وفوق كل ذلك، لم يكن من السهل الادعاء بأن فينسنت وليفيا ــ اللذين بدَوا كفأرين مبتلّين غارقين بالمطر ــ كانا فقط في نزهة عابرة.
أما حال ليفيا فكان مبرَّرًا، إذ صعدت إلى الحديقة متخفية بين الشجيرات.
لكنها لم ترغب في إطلاع ونستون على ما جرى.
فما حدث اليوم، أرادت أن يبقى ذكرى لا يشاركها فيه أحد… سوى فينسنت.
رفعت كتفيها بخفّة، محاولة صرف الأمر، غير أن ونستون، ولأن الأمر يتعلّق بسيد صغير، لم يكن مستعدًا لتركه يمر بهذه السهولة.
حينها شدّ فينسنت طرف ثوب ونستون وقال بنبرة قاطعة:
«ونستون… هل هذا مهم الآن؟»
«آه…!»
أدرك ونستون في تلك اللحظة قسوته في السؤال، فأشار على إحدى الخادمات المارات بأن تسرع في تدفئة ماء الحمّام في جناح الكونتيسة بيلينغتون، وأن تُحضّر ملابس جديدة لها.
ثم انحنى أمام ليفيا باحترام قائلاً:
«أعتذر لأنني لم أتصرف أسرع… وشكرًا لاعتنائك بالسيد الصغير، يا آنسة المعلّمة.»
لكن الصوت الذي ردّ لم يكن صوتها، بل صوت فينسنت.
«معلّمة؟»
التفت رأسه نحو ليفيا بسرعة، وعيناه الحمراوان تضطربان.
لا بدّ أنه ظنّني مجرد زائرة في قصر الدوق…
شعرت بالأسف في قلبها، متذكرة كيف ضربته بخفّة على مؤخرة رأسه قبل قليل.
ارتجفت عيناه كأنّها لهب يشتعل في ريحٍ مضطربة، وتحول الاستفهام فيهما شيئًا فشيئًا إلى شعور بالخذلان ونكسر الثقة .
تمتم بصوت يكاد ينكسر:
«لا يمكن…!»
نظر إليها فينسنت بعينين يملؤهما الانكسار، ثم استدار فجأة وركض مبتعدًا عنها.
«سي… سيّدي الصغير!»
ناداه ونستون بلهفة، لكن فينسنت لم يعد.
التفت الخادم إلى ليفيا وملامحه يكسوها الارتباك، وقال معتذرًا:
«أرجو أن تسامحيني على تصرفه الجاف.»
أجابت بهدوء:
«لا بأس…»
لقد كانت تتوقع ذلك سلفًا.
فحتى لو أصبحا صديقين، يظل وجود المعلّمة أمرًا آخر مختلفًا بالنسبة لفينسنت.
فالندوب القديمة لا تختفي بسهولة.
نعم، توقّعت هذا، لكن شعور المرارة ظلّ عالقًا في قلبها رغم كل شيء.
ومع ذلك، كان ما حدث اليوم يُعَدّ إنجازًا كبيرًا في أول يوم لها.
بقي أن تقوم بخطوة أخرى…
قالت بصوت ثابت:
«أيها الخادم ونستون.»
فالتفت إليها بترقّب.
في القصة الأصلية، لم يُظهر فينسنت أبدًا أنه مريض.
كان يخشى إن عرف الناس بضعفه، أن ينظروا إليه بعين الضجر… أو أن يتخلّوا عنه مرة أخرى.
وليفيا، أكثر من أي شخص آخر، كانت تدرك ما يشعر به.
لكنها أيضًا كانت تعلم أن الإخفاء ليس الحل.
ولهذا، لم يكن أمامها إلا أن تقول الحقيقة.
قالت ليفيا بتردّد، وكأنها تخشى أن تثقل بكلماتها:
«قد أكون مخطئة… لكنني أظن أنّ السيّد الصغير ليس على ما يرام.»
«هاه؟»
اتسعت عينا ونستون بدهشة عند سماعها.
تابعت ليفيا بجدّية، وملامحها مشدودة:
«كان يبدو محمومًا… وكان يسعل مرارًا. أخشى أن يتحوّل الأمر إلى مرض بسبب المطر.»
شهق ونستون، وتبدّل وجهه فجأة إلى القلق.
وهمس بصوت مضطرب:
«آه… يا سيّدي الصغير، ما زلت مصرًّا على إخفاء ألمك عن الجميع.»
قالت ليفيا بقلق واضح:
«ألا يكون من الأفضل استدعاء طبيب ليفحصه؟»
«بالطبع… هذا ما ينبغي فعله. أشكرك على إخباري.»
انحنى أمامها احترامًا، لكنها لوّحت بيدها سريعًا وكأنها تقول إن ما فعلته واجب طبيعي لا يستحق الشكر.
ثم أسرع ونستون بالخروج ليستدعي الطبيب فورًا.
في غرفتها، عادت ليفيا لتغتسل مرة أخرى، ثم بدّلت ثيابها إلى أخرى جافة كانت قد أُعدّت مسبقًا.
وبعد أن رتّبت ما تبقّى من أمتعتها، اقترب الوقت من منتصف الليل.
تمدّدت على السرير، وعيناها تتبعان ضوء القمر المنسكب على السقف، وهمست لنفسها بصوت خافت…
هل كان ذلك كافيًا؟» همست ليفيا لنفسها، والقلق يثقل قلبها.
لقد أدرك ونستون بدوره أنّ فينسنت مريض، وسيبقى إلى جواره هذه الليلة يعتني به.
ولم يعد مضطرًا لأن يقاسي وحده… كما حدث في القصة الأصلية.
لكن…
تقلبت ليفيا على سريرها مرات عديدة، تحاول أن تغفو بلا جدوى.
وأخيرًا أطلقت تنهيدة طويلة، وفتحت عينيها من جديد.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 7"