الفصل 199

 

 

* * *  

 

 

عند سماع أنها كانت كاهنة تخدم القديسة السابقة، تفاجأ كارديان.  

 

 

التقط هيستيريون هذا الرد بسرعة وابتسم بمعنى عميق.  

 

 

“أليس هذا مريبًا جدًا؟ كما تعلم، اختفت القديسة السابقة فجأة قبل سبع سنوات. الشخص الذي اختفى معها كانت هيلدي كارزيا، كاهنة القديسة السابقة. وبعد عامين، عُثر على هيلدي كارزيا جثة.”

 

  

“همم.”  

 

 

 

فرك كارديان ذقنه.  

 

 

‘مريب؟’  

 

حسنًا…  

 

“نعم، إنه مريب بالفعل.”  

 

 

“أليس كذلك؟ لذا، تتبعتُ مسار هيلدي كارزيا…”  

 

 

“وتتبعتَ؟”  

 

 

كرر كارديان كلامه بسؤال، فهز هيستيريون رأسه.  

 

 

“لا شيء. تلك الكاهنة لم تغادر المعبد ولو مرة واحدة قبل اختفائها.”  

 

“… .”  

 

 

“وأيضًا، أخوك… الدوق السابق، أصبحت تحركاته غامضة بعد المعبد. هذا يعني أن الكنز الذي أخذه أخوك واختفى به-” 

 

 

“من المحتمل أنه لا يزال مخفيًا في المعبد.”  

 

 

“هذا صحيح.”  

 

 

ابتسم هيستيريون كما لو كان يمدح طفلاً أجاب بشكل صحيح.  

 

لكن كارديان، الذي تلقى هذه الابتسامة، خفض عينيه بلا تعبير.  

 

 

تحدث هيستيريون بصوت ناعم. 

 

 

“كما سمعت القصة، اختفاء القديسة السابقة وكاهنتها، وموت واختفاء الدوق السابق، ليست أحداثًا منفصلة.”  

 

 

“… يبدو كذلك.”  

 

 

“ربما هناك قوة أكبر تربطها من الخلف. مثل المعبد، على سبيل المثال. ومع ذلك…”  

 

 

تلاشى تعبيره من وجهه وهو ينهي جملته.  

 

 

كأنه لم يكن يبتسم بلطف منذ لحظة، حدّق في كارديان بوجه متجمد وقال:  

 

 

“على عكسك، هذا لا يعنيني على الإطلاق.”  

 

 

“… .”  

 

 

“كل ما أريده هو العرش. لذا، الخيار لك. هل ستساعدني في اغتصاب العرش، أم سترفض يدي وتبقى وحيدًا تمامًا؟” 

 

 

“… إذن، أنت تُلقي مسؤولية الاختيار عليّ.”  

 

 

“لأن دورك كبير.”  

 

 

“إذا أمسكتُ يدك، ماذا ستعطيني؟”  

 

 

“خلف الإمبراطور يقف المعبد. القديسة… سيليستينا، قدمت لي هذا العرض لأن لديها القوة لزعزعة القصر الإمبراطوري.”  

 

 

“وماذا بعد؟”  

 

 

“لذا… إذا أمسكتَ يدي، أنا…”  

 

 

لمع بريق في عيني هيستيريون للحظة.  

 

ابتسم وهو يرفع زاوية فمه وقال:  

“أخطط لقلب القصر الإمبراطوري الفاسد والمعبد رأسًا على عقب. بالطبع…” 

 

 

توجهت عيناه الخضراء نحو كارديان، الذي كان يحدق فيه بهدوء.  

 

 

“بقوة عائلة مرسيدس.”  

 

 

“… طموح كبير.”  

 

 

“نعم. لذا، إذا لم تمسك يدي، ستكون هذا الخطة مستحيلة. عندها، سأضطر للخضوع للمعبد بهدوء وأصبح إمبراطورًا دمية.”  

 

 

“… .”  

 

 

“بعد عشرة أيام، سيكون يوم حفل عيد ميلاد الإمبراطور. سيكون ذلك يوم الحسم. أتمنى أن تتخذ قرارك قبل ذلك.”  

 

 

كأن مهمته انتهت، استدار هيستيريون.  

 

 

 

لكنه توقف فجأة، كأنه تذكر شيئًا، ونظر إلى الخلف وقال: 

 

 

“وهذا مجرد حدسي، لكن كما تعلم، حدسي قوي. وهذا الحدس يصرخ بأن… الكنز موجود بالتأكيد داخل المعبد. لذا، إذا ساعدتني، سأهز ذلك المكان بالتأكيد. يمكنك استغلال تلك الفوضى للعثور على الكنز.”  

 

 

“… .”  

 

 

“فكر جيدًا. إذن، سأذهب الآن-”  

 

بينما كان هيستيريون يلوح بيده ويتجه نحو الباب، حدث ذلك.  

 

 

طق، طق.  

 

فجأة، تردد صدى طرق على الباب.  

 

 

نظر هيستيريون، الذي كان قريبًا من الباب، إلى كارديان تلقائيًا.  

 

 

كان هذا اللقاء سريًا ولا ينبغي أن يعرفه أحد.  

 

نظر هيستيريون، كأنه يسأل إن كان هناك زائر آخر، ثم ابتسم فجأة.  

 

 

‘آها.’  

 

كانت عيون كارديان ترتجف بعنف.  

 

كان جسده يميل إلى الأمام، كأنه على وشك القفز.  

 

يبدو أنه لم يدرك ذلك بنفسه.  

 

 

‘كنتُ أظن أنه يمتلك وجه بوكر لا يُخترق.’  

 

 

لكن لم يكن كذلك.  

 

 

كان الأمر فقط أنه لم يواجه شيئًا يستحق إثارة مشاعره حتى الآن. 

 

 

لكن خلف ذلك الباب، هناك شيء واحد يمكنه إثارة مشاعر كارديان مرسيدس.  

 

 

‘… أعرف ما هو.’  

 

 

ضحك هيستيريون داخليًا ولوح بيده.  

 

 

“يبدو أن لديك زائرًا. سأفتح الباب وأنا خارج.”  

 

 

“لا داعي ل-”  

 

 

حاول كارديان التدخل، لكن هيستيريون فتح الباب بالفعل.  

 

وخلف ذلك الباب… 

 

‘كما توقعت.’  

 

 

كانت هناك امرأة ذات شعر بني داكن وعيون كهرمانية، ليفيا بيلينغتون.  

 

 

* * *  

 

 

عندما طرقتُ باب مكتب كارديان، خرج هيستيريون، البطل الرئيسي وولي العهد.  

 

 

‘لماذا يبدو هذا الموقف مألوفًا؟’  

 

 

شعرتُ بشيء من الديجا فو وانحنيتُ لهيستيريون.  

 

 

“تحية لسمو ولي العهد.”  

 

 

“نعم، من الجيد رؤيتك هكذا.”  

 

 

“… .”  

 

 

لماذا يتصرف هذا الرجل هكذا؟  

 

 

نظرتُ إلى هيستيريون، الذي كان يبتسم لي بحماس، بعيون حذرة.  

 

 

بالطبع، هيستيريون يبدو ودودًا ومبتسمًا على السطح، لكنه ليس من النوع الذي يظهر مثل هذا الود بدون سبب.  

 

 

 

“إذا انتهت مهمتك، لمَ لا تغادر، سمو ولي العهد؟”  

 

 

ظهر كارديان فجأة من الداخل، وقف أمامي، وتحدث إلى هيستيريون.  

 

 

ضحك هيستيريون بصوت عالٍ، كأنه توقع هذا، وأومأ برأسه.  

 

 

“حسنًا. لستَ بحاجة لطردي، كنتُ سأغادر على أي حال. لدي أمور لا يمكنني البقاء بعيدًا عنها طويلاً.”

 

  

“لو ذهبتَ في الوقت الذي تستغرقه لقول هذا، لكنتَ وصلتَ إلى القصر الآن.”  

 

 

“لا تكن قاسيًا جدًا. بالنسبة لرجل زاره الربيع، أنت تهب نسيمًا باردًا-”  

 

 

“هيستيريون ليير لاغراناسيا.”

 

  

نطق كارديان باسم هيستيريون الكامل بوجه بارد.  

 

 

لا يمكن نطق الاسم الكامل لولي العهد باستخفاف.  

 

 

لكن أن يُنادى باسمه الكامل…  

 

 

‘هل هذا تحذير بعدم تخطي الحدود؟’  

 

 

لكن، ماذا قال هيستيريون؟ 

 

 

شيء عن الربيع وكلام فارغ من هذا القبيل.  

 

 

لم أستطع فهم سبب غضب كارديان.  

 

 

لكن يبدو أن هيستيريون فهم، فهز كتفيه وغيّر الموضوع.  

 

 

“يا للأسف. لو كنتِ أنتِ معلمتي الخاصة، لما كنتُ مضطرًا للتعامل مع كل هذا التعقيد.”  

 

 

“ماذا…”  

 

 

“العربة جاهزة، لذا يمكنك المغادرة الآن، سمو ولي العهد.”  

 

 

“هاها، حسنًا. سأنتظر اتصالك، فكر جيدًا.”  

 

 

اختفى هيستيريون مثل الريح، وهو يتفوه بكلام غامض من البداية إلى النهاية، ويلوح بيده.  

 

 

‘عند التفكير في الأمر، يبدو هذا الرجل هو الأغرب.’  

 

 

في هذه الرواية، لا البطلة ولا البطل يبدوان طبيعيين.  

 

 

حسنًا…  

 

 

‘هل الشرير سيكون مختلفًا؟’  

 

 

التقطت عيناي بعيني كارديان في الهواء. 

 

 

وقف للحظة، ينظر في عيني، ثم أمال رأسه وقال:  

 

 

“… ادخلي.”  

 

“آه، نعم…”  

 

للحظة، شعرتُ كأن نظرته أسرتني.  

تبعتُ كارديان إلى الداخل.  

 

 

كالعادة، جلس خلف مكتبه، ووقفتُ أمامه لتقديم التقرير.  

 

 

فتحتُ شفتي لأبدأ تقرير درس فنسنت وفق الترتيب المحدد.  

 

 

“درس اليوم كان-”  

 

“لحظة.”  

 

 

لكنني لم أستطع إكمال جملتي.  

 

نظرتُ إلى كارديان، الذي قاطعني فجأة، بتعجب، فأشار برأسه وقال:  

 

 

“رفع رأسي للنظر إليك يؤلم رقبتي.”  

 

 

“… ماذا؟”  

 

 

” رقبتي تؤلمني.”  

 

 

حسنًا… وماذا أفعل؟  

 

 

لا أعرف ما هذه النقطة التي يتشبث بها الآن.  

 

“… إذن، هل أتراجع إلى الخلف؟”  

 

 

حاولتُ التراجع، لكنه هز رأسه.  

 

 

“لا، ليس هناك.”  

 

“…؟”  

 

“اجلسي هناك.”  

 

أشار بيده إلى مكان ما.  

 

نظرتُ إلى المكان وشهقتُ.  

 

كانت أريكة ضخمة وفاخرة لاستقبال الضيوف.  

 

بمعنى آخر، كانت مخصصة لأهم الزوار الذين يدخلون مكتب كارديان، ولم أجلس عليها ولو مرة واحدة.  

 

‘لم أفكر حتى في الجلوس عليها.’  

 

 

على أي حال، جئتُ فقط لتقديم تقرير الدرس، وكان ذلك المقعد ثقيلاً جدًا بالنسبة لي.  

 

 

“آه، أنا بخير.”  

 

 

“رقبتي ليست بخير.”  

 

“يمكنني التراجع إلى الخلف.”  

 

“سيكون ذلك بعيدًا وغير مريح.”  

 

لكن كارديان، كعادته، واصل التشبث بنقاط لا معنى لها.  

 

كنتُ أعلم جيدًا أنه في مثل هذه اللحظات، لا أحد يستطيع كسر عناد كارديان.  

 

ومع ذلك، كان الجلوس وحدي على تلك الأريكة الفاخرة بينما يجلس هو خلف المكتب للحديث أمرًا محرجًا جدًا.  

 

 

إذن…  

 

 

“حسنًا، اجلس معي، سيدي.”  

 

ربما إذا جلسنا وجهًا لوجه سيكون أقل إحراجًا.  

 

 

فكر كارديان في اقتراحي للحظة، ثم ابتسم بخفة.  

 

 

 

━━━━⊱⋆⊰━━━━