الفصل 234
“……”
تجمّدت الأجواء في لحظة.
كارديان، وهو ينظر إلى ليمون المختلف عن المعتاد، لم يُظهر أيّ اضطراب.
لكن، هل هو شعوري فقط؟
على الرّغم من الهدوء الظاهري، كان هناك تيّار غريب يجري بينهما.
الأمر المؤكّد هو أنّه لا يمكن تركهما هكذا.
تدخّلتُ بسرعة.
…أو بالأحرى، حاولتُ التدخّل.
لكن قبل أن أفعل، تكلّم كارديان.
“لا يمكنني فعل ذلك.”
كانت ابتسامة ساخرة تتشكّل على شفتيه.
ردّ ليمون دون أن يتراجع.
“هل تقصد أنّك لا تثق بي؟”
“شيء من هذا القبيل.”
أومأ كارديان بسهولة.
كانت عيناه قد تحوّلتا نحوي.
وإلى جانب ذلك، تحوّلت ابتسامته السّاخرة إلى ابتسامة هادئة.
ثمّ نظر إلى ليمون بعيون باردة وقال:
“أنا مهتمّ أيضًا بما تبحثان عنه.”
“……”
“ألا يجب أن تتعاون معي؟ ألم يكن هذا الشّرط؟”
أضاف كارديان بتعبير ساخر.
أغلق ليمون شفتيه بقوّة.
لم أفهم كلامهما للحظة، لكن سرعان ما تذكّرتُ علاقتهما.
كنتُ قد نسيتُ بسبب تناحرهما المستمرّ، لكنّهما كانا أيضًا في علاقة توظيف.
في مقابل جمع ليمون للمعلومات داخل عائلة مرسيدس، كان عليه أن يتعاون في البحث عن إرث العائلة.
كان كارديان يتحدّث عن ذلك العقد.
‘هذا صحيح.’
كلام كارديان كان منطقيًّا.
من المرجّح أنّ ما نبحث عنه مرتبط بإرث مرسيدس.
لذا، لا يمكن لليمون أن يمنع كارديان من البحث عن الإرث، بل يجب عليه التعاون بنشاط.
“هه.”
يبدو أنّ ليمون أدرك ذلك، فأطلق تنهيدة فارغة.
أضاف بهدوء.
“صاحب عمل ظالم.”
“ليس هذا ما ينبغي أن يقوله زعيم نقابة الظّلال.”
فجأة، خطرت لي فكرة.
عند التفكير، على الرّغم من أنّ علاقتهما سيّئة جدًا، إلّا أنّهما يتوافقان بشكل جيّد.
بالطّبع، إذا سمِعا أفكاري، سيشعران بالاستياء.
على أيّ حال، انتهت الأجواء المتوتّرة هناك.
نظر إليّ ليمون وقال:
“أثناء مساعدتكِ للكاهن الأعلى، تحقّقتُ من موقع ومعلومات البرج المهجور. بالتأكيد، إنّه مكان مناسب لإخفاء شيء ما.”
“حقًا؟”
“نعم. لا يوجد تقريبًا من يدخل أو يخرج، لذا فهو مناسب للتسلّل. لكنّ المسافة بعيدة نوعًا ما، لذا يجب أن نتحرّك فورًا.”
أومأتُ برأسي.
رغم أنّ المعبد ليس بحجم القصر الإمبراطوريّ، إلّا أنّ حجمه لا يزال ضخمًا.
إذا لم نتحرّك بسرعة، سينبلج الفجر قريبًا.
تقدّم ليمون نحو المصعد وقال:
“بالمناسبة، آنسة ليفيا، هل صعدتِ بهذا المصعد؟”
كنتُ على وشك الإجابة بنعم.
لكن في لحظة دخل شيء ما إلى ركن رؤيتي، توقّفتُ عن الحركة.
