بدلًا من قداس الكاهن، لم يكن يُسمع سوى صرخات الغربان المشؤومة التي ملأت مراسم الجنازة الخاوية.
حتى الطقس كان غائمًا، مما جعل قاعة الجنازة تبدو أكثر كآبة من النظرة الأولى.
تحت حجاب أسود، كانت “ليفيا” تمسك بزنبقة بيضاء وتنظر إلى التابوت الذي أمامها.
وكان صاحب ذلك التابوت هو والدها.
«لأكون دقيقة، كان والدي في هذه الحياة.»
لم تمضِ سوى أسبوع واحد على انتحار والد ليفيا.
كان والدها، الذي عاش في رفاهية في السابق، قد خُدع من قبل صديق يثق به، وسرعان ما غرق في الديون.
وعندما عجز عن تحمّل الأمر، قرر أن ينهي حياته بيده.
أما ابنته، ليفيا بيلينغتون، فكانت أول من عثر على جثة والدها المتوفّى.
وبعد أن رأت جثمانه، فقدت وعيها من الصدمة.
وعندما فتحت عينيها مجددًا…
كانت قد استعادت ذكريات حياتها السابقة.
ولكي نوضح الأمر في هذه المرحلة، فإن ليفيا في حياتها السابقة كانت يتيمة، بل وكانت مصابة بمرض عضال.
فمنذ ولادتها، تم التخلي عنها أمام دار أيتام فقير، وبمجرّد دخولها إلى المدرسة المتوسطة، تم تشخيصها بمرض غير قابل للشفاء.
ولحسن الحظ، انتشرت قصتها عبر الإنترنت، وتدفّقت التبرعات، مما أمّن لها حياة على سرير المستشفى بذلك المال.
ولكن، بما أنها بدأت العيش في المستشفى منذ سنّ مبكرة، لم يكن هناك أي أحد إلى جانبها.
وفي النهاية، توفيت وحيدة وهي في عمر الرابعة والعشرين.
لكنها وُلدت من جديد.
وما بين الشخصيات الثانوية التي لا تظهر في رواية الفانتازيا الرومانسية التي قرأتها قبل وفاتها،
رُميت لتصبح تلك الشخصية المجهولة المعروفة باسم ليفيا بيلينغتون
والآن، لوصف حياة ليفيا بيلينغتون…
حتى وإن حاولت تلطيف الأمر، فلا يمكن أن تُسمى حياة مريحة.
نشأت ليفيا تحت رعاية والدها، رجل أعمال ناجح ومستقل، مفعم بالحب والدعم،
لكن مع دخولها الأكاديمية، انهار والدها، ومع ذلك بدأ حياتها كليفيا بيلينغتون تنهار تدريجيًا.
لو لم تكن تلك الكفالة المشؤومة من ذلك الوغد، لما حدث كل هذا.
الصديق المقرب الوحيد لوالدها، الكونت ليفر، كان يمر بضائقة في أعماله،
فطلب من والد ليفيا كفالة لمساعدته لمرة واحدة فقط.
والدها، الكونت بيلينغتون الطيب والساذج، وقع على الكفالة.
ولكن، كان كل ذلك مكيدة من الكونت ليفر ليُسدد ديونه عبر والدها،
وفي النهاية، أصبح الكونت بيلينغتون – الذي كان في السابق رجل أعمال ناجح – مفلسًا بين عشية وضحاها.
كان والدها يركض كل يوم حافي القدمين ليقترض فوائد، وكانت ليفيا تفعل كل ما بوسعها لمساعدته.
وفي الوقت نفسه، كانت تتعرض للتنمر في الأكاديمية.
وفي كل الأحوال، كانت حياة قاتمة باردة.
حدّقت ليفيا بلا هدف في التابوت الخشبي العادي، وفكرت بسخرية:
«لو كنت سأمتلك شخصية من كتاب، لكان من المفترض أن تكون شخصية ذات وزنٍ وأهمية أكبر.»
لم تكن ترغب أن تكون البطلة، ولكن حتى مع وضع ذلك جانبًا، هناك العديد من الأدوار الثانوية التي تنعم بالحلاوة والاهتمام.
«لماذا، من بين العديد والكثير من الشخصيات، أصبحت أنا ليفيا بيلينغتون، الشخصية الأكثر تفاهة؟»
لكن.
لم يكن الأمر كما لو أنها بلا شيء على الإطلاق.
اقتربت ليفيا من تابوت والدها، ممسكة زهرة زنبق بيدها.
كان التابوت، الذي لا يحمل حتى زهرة واحدة، يبدو وحيدًا جدًا
كان والدها طوال حياته شخصًا خجولًا لا ينسجم مع صورة رجل الأعمال الصارمة.
عندما يحتاج أحدهم إلى مال، كان يُخرج ما في جيبه دون تردد،
وعندما يحتاج آخر إلى ملابس، لم يتردد في أن يخلعها ويمنحها له بسخاء.
رغم أن العشرات ممن ساعدهم الكونت بيلينغتون كانوا على قيد الحياة،
لم يحضر منهم أحد جنازته.
فالكل كان مدركًا لسطوة الكونت ليفر، الذي جمع ثروته على حساب استنزاف والدها.
همست ليفيا بهدوء أمام التابوت:
«إلى اللقاء لاحقًا… سأساعدك، فقط قليلاً.»
خرج من صدرها صوت يحمل مرارة وحزنًا لم تشعر به حتى هي.
شعرت بالذنب لهذا الحقد في يوم جنازة والدها،
لكنها آمنت أن هناك من يجب أن يفهمها.
كانت وحيدة مرة أخرى.
ثم، وهمست لنفسها:
«في رحلتك الأخيرة، أتمنى أن تحظى بأحلام هادئة.»
مدّت يدها نحو التابوت، وأغمضت عينيها.
وبعد لحظات…
فجأة، انتشرت هالة فضية ناعمة من تحت كفّ يدها، تملأ المكان بنور خافت.
كانت تلك اللحظة التي اكتشفت فيها ليفيا، بعد تخرجها من الأكاديمية،
أنها تمتلك قدرة خاصة لا يملكها غيرها.
عندما كان والدها يتألم ولا يستطيع النوم بسبب مطاردة الدائنين،
حاولت إيقاظه، وفور رفع يدها، انبثق نور خافت من تحت كفها.
أحاط الضوء بجسد والدها، وعندما استيقظ قال إنه رأى حلمًا سعيدًا للغاية في تلك الليلة.
بعد أن حاولت مرارًا وتكرارًا، اكتشفت ليفيا أن قدرتها هي التحكم في أحلام الآخرين وتوجيهها إلى ما تشاء.
لم تكن تعرف سبب منحها هذه القدرة، فهي مجرد شخصية ثانوية في الرواية،
لكنها كانت ممتنة لها، لأنها على الأقل تمكنت من منح والدها حلمًا سعيدًا في نومه الأخير.
قالت في نفسها:
“هذه آخر هدية مني له.”
ملأت هالة من النور قاعة الجنازة المظلمة.
ومع ذلك، همست ليفيا بهدوء:
“كنت سعيدة لأن لي أسرة في هذه الحياة.”
حتى وإن كانت لحظة عابرة مثل حلم ليلة صيف.
بعد انتهاء مراسم الجنازة، جمعت ليفيا أمتعتها بهدوء، وخرجت من بوابة قصر عائلة بيلينغتون للمرة الأخيرة.
لقد تمكنت بالكاد من سداد ديونهم عبر بيع القصر الذي عاشوا فيه.
وفي اللحظة التي فكرت فيها أن هذه هي بداية حياة جديدة،
طَشّطَشَت قطرات دمٍ على ذقنها، تسقط على ملابسها.
حدّقت ليفيا بعيون فارغة إلى الدم الذي يتقطر على وجهها، وقالت في ذهول:
“ماذا…؟”
في يوم وفاة والدها، ظنت أن منحنى حياتها قد وصل إلى أدنى نقطة،
لكن شيئًا أسوأ كان ينتظرها.
قالو لها:< إنها مرض زهرة سحرية>
اندفعت ليفيا إلى الطبيب، تركض بلا توقف، يتقدّمها القلق ويلاحقها الخوف.
حتى تلك اللحظة، لم تُعر حالتها الصحية اهتمامًا كبيرًا.
ظنّت أن ما تشعر به لا يتعدّى التعب والإرهاق بعد وفاة والدها، والضغط النفسي أثناء ترتيبات الجنازة.
…هكذا كانت تظن.
«مرضٌ سحري؟»
ردّدت ليفيا كلمات الطبيب بدهشة، وقد ارتسمت على وجهها ملامح ذهول تام،
فهذا أول مرة تسمع فيها عن شيء كهذا.
أومأ الطبيب برأسه بوجهٍ جاد، ثم بدأ يشرح بنبرة ثقيلة:
«إنه مرض يشوّه تدفّق المانا داخل الجسد… ومعه، تبدأ علامات على شكل شامات غريبة بالظهور في أنحاء متفرقة من الجسم. يشبّهونه بالزهور، لذا سُمّي بهذا الاسم.»
ظلّ الطبيب يواصل شرحه الطبي المعقّد، لكن كلماتِه لم تصل إلى ليفيا،
فقد كانت أذناها لا تسمعان سوى صوت الخطر، والهاوية التي تنفتح من جديد تحت قدميها.
فجأة قاطعته، بصوتٍ يائس ولهفةٍ مرتجفة:
«لكن… يمكنك علاجه، صحيح؟»
نظر إليها الطبيب بنظرةٍ مشفقة، وكأن قلبه لا يحتمل أن ينطق بالحقيقة.
ثم، بعد لحظة صمت ثقيل، هزّ رأسه نافيًا.
«لا يوجد علاج معروف حتى الآن. يمكننا فقط إبطاء تقدّمه بالأدوية…
لكن في أفضل الأحوال، لن يصمد الجسد لأكثر من ثلاث سنوات…»
قفزت ليفيا من مقعدها فجأة، وكأن الأرض لفظتها.
لم يكن هناك جدوى من سماع المزيد.
«حدٌ زمني… من جديد؟»
هل هذا مزاحٌ ثقيل من القدر؟
ألم يكفها أن تكون يتيمة في حياتها السابقة؟
ها هي مجددًا تُلاحق بمرض يُنذر بنهاية وشيكة!
هزّت ليفيا رأسها، في رفضٍ صامت للواقع الذي يُفرض عليها عنوةً…
لكنها كانت تدرك، في أعماقها، أن هذه ليست النهاية — بل بداية صراع جديد.
هزّت ليفيا رأسها في إنكار صامت،كأنها ترفض تصديق ما تسمع
هذا غي ممكن… لا بدّ أن هناك خطأ ما.»
راودها ذلك الشعور القاطع، شعور يرفض تصديق التشخيص،
فقررت أن تبحث في مكانٍ آخر.
بلا تردّد، خطت خطوة للأمام… لكنها توقّفت فجأة عند عتبة الباب.
ظلت واقفة في مكانها، صامتة، عاجزة عن الحركة.
“………..”
وحين خرجت من العيادة أخيرًا،
كانت تحمل في يدها زجاجة دواء بيضاء.
🌚(ي قلبي عليكي )
جلست على مقعد خشبي في حديقة قريبة،
تحدّق في تلك الزجاجة الصغيرة بعينين يملؤهما القلق والتشتّت.
كان عليها أن تتناول قرصًا واحدًا يوميًا… دون أن تفوّت جرعة واحدة.
“هاه……”
زفرة طويلة انطلقت من صدرها، محمّلة بالخذلان، وكأنها لم تستوعب بعد هذه الحقيقة الصادمة.
“لم أسمع من قبل عن مرضٍ يُصيب الجسد بسبب تشوّه في تدفّق المانا…!”
ثم، فجأة، توقفت كلماتها.
مرّت فكرة عابرة في ذهنها، فتجمّدت في مكانها.
«لحظة…»
إن جوهر هذا المرض، كما أخبرها الطبيب،
هو اضطراب تدفّق المانا داخل الجسد.
فكّرت للحظة…
“إذًا، لماذا لا أنسجم مع هذا التدفّق… بدلًا من مقاومته؟”
لو سمع أحدهم هذه الفكرة، لسخر منها بلا شك،
ولقال:
“أتظنين أنك تتحكّمين بالمانا كما تُحرّكين يدك؟”
فالمانا ليست شيئًا يُمسك أو يُرى…
إنها طاقة طبيعية خالصة، لا تُطوَّع ولا تُغيَّر.
لكن…
“كنت أعلم أن هناك شيئًا يمكن تغييره!”
هتفت ليفيا بفرح، غير قادرة على كبح نشوة الانتصار التي اجتاحتها فجأة.
لقد ظهر ذلك التفسير لمحة عابرة في الرواية الأصلية «الجميع يحبّ القدّيسة»…
إرث دوق ميرسيدس.
العائلة الوحيدة في إمبراطورية تقدّس الإلهة، لكنها لم تؤمن بها قط، بل نالت بركة إله الشياطين.
كان إرث دوق ميرسيدس، المعروف أيضًا بـ عائلة القمر،
يملك القدرة على التحكم بكافة أنواع السحر في هذا العالم.
وبالتالي…
فمن المؤكد أنه يستطيع أيضًا التحكم بالمانا داخل الجسد!
علّقت ليفيا آمالها على هذا الأثر المقدّس، الأمل الوحيد لشفاء مرضها المميت.
ففي حياتها السابقة، لم تكن تملك حتى القدرة على تحريك يديها،
أما الآن… فمجرد وجود “فرصة للنجاة” كان كفيلًا بأن يزرع بداخلها حياة جديدة.
لكن… فرحة الأمل لم تدم طويلًا.
سرعان ما اصطدمت بحقيقةٍ قاسية:
إرث دوق ميرسيدس لا يمكن استخدامه إلا من قِبل الدوق الحالي نفسه.
بمعنى آخر…
دوق ميرسيدس هو الوحيد القادر على إنقاذها.
لكن المشكلة؟
أنه لم يكن سوى…
الشخصية الثانوية الشريرة الأشد ظلامًا في هذا العالم.
«هل سيكون الأمر بخير…؟»
تساءلت ليفيا في داخلها، بينما كانت تراقب خيوط المصير تلتف حولها.
كاردين ميرسيدس
الشرير الأخير، وأحد الشخصيات الثانوية في «الجميع يحبّ القديسة».
شخصية انتهت بالخراب، مدفوعةً برغبة جامحة في امتلاك البطلة سيليستينا.
اشتهر في العالم بلقب “المجنون”.
لكن الحقيقة… كانت مختلفة تمامًا.
كاردين كان يعاني من حمى المانا،
كان جسده يفيض بالطاقة السحرية لدرجة أن الصداع كان يمزق جمجمته،
واضطر أن يُدخن المهدئات يوميًا فقط ليبقى على قيد الحياة.
كانت حياته عذابًا دائمًا،
وكان يعيش لأنه لم يستطع أن يموت.
إلى أن ظهرت في حياته “القديسة سيليستينا”،
فأشعرته — ولأول مرة — بتحرر مؤقت من الألم.
كان ذلك الشعور أشبه بذوقٍ عابرٍ من الجنّة…
فبدأت أفكاره تُستهلك شيئًا فشيئًا، حتى انقلب إعجابه بها إلى هوسٍ وجنون.
وكانت نهايته… من أسوأ النهايات.
لكن بالنسبة لليفيـا، لم يكن ذلك هو المهم الآن.
المهم أنها وصلت إلى يقينٍ لا يقبل الشك:
“أنا بحاجة إليه.”
كاردين ميرسيدس…
كان الأمل الوحيد في شفائها.
لكن السؤال الأهم الآن:
كيف يمكنها الاقتراب من رجلٍ كهذا؟!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 1"