تنزيل التطبيق
الفصل 9 – 9
الفصل التاسع
لم أعد أتحمل! التفتُّ إلى السائق وصرختُ بغضب:
— قف! أريد الخروج من هذه السيارة حالًا!
ولكن إلياس، الذي كان يجلس بجانبي بوجه جامد كتمثال من الرخام، أمر السائق بلهجة آمرة:
—استمر في القيادة إلى القصر.
حدقت فيه في حالة من عدم التصديق وصرخت بغضب:
من تظن نفسك؟ لا يمكنك جرّي في الشوارع ككيس بطاطس! سأخبر والدي!
لكن لا… لا رد، لا اعتذار، ولا حتى نظرة ازدراء. كأنني مجرد ضجيج خلفي لا يستحق اهتمامه! حاولت فتح الباب، لكنه كان مغلقًا بإحكام. اللعنة، هل هذه مهمة اختطاف؟!
وصلنا أخيرًا إلى القصر. توقفت السيارة، وكان الليل قد أسدل ستائره. قبل أن أستوعب ما يحدث، خرج إلياس، وفتح باب سيارتي، وأمسك بمعصمي بقوة، وسحبني خلفه كطفل عنيد يرفض الذهاب إلى المدرسة!
-اتركني!
– تصرفي بعقلانية يا أروى.
عقلانيًا؟! أي منطق يسمح بهذا؟! حاولتُ طلبَ العون من الخدم، وأنا أنظر إليهم بتوسل، لكن… آه، هؤلاء الخونة! راقبونا بلا مبالاة، كما لو كنا مسرحيةً مجانيةً لتسليةهم.
وبمجرد دخولنا القصر، دوى صوته في القاعات:
– أين الدوقة؟
انتظر… الدوقة؟ هذا الرجل الوقح يقتحم منزلي هكذا؟ أجاب الخادم باحترام:
– إنها في غرفة الطعام يا سيدي.
سيدي؟! من هذا الرجل بحق الجحيم؟!
جرّني بقوة إلى الأمام. لم يكن هناك مفر، كأنني وقعت في فخّ لا مخرج منه. دخلنا غرفة الطعام، وهناك، كانت أمي جالسة بهدوء، تتناول عشاءها وكأن شيئًا لم يكن. ما إن رأت إلياس حتى أشرق وجهها فرحًا. قفزت من مقعدها وهرعت إليه.
يا بني! متى رجعت؟ ليه ما أرسلت لنا رسالة عشان نجهز القصر لوصولك؟
ثم احتضنته بحنان!
تجمدتُ في مكاني. بدا كل شيء وكأنه مشهد من رواية لم أقرأها من قبل. التفتُّ إلى أمي مصدومًا:
– أمي… من هذه؟
نظرت إلي وكأنني سألت سؤالاً أحمق، ثم ابتسمت بلطف:
– عزيزي، إنه أخوك الأكبر… إلياس.
…
لحظة. لحظة! هل سمعتُ ذلك جيدًا، أم أن أذني تخدعني؟ هذا الرجل المتغطرس… أخي؟!
التفتُّ إليه ببطء، أفحصه من رأسه إلى قدميه… أبحث عن أي تشابه بيننا، لكن لا شيء! كنت متأكدًا أنني لم أُختطف منذ ولادتي! هذا الرجل… هو نفسه الذي جرّني من المطعم بقسوة، الذي أهان السيد ريبينت بلا سبب؟!
حاولت أن أستعيد رباطة جأشي، وتماسكت، ثم قلت ببرود:
– أهلا بك مرة أخرى أخي العزيز.
استدرتُ فورًا وغادرتُ الغرفة. لم أستطع البقاء هناك ثانيةً أخرى؛ فكمية الإذلال التي تحمّلتها الليلة كانت كافيةً لأسبوعٍ كامل.
وبينما كنت أسير في الممر الطويل، بدأت أفكاري تتسابق…
إلياس دي فاليسكا… لم يكن اسمه غريبًا. كان… البطل الرئيسي في هذه الرواية! هو من تزوج البطلة إيناس!
إذن… لو كان هذا واقعًا، فهذا يعني أن الرواية قد انتهت. لكنه لا يزال هنا… ولديه طفلان الآن. آه، تذكرت! اسماهما سيلفستر وسيلتر.
حسنًا، على الأقل القصة انتهت، ولن أضطر إلى التعامل مع—
– أروى، توقفي هنا.
تجمدتُ في مكاني. لا، لا، لا، لم يكن ذلك الصوت مُبشرًا. استدرتُ ببطء، وقبل أن أنطق بكلمة، وجدتُ نفسي فجأةً بين ذراعيه.
…انتظر؟! ماذا يحدث؟!
إلياس، نفس الرجل الذي جرني مثل كيس البطاطس في وقت سابق، كان يعانقني الآن؟!
– أنا آسفة يا أختي الصغيرة…
رفعتُ رأسي ونظرتُ إليه بصدمة. هل قال حقًا “أنا آسف”؟ هل سمعتُ ذلك بشكل صحيح؟ هل دخلتُ بُعدًا موازيًا؟
– لقد كنت أتابع حالتك عن طريق والدي، ولكن لم يخبرني أحد أنك استيقظت… أنا سعيد أنك بخير.
تلاشى صدمتي للحظة، ثم شعرتُ بشيء غريب… هل كان… قلقًا؟ هل كان هذا الرجل القاسي القلب قلقًا عليّ حقًا؟
نظرت إليه وابتسمت بخفة.
– لا بأس، أنا قوية.
لأول مرة، شعرتُ أن القصة ربما… ربما فقط… لم تنتهِ بعد. لا يزال هناك المزيد، وما زلتُ جزءًا منها.
—
عندما فتح إلياس باب الجناح، لم أكن أتوقع أن أواجه جيشًا صغيرًا من السحر الأرستقراطي المصقول.
قبل أن أتمكن من استيعاب أي شيء، انطلق طفلان نحونا مثل الرصاص الموجه مباشرة إلى قلب والدهما.
الأول – صبي ذو ملامح مألوفة بشكلٍ غريب. عينان باردتان تعكسان برودةً لا تتناسب تمامًا مع دفء ابتسامته، وشعر أسود فاحم يلمع تحت الإضاءة الخافتة. بدا كنسخة مصغّرة من إلياس، ببشرة بيضاء كريمية وملامح حادة… ولكن بطريقة طفولية لا تُقاوم.
كان الآخر نقيضه تمامًا – مخلوق ناعم كالقطن، ذو خدود وردية وعيون زرقاء جليدية، لكن بشعر بني فاتح أضفى عليه لمسة حالمة. بدا كدمية فاخرة صُنعت لتداعبها الأيام برفق.
توقفت عن التحديق عندما لاحظت ملابسهم.
يا إلهي… هؤلاء الأطفال خرجوا مباشرة من كتالوج أرستقراطي من قرن مضى!
الأول، سيلفستر، ارتدى بذلة زرقاء داكنة مصنوعة من الصوف الناعم الممزوج بالحرير. بدا كدوق صغير، بجواربه الحريرية البيضاء وحذائه الجلدي الأسود المصقول. تلألأت أزرار سترته الذهبية، وكأنها تُعلن: “انحنِ أيها العالم، الأمير قادم!”
أما الأصغر، سيلتر، فكان أشبه بملاك صغير منحوت ليذيب القلوب. بدلة مخملية داكنة مزينة بدانتيل رقيق عند الأكمام وياقة مطرزة بخيوط ذهبية – بدا كأمير ضائع من قصة خيالية. كان جذابًا لدرجة أنني شعرت برغبة عارمة في قرص خديه… لكنني قاومت. بالكاد.
وقف سيلفستر أمامي، مُشعًّا بثقةٍ تفوق سنوات عمره السبع. مدّ يده كرجل أعمالٍ على وشك إتمام صفقةٍ بمليون دولار.
– كيف حالك يا عمتي؟
لقد جعلني نبرته الرسمية أشعر وكأنني فجأة في قصر كبير، تحت أعين محكمة نبيلة تنتظر ردي.
لقد تجمدت لثانية واحدة قبل أن أنفجر ضاحكًا وأحتضنه بشكل غير متوقع، مما أدى إلى تحطيم واجهته الجادة على الفور.
يا حبيبتي! أنتِ أجمل طفلة رأيتها في حياتي!
شعرتُ بتيبس جسده للحظة، ثم احمرّ وجهه من الخجل. لكنه سرعان ما استعاد رباطة جأشه وقال بأدبٍ قد يخجل الكبار:
– وأنت جميلة جدًا يا عمتي.
ضحكتُ، ولم أستطع مقاومة حمل سيلتر أيضًا. كان كجرو صغير خجول، متشبثًا بي كما لو كنتُ ملاكه الحارس.
– وأنت يا صغيري، ما اسمك؟ سألته بلطف، لكنه لم يُجب. اكتفى بنظرةٍ واسعةٍ إليّ… كأنه يرى ملاكًا، لا خالةً.
في تلك اللحظة، تقدمت شابة. كانت ترتدي فستانًا ورديًا بسيطًا، وتنورة تصل إلى كاحليها، وشعرها مربوط بعناية إلى الخلف كامرأة راقية.
– اسمه سيلتر، قالت بهدوء.
– اسم جميل… وأنت؟ سألتُ وأنا أُنزل سيلتر برفق.
مدت يدها لمصافحتها، ولكن دون تفكير، قمت بجذبها إلى عناق سريع، مما جعلها تتجمد من الصدمة.
– أنا أروى، أخت إلياس الصغيرة! قلتُ بمرح وهي لا تزال تستوعب اللحظة.
– أوه… أوه… حسنًا… تلعثمت، وابتسمت بعصبية، مما جعلني أضحك أكثر.
– حسنًا، هذه هي المرة الأولى التي أقابل فيها زوجة أخي.
ابتسمت بهدوء وقالت: كنتَ مريضًا طوال هذه المدة، ولم تُتح لنا فرصة التعرف على بعضنا البعض. لكن… إلياس يتحدث عنك دائمًا.
توقفتُ، أتأمل العائلة الصغيرة أمامي – إلياس وزوجته وأطفاله. بدوا كمشهد من فيلم رومانسي، عائلة مثالية لا تبدو وكأنها تنتمي إلى هذا العالم الفوضوي.
لقد شعرت بجذب غريب في قلبي.
يا إلهي… أبطال قصة أروى كانوا يعيشون نهايتهم السعيدة… وها أنا ذا أشاهد القصة تتكشف.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 9"