شائعة عن لقاءات سرّية بين الإمبراطور وأخت الدوق الكبير تاريس، مما عزز الدعوات إلى خلع الإمبراطورة.
إن استمر الأمر على هذا الحال، فسيخسر كل شيء.
لذلك قرر الدوق لاوشين أن يسمم الإمبراطور.
“لقد منحتكِ فرصة لتعوّضي عن فشلك… فإذا بكِ تخونينني. أتظنين أن الإمبراطور سيُبقي على حياتكِ بعدما عذّبتهِ كل هذا الوقت؟”
(ذلك مستحيل).
كانت إيزايا لطالما تنظر إلى الإمبراطور باستخفاف أمام أبيها، معتبرةً إياه طفلاً غبيًا.
بل وتجاوزت ذلك إلى مراقبته وإفشاء أخباره إلى والدها.
لكنها، حتى لو مُزّقت إربًا حتى الموت، لم تكن لتندم على ما فعلته في الماضي.
(لو لم أفعل، لكنتَ أنتَ دمّرتَه).
الدوق لاوشبن، ذلك الرجل المتظاهر بالنزاهة وصهر الإمبراطور الشريف، جذب قلوب الناس منذ البداية بمظهره الكاذب.
وحين امتلك الثروة والسلطة والقوة العسكرية، بدأ يضغط على الإمبراطور.
كان هدفه النهائي أن يصبح وصيًا على العرش مستندًا إلى حفيد يولد من ابنته الإمبراطورة إيزايا، ليستولي بذلك على الإمبراطورية.
لكن الإمبراطور كلما كبر، اشتدّت فيه روح التمرد.
غضب الدوق فأزال أعوانه المخلصين، ثم حاول أن يحوّل الإمبراطور – الذي لم يتجاوز السادسة عشرة – إلى أبله بإجباره على تناول العقاقير.
حين علمت إيزايا بالأمر، حاولت إقناعه:
“قد تسير الأمور بشكل خاطئ، ولا نحصل على وريث. لذا، فلننتظر حتى يولد وريث أولاً.”
اقتنع الأب بكلامها وانتظر.
لكن حتى بلغ الإمبراطور الخامسة والعشرين لم يولد وريث.
وكان ذلك طبيعيًا، فمع أنه عاش مع إيزايا في غرفة واحدة طوال هذه السنين، لم يلمسها حتى بأطراف أصابعه.
وهكذا، بينما ظلّ والدها صابرًا مخدوعًا طيلة تسع سنوات، كانت إيزايا تُحكم خيوط فخٍ لإسقاطه.
(لابد أنه اكتشف الآن).
زوجها، بمساعدة الدوق الكبير تاريس، لا بد أنه عثر على أدلة الخيانة، وبها ختم أبيها واضحًا.
كل ذلك كان فخًا صنعته إيزايا.
لكن كان هناك ما لم تستطع فهمه وسط كل هذا:
“لماذا رفعتَ راية العصيان؟ أنت تعلم جيدًا أن من لا ينتمي إلى الدم الإمبراطوري لا يمكنه أن يصير إمبراطورًا.”
لقد كان دم الأسرة الإمبراطورية، ورثة بطل التأسيس، أشبه بالعقيدة المقدسة في الإمبراطورية.
كل طفل، مهما كانت طبقته، نشأ يستمع إلى مآثر الإمبراطور المؤسس.
وكل عشر سنوات، كان يقام عيد تأسيس يشارك فيه كل الشعب.
وفي هذه الإمبراطورية، لا يُتوّج بالإمبراطورية سوى الوريث المباشر الذي يعترف به الأثر المقدس المنحدر من عهد الإمبراطور المؤسس.
فحتى لو تمرّد دوقٌ صاهَر العرش، فلن يعترف به أحد في هذه الدولة القائمة على نقاء الدم.
وكان الدوق لاوشين يعرف ذلك جيدًا.
لذلك، على الرغم من امتلاكه كل هذه السلطة، ظلّ ينتظر مولودًا.
