الفصل 20 – 20
كانت نبرته حازمة، لكنها حملت صدقًا مؤلمًا. لم يكن كايل ينوي أن يكون سببًا في بؤس أحد، ولم يكن يرغب في تكرار الماضي.
تنهد دينيس، ثم مدّ يده ليضعها على يد ابنه في لفتة هادئة. وقال بصوت أبوي دافئ: “لا أطلب منك أن تحبها الآن، لكن على الأقل امنحها فرصة. امنح نفسك فرصة. سأسمح بتمديد فترة الخطوبة، لتتمكن من المجيء إلى هنا والعيش معك لفترة.”
التفت كايل ببطء نحو والده، وعقد حاجبيه في استياء.
“تعيش معها؟”
نعم يا بني، لفترة مؤقتة فقط. لا أحد يطلب منك اتخاذ قرار فوري، ولكن ربما – ربما فقط – قد يتغير تصورك لها. ربما تدرك أنها تستحق مكانًا في حياتك.
ظل كايل صامتًا، رغم أن قلبه كان يصرخ رافضًا. لكن عقل والده كان يعرف تمامًا كيف يزرع بذرة الشك في نفسه.
تابع دينيس حديثه بابتسامة لطيفة، وهو يربت على يد ابنه مطمئنًا: “فكّر في الأمر يا بني. ليس من أجل أي شخص آخر، بل من أجلك. وأيضًا…”
رفع بصره إلى ابنه، وعيناه مليئتان بشوقٍ قديم. “أريد رؤية أحفادي يا كايل. لم تعد ذلك الصبي الصغير الذي كان يركض في أروقة القصر. عليك أن تفكر في هذا الأمر بجدية.”
ومرت لحظات ثقيلة بينهما قبل أن ينهض كايل من مقعده، حاملاً معه فنجان قهوته، ويمشي نحو النافذة الكبيرة المطلة على حدائق القصر.
كان ينظر إلى السماء الصافية وكأنه يبحث عن إجابة، ولكن في أعماقه كان يعلم أن هذه ليست معركة يمكنه الفوز بها بسهولة.
لم يكن هذا مجرد ارتباط، بل كان بداية لشيء يمكن أن يغير حياته بالكامل… شيء لم يكن مستعدًا له.
—
قرار لا رجعة فيه
وقف كايل أمام المرآة، يحدق في انعكاسه بتأمل عميق. فرك وجهه بيديه بقوة كما لو كان يحاول محو ما سمعه للتو. تنهد بعمق، ثم همس بصوت خافت يكاد يكون همسًا:
“أمي، هل حقًا لن تغيري رأيك؟”
كان يعلم جيدًا أن والدته لن تتراجع بسهولة. في الواقع، لم يحتج حتى للتفكير مرتين ليدرك هوية المرأة التي أُجبر على خطبتها. لقد اكتشف مؤامرة والدته منذ البداية، لكنه لم يتوقع أبدًا أن تُقحم الإمبراطور نفسه في شؤونه الشخصية.
“ألم يكن كافيا أن تتدخل في كل تفاصيل حياتي – كان عليك أن تجعل عمي يصدر قرارا باسمي أيضا؟”
ترددت كلماته في الغرفة، لكنه لم يكن بحاجة إلى إجابة.
لقد كانت الحقيقة واضحة، واضحة كوضوح شمس الظهيرة.
على الجانب الآخر: البطلة تستيقظ من نومها
على بُعد أميال، في جناحها الفاخر في قصرها، كانت أروى غارقة في نوم عميق، لا يزعجها سوى ضوء الشمس المتسلل عبر النوافذ العالية، مخترقًا جفنيها المغمضتين. نامت بسلام كطفلة صغيرة، رأسها مدفون في وسادتها الناعمة، وتنفسها منتظم وهادئ.
دخلت والدتها، إليونورا، الغرفة، وفتحت الستائر بنشاط. غمر الضوء المكان، كاشفًا عن ديكوره الدافئ ذي اللونين الوردي والكريمي.
“يا لها من فتاة كسولة أنت!” قالت إليونورا بابتسامة وهي تسحب الغطاء عن ابنتها.
أطلقت أروى أنينًا من النعاس، وهي تتشبث بالبطانية وكأنها درع يحميها من العالم الخارجي.
إلى متى تنوين البقاء على هذا الحال يا آنسة؟ ستنتقلين إلى منزل زوجك قريبًا، وعليك تغيير عادات نومك هذه!
تمتمت أروى بنعاس وهي تحاول استعادة غطاءها المفقود: “أمي، أرجوك… لم أنم طوال الليل…”
لكن والدتها لم تكن متساهلة في مثل هذه الأمور. وضعت يديها على وركيها، وقالت بحزم: “استيقظي الآن. عمتكِ سارة قادمة على العشاء الليلة، وعليكِ الاستعداد لاستقبالها. لديها أمور مهمة لتناقشها معكِ.”
فتحت أروى عينيها ببطء، محاولة استيعاب كلمات والدتها، ثم زفرت باستسلام، “حسنًا، حسنًا… سأستيقظ.”
ابتسمت إليونورا بارتياح، ثم أضافت وهي تتجه نحو الباب، “ولا تنسي الاستحمام وارتداء هذه الملابس.”
ألقت أروى نظرة على الزي الذي اختارته لها والدتها – تنورة طويلة كحلية أنيقة وبلوزة بسيطة بلون كريمي. تمتمت بانزعاج: “حسنًا…”
لكن إليونورا لم تستطع مقاومة غرائزها الأمومية. اقتربت من ابنتها وربتت على خدها الوردي بلطف. “أنا سعيدة جدًا لأن ابنتي ستكون زوجة ابن جيدة.”
عبست أروى، وهي تفرك خدها المتألم قليلاً. “أمي، أنتِ تؤلمينني…”
ضحكت إليونورا وهي تسحب يدها وتتجه نحو الباب. “لا تتأخر كثيرًا.”
“لن أفعل ذلك” أجابت أروى بكسل.
توقفت أمها عند الباب وسألت: “هل أرسل لك خادمة لمساعدتك؟”
الآن، بعد أن شعرت بمزيد من اليقظة، هزت أروى رأسها. “لا يا أمي، لستُ طفلة. أستطيع—”
—
العناية بنفسي
ابتسمت إليانور وأومأت برأسها، “حسنًا، افعلي ما تريدين. ولكن تأكدي من تقديم نفسكِ بشكل لائق أمام عمتكِ.”
ثم رحلت تاركة أروى وحدها مع أفكارها.
—
الاستعداد للعشاء: لحظة إدراك جديدة
بعد الاستحمام لأول مرة دون مساعدة الخدم، شعرت أروى باستقلالية لم تختبرها من قبل. كان هذا حمامها الخاص، خيارها الخاص، وكأنها تتمتع لأول مرة بحرية اتخاذ القرارات في هذا العالم الجديد.
ارتدت ملابسها بعناية، واختارت القليل من الماكياج، مع لمسة خفيفة من مرطب وردي، وشذبت حواجبها برفق. ثم ربطت وشاحًا أسود حول رأسها كعصابة رأس أنيقة.
عندما انتهت من تجهيز نفسها، نظرت إلى انعكاسها في المرآة. ملأ عطرها الخاص الغرفة؛ لم يكن ذلك العطر مجرد عطر، بل بصمة شخصية، جزءًا من هويتها الجديدة.
تنهدت بهدوء وهي تفكر، “لم أخبرهم رسميًا بقرارتي بعد، لكن… لقد وافقت بالفعل، أليس كذلك؟”
—
ثم غادرت الغرفة ونزلت الدرج الطويل المؤدي إلى غرفة الجلوس، حيث كانت والدتها تجلس بجوار عمتها سارة، يتبادلان الحديث والضحك.
—
لقاء العمة سارة
عندما دخلت أروى الغرفة، ابتسمت بأدب ثم انحنت قليلاً وهي تحييهم:
كيف حالك يا صاحب السمو؟ أتمنى ألا تكون رحلتك إلى قصرنا متعبة.
رفعت سارة رأسها مبتسمة وعيناها تلمعان بالعاطفة:
يا عزيزتي، لم تكن الرحلة مُرهقة إطلاقًا، خاصةً بعد رؤيتك. الآن أشعر بسعادة حقيقية.
ابتسمت أروى بخجل وجلست بجانب والدتها، بينما واصلت السيدتان حديثهما عن الحياة، وعن كايل، وكيف كان منذ الطفولة.
استمعت أروى بصمت، وهي تلاحظ كيف دارت جميع النقاشات حول شخص واحد فقط… كايل. الرجل الذي أصبح فجأة محور حياتها، مع أنها لم تُحدد بعد رأيها فيه.
عندما انتهى الحديث العام، التفتت إليها سارة بجدية:
“أروى، لقد تلقيت رسالة من الإمبراطور.”
شعرت أروى أن قلبها ينبض بقوة.
“نعم…”
“ماذا تعتقد؟”
ترددت للحظة، ثم شعرت بدفء يتسلل إلى وجهها. لم تكن معتادة على مثل هذه المحادثات.
ابتسمت سارة بلطف وقالت: “كأم، كان عليّ أن أفكر في مستقبل أطفالي. ولهذا السبب وجدتك الخيار الأفضل”.
ثم أضافت بحرارة: “لقد جئت إلى هنا اليوم لأسمع إجابتك بنفسي”.
وضعت أروى خصلة من شعرها خلف أذنها بتوتر، ثم همست بصوت هادئ:
“عمتي، في البداية، عندما رأيت الرسالة، اعتقدت أنها مجرد مزحة… ولكن…”
سارة وكأنها تقرأ أفكارها، تحركت لتجلس بجانبها وأمسكت بيديها بلطف:
“ما الفرق؟ عيناك تخبرني أنكما متفقان بالفعل.”
ظهرت ابتسامة خجولة على شفتي أروى.
“عمتي، كنت مترددة… ولكن أعتقد أنني أفكر في الأمر بجدية الآن.”
ضحكت سارة بحرارة وربتت على كتفها:
“هذا هو الجواب الذي كنت أبحث عنه، عزيزتي.”
وهكذا، وبدون أن تدرك أروى ذلك تمامًا، اتخذت خطوتها الأولى نحو مستقبل لم تتخيله أبدًا… مستقبل سيكون أكثر تعقيدًا مما توقعت.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 20"