تنزيل التطبيق
الفصل 11 – 11
الفصل الحادي عشر
بعد سقوطي على الأرض في هزيمة مهينة، وبينما كان الجميع يضحكون، سمعت صوتًا مميزًا يتردد صداه عبر الجناح – خشخشة معدنية ناعمة، تليها نقرات خفيفة على الأرضية الرخامية.
“أوه، لا…” تمتم إلياس، وكان وجهه يظهر شيئًا مثل الإرهاق الاستباقي.
التفتُّ بحذر، فوجدتُ مجموعةً صغيرةً من الخدم تقترب منا، يحملون صندوقًا خشبيًا أنيقًا محفورًا عليه رموز ذهبية. فتح أحدهم الغطاء بحركةٍ بطيئةٍ ومسرحية، كاشفًا عن بندقيتين مصقولتين مزخرفتين بنقوشٍ ملكية.
“ما هذا؟!” سألت في دهشة، وأنا أحدق في الأسلحة التي تبدو وكأنها خرجت للتو من متحف تاريخي فاخر.
سيلفستر، الذي كان لا يزال واقفا مثل جندي صغير، وضع يديه على وركيه وقال بفخر، “إنها بداية عصر البندقية، يا عمتي”.
يا إلهي، هذا الطفل يتحدث مثل قائد عسكري.
تنهد إلياس ببطء، كأنه كان يعلم بقدوم هذا اليوم. “نعم، لقد قرروا أنهم الآن في سن كافية لتعلم فن الرماية.”
“رماية؟!” نظرتُ إلى سيلفستر وسيلتر – أحدهما متحمس والآخر متردد – وقلتُ: “لكنكما مجرد طفلين صغيرين! ألا يجب أن تلعبا بالدمى؟”
رفع سيلفستر حاجبه كأنه مستاءٌ للغاية. “نحن لا نلعب بالدمى يا عمتي. نحن نتدرب لنكون ورثة أقوياء.”
“حسنًا، بالطبع… ورثة أقوياء…” تمتمت، وأنا لا أزال أحاول استيعاب ما كان يحدث.
لكن قبل أن أتمكن من الاعتراض أكثر، التقط سيلفستر إحدى البنادق، ممسكًا بها بثباتٍ لا يُصدق لطفلٍ في السابعة من عمره. أما سيلتر، فقد أمسك سلاحه كما لو كان دميةً زجاجيةً هشة، وكان تعبيره غامضًا.
تقدمت إيناس، التي كانت تراقب بصمت، وقالت بصوت هادئ ولكن حازم: “يا صغيرتي، هل أنت متأكدة من أن هذه فكرة جيدة؟”
لم يرفّ سيلفستر جفنه. “أجل، آنسة إيناس، لقد تدربنا مع والدنا، ونحن مستعدون.”
وبعد ذلك، وبكل ثقة، وجه البندقية نحو هدف خشبي في الطرف الآخر من الغرفة وسحب الزناد.
انقر!
لم يكن صوت الرصاصة حقيقيًا، كانت البندقية للتدريب فقط.
ومع ذلك، قفزت قليلاً في مكاني، بينما ظل سيلفستر هادئًا تمامًا وكأن شيئًا لم يحدث.
ابتسم إلياس، الذي كان يميل على الحائط وذراعيه متقاطعتان، وقال بسخرية: “هل كنت تعتقد حقًا أنني سأسمح لطفلين باللعب بالأسلحة المحشوة؟”
تنفستُ الصعداء، لكنني لم أكن مستعدًا للتخلص من صدمتي بعد. “ماذا بعد؟ هل سيتدربون بالقنابل اليدوية الأسبوع المقبل؟!”
وقال سيلفستر، الذي لا يزال يحمل بندقيته بثقة لا تتزعزع، ببراءة: “في الواقع، لدينا جلسة تدريب صغيرة على المدفعية في غضون أسبوعين”.
لقد كاد أن يصاب قلبي بنوبة قلبية، حتى لاحظت البريق المشاغب في عينيه.
“هل أنت تمزح الآن؟!”
“ربما.” ابتسم ابتسامة جانبية، من الواضح أنه يستمتع بإزعاجي قليلاً. “لكن لا تقلقي يا عمتي، لن نطلق عليكِ أي شيء… عمدًا.”