“تخلَّ عن الأمر الآن. ربما… قد يبقيك الإمبراطور على قيد الحياة.”
صفع!
ارتطمت يد الدوق الكبيرة بخد ابنته الأبيض بعنف.
ثم رمقها بنظرة قاتلة، قبل أن يبتسم بسخرية.
“صدقتِ. غير المنتمين إلى الدم الإمبراطوري لا يمكنهم أن يصيروا أباطرة. لهذا وجدتُ من يصلح إمبراطورًا جديدًا. شخصٌ أنقى نسبًا من إيرنفريت.”
عند سماع ذلك، عقدت إيزايا حاجبيها.
(هذا مستحيل. جميع أفراد العائلة الإمبراطورية، ما عدا هو، قد…)
الأثر المقدس لا يعترف إلا بالوريث المباشر للعرش.
وكان في الأصل هناك أميران شرعيان من الإمبراطورة، ولهذا كان من المستحيل أن يسبق ابن المحظية إيرنفريت إلى العرش.
لكن في “ذلك اليوم”، قُضي على كل الورثة المباشرين باستثناء إيرنفريت.
ومع ذلك، لم تستطع إيزايا اعتبار كلام والدها مجرد هراء.
(الأثر المقدس، الجرم الفوضوي، لا يستجيب إلا لدم الإمبراطور المباشر. لو كان مزيفًا، لما استطاع حتى لمسه بهذا اليقين…).
في تلك اللحظة، قبض الدوق بعنف على عنق ابنته.
“والآن وقد عرفتِ مستقبل أبيك، فلا تقلقي. آن لكِ أن تموتي. فبموتكِ سأحصل على ذريعة لتنصيب الإمبراطور الجديد.”
ومع اتساع شفتيها بفعل الألم، صبّ في فمها الشاي المسموم.
قاومت، لكن نصفه انحدر إلى جوفها.
شعرت إيزايا أن قواها تخور.
(لا يمكن أن أموت موتة رخيصة كهذه).
حتى لو متّ، فعليّ أن آخذ أبي معي.
حدّقت فيه بعينين ملتهبتين، وقبضت على شظية خزف حادة.
وكادت أن تطعن بها عنقه—
“إيزايا!”
رنّ الصوت الذي تاقت إليه دومًا، كأنه معجزة.
دمدمة!
ارتجّ المكان بصوت ضربة عنيفة، وسقطت اليد التي كانت تخنقها.
وبعينين مرتجفتين، حدّقت بمن يضم كتفيها.
قامة فارعة، أكتاف عريضة، جسد قوي كالمحاربين.
شعر فضي لامع وعينان بنفسجيتان متوهجتان.
كان هو زوجها، إيرنفريت.
(كيف عاد بهذه السرعة؟)
كان قد رحل إلى الشمال، ورجوعه يحتاج أسبوعًا كاملًا. لكنه الآن هنا.
وفوق ذلك—
(لماذا لا يحيط به أحد؟)
حين غادر العاصمة كان برفقة الدوق الكبير تاريس.
أما الآن، فلا أحد حوله.
وبينما كانت تحدّق به بقلق، دوّى صوت جرس الإنذار.
كان والدها – الذي تظاهر بالإغماء – من أطلقه.
“لقد أسرع في طلب الموت.”
استلّ إيرنفريت سيفه وهمّ بمطاردة الدوق الهارب.
لكن يدًا قبضت على معصمه، كانت يد إيزايا.
“سيجتمع الفرسان هنا قريبًا. علينا أن نغادر!”
ثم فكرت: حتى لو قتل الدوق، فلن تكون تلك ضربة قاضية إن كان حقًا هناك وريث إمبراطوري آخر.
(قد تنقلب الأمور علينا. يجب أن نختفي أولًا ونلتحق بحلفائنا).
لكن إيرنفريت لم يفعل سوى أن يحدّق فيها بوجه مصدوم.
(لا يثق بي، بسبب ما فعلتُ).