‘مهلاً؟’
ما هذا؟
تجمّدت نظرتي على جدار مرتفع بشكل غريب، رغم أنّنا في قمّة البرج.
وأمام ذلك الجدار، كان هناك شكل امرأة يتوهّج باللون الفضّي.
تلك المرأة التي كانت تظهر في أحلامي في لحظات الأزمات.
كيف تكون هنا؟
‘هل أنا أحلم الآن؟’
قرصتُ خدّي دون تفكير.
إنّه مؤلم. ليس حلمًا.
“ معلّمة؟”
“آنسة ليفيا؟”
لاحظ كارديان وليمون تصرّفي الغريب ونادياني، لكنّني لم أكن في حالة تمكّنني من الردّ.
على الرّغم من أنّ ملامح وجهها غير مرئيّة، كنتُ متأكّدة أنّ المرأة تنظر إليّ.
ثمّ رفعت يدها ببطء وأشارت إلى مكان ما.
تبعتُ عينيّ اتّجاه إصبعها.
وكان ذلك المكان…
“آنسة ليفيا؟ هل هناك شيء ما؟”
اقترب ليمون منّي، وهو يشعر بالغرابة.
أشرتُ بإصبعي وقُلتُ:
“هل ترى شيئًا هناك؟”
نظر ليمون إلى حيث أشرتُ.
ثمّ أمال رأسه وقال:
“إنّه مجرّد جدار عاديّ.”
…إذن، لا يراه.
لم يُظهر كارديان أيّ ردّ فعل أيضًا، ممّا يعني أنّ هذه المرأة مرئيّة لي وحدي.
‘لماذا؟’
لماذا تظهر هذه المرأة، التي كانت تظهر دائمًا في الأحلام، في الواقع الآن؟
‘لا أعرف بالضّبط…’
لكنّ شيئًا واحدًا كان واضحًا.
‘إنّها تحاول إخباري بشيء.’
كانت المرأة تشير باستمرار إلى مكان واحد.
رغم أنّه لم يكن هناك سوى جدار، شعرتُ بحدسٍ قويّ بأنّه يجب عليّ التأكّد.
التفتُّ إلى الرّجلين وقُلتُ:
“أعلم أنّ الوقت ضيّق، لكن هل يمكنني التحقّق من شيء ما بسرعة؟”
“لكن…”
بدأ ليمون يُظهر تعبيرًا محرجًا.
“افعلي ما تريدين، أيّتها المعلّمة.”
أومأ كارديان بسهولة.
نظر ليمون إلى كارديان، لكنّ عيني كارديان كانتا مثبتتين عليّ فقط.
لم أتوقّع أن يوافق بهذه السهولة، فلم أستطع إخفاء دهشتي.
لكن من بيننا نحن الثلاثة، كان كارديان الوحيد الذي لم يتزعزع.
نظر ليمون إلى كارديان، ثمّ تنهّد قليلًا وأومأ.
“لا مفرّ. لستِ من النوع الذي يفعل شيئًا دون سبب، آنسة ليفيا، فلا بدّ أنّ هناك سببًا.”
أومأتُ برأسي.
ابتسم ليمون بابتسامته المعتادة وقال:
“حسنًا، لنفعل ذلك. أنا أيضًا أريد التحقّق من شيء.”
التحقّق من شيء؟
أردتُ أن أسأل عما يعنيه، لكن لضيق الوقت، قرّرتُ تجاوز ذلك.
التفتُّ مجدّدًا نحو الجدار.
كانت المرأة لا تزال تشير إلى الجدار.
اقتربتُ منها وأنا أفكّر.
‘من تكونين بالضّبط؟’
كائن يتدخّل في أحلامي وحتّى في الواقع.
‘أعلم أنّكِ في صفّي.’
لأنّني دائمًا نجوتُ من الأزمات بفضلها.
لذا، هذه المرّة أيضًا، لا بدّ أنّها تحاول إخباري بشيء.
‘لا أعرف ما هو.’
إذن، كلّ ما عليّ فعله هو التأكّد.
أخيرًا، وقفتُ أمام الجدار الذي أشارت إليه.
من الخارج، بدا جدارًا عاديًا لا شيء فيه.
‘لكن لماذا يوجد جدار بهذا الارتفاع في السّطح؟’
بينما كنتُ أنظر حولي بدهشة، لاحظتُ شيئًا يلمع بين شقوق الجدار.
‘ما هذا…’
نظرتُ عن كثب إلى الشّقوق.
وأدركتُ أنّ هناك شيئًا مدموجًا بينها.
وكان ذلك…
‘قطعة من حجر مقدّس؟’
كانت قطعة صغيرة مجزّأة من حجر مقدّس.
كانت تلمع بضوء أزرق خافت، تمامًا مثل تلك الموجودة في المصعد.
لكنّني لم أفهم.
‘وضع حجر مقدّس في المصعد أمر منطقيّ.’
لأنّ القوّة المقدّسة لحجر الطّاقة يمكن أن تكون مصدر طاقة، مثل حجر السّحر.
لكن دمجه في جدار؟ هذا لم يكن منطقيًا.
‘لكن…’
بما أنّني وصلتُ إلى هنا، فالتفكير في المنطق لم يعد ذا أهميّة.
كلّ ما تبقّى هو التأكّد.
وطريقة التحقّق من استخدام هذا الحجر المقدّس المدمج في الجدار كانت بسيطة جدًا.
التفتُّ إلى المرأة، التي كانت قد أنزلت يدها وتنظر إليّ الآن.
رغم أنّني لا أرى تعبيرها، شعرتُ وكأنّها تقول إنّني على الطّريق الصّحيح.
‘هذا ما تريدينه، أليس كذلك؟’
إذن، لا خيار سوى المتابعة.
التفتُّ إلى الجدار مجدّدًا.
وضعتُ كفّي على الجدار حيث كانت قطعة الحجر المقدّس مدمجة.
فجأة-
تدفّق ضوء فضّي من حول كفّي إلى الجدار.
في اللحظة التي اخترق فيها الضّوء الجدار،
هووو-!
انتشر الضّوء في الجدار بأكمله بسرعة.
و…
دررر-!
مع صوت رنين ضخم، بدا وكأنّ شقوق الجدار تتّسع، ثمّ دار الجدار نصف دورة كباب دوّار.
“……”
“……”
لم يتمكّن أحد منّا من الكلام بسبب الموقف المفاجئ.
بعد صمت قصير، كان ليمون أوّل من تكلّم.
“آنسة ليفيا، ما هذا…؟”
كان مرتبكًا لدرجة أنّه لم يستطع إكمال جملته.
أجبتُ في نفسي.
‘لا أعرف.’
كيف لي أن أعرف ما هذا؟
لقد جئتُ لأنّ المرأة أشارت إلى هنا، واستخدمتُ قوّتي لأنّ هناك قطعة حجر مقدّس.
لكنّ هذا الجواب لم يكن كافيًا.
لذا، بدلًا من الإجابة، تقدّمتُ بهدوء إلى داخل الجدار.
‘إذا فُتح الجدار، فهذا يعني أنّ هناك شيئًا داخله.’
بالطّبع، قد يكون هناك شيء خطير، لكن بما أنّني وصلتُ إلى هنا، يجب أن أتحقّق ممّا بداخله.
و…
‘ربّما لن يكون خطيرًا.’
نظرتُ خلفي قليلًا.
كانت صورة المرأة تتلاشى ببطء وراء الرّجلين اللذين يتبعانني بهدوء.
كأنّها أكملت مهمتها.
لكن…
‘مهلاً؟’
للحظة، شككتُ في عينيّ.
‘هل تبتسم؟’
*ੈ✩‧₊˚༺☆༻*ੈ✩‧₊˚
التعليقات لهذا الفصل " 234"