حدقت فيه بصدمة، بينما كان سيلتر، الذي لا يزال ممسكًا ببندقيته وكأنها أثقل منه، يتراجع خطوة إلى الوراء ويقول بخجل: “لا أريد أن أطلق النار على العمة أروى… إنها…
“أوه، هذا الطفل ملاك!” قفزت نحوه وعانقته بقوة، بينما كان يتلوى، محرجًا من كل هذا الاهتمام.
“حسنًا، حسنًا!” قاطعه إلياس، وهو يدفع نفسه بعيدًا عن الجدار ويتقدم نحونا. “كفى تدريبًا عسكريًا لهذا اليوم. سيلفستر، سيلتر، أعدا الأسلحة إلى مكانها.”
دار سيلفستر بعينيه قليلاً لكنه أطاع، بينما وضع سيلتر البندقية كما لو كانت قطعة زجاج هشة، خائفًا من أن تتحطم بين يديه.
أخيرًا، بدا أن كل شيء عاد إلى طبيعته – أو على الأقل هذا ما كنت أعتقده… حتى سمعت طرقات سريعة على الباب، تلاها صوت خادم لاهث:
سيدي إلياس! وصلت رسالة عاجلة من مجلس العائلة!
في لحظة، ازداد هواء الغرفة ثقلاً. إلياس، الذي كان دائمًا هادئًا وواثقًا، اعتدل في جلسته والتفت ببطء نحو الخادم.
“رسالة عاجلة؟”
انحنى الخادم وسلمه ظرفًا مختومًا بالشمع الملكي، وكان وجهه مليئًا بالتوتر المرئي.
أخذ إلياس الرسالة، وكسر الختم ببطء، وكانت عيناه مثبتة على الكلمات الموجودة في الداخل.
ثم فجأة، أصبح تعبيره داكنًا، وبدا أن درجة الحرارة في الغرفة تنخفض كما لو أن عاصفة صامتة اجتاحت المكان للتو.
“ما الأمر؟” سألت بحذر، وكان قلبي ينبض بقوة.
رفع رأسه لينظر إلي، كانت عيناه الباردتان تعكسان شيئًا لم أره فيه من قبل.
“لقد بدأوا.”
“من؟”
لقد نظر إلى الأطفال للحظة قبل أن يعيد نظره إلي.
“أمراء الدم. لقد أعلنوا الحرب.”
…
بينما كانت كلمات إلياس تتسلل إلى الغرفة كقطرات ماء في سكون الليل، شعرتُ وكأن الجو قد تحوّل فجأة. لا حرب، لا تهديدات – مجرد لحظة أخرى في هذا الواقع العائلي الذي أعيشه. إلياس، الذي بدا كقائد حذر، أغمض عينيه قليلًا وألقى الرسالة على الطاولة ببطء.
“لكن هناك أمرٌ آخر،” قال فجأةً، ثم ابتسم ساخرًا وهو يلتفت إليّ. “قرر والدك، عثمان فاليسكا، أن يكون اليوم مناسبةً لنا للتجمع. وليمةٌ على شرف وصولنا.”
ساد الصمت الغرفة لفترة قصيرة قبل أن يهمس سيلفستر بحماس، “مأدبة؟! هذا يعني طعامًا لذيذًا؟!”
سيلتر، الذي كان جالسًا بهدوء قبل لحظات، ابتسم ابتسامة عريضة. “طعام؟! هل يمكنني أن أطلب بودنغ الفاكهة؟”
ضحكتُ بهدوء، والتفتُّ إليهما. “أعتقد أن هناك الكثير من الأطباق في انتظاركم يا صغاري.”
ولكن قبل أن يتمكنوا من الرد، قاطعتهم إيناس، التي كانت تراقب كل شيء في صمت، قائلة: “سيكون الطعام رائعًا. لكنني لا أعتقد أن السيدة أروى ستتمكن من الانضمام إلى المأدبة”.
خيّم صمتٌ مفاجئٌ على الغرفة. التفت الجميع نحوي، وعيونهم مليئةٌ بالقلق. بدا الأمر أكبر من مجرد وليمةٍ بسيطة.
أروى، التي كانت لا تزال منهكة بسبب مرضها الطويل، دخلت في غيبوبة مفاجئة قبل بضعة أيام. لم أتوقع أن أجد نفسي في هذا الموقف مجددًا، لكن الجميع وقفوا بجانبي بهدوء، محاولين التخفيف من قلقي.
اقتربت إيناس من سريري وقالت بحذر: “لقد عانت كثيرًا، لكن الدكتور كايل ستراثمور، الطبيب الشاب الذي وصل مؤخرًا إلى القرية، قدم لها العلاج اللازم. ولحسن الحظ، بدأت تتعافى”.
ابتسمتُ بهدوء وأغمضتُ عينيّ، محاولًا استعادة لحظات غيبوبتي. شعرتُ فجأةً وكأنني كنتُ في مكانٍ آخر، لكنني لم أستطع تحديد ذلك تمامًا.
ثم دخل الطبيب الشاب، كايل ستراثمور. كان رجلاً في أوائل الثلاثينيات من عمره، عيناه مليئتان بالحكمة والهدوء. عندما رآني أفتح عينيّ أخيرًا، ابتسم لي ابتسامة مطمئنة.
“أهلًا بعودتكِ إلى الحياة يا أروى”، قال وهو يجلس بجانب سريري ويفحصني بعناية. “كنتِ مريضة جدًا، لكنكِ بخير الآن. يجب أن تستريحي قليلًا قبل العودة إلى حياتكِ اليومية.”
لكن قبل أن أتمكن من الرد، نظرتُ حولي ولاحظتُ شيئًا غريبًا. كانت عائلتي بأكملها في الغرفة، مع أطفالهم، يحيطون بي كما لو كنتُ جزءًا لا يتجزأ من عالمهم. لم تكن هذه مجرد وليمة؛ بل كانت لحظة ساحرة، امتزجت فيها العائلة والحب والضحك في كل زاوية.
إلياس، الذي عاد إلى رباطة جأشه بعد كل هذه الفوضى، ابتسم وقال: “يبدو أن على العائلة أن تحتفل بعودة أروى إلى الحياة قبل أن نبدأ بالتفكير في المأدبة. ماذا تقولون يا صغاري؟”
ابتسم سيلفستر وأجاب بسرعة، “نعم! لقد عادت العمة أروى! دعونا نحتفل!”
سيلتر، لا يزال يحاول استيعاب كل شيء، نظر حوله وسأل، “لكن… هل هذا يعني أنني أستطيع تناول بودنغ الفاكهة الآن؟”
ملأ الضحك الغرفة، ولأول مرة منذ فترة، شعرتُ بالراحة. كان ضحك الأطفال خفيفًا ونقيًا، يُضفي شعورًا بالراحة. وبينما بدأ الجميع بالتحضير للمأدبة، شعرتُ أن هذه ستكون من أطرف اللحظات في تاريخ عائلتنا.
كانت المأدبة جاهزة في قاعة الطعام الفخمة، حيث امتلأت الطاولات بأطباقٍ فاخرةٍ لا تُحصى. كان هناك لحمٌ مشويٌّ بتوابلٍ خاصة، وصواني حساءٍ غنية، وحلوياتٌ مغطاةٌ بالشوكولاتة والمكسرات، بالإضافة إلى أطباق فاكهةٍ طازجةٍ مُرتبة. في زاوية الغرفة، كانت هناك طاولةٌ مليئةٌ بالحلويات التي كاد سيلفستر وسيلتر أن يُحصياها لأنفسهما.
في منتصف المأدبة، انفجر الجميع ضاحكين عندما سكب سيلفستر الصلصة عن طريق الخطأ على وجهه، مما جعله يبدو وكأنه خاض للتو معركة في طبقته.
“سأخبرك يا سيلفستر، هذا هو سر المأدبة: لا تأخذ الطعام على محمل الجد أبدًا”، قالت إيناس وهي تحاول مسح وجهه.
انتشر الضحك في أرجاء الغرفة، حتى من إلياس، الذي بدا في تلك اللحظة أكثر استرخاءً مما رأيته منذ وصولهم. لم يكن هناك حديث عن الحروب أو الأزمات؛ عاد كل شيء إلى متع الحياة البسيطة، حيث يضحك الأطفال، ويجتمع الجميع في لحظات من السعادة الغامرة.
في نهاية المأدبة، وبينما كانت العائلة تستمتع بوقتها، تنحيتُ جانبًا إلى ركن هادئ حيث استطعتُ الاستمتاع بالمنظر الجميل من بعيد. لم يكن هناك شيء مفقود، كل شيء كان في مكانه الصحيح. وفي قلب كل ذلك كان شعوري بأنني لم أكن تائهًا، بل كنتُ أبحث عن طريقي للعودة إلى ذاتي بين من كانوا أغلى عليّ من أي شيء آخر.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "1"