نظرت بونيتا إلى الكتاب الذي كنتُ أقرأه وسألتني عما إذا كنت أشعر بالفضول لأنني كنت منغمسه في قرأته .
أومأت برأسي ، ووضعت آخر قطعة كعك في يدي في فمّي .
إنه كتاب مصور يحتوي على الأشباح ، لذا فأنا أقرأه في وضح النهار وبونيتا بجانبي ، لأن الأشباح في الواقع مُخيفة جدًا ……
إنها تصرُخ في وجه الطفل الذي تحاول إبعاده عن قصرها وتقول : ‘ أنا أخافُ من الضوء كما تخافُ أنتَ من الظلام ‘ إنها كذالك بالفعل .
عندما أخرجتُ هذا الكتاب المصور من مكتبتي لأقرأه ، تذكّرتُ لوكاس وهو يقول لي : ‘ إن هذا مُخيف حقًا ‘ وأخافني بالفعل .
كان ذلِكَ خطأي لأنني لم ثق به .
قضمتُ الكعكة بأسناني لأظن بأنه لوكاس .
“ اُنظري ، ها هو السيّد ريفِرس .”
كنت أمضغ كعكتي و أصبحت كأنما هيَ مصنوعة من الحديد الصلب عندما نظرت بونيتا نحو الحديقة وتمتمت قائلة : ‘ ريفِرس بِالُوس ‘.
ريفِرس بِالُوس ؟
رفعتُ عينيّ من كتابي فرأيتُ ريفِرس بِالُوس واقفًا في حديقة أزهار الدالــيا . – زهور تنمو في المناطق المُعتدله سُميت بهذا الإسم نسبة لعالم مُختص في النباتات -.
كان لا يفعل أي شئ ، فقط ينظر إلى زهور الداليا في صمت تام ، وكان يبدو وكأنه في لوحة فــنية .
كلّا ، فعند رؤيته بين هذا الزهور أصبحَ هذا المنظر الطبيعي خلاب أكثر من كونه لوحة فنية ، حتى ولو كان وحده هناك يهزُّ رأسه بشكل غريب …..
كنت مُـستاءة لأنني تذكرت ريفِرس بِالُوس الذي بقي يتجنبُني لسببٍ ما .
أنا أبتسم في وجهه في كل مرة اقابله فيها ، حتى لو كان ذلِكَ لمجرد أن أبتسمَ له و أتواصل معهُ بالعينين فهو يتجنبني .
َ لم أسمع صوتهُ أبداً .
عندما يقول لوكاس شيئا ما ، فإنه ينظر إليه فقط و يتحدث إليه فقط ……
لقد كنا مُـنعزلين عن بعضنا البعض لدرجة أننا لم نرى بعضنا البعض خارج أوقات وجباتِ الطــعام .
و فجأة لم تعد الكعكة تبدو طرية كما كانت ، لذا حدّقتُ في الكعكة التي في يدّي .
“ هل ادعوه لمُـشاركتكِ ؟“
“ هاه ؟ ”
“ هل أدعوا ريفِرس ليتناول معكِ الكعك ؟ ”
فبعد التفكير بيني وبين بونيتا ذهاباً وإياباً عما سافعله مع ريفِرس ، جاءت بونيتا باقتراح رائع .
فكرة رائعة يا بونيتا !
“ أجل بالطبع !”
أومأت برأسي لأعلى ولأسفل بقوة ، فنهضت بونيتا من مكانها وسارت بحذر نحو ريفِرس ووضعت يدها على كتفه .
تفاجأ ريفِرس ، الذي كان متكئًا على الشجرة القديمة بجوار حقل الدالــيا ، لأنه لم يشعر بوجود بونيتا خلفه .
لم أستطيع إلا أن أضحك عندما رأيته .
‘ لا أستطيع أن أصدّق بأنه يُمكنه أن بتصرّف بهذه الطريقة ‘.
انحنت بونيتا وتمتمت بشيء ما لريفِرس الذي هز رأسه .
لم يُرِد أن يأكُل مَعي .
ولم أكن أعتقد بأنه سيوافق ، كان من الصعب مشاهدته وهو يُقاوم بأقصى ما يستطيع .
لكن بونيتا كانت مُـثابرة ، وأقنعت ريفِرس .
ولم يستطع ريفِرس مُـــجاراة كلام بونيتا في فصاحتها في الحديث ، فأومأ برأسه وهو يبدو أضعف مما كان عليه في الوقت السابق .
مدت بونيتا يدها إلى ريفِرس ، وسارا نحوي ، يداً بيد .
“ ريفِرس بِالُوس !”
لوّحتُ له وألقيتُ عليه التحيّة وأنا في غاية السعادة لرؤيته في الخارج ، لكنه اكتفى بالإيماء برأسه مرة أخرى .
أنزلتُ يدي مرة أخرى ، وأنا متوترة من الرد عليه .
أظن أنني نجحت في هذا من قبل .
ومع هذا ، فإن شعر ريفِرس الأشقر في ضوء الشمس الطبيعي كان أكثر لمعانًا ، وكأنه ملاك جميل .
لقد ذكرني أيضًا بشعر أستينا ……
فرفعتُ يدي دون وعيّ ولمست رأس ريفِرس دون أن أشعر ، بينَ لي هذا بأنني افتقدت أستينا حقًا .
“ …… ?”
“ اوه ، آسفه !”
عندما أدركتُ نظرات ريفِرس المذعورة أدركتُ ما الذي فعلته وأنزلتُ يدي بسرعة .
أنا مجنونة ، أنا مجنونة .
ما الذي فعلته بحق خالق الجحيم لطفل يعاني بالفعل من الهلع و الاضطرابات النفسية ؟
“ لأن شعركَ جميل جدًا ……. وأنتَ تبدو كالملاك .”
أي نوع من الاعــذار السخيفة هذه ؟؟
هيا اذهبي و دفني نفسكِ يا مــاري !.
“ هل تعتقدين بأن شعري ….. جميل ؟ ”
كان صوت ريفِرس يرتعش بشكل مُثير للشفقة وهو يسألُني .
حسنًا، إنّه جميل بالفعل …..
في حالة أنك لا تعلم ، فإن بطلة هذه الرواية شقراء مثلك تماماً ، وأنت ستكون محبوب جدًا لذا يجب أن تكون مُمتنًا لي !
لكن بينما كانت أفكاري السيئة عنه تتجمد …. امتلأت عيْنا ريفِرس بالدمــوع .
“ لما تبكي ……؟ ”
لقد شعرْتُ بالحــرج لأنني لم أبكي من قبل ، حتى في دار الأيتام .
كلا، أنا لم أتنمر عليكَ ، لقد لمستُ شعركَ فقط ، لذا أرجوكَ توقف عن البكاء .
لم أكن أعرف كيف أُطمئنه فنظرتُ إلى بونيتا التي نظرت إليّ بتعبير حائر وهزت كتفيها .
أعتقد أنها إشارة منها لتحمّلني المسؤولية لأنني حتماً جعلته يبـكي .
‘ أُريد أن أعلم سببَ بُكائك حتى لا أضطر إلى تدليلك في المستقبل …….’
أنا أبكي عندما يبكي الآخرون أيضًا .
عندما رأيتُه يبكي دون أن يصدر صوتًا ، بل يبكي بصمت فحسب ، شعرتُ بأنني سأبكي أيضًا ، فعضضتُ شفتي السُّفلى بقوة .
سيكون مشهدًا غريبًا جدًا إذا بكيْتُ هُـنا أيضًا .
رفعتُ عينيّ إلى السماء ، وأغلقتُ عينيّ وأخذتُ نفسًا عميقًا لتهدئة نفسي .
هاا . هوو . هاا . هوو .
أخفضتُ رأسي مرة أخرى ورأيتُ ريفِرس بِالُوس يدفن وجهه بين يديه ويبكي بشدة .
لا أستطيع أن أصدّق أنه متأثر للغاية بشأن مستقبله كشرير …..
كيف بحق خالق الجحيم أرهقته ماري لدرجة أنه كبر ليصبح رجلاً شريرًا .
أتساءل عما إذا أصبحَ شعرُه أبيض اللون بعد انتهاء الرواية لأن وجهه يبدو لطيفًا وجميلًا للغاية .
مسحَ ريفِرس دموعه بيديه حينها أتت بونيتا وقدمت له كوبًا من الحليب .
وبينما كنت أراُقبه وهو يشرب الحليب ببطء ، لاحظتُ بأنّ تنفّس ريفِرس قد هدأَ قليلاً ، فسألتهُ بِحــذر مجـددًا .
“ لمَ كُنتَ تبكـي بحق خالق الجحيم ……?”
“ بإن لـون شَــعري جميـل ….”
لربّما كان لون الشعر سببًا في هذا .
وبعد ان أعدت التفكير بدأت دموعه تنهمر مرة أخرى في عينَيْه الزرقــاوان حيث تساءلتُ عما أن كان هناك سببًا غيره هذا .
لو كان هذا رسمًا كرتونيًا ، لكانت هناك علامات استفهام مرئية فوق رأسي ورأس بونيتا .
ريفِرس الذي كان قد دفنَ وجهه بين يديه وبدأ فاقدًا للوعي ، رفعَ رأسهُ ببــطء لينظُر إليّ ، ثم عاد ودفنَ رأسه مرة أخرى و عاد يبكي .
لم يكن عليّ أن أقبل اقتراحَ بونيتا بـتناول الحلوى مع ريفِرس سابقـاً ……
ألقيتُ نظرةٍ على بونيتا ، وبدت ليّ نادمةٍ بعض الشيء .
بكى قليلاً ، ثُمَ هدأ قلـيلاً ثُمَ رفعَ وجهه إلى الأعلى مرة أُخرى ووجهه مُمتلئ بالدمـوع .
لكن كان الطـفلُ الصـغير جمـيلاً جدّاً .
إنهمرت الدموع من أعلى عينيه بشكل عشـوائي و تلألأَ على وجهه الجميل ، فبدأ وكأنه بطل في رواية مأســاة .
فكرتُ لبرهة بأن مؤلف الروايه ليس لديه ما يفعله اليوم سوى جلب ملاكًا صغير لرواية .
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات