الفصل 228
بصراحة، توقّعتُ أنّ كارديان سيُرسلني بطريقة متعالية، حتّى لو بالقوّة.
استعددتُ لهذا الأمر بتقوية عزيمتي أكثر.
لكن…
“حسنًا.”
على عكس التّوقعات، أومأ كارديان برأسه بسرعة.
بسبب ردّ فعله المُحبط، نظرتُ إليه بتعبيرٍ خالٍ من الحماس.
لاحظ تعبيري فأمال رأسه قليلًا.
“هل هناك مشكلة؟”
“ليس مشكلة بالضّرورة…”
كيف يمكنني قول هذا؟
فركتُ خدّي متردّدة، ثمّ قرّرتُ أن أكون صريحة.
“كنتُ متأكّدة أنّك ستجد طريقة لإرسالي مهما حدث. لكن…”
“قبلتُ الأمر بسهولة أكثر ممّا توقّعتِ؟”
“نعم، هذا صحيح.”
بعد أن قلتُ هذا، شعرتُ ببعض الإحراج.
من الطّبيعي أن أشعر بالرّاحة التّامة لأنّ كارديان قبل رأيي على الفور، لكنّني بدلاً من ذلك أحمل شكوكًا أولاً.
‘كان مختلفًا جدًّا عمّا توقّعته.’
شعرتُ بإحساس غريب.
من ناحية، كنتُ ممتنّة، لكن من ناحية أخرى، شعرتُ بأسف غامض…
‘ما الذي أقوله، أنا!’
كان من المفترض أن أكون سعيدة لأنّني لستُ مضطرّة للنّقاش عبثًا.
لكن بينما أشعر بالامتنان، بدأت أشعر بالحيرة بسبب الحزن الخفيّ الذي ينمو في زاوية من قلبي.
في تلك اللحظة، بينما كنتُ غارقة في هذا الشّعور المعقّد والمربك الذي أختبره لأوّل مرّة.
“لأنّ كلامكِ صحيح.”
“…!”
استعدتُ وعيي ونظرتُ إلى كارديان عندما سمعتُ صوته فجأة.
كان يحدّق بي بوجهٍ جادّ.
كأنّه بحيرة هادئة في ليلة ساكنة.
نظرتُ إلى كارديان مفتونة، كمن سُحِرَ بتلك البحيرة الخياليّة.
حرّك شفتيه.
“كما قلتِ، هذا شأنكِ أيضًا. حتّى لو أجبرتكِ على العودة، ستعودين بالتّأكيد. خارج نطاق رؤيتي.”
“…”
لم أستطع أن أقول “لا”.
كان محقًّا.
لو أجبرني كارديان على العودة، لوجدتُ طريقة لخداعه والعودة مجدّدًا.
لقد فهمني كارديان تمامًا.
عندما أظهرتُ تعبيرًا مندهشًا قليلًا، ابتسم ابتسامة خفيفة.
كانت ابتسامة رقيقة وودودة بشكل لا يُصدّق أنّها من كارديان.
منذ متى بدأ هذا الرّجل يرسم مثل هذه الابتسامة؟
غرقتُ في هذا السّؤال الغامض، لكنّ كلماته التّالية أعادت تركيزي.
“لذا، افعلي ما تريدين. لكن، سأبقى إلى جانبكِ. هذا الأمر لن أتنازل عنه.”
كان نبرة صوته وهو يقول ‘لن أتنازل’ أكثر حزماً من أيّ وقت مضى.
‘…لن يُفيد الحديث، أليس كذلك؟’
في الحقيقة، لم أفكّر حتّى أنّني سأتمكّن من إبعاد كارديان بعد أن وصلنا إلى هنا.
“…حسنًا.”
كما لا يستطيع كارديان إيقافي، لا أستطيع أنا أيضًا إيقافه.
إذن، بدلاً من ذلك.
“لنفعل كما تقول، سموّك. لكن، لا تبتعد عنّي أبدًا.”
من الأفضل أن نبقى ملتصقين ونراقب بعضنا البعض.
عند كلامي، ضحك كارديان ضحكة خفيفة. عندما رأيتُ تلك الضّحكة، ظهرت ابتسامة على وجهي دون سبب. لماذا؟
‘شعرتُ براحة البال.’
من منظور معيّن، هذا المكان عدوّ، والرّحلة المتبقّية مليئة بالصّعاب.
قبل لحظات، كدتُ أموت، ومن المؤكّد أنّ الأخطار ستتربّص بنا في المستقبل.
كنتُ أعلم أنّ الأمر لن يكون سهلاً.
تظاهرتُ بأنّني بخير، لكن في الحقيقة كنتُ منكمشة جدًّا.
لكن، لماذا؟
‘فجأة، أصبح كلّ شيء على ما يرام.’
مجرد وجود كارديان معي، ووعده بأنّه لن يبتعد أبدًا، جعل كلّ ما كان يثقلني يصبح مقبولاً.
نشأت لديّ ثقة بأنّني سأتمكّن من التّغلب على أيّ شيء يأتي.
“الآن، يبدو أنّ علينا الذّهاب إلى مكان الموعد…”
تلعثمتُ ونظرتُ بعيون معقّدة إلى الكاهن الأكبر الممدّد على الأرض.
لم يتحرّك الكاهن الأكبر ولو قليلاً.
فجأة، اجتاحني القلق.
‘لن يكون قد مات، أليس كذلك؟’
بالطّبع، لا أشعر بالشّفقة على شخص حاول قتلي.
لكن، الوقت الآن غير مناسب.
إذا عُلم أنّ الكاهن الأكبر مات، ستنقلب الإمبراطوريّة رأسًا على عقب.
عندها، سيبحثون عن الجاني، وسيضيّقون الخناق عليّ وعلى كارديان.
حتّى لو كنتُ مرسيدس، فلن أتمكّن من التّخلّص من تُهمة قتل الكاهن الأكبر.
بينما كنتُ أتخيّل أسوأ السّيناريوهات، سمعتُ صوت كارديان.
“لم يمت.”
“آه.”
كأنّه قرأ أفكاري، أيقظتني كلمته المفاجئة.
نظرتُ إليه مندهشة، فقال بوجهٍ يوحي بأنّه يعرف كلّ شيء.
“لا يموت الإنسان بسهولة من ضربة واحدة على مؤخّرة رأسه.”
“…”
وجهه اللامبالي ومظهره المألوف.
فجأة، تذكّرتُ كارديان الذي رأيته في الحلم.
بالأحرى، صورة كارديان الصّغير الذي رأيته في حلمه.
تلك الصّورة وهو يتحمّل العنف الوحشيّ ليحمي تفّاحة واحدة فقط.
قوله إنّ الإنسان لا يموت بسهولة كان يعني نفسه بالتّأكيد.
شعرتُ بثقل في صدري دون سبب، لكنّني لم أُظهر ذلك وقُلتُ:
“حتّى لو كان كذلك، لا يمكننا تركه هكذا.”
إن مات، فهي مشكلة، وإن لم يمت، فهي مشكلة أيضًا.
لأنّ الكاهن الأكبر، إذا استيقظ، سيحاول القبض علينا فورًا.
الحل…
‘ليس غائبًا.’
كأنّه قرأ أفكاري مجدّدًا، اقترب كارديان بخطوة واسعة وأمسك بمعصمي.
قوّة معتدلة، لا قويّة ولا ضعيفة.
ملمسه خشن، لكن لمسته رقيقة ولطيفة.
رفعتُ رأسي متفاجئة.
نظر إليّ كارديان بعيون حادّة وفتح فمه.
“أعتقد أنّني أعرف ما تفكّرين فيه الآن.”
“…”
“ألم أقل لكِ بوضوح؟ لا تستخدمي تلك القوّة مجدّدًا.”
كما توقّعتُ.
لقد رأى كارديان خطّتي تمامًا.
نظرتُ إلى الكاهن الأكبر للحظة، ثمّ رفعتُ رأسي.
التقطت عيناه البنفسجيّتان نظرتي على الفور.
بلا أدنى اهتزاز، بشكل كامل ومطلق.
“سموّك.”
“تكلّمي.”
“أنا أثق بكَ.”
عند كلامي، عبس كارديان فجأة كأنّه يتساءل عمّا أعنيه.
لم أبالِ وأضفتُ قوّة إلى صوتي قائلة:
“لن تتركني أموت، أليس كذلك؟”
“…تقولين أمرًا بديهيًّا بجديّة مبالغ فيها.”
“لذا، لا بأس. أثق بكَ، ولن أموت.”
أخيرًا، أدرك كارديان ما أعنيه، فزاد من قبضته على يدي.
لطمأنته، ابتسمتُ برفق.
كلّما فعلتُ، أصبحت تعبيراته أكثر حدّة.
“مرّة واحدة. سأعدّل ذلك فقط من ذاكرته.”
“…”
“لن أُجبر. كما اثق بك، ثق بي أنتَ أيضًا.”
“…”
قلتُ له بصدق.
وأنا أعرف بالفعل.
أنّه:
“…لا أستطيع مقاومتكِ.”
-في النّهاية، سيوافق على رأيي.
“أنتِ عنيدة. أنانيّة ومتمركزة حول نفسكِ.”
توالتْ توبيخاته نحوي.
لكنّني لم أشعر بالإهانة أبدًا.
لأنّني أعلم أنّ كلّ هذا التوبيخ ينبع من قلقه وانزعاجه من أجلي.
لذا، كلأمر الوحيد الذي يمكنني قوله:
“أنا آسفة.”
هذا كلّ ما كان لديّ.
نظر إليّ للحظات، ثمّ أدار رأسه فجأة وقال:
“تعهدتِ بألّا تُجهدي نفسكِ، التزمي بذلك.”
“نعم، سأفعل.”
أومأتُ برأسي بقوّة، ثمّ اقتربت من الكاهن الأكبر.
من قرب، رأيتُ أنّ مؤخّرة رأسه متجرّحة قليلاً، لكن كما قال كارديان، ليس إلى درجة الموت.
إذا تُرك هكذا، سيستعيد وعيه قريبًا.
مددتُ يدي فوق رأس الكاهن الأكبر.
تحدّثتُ إلى كارديان بثقة، لكن بصراحة…
‘لستُ واثقة.’
لذا…
‘لا أعرف إن كانت هذه الطّريقة ستنجح.’
لم يكن الأمر كالعادة، مثل التّسلل إلى الأحلام أو التّحكم بها بشكل غامض.
ما أحاول فعله الآن هو التلاعب بالذّاكرة.
“بعد أن أنهيتَ عملك، كنتَ عائدًا إلى غرفتك، لكنّك انزلقت وأصبتَ في رأسك.”
همستُ بهدوء.
“كلّ ما يتعلّق بي، وكلّ ما يتعلّق بكارديان مرسيدس، ليس سوى حلم.”
أخلط بين الحلم والواقع.
من الآن فصاعدًا، الحلم الذي سأجعله يراه سيكون الواقع.
والواقع سيكون الحلم.
ركّزتُ القوّة في أطراف أصابعي بدقّة أكثر من أيّ وقت مضى.
ثمّ أطلقتها.
فاششش!—
انتشر الضوء الفضّي من تحت يدي كالمعتاد.
لكن…
‘مـ، ماذا؟’
كميّة الضوء التي انفجرت كانت أكبر بكثير ممّا توقّعتُ.
ولم تكن هذه هي المشكلة الوحيدة.
‘ما، ما هذا؟!’
*ੈ✩‧₊˚༺☆༻*ੈ✩‧₊˚
التعليقات لهذا الفصل " 228"