الفصل 233
بسبب ذلك، فاتني توقيت الكلام.
شعرتُ بالأسف، لكن…
‘ستكون هناك فرص أخرى لاحقًا.’
كبتُّ تنهيدة وقُلتُ:
“هل ننزل؟”
“……حسنًا.”
نزلتُ من المصعد مع كارديان.
ونظرتُ حولي بعيون متعجّبة مجدّدًا.
المعبد في وسط العاصمة. وفي أعلى نقطة فيه، قمّة برج الجرس.
‘إنّه أكثر قفرًا ممّا توقّعتُ.’
بالنّسبة لحجم البرج الضّخم، كانت القمّة ضيّقة، ولم يكن هناك سوى جرس ضخم.
ربّما بسبب قدم البرج، كان يبدو كأنّه خراب إلى حدّ ما.
تحرّكتُ ببطء، متجاوزة الجرس، نحو حافّة قمّة البرج.
تبعني كارديان على الفور.
“واو…”
عندما وقفتُ عند الحافّة ونظرتُ إلى المنظر، أطلقتُ تنهيدة إعجاب خافتة.
كان برج الجرس متواضعًا أكثر ممّا توقّعتُ، لكنّ المنظر من حافته كان ساحرًا لا مثيل له.
“يمكن رؤية العاصمة والسّماء دفعة واحدة.”
لم يُجب كارديان.
لا أعرف إن كان ذلك لأنّه لا يوافقني الرّأي، أم لأنّه يتضايق من رؤية منظر ساحر كهذا في المعبد الذي يكرهه.
“…بسبب الاحتفال بعيد الميلاد، أصبحت أكثر تألّقًا.”
أضاف كارديان بهدوء.
أومأتُ برأسي.
كما قال، كانت العاصمة مزيّنة ببهاء وجمال أكبر بسبب احتفال عيد ميلاد الإمبراطور غدًا.
لكنّ قلبي المملوء بالإعجاب أصبح مضطربًا.
‘احتفال عيد ميلاد الإمبراطور.’
بالنّسبة للآخرين، إنّه مجرّد يوم تذكاريّ مشرّف، لكنّه بالنّسبة لي يحمل معنى خاصًا.
‘لأنّه اللحظة التي بدأ فيها كارديان يفقد صوابه في العمل الأصليّ.’
في العمل الأصليّ، وقع كارديان في غرام سيليستينا خلال احتفال عيد ميلاد الإمبراطور.
كلّما وقع في حبّها أكثر، غرق كارديان في مستنقع عميق، وأصبح أكثر بؤسًا.
‘هذا غير عادل حقًا.’
البطلة هي كائن صنعه الكاتب ليكون محبوبًا من الجميع لا محالة.
كلّ ما فعله كارديان هو أنّه أحبّ كائنًا صنع ليُحبّ، لكنّ هذا الحبّ قاده إلى الخراب في النهاية.
‘في النهاية، لم يحصل كارديان على شيء.’
لا حبّ سيليستينا، ولا حياة متحرّرة من الألم.
كلّ ما فعله هو الاشتياق والتوق إلى أن انتهت حياته بأكثر الطّرق بؤسًا.
عند التفكير بذلك، شعرتُ بحرقة في صدري وحلقي وكأنّ شيئًا مرًا يتصاعد.
“…سيّدي الدّوق.”
عندما ناديته، التفت كارديان، الذي كان يقف بهدوء إلى جانبي، نحوي.
ضغطتُ بقوّة.
وأمسكتُ بحافّة كمّه.
لكي لا يذهب إلى أيّ مكان.
لكي لا يسقط في الهاوية.
تحرّكت عينا كارديان نحو كمّه.
التفتُّ إليه ونظرتُ في عينيه مباشرة وقُلتُ بوجه جادّ:
“سأكون هنا.”
“……”
“حتّى لو لم يبقَ شيء لك، وحتّى لو لم تحصل على شيء، سأجعل الأمر على ما يرام. سأكون بجانبك على الأقل.”
“……”
“لذا، أرجوك، لا تتزعزع…”
على عكس بداية كلامي الواثقة، بدأ صوتي يرتجف مع نهايته.
لأنّني أدركتُ فجأة مدى اندفاعيّتي.
‘آه، لقد جننتُ، ليفيا بيلينغتون!’
بقي يوم واحد فقط على احتفال عيد الميلاد، فأصبحتُ متسرّعة واندفعتُ بكلامي.
‘هل ارتبك؟’
أنا، مجرّد معلّمة، قُلتُ فجأة إنّني سأبقى بجانبه ولن أتركه يتزعزع، متجاوزة حدودي.
‘…بالطبع، ليست المرّة الأولى.’
لكنّ هذه المرّة الأولى التي أندفع فيها بهذا الشّكل، فلم أستطع إلّا مراقبة ردّ فعل كارديان.
رفعتُ عينيّ خلسة لأرى تعابيره.
لكن…
‘هل يبتسم؟’
كان كارديان ينظر إليّ بذهول، ثمّ رفع طرف شفتيه فجأة.
وقال:
“إنّها المرّة الأولى.”
“ماذا، ماذا تقصد؟”
“أن تتحدّثي عن المستقبل.”
“……؟”
ما الذي يتحدّث عنه؟
لم أفهم كلامه للحظة، فأغمضتُ عينيّ.
فأمال كارديان رأسه قليلًا، وبابتسامة مع منظر العاصمة في الخلفيّة، بدا كأنّه…
‘…شيطان.’
كأنّه شيطان يتّخذ أجمل صورة ليغوي ويسرق الرّوح.
للحظة، بدا كارديان جميلًا لهذا الحدّ.
‘لا، ليس هذا.’
بالطبع، كارديان جميل.
حتّى عندما يظهر تعابير باردة، لا يمكن لهذه البرودة أن تخفي جماله.
دائمًا ما أعجب بجمال كارديان، لكن في هذه اللحظة، شعرتُ بجماله بشكل خاص لأنّ-
“كنتِ دائمًا تتحدّثين وكأنّكِ ستغادرين.”
“……”
“لكنّكِ للمرّة الأولى تتحدّثين عن مستقبل معًا.”
“……”
“لذا، بشكل مفاجئ، أنا سعيد.”
-لأنّه أظهر ابتسامة نقيّة للمرّة الأولى.
“…آه.”
نظرتُ إليه مذهولة، وأطلقتُ صوتًا خافتًا، ثمّ أدركتُ معنى كلامي أخيرًا.
‘صحيح.’
كما قال كارديان.
كنتُ دائمًا أفكّر، بمجرّد شفائي من المرض وإتمام واجبي، أن أنسحب بهدوء كشخصيّة ثانويّة.
لكن قبل قليل، قُلتُ دون وعي إنّني أريد البقاء بجانبه دائمًا.
وأدركتُ أيضًا أنّ هذا هو شعوري الحقيقيّ.
‘…واه، لقد وقعتُ في مشكلة.’
الآن، أصبح الأمر لا رجعة فيه.
كان هذا بمثابة اعتراف تقريبًا.
لذا.
“نعم.”
لنعترف بذلك.
“أريد أن أعيش مع سيّدي الدّوق لفترة طويلة.”
أنّني أرغب فيك.
أنّني لا أستطيع إخفاء هذا الشّعور.
“……”
حدّق كارديان فيّ بذهول لا يليق به كردّ على اعترافي الصّادق.
ثمّ غطّى شفتيه وتمتم.
“…أكثر اندفاعًا ممّا توقّعتُ، أيّتها المعلّمة.”
“…ماذا؟”
لحظة، ماذا يقول؟
شعرتُ أنّ كارديان يسيء فهم شيء كبير، فأسرعتُ بإضافة تفسير.
“لا، أقصد! أن نعيش معًا بصحّة وعمر طويل! هذا ما قصدته بـ‘نعيش معًا’!”
“آه.”
أومأ كارديان كأنّه فهم أخيرًا.
ثمّ تنهّد بهدوء وتمتم.
“تُثيرين توقّعاتي ثمّ تُحبطينها، يا لكِ من موهوبة، أيّتها المعلّمة ليفيا بيلينغتون.”
تجاهلتُ نبرته المليئة باللوم.
في تلك اللحظة.
“يبدو أنّ هناك ضيفًا غير مدعوّ.”
ذعرتُ من صوت مفاجئ وأدرتُ رأسي بسرعة.
كان كارديان يحدّق بالفعل في تلك الجهة، وكأنّه كان يعلم مسبقًا.
ثمّ خرج شخص من خلف الجرس.
عندما رأيته، فتحتُ عينيّ على وسعهما.
“السيّد ليمون؟”
لماذا أنت هنا؟
…لكن قبل أن أقول ذلك، تذكّرتُ موعدي معه.
‘اتّفقنا على اللقاء هنا.’
لذا، ليس غريبًا أن يظهر ليمون هنا.
لكن…
‘لقد نسيته تمامًا.’
كنتُ مركّزة كليًا على كارديان، فنسيته تمامًا.
‘منذ متى كان هنا؟’
لم أسمع صوت المصعد يتحرّك.
بما أنّ ليمون لا يملك قوّة مقدّسة، لا بدّ أنّه صعد الدّرج…
‘هل سمع كلّ شيء؟’
عند التفكير أنّ ليمون سمع اعترافي غير المباشر لكارديان، احمرّ وجهي خجلًا.
للتغلّب على الإحراج، قُلتُ بسرعة:
“لماذا، لماذا كنتَ هناك؟”
فابتسم ليمون بهدوء وقال:
“لم أكن أعرف من القادم، فاختبأتُ للحظة. وبعد ذلك، لم أجد التوقيت المناسب للخروج.”
“……”
لا شكّ في ذلك.
لقد سمع كلّ شيء.
‘واه، هذا محرج جدًا.’
لم أقل شيئًا لا ينبغي، لكنّ فكرة أنّ ليمون سمع مشاعري الحقيقيّة جعلتني أودّ الاختباء.
بالمناسبة.
‘كارديان لا يبدو متفاجئًا.’
بما أنّني أخبرته أنّني سألتقي بليمون هنا، فليس من المفاجئ أن يكون ليمون موجودًا.
‘لكنّه ظهر فجأة.’
كان غريبًا أنّه لم يرفّ له جفن.
عند التفكير، حتّى قبل أن نسمع صوت ليمون، كانت عينا كارديان متّجهتين إلى تلك الجهة.
هذا يعني…
‘هل كان يعلم؟’
أنّ ليمون مختبئ خلف الجرس.
ومع ذلك، تجاهل كارديان وجوده تمامًا.
‘…هذا مذهل حقًا.’
بينما كنتُ أعجب بشخصيّة كارديان ولامبالاته، اقترب ليمون منّي دون أن أنتبه، وابتسم وقال لكارديان:
“لا أعرف ما الذي حدث، لكن، هل يمكن للضّيف غير المدعوّ أن يغادر الآن؟”
فوجئتُ بكلام ليمون غير المتوقّع ونظرتُ إليه.
لكنّ ليمون كان يحدّق بكارديان فقط.
لكن، هل هذا شعوري فقط؟
عيناه اللّيمونيّتان، اللتين كانتا دائمًا تحملان ابتسامة، بدتا باردتين بشكل غريب.
محى ليمون ابتسامته الخافتة وقال كأنّه يضع المسمار الأخير:
“من هنا، إنّه وقتي أنا والآنسة ليفيا.”
كان يقول بوضوح: أنتَ، غادر.
*ੈ✩‧₊˚༺☆༻*ੈ✩‧₊˚
التعليقات لهذا الفصل " 233"