حينها قبض على يدها، وجاء صوته البارد:
“اتبعيني.”
***********
قادها إيرنفريت إلى ممرٍ سري.
(الحمد لله، هنا سيصعب عليهم العثور علينا).
لكن إيرنفريت التفت إليها فجأة:
“أنفاسك متقطعة…”
ارتبكت إيزايا ودفعت يده بعيدًا.
“اتركني، أستطيع المشي وحدي.”
إلا أن يده القوية لم تتركها.
(سأصبح عبئًا عليه بهذا الشكل).
صفع!
ضربت يده بقوة، وقالت بصوت حاد:
“من الأفضل أن تتركني وتهرب وحدك. إلا إذا أردت أن تموت ميتة تافهة هنا.”
ظلّ صامتًا، بينما تابعت بقلق:
“هناك أمير إمبراطوري بين المتمردين.”
فنظر إليها بحدة.
“وما شأن ذلك؟”
تابعت بثبات:
“لا بد أنك تعرف أنك أهملت شؤون الدولة. لقد كنتَ آمنًا فقط لكونك الوريث الوحيد. لكن الآن ظهر وريث آخر، فلم يعد ذلك يضمن سلامتك. إن انضممتَ إليّ، قد يخونك الدوق تاريس وأتباعك، فصار هناك بديل.”
(لا بد أنه فهم الآن أنني مجرد عبء).
ظنت أنه سيتركها، لكن جوابه فاجأها:
“لن أذهب.”
“أما سمعت؟ سيأتي الأعداء قريبًا…”
“لا يهم.”
ثم أمسك بيدها بقوة وقال:
“فلا تفكري بالهرب.”
ابتسمت بمرارة.
(هرب؟ بل أنا من يرغب في البقاء بجانبك. لكن الوقت…)
وفجأة، شعرت بحرقة في صدرها، وسعلت دمًا، فسقط جسدها الضعيف بين ذراعيه.
“ماذا فعلتِ بنفسك؟!”
سألها بصرامة، فأجابته بابتسامة باهتة.
(أردت فقط أن أجعلك سعيدًا أخيرًا. تعاستك بدأت بزواجنا).
كان زوجها الأصغر بأربع سنوات، لكنه كان الدفء الوحيد، العائلة الوحيدة في حياتها.
غير أن والدها، الدوق لاوشين، سلب سلطة الإمبراطور الفتى، وقضى على رجاله واحدًا تلو الآخر، متخفّيًا وراء قناع “الأب الحامي للإمبراطورة”.
وحين علمت بأن طمع والدها متجه نحو العرش، عقدت العزم على حمايته بمهاجمة أبيها.
تعمّدت أن تُسقط خريطة لمخبأ وثائق سرية لوالدها، وصنعت أدلة زائفة.
(الدوق لاوشين يخطط لقتل ابنته الإمبراطورة، ويلفق الجريمة للدوق الكبير تاريس ليثير تمردًا).
ولكي يصبح الزيف حقيقة، هيأت كل شيء.
وكانت خاتمتها التي فكرت بها أن تموت على يد أبيها، فيُدان هو بما يستحق.
(فشلت في النهاية… لكن لا يزال بوسعي فعل شيء لإيرنفريت).
عليها أن تخرجه سالمًا.
وحتى لو أبغضها، فلا يهم.
“لا أريد أن أموت وأنا أرى وجهك. ارحل عني فورًا.”
عندها غامت ملامحه بالغضب.
(صحيح… لا بد أنني مثيرة للاشمئزاز).
لن يعرف أبدًا أن رؤية ذلك الوجه الغاضب أشد إيلامًا من عذاب السم.
(سامحني… سأختفي من أمامك إلى الأبد، فقط كن سعيدًا…).
وفي تلك اللحظة، تحطّم باب الممر السري.
“هنا!”
اندفع المتمردون، وإيرنفريت لا يزيح بصره عنها.
“اقتلو الإمبراطور!”
وكان ذلك آخر ما رأته إيزايا.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 1"