تنزيل التطبيق
الفصل 7 – 7
الفصل السابع
مرّ اليوم في لمح البصر، وقبل أن أنتبه، تسللت شمس الصباح من خلال ستائر غرفتي الثقيلة. فتحت عينيّ ببطء، واستعدت وعيي ببطء، كما لو كنت عالقًا بين حلم هادئ وواقع بعيد المنال.
نهضتُ من سريري وتوجهتُ مباشرةً إلى الحمام، تاركةً الماء الدافئ يغسل بقايا النوم، كما لو كان يُطهّرني من ثقل الماضي الذي كان يثقل كاهلي. بعد قليل، وصلت الخادمة، تحمل بين ذراعيها ثوبًا جديدًا – ثوبًا خاطه لي خصيصًا في مشغل العائلة.
رفعتُ شعري للخلف على شكل ذيل حصان متوسط، تاركةً غرةً ناعمةً تنساب برفق على جبهتي. وضعتُ لمسةً من مرطب الشفاه، فأضفت على شفتيّ لونًا ورديًا فاتحًا. عندما عرضت عليّ الخادمة وضع بعض المكياج، رفضتُ دون تردد. لم يكن في وجهي ما يحتاج إلى تجميل؛ كانت بشرتي مشرقةً كما هي، لا شيء يُخفيها.
ارتديت فستاني الجديد، وهو تحفة فنية من الصناعة اليدوية الدقيقة:
• صُنع الصدرية من قماش أبيض شفاف، يتميز بفتحة رقبة عالية مزينة بكشكشة رقيقة، مما يضيف لمسة ملكية رقيقة.
• الأكمام الطويلة المنتفخة قليلاً تضيق إلى أطراف الأكمام الملائمة حول معصمي، مما يعزز من أناقة الفستان.
• كان مشد يشد خصري، مزين بأزرار صغيرة وشريطين من الساتان يوحيان بجو من الرقي.
• تدفقت التنورة برشاقة، مكونة من طبقات خفيفة وشفافة بلون أزرق سماوي ناعم، مزينة بأنماط زهرية باهتة، مما جعلني أبدو وكأنني أميرة خرجت للتو من قصة خيالية.
• اللمسة النهائية: تم تثبيت زهرة صغيرة على كتفي – وهي تفاصيل بسيطة ولكنها رائعة أبرزت جمال الفستان.
وبعد أن انتهيت، تناولت كوبًا سريعًا من القهوة.
لم يكد يلمس شفتي حتى رن الهاتف بنبرة مألوفة. مونيكا.
– “أنا في طريقي إلى العقار. أسرع.”
وضعت الكأس جانبًا وهرعت إلى الخارج، لكنني لم أستطع الهروب قبل أن أصطدم بأمي على الدرج.
– “هل سيأتي مونيكا وويليام ليأخذوك؟” سألت بصوت هادئ، على الرغم من وجود أثر للقلق مخفي في داخله.
أومأت برأسي وأجبت: “نعم يا أمي”.
مدت يدها إلى محفظتها الجلدية الأنيقة، فتحتها بحرص، وأخرجت منها بعض النقود. ثم، بلمسة رقيقة، وضعت الأوراق النقدية في يدي كما لو كانت تضع قطعة من قلبها.
— “احتفظ بهذا. قد تحتاجه.”
نظرت إليها بابتسامة امتنان. “شكرًا لكِ يا أمي.”
لكنها لم تتوقف عند هذا الحد. عادت إليها صرامة الأم الصارمة وهي تقول: “الساعة الخامسة. أريدك أن تعود”.
“نعم، أعدك.” قبلت خدها برفق قبل أن أبتعد.
عندما دخلتُ من بوابة العقار، شعرتُ وكأنني أستعيد جزءًا من حريتي المسلوبة. كانت هذه أول مرة أغادر فيها العقار منذ أن تجسدتُ في هذا الجسد. لم تكن مجرد رحلة قصيرة، بل كانت خطوة نحو كسب ثقتهم، نحو التحرر من القيود التي فرضوها على حياتي.
توقفت أمامي سيارة ذات لون كريمي، وكان محركها يصدر صوتًا هادئًا، يذكرني بالسيارات الفاخرة المبكرة التي مثلت بداية صناعة السيارات.
انفتحت النافذة، لتكشف عن ابتسامة مونيكا الواثقة.
– “تعالي ادخلي يا فتاة!” قالت بحماس.
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن أدخل إلى الداخل، دون أن أدرك أن هذه الرحلة لن تكون مجرد نزهة عادية، بل بداية لشيء لم أتوقعه أبدًا.
بينما كنتُ أستقر في السيارة، رحّبتُ بويليام، خطيب مونيكا. كان رجل أعمال فرنسيًا، تاجر مجوهرات معروفًا، لكن لم يكن في مظهره ما يُلفت الانتباه. رجلٌ هادئ الطباع، مهذب، ومع ذلك عاديٌّ.
ومع ذلك، لم يستطع إخفاء الإعجاب في عينيه كلما نظر إلى مونيكا. أمطرها بكلمات حلوة طوال الرحلة، مما جعلني أشعر وكأنني دخيل في عالمهم – غير مرئي، مجرد ظل في المقعد الخلفي.
لكن مونيكا، وكأنها قرأت أفكاري، قررت كسر هذا الجو الرومانسي المبالغ فيه. التفتت إليّ بابتسامة ماكرة وقالت:
— “أورورا…”
رفعت حاجبي ببطء، متظاهرًا بأنني لم أسمعها.
– “هاه؟”
ضحكت مونيكا بخفة قبل أن تستمر:
– “حسنًا، ريب سيقابلني لاحقًا في مطعم موزمير.”
كان هناك شيء غريب في نبرتها.
— “ممم…؟”
وتابعت وهي تتظاهر باللامبالاة:
سأترككِ مع أخي لأريكِ المدينة بينما أذهب في موعدي مع ويليام. أنتِ تعلمين مدى صرامة والدي، لذلك اضطررتُ إلى الكذب كذبةً بيضاء.
لقد شعرت برغبة عارمة في لف شعري حول أصابعي لإخفاء انزعاجي، ولكن بدلاً من ذلك، أعطيتها نظرة باردة وقلت:
– “افعل ما يحلو لك.”
لكن في أعماقي، كنت أتمنى أن أتمكن من الانتقام منها بسبب هذه الخدعة السخيفة.
عندما وصلنا إلى المطعم، نزلت برفقة مونيكا وويليام.
— «إلى اللقاء! استمتع بوقتك!» نادت مونيكا ولوحت بيدها قبل أن تنطلق مع ويليام في سيارتهما.
أخذتُ نفسًا عميقًا. حسنًا، أخيرًا وجدتُ نفسي وحدي. تطلعتُ حولي بحماس، ورغبتُ في تجربة المطاعم الفاخرة التي لم أقرأ عنها إلا في الروايات.
بمجرد أن جلست، اقتربت مني نادلة شابة بابتسامة مشرقة.
– “ماذا تريدين أن تطلبي يا آنسة؟”
ألقيتُ نظرةً على القائمة، كانت مليئةً بأطباقٍ رائعةٍ لم أرَ مثلها من قبل. لكن عينيّ وقعتا على الحلويات.
“كعكة كريمة الفراولة والشاي بالحليب.”
أومأت النادلة برأسها بأدب وانصرفت. شعرتُ بنشوةٍ عارمة، وأنا أتخيل نفسي بطلة قصةٍ فاخرة، تستمتع بوقتها في مطعمٍ راقٍ.
وصل طلبي، وبدأتُ أتناول الحلوى بسعادة. رفعتُ ملعقةً إلى فمي، لكن ما إن رفعتُ نظري حتى تجمدتُ في مكاني.
وكان هناك رجل يجلس أمامي.
رجل في الثلاثينيات من عمره، يرتدي قميصًا بيج وسترة ملفوفة على كتفيه بأسلوب كلاسيكي. شعره الأسود يُحيط بعينين حادتين صفراوين ذهبيتين – عينان كعيني ذئب، مليئة بالثقة والتدقيق.
كان وسيمًا. بل والأهم من ذلك، كان حضوره يهيمن على المكان بأكمله.
– “كيف حالك يا آنسة أورورا فاليسكا؟”
كان صوته عميقًا وحازمًا، يحمل سرًا لم أستطع فهمه تمامًا.
حاولت معالجة الوضع.
— “من أنت؟ ولماذا تجلس هنا دون دعوة؟ هل أعرفك يا سيدي؟”
ابتسم الرجل. لم تكن ابتسامة عادية، بل مزيج من التسلية والغموض.
– “حقا؟ يبدو أنك فقدت ذاكرتك حقًا.”
اتكأت إلى الخلف قليلًا في مقعدي.
— “أنا ريفت ديالي، الابن الأكبر لعائلتي والأخ الأكبر لمونيكا.”
أخذت نفسا حذرا.
— “أعلم ذلك، ولكن…”
لقد قاطعني بإبتسامة خفيفة.
– “أرسلتُ إليكَ رسالةً أعترفُ فيها بمشاعري، لكنكَ لم تُجب. لهذا السبب طلبتُ من مونيكا أن تُحضركَ إلى هنا.”
اتسعت عيناي من الصدمة. كلماته جعلتني أشعر بالقلق.
— “أنا آسف… لم أقصد تجاهل رسالتك، ولكن…” زفرتُ ببطء قبل أن أواصل، “لستُ مستعدًا لعلاقة وأنا لا أعرف حتى ما يخبئه لي المستقبل. لا أتذكر حتى من أنا. كيف لي أن أفكر في الحب الآن؟ لكن إن أردتِ، يمكننا أن نصبح أصدقاء.”
توقفت للحظة قبل أن أضيف بنبرة أكثر حدة:
– “ولا تنسوا أنني مازلت دون السن القانوني للقيام بشيء كهذا.”
ضحك ريفت بخفة.
— “حسنًا. سأقبل عرض الصداقة، آنسة أورورا.”
ثم انحنت شفتيه في ابتسامة مرحة.
– “هل يمكنني أن أناديك ريري؟ أعتقد أنه يناسبك أكثر.”
وضعت قطعة من الكعكة في فمي ولوحت بيدي رافضًا.
– “افعل ما يحلو لك.”
حدّق بي بصمت. كان هناك شيءٌ ما في عينيه، شيءٌ لم أستطع فهمه تمامًا.
ثم فجأة، مد يده ومسح بلطف بأطراف أصابعه على خدي، ومسح أثرًا صغيرًا من الكريم بالقرب من شفتي.
بدا وكأن الزمن توقف للحظة. نظراته، لمسته العابرة، ودفء أنفاسه القريبة…
لكنني ابتعدت بسرعة، وشعرت بعدم الارتياح.
خفض ريفت يده كما لو كان يحاول التصرف بلا مبالاة.
– “آسف، كان هناك كريم على خدك.”
ثم في محاولة لتغيير الموضوع أضاف بابتسامة خبيثة:
– “بالمناسبة، كنت تبدو مثل الباندا الذي يأكل دون أن يلاحظ!”
ضحك بهدوء بينما وجهت إليه نظرة حادة، أدركت أنه كان يحاول تشتيت انتباهي عن اللحظة التي شاركناها للتو.
ولكن… هل نجح حقا؟
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 7"