الفصل 235
شككتُ في عينيّ.
وليس ذلك بغريب، فشكل المرأة لم يظهر وجهها بوضوح ولو مرّة واحدة.
حتّى الآن، لم يكن وجهها مرئيًا بوضوح.
لكن، كنتُ أعلم أنّ زاوية فمها مرتفعة.
كانت بالتأكيد تنظر إليّ وتبتسم.
ومع ذلك، لم تكن ابتسامتها مخيفة أو مزعجة.
بل كانت دافئة ومليئة بالعاطفة بطريقة ما…
“ معلّمة، ما الذي تنظرين إليه؟”
استعدتُ رباطة جأشي عند سماع صوت كارديان.
تغيّر تعبير كارديان إلى تعبير غريب وهو ينظر إلى الاتّجاه الذي كنتُ أنظر إليه.
لأنّ ذلك المكان، بالنّسبة له، كان مجرّد فراغ.
“آه، لا شيء. دعنا ندخل أكثر.”
“بما أنّنا وصلنا إلى هنا… فلنفعل.”
ألقيتُ نظرة أخيرة على المكان الذي اختفت منه المرأة تمامًا، ثمّ تقدّمتُ أكثر إلى الدّاخل.
كلّما تقدّمتُ، ضعف ضوء القمر القادم من الخارج.
وعندما اختفى ذلك الضّوء تمامًا، ظهر أمامنا باب آخر.
كان الباب الحديديّ الضّخم مغلقًا بإحكام.
طقطق.
كما توقّعتُ، لم يكن بالإمكان فتحه بالقوّة.
‘ماذا أفعل؟’
بينما كنتُ في حيرة، قال ليمون بنبرة ذات مغزى:
“ماذا لو جرّبتِ تلك الطّريقة مرّة أخرى؟”
“تلك الطّريقة؟”
“الطّريقة التي فتحتِ بها الجدار.”
“آه…”
حينها فقط فهمتُ ما يعنيه ليمون.
تساءلتُ إن كانت تلك الطّريقة ستنجح مجدّدًا، لكن…
‘لن نخسر شيئًا بتجربتها.’
حسنًا، لا يهمّ.
وضعتُ يدي على الباب وأطلقتُ قوّتي كما اقترح ليمون.
هووو.
غطّى الضّوء الفضّي، الذي ظهر فجأة، الباب الحديديّ الضّخم، تمامًا كما غطّى الجدار من قبل.
‘هل يعقل؟’
هل سينجح هذا حقًا؟
شعرتُ بالأمل، لكنّ ذلك الأمل تحطّم سريعًا.
طقطق.
“لا يزال كما هو.”
تمتم كارديان بهدوء بعد أن حاول فتح الباب بينما تلاشى الضّوء.
‘لكنّ الباب تفاعل بالتأكيد.’
ما المشكلة إذن؟
‘هل كانت القوّة غير كافية؟’
بعد أن وصلتُ إلى هنا، لم أستطع التخلّي.
“سأحاول مجدّدًا.”
ما إن قُلتُ ذلك حتّى وضعتُ يدي على الباب مرّة أخرى.
وفي اللحظة التي أطلقتُ فيها قوّتي.
“انتظري-”
أمسك كارديان معصمي.
في تلك اللحظة بالذّات، أُطلقت القوّة، لكنّ لون الضّوء كان مختلفًا.
على عكس الضّوء الفضّي النّقي الذي كان حتّى الآن، كان الضّوء هذه المرّة فضّيًا ممزوجًا بلون بنفسجيّ خافت.
لم يكن ذلك فقط.
كميّة الضّوء المنبعثة كانت هائلة.
‘ما هذا؟’
شعرتُ بشيء غريب.
نظرتُ بذهول إلى يد كارديان التي تمسك معصمي.
في هذه الأثناء، غطّى الضّوء الفضّي الممزوج بالبنفسجيّ الباب الضّخم بالكامل.
ثمّ.
كوونغ.
…صرير…
فُتح الباب المغلق بإحكام.
في لحظة فتح الباب، التقى نظري بنظر كارديان.
في تلك اللحظة، شعرتُ أنّ عينيه البنفسجيّتين تبدوان أكثر كثافة من أيّ وقت مضى.
تجهّم تعبير كارديان.
ثمّ جذب معصمي وقال بنبرة تحذيريّة:
“ معلّمة، ألم أقل لكِ أن توفّري قوّتكِ؟”
“……”
“الآن أصبحتِ تتصرّفين بتهوّر.”
“……آه.”
حينها فقط استعدتُ رباطة جأشي.
إذن، كان كارديان مستاءً من استمراري في استخدام القوّة، فأمسك معصمي ليمنعني.
وحدث أن أطلقتُ القوّة في تلك اللحظة.
‘إذن، ذلك الضّوء البنفسجي… هل هو من كارديان؟’
للحظة، تساءلتُ إن كانت طاقة كارديان قد تدفّقت عبري.
على أيّ حال…
“أعتذر. لقد اندفعتُ.”
“……”
رغم اعتذاري، لم يرتخِ تعبير كارديان.
يبدو أنّه غاضب حقًا هذه المرّة…
لحسن الحظّ، غيّر ليمون الموضوع.
“على أيّ حال، فُتح.”
“نـ، نعم.”
نظرتُ إلى الباب المفتوح بعيون مرتجفة.
ما الذي يوجد بداخله يا ترى؟
على الأقل، كنتُ متأكّدة أنّ ما أرادت تلك المرأة إخباري به موجود هنا.
“إذن…”
“سأفتحه.”
عندما رفعتُ يدي لفتح الباب، تقدّم كارديان فجأة.
نظرتُ إليه بدهشة، لكنّه لم يكن ينظر إليّ.
كان استياؤه واضحًا على وجهه.
ثمّ فتح الباب بقوّة.
ما ظهر كان غرفة صغيرة مظلمة.
في الغرفة بلا نوافذ، كان هناك تمثال لحاكمة ثيليا منتصبًا وحيدًا، وتحته…
“صندوق؟”
كان هناك صندوق صغير موضوع.
لاحظ ليمون الصّندوق أيضًا وتمتم.
“هذا مريب.”
كان كلامه صحيحًا.
غرفة سرّيّة داخل فضاء سرّيّ.
صندوق صغير موضوع في غرفة مخفيّة بآلية مزدوجة.
كان مريبًا للغاية.
“قد يكون هناك فخّ مخفيّ، لذا سأتفقّده.”
“فكرة جيّدة.”
وافق كارديان بحماس على اقتراح ليمون بتحمّل المهمّة الخطيرة.
واه، يا له من شخصيّة…
تقدّم ليمون نحو الصّندوق.
وفتحه بحذر.
لحسن الحظّ، لم يكن الصّندوق مؤمّنًا.
صرير.
تردّد صوت احتكاك المعدن الصدئ بصوت عالٍ.
لحسن الحظّ، لم يكن هناك فخّ مثبت.
بعد أن فُتح الصّندوق بالكامل، أدخل ليمون يده داخله.
ثمّ أخرج شيئًا.
ورقة مطويّة بعناية وقلادة.
“إنّه مظلم هنا، لذا من الأفضل أن نتحقّق منهما في الخارج.”
وافقتُ على اقتراح ليمون.
كانت الغرفة مظلمة لدرجة أنّ تمثال حاكمة ثيليا الضّخم كان بالكاد مرئيًا.
خرجنا من خلف الجدار مجدّدًا.
يبدو أنّ الليل قد ازداد عمقًا.
“لا يبدو أنّ هناك أيّ آليّات غريبة، فهل ترغبين في التّحقّق أوّلًا، آنسة ليفيا؟”
“هل هذا مناسب؟”
“نعم. أنتِ من وجدتِ هذا المكان.”
عند كلام ليمون، أخذتُ الورقة والقلادة بسرور.
نظرتُ إلى القلادة أوّلًا.
كانت القلادة، المزيّنة بنقوش دقيقة، تبدو فاخرة للغاية.
كانت بيضاويّة الشّكل، تشبه البيضة، ومصنوعة من الفضّة.
كان هناك زرّ صغير بارز في الجزء العلويّ الأوسط.
ضغطتُ على الزّرّ بقوّة.
طق.
انفتحت القلادة، وأضاء ضوء القمر داخلها.
عندما نظرتُ إلى الدّاخل، انقطع كلامي للحظة.
كان هناك لوحة مصغّرة لرجل وامرأة.
كان الرّجل والمرأة يجلسان جنبًا إلى جنب، ينظران إلى الأمام، ويدايها الممسكتان ببعضهما بإحكام كانتا تُظهر علاقتهما.
لكنّ الأكثر إثارة للدّهشة كان…
‘كارديان؟’
التفتُّ إلى كارديان دون وعي.
كان كارديان ينظر إليّ بفم مغلق، وكان وجهه يشبه وجه الرّجل في اللّوحة بشكل مذهل.
للوهلة الأولى، كدتُ أظنّه كارديان.
لكنّه لم يكن كارديان.
كان شعر الرّجل في اللّوحة رماديًا داكنًا أكثر من شعر كارديان، وانطباعه كان ألطف بكثير.
ربّما يكون في نفس عمر كارديان تقريبًا.
بما أنّه يشبه كارديان، وبمراعاة الفترة التي رُسمت فيها هذه اللّوحة، فمن المؤكّد أنّه أكبر سنًا من كارديان.
إذن…
‘إمّا أن يكون والد كارديان.’
أو أخوه المفقود.
لكنّه ليس والد كارديان.
دوق عائلة مرسيدس السابق، والد كارديان الفعليّ، كان يظهر كثيرًا في المجتمع.
رأيته مرّة، وكان وجهه مختلفًا عن وجه الرّجل في اللّوحة.
إذن، المتبقّي هو…
‘أخ كارديان.’
حوّلتُ نظري إلى المرأة بجانب الرّجل.
امرأة تمسك يد الرّجل بإحكام، وكأنّها لن تتركه أبدًا.
“……”
في اللحظة التي رأيتُ وجه المرأة، انقطع كلامي.
شعر أشقر طويل يصل إلى خصرها، بشرة بيضاء ناصعة، عيون حمراء، وابتسامة مشرقة.
وجه لم أره من قبل، لكن في الوقت نفسه، شعرتُ أنّ مظهرها مألوف.
خاصّة شعرها الأشقر.
لم أستطع إبعاد عينيّ عن شعرها الأشقر.
‘رأيتُها من قبل.’
أنا متأكّدة أنّني رأيتُ هذه المرأة.
‘في حلمي…’
بعد زيارتي إلى أسفول، كانت تظهر في أحلامي كلّ يوم، امرأة تحتضر.
كان لون شعرها مطابقًا لهذه المرأة.
لم يكن ذلك فقط.
‘أن هذه المرأة…’
في تلك اللحظة.
*ੈ✩‧₊˚༺☆༻*ੈ✩‧₊˚
التعليقات لهذا الفصل " 235"