الفصل العاشر
نظرتُ إلى إلياس، الواقف هناك بابتسامته الهادئة، وكأن كل شيء تحت سيطرته دائمًا. يا إلهي، حتى عائلته بدت كعمل فني مرسوم بعناية. للحظة، شعرتُ وكأنني دخلتُ عالمًا لم أكن جزءًا منه – عالم منظم، راقي، وكأنه انبثق من إحدى القصص التي كنت أقرأها في طفولتي.
أما أنا؟ كنت تجسيدًا للفوضى، والعاصفة التي تضرب دون سابق إنذار.
وهذا هو بالضبط ما حدث عندما قررت أن أحاول أن أكون “العمة اللطيفة” مرة أخرى.
“يا صغاري، ماذا تفعلون عادةً في وقت فراغكم؟” سألتُ وأنا أجلس على الأريكة الفاخرة، متوقعةً ردًا طفوليًا مثل: “نلعب بالكرات الزجاجية” أو “نبني قلاعًا من الخشب”.
ولكن سيلفستر، بهدوءه المعتاد، نظر إلي بعينيه الجليديتين وقال بجدية: “نحن ندرس الفلسفة، ونتعلم فن المبارزة، وأحيانًا نتناقش في السياسة الأوروبية مع والدنا”.
…
انتظر لحظة، ماذا؟!
كتمت ضحكتي بينما اتسعت عيناي من الصدمة. نظرتُ إلى إلياس فورًا، لكنه لم يُبدِ أي رد فعل، كما لو كان يعتقد أن هذا أمر طبيعي تمامًا لطفل في السابعة من عمره!
حاولت أن أستوعب الموقف بينما التفت إلى سيلتر، أصغر طفل، الذي كان يمسك بحافة كمّي وكأنني طوق نجاته من هذا الواقع الفاخر.
“وأنت يا صغيري؟ ماذا تفعل؟” سألتُ بهدوء، آملًا أن أجد ولو شيئًا من طفولة عادية.
ارتجفت شفتاه قليلاً، وكأنه لم يقرر بعد ما إذا كان ينبغي له أن يثق بي، ثم همس بخجل، “أنا أحب الحلوى…”
آه! أخيرًا، شخص طبيعي في هذه العائلة المالكة!
لم أستطع إلا أن أضحك عندما عانقته مرة أخرى، وكان وجهه مدفونًا في كتفي، وهو يهمس بشيء غير مفهوم.
“رائع! هذا هو الجواب الذي كنت أبحث عنه!” قلتُ وأنا أربت على رأسه برفق.
قالت إيناس، التي كانت تراقب المشهد بابتسامة صغيرة، بهدوء: “إنه لا يتحدث كثيرًا مع الغرباء…”
نظرتُ إلى الصغير، الذي لا يزال متشبثًا بي كهرّة صغيرة، وابتسمتُ. “حسنًا، لم أعد غريبًا، أليس كذلك يا بطلي الصغير؟”
هز رأسه ببطء دون أن يرفع نظره، وشعرت أن قلبي يلين أكثر تجاهه.
إلياس، الذي كان يستمتع بمشاهدة المشهد، قال أخيرًا: “حسنًا، أعتقد أن عائلتي تحبك بالفعل، أروا”.
نظرتُ إليه من طرف عينيّ وابتسمتُ ابتسامةً جانبيةً. “بالطبع، أنا ساحرٌ بطبيعتي.”
ثم التفت إلى الصغيرين وقلت بحماس: “حسنًا، الآن بعد أن أصبحت عمتكما رسميًا، أعتقد أنه الوقت المناسب لوضع بعض القواعد الخاصة بنا!”
رفع سيلفستر حاجبه الفضي بتحفّظ. “قواعد؟”
نعم! القاعدة الأولى: ممنوع التحدث عن السياسة الأوروبية أمامي. القاعدة الثانية: من يحضر لي الحلوى أولًا سيصبح رسميًا ابن أخي المفضل. القاعدة الثالثة… صمتُ للحظة، ثم ابتسