«كل ما يقال في الفصول السابقة او التالية نحن لا نؤمن به فقط نؤمن بالله واحد»
الفصل 225
“ما الذي…”
ارتجفت عينا إيدن بشدّة.
كانت نظرته مليئة بالشكّ، متسائلاً إن كان الرجل أمامه هو حقًا الشخص الذي يعرفه.
خرج صوته مرتعشًا من حلقه المحتبس.
“ما الذي تقصده بالضبط؟”
كان الارتباك يعمّه أكثر لأنّه لم يتخيّل هذا الموقف أبدًا.
كلّ ما أراده هو إبقاء الكاهن الأعلى مشغولاً، لكن كلامه…
“قلتُ إنّه يمكنك أن تصبح الكاهن الأعلى دون وحي .”
كشف عن الوجه الحقيقي الذي لم يكن إيدن يريد معرفته داخل الكاهن الأعلى.
“هل تؤمن بالحاكمة ثيليا؟”
“…….”
نظر إيدن إلى الكاهن الأعلى بذهول.
منذ لحظة ما، أصبح من الصعب فهم معنى كلامه على الفور.
‘يؤمن بالحاكمة ثيليا؟’
لم يكن هذا سؤالاً يُطرح على شخص تابع للمعبد.
كان أمرًا بديهيًا جدًا.
ومع ذلك، كان الكاهن الأعلى، رأس المعبد، هو من يطرحه.
حيّر إيدن سلوكه غير المفهوم، فأجاب بوجه مرتبك.
“……لا أفهم ما تقصده.”
“منذ فترة، بدأت أفكّر. أليس من الممكن أن تكون حاكمة ثيليا مجرّد وهم؟”
رفع الكاهن الأعلى رأسه لينظر إلى نقطة ما.
في نهاية نظرته، كان هناك تمثال حاكمة ثيليا.
كانت عيناه، وهو ينظر إلى التمثال، أكثر برودة من أيّ وقت مضى.
“حاكمة ثيليا تراقبنا دائمًا. إنّها تحمينا، وستحمينا من الأزمات الحقيقيّة.”
تمتم الكاهن الأعلى بآية من الكتاب المقدّس، ثم أطلق ضحكة ساخرة فجأة.
“لكن فكّر في الأمر. حاكمة ثيليا، التي يُقال إنّها تحمينا دائمًا وتنقذنا في الأزمات الحقيقيّة، تتجاهلنا عندما نحتاج إليها. أنتَ وأنا.”
“……سيدي الكاهن الأعلى.”
وجد إيدن صعوبة في مواصلة الحديث.
لم يكن الأمر فقط صعوبة فهم نوايا الكاهن الأعلى، بل لأنّ تعبيره، وهو يتحدّث، كان أكثر شراسة وهشاشة من أيّ وقت مضى.
لكن ذلك لم يدم طويلاً.
كما لو أنّ شيئًا لم يحدث، عاد الكاهن الأعلى إلى مظهره الهادئ.
نظر إلى إيدن بابتسامة لطيفة كالمعتاد.
لكن في عيني إيدن، لم يعد يبدو كالسابق.
بل بدا غريبًا، كما لو أنّ شيئًا غير مناسب أُلصق به بالقوّة.
في تلك اللحظة، فتح الكاهن الأعلى ذراعيه فجأة بعينين لامعتين.
ورفع صوته.
“لكن افرح! لقد وجدتُ حاكم الحقيقي!”
“…….”
“هذا حاكم يمنحني كلّ ما أريده. إذا أردتُ الانتقام، يعطيني الانتقام. إذا أردتُ الثروة، يعطيني الثروة. إذا أردتُ السلطة، يعطيني السلطة!”
“هذا…”
هرطقة، أليس كذلك؟
ان ينطق الكاهن الأعلى بكلام لا يجب أن يُقال أبدًا.
كتم إيدن الكلام الذي كاد يصل إلى طرف لسانه.
لكن، كما لو أنّه يعرف أفكار إيدن بالفعل، قال الكاهن الأعلى وهو يغمض عينيه.
“بالطبع، أنتَ مرتبك. لكن فكّر جيّدًا. لاغراناسيا ستواجه ثورة كبيرة قريبًا، في وقت قريب. عندها، ستتغيّر حياتك بشكل كبير.”
“…….”
“هل ستأخذ ما تريد بيديك؟ أم ستبقى بقايا ثيليا وتختفي في صفحات التاريخ؟ لقد مددتُ يدي إليك، والخيار لك أن تمسك بها أم لا.”
“…….”
“حتّى بعد يومين.”
بابتسامة ذات مغزى، ترك الكاهن الأعلى إيدن واقفًا وغادر غرفة الاستقبال.
وحيدًا، حدّق إيدن في الفراغ بهدوء، ثم أطلق أنينًا خافتًا.
‘ما الذي مررتُ به للتو؟’
هل يحلم؟
صفع!
صفع خده بيده.
في الوقت نفسه، شعر بصدمة خفيفة.
كان الألم والصدمة يؤكّدان بوضوح.
ليس حلمًا.
الكلمات التي سمعها للتو، ومظهر الكاهن الأعلى.
“……ما أريده.”
خطر بباله شيء ما فجأة.
بالأحرى، شخص ما.
ضغط إيدن على قبضته بقوّة.
لبث إيدن لفترة طويلة دون حراك.
كما لو أنّه مسحور بشيء ما.
* * *
“هاه، هاه.”
وصلتُ متلهّفة إلى أمام غرفة الاستقبال، لأواجه الكاهن الأعلى وهو يخرج منها.
كان التوقيت مثاليًا.
لو تأخّر قليلاً فقط.
نظر إليّ الكاهن الأعلى بعينين غريبتين وأنا ألهث من الجري المحموم.
خشيتُ أن أثير شكوكه، فقلتُ بسرعة:
“آه، هذا.”
لكنني لم أستطع مواصلة الكلام.
ابتسم الكاهن الأعلى بلطف وأدار ظهره مباشرة.
كما لو أنّه لا يهتمّ بما كنتُ أفعله أو من أين أتيتُ.
‘مهلاً؟’
جعل ذلك أعذاري التي أعددتها بعناية تبدو بلا جدوى.
بينما كنتُ أحدّق بدهشة، التفت الكاهن الأعلى الذي كان يسير أمامي إليّ.
“آه.”
استعدتُ رباطة جأشي وأسرعتُ لأتبعه.
في الوقت نفسه، نظرتُ نحو غرفة الاستقبال.
كنتُ أتساءل من بداخلها، لكن…
‘المهمّ ليس ذلك.’
سرعان ما أطفأتُ فضولي.
بدلاً من ذلك، ألقيتُ نظرة إلى النافذة.
كان الغروب قد انتهى، وحلّ الليل.
استقرّ القمر البدر المدوّر في السماء السوداء كستارة.
بفضل صفاء السماء، تدفّق ضوء القمر عبر النوافذ إلى داخل المعبد.
‘هل نجح ليمون؟’
كما كان الشجرة المقدّسة أحد أهدافي اليوم، كان استكشاف داخل المعبد أحد أهداف ليمون اليوم.
بالتأكيد…
‘يريد التحقيق في موت والدته.’
والدة ليمون.
كانت الأقرب إلى القدّيسة السابقة، وحافظت على سرّ ما.
‘ما الذي أخفته؟’
ما الذي جعلها لا تكشفه بوضوح حتّى في رسالتها إلى ابنها ليمون؟
إذا ذهبتُ إلى المكان الموضّح في مخطّطها، هل سأكتشف ذلك السرّ؟
‘ربّما يُحلّ ذلك أيضًا اللغز الذي أحمله.’
لذلك، يجب أن أذهب إلى المكان الموضّح في المخطّط اليوم مهما كان.
و…
رفعتُ رأسي لأنظر إلى ظهر الكاهن الأعلى.
شخص آخر يخفي سرًا.
‘ما الذي يخفيه الكاهن الأعلى؟’
الآن، من شبه المؤكّد أنّه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بإيغريد.
إذن، ما هو هدفه الحقيقي؟
من هو…
‘بالضبط؟’
في تلك اللحظة،
توقّف الكاهن الأعلى فجأة عن السير.
كنتُ غارقة في أفكاري، فانتفضتُ وأوقفتُ خطواتي بسرعة.
نظر إليّ الكاهن الأعلى بنظرة جانبيّة، ثم أدار رأسه.
حينها أدركتُ أنّنا وصلنا إلى مكتبه.
‘انتبهي، ليفيا بيلينغتون.’
إلى متى ستبقين غارقة في التفكير؟
التفكير وحده لا يحقّق شيئًا. الآن هو وقت العمل.
عندما دخل الكاهن الأعلى إلى مكتبه، تبعته بشكل طبيعي.
‘الوقت الآن…’
ألقيتُ نظرة على الساعة.
السابعة والربع مساءً.
مرت ساعات أكثر ممّا توقّعتُ.
قريبًا ستنتهي مهام الكاهن الخادم المزيّف.
‘ثمّ أتوجّه مباشرة إلى مكان الموعد.’
أعرف مكان برج الجرس، مكان الموعد.
فهو مرتفع بما يكفي ليُرى من أيّ مكان، لذا يمكنني العثور عليه بسهولة.
بينما كنتُ أرسم طريق الذهاب إلى برج الجرس في ذهني،
سمعتُ صوت الكاهن الأعلى فجأة.
“بالمناسبة، كيف حال الكاهنة ناديا من فرع كيليس؟”
كان سؤالاً مفاجئًا.
التفت إليّ ببطء.
كان مظهره كما هو.
لا يزال يحمل ابتسامة لطيفة، وعيناه هادئتان.
كان كما رأيته دائمًا، لكن لماذا…
‘لماذا يبدو غريبًا جدًا؟’
هل سيكون هذا شعور من يتظاهر بأنّه إنسان وهو ليس كذلك؟
“ألم تجب؟”
تراجعتُ خطوة دون وعي من هيبته المجهولة.
أدركتُ خطأي متأخرًا، لكن عيني الكاهن الأعلى كانتا تلمعان بشراسة أكبر.
اقترب منّي بخطوات ثقيلة.
مع كلّ خطوة يقتربها، تراجعتُ إلى الخلف.
ثم، طق.
اصطدمتُ بالباب.
في اللحظة التي أردتُ أن ألتفت إليها، أمسك الكاهن الأعلى بعنقي.
“أخ!”
حدث كلّ شيء في لحظة.
كانت قوّة قبضة الكاهن الأعلى قويّة بشكل لا يُصدّق بالنسبة لشخص يمسك القلم فقط.
عبستُ من الألم، ونظرتُ إليه بعينين مرتعشتين.
لم أفهم لماذا تغيّر فجأة بهذا الشكل.
لكن سرعان ما عرفتُ السبب.
“كانت هناك آثار لفأر تسلّل إلى هذه الغرفة.”
“……أخ.”
“منذ اللحظة الأولى التي رأيتكِ فيها، شعرتُ بأنّكِ مألوفة، لكن الآن أعرف بوضوح.”
“…….”
“ليفيا بيلينغتون. آخر أبناء ثيليا.”
كشف الكاهن الأعلى عن أسنانه وابتسم ابتسامة مخيفة.
━━━━⊱⋆⊰━━━━
التعليقات لهذا الفصل " 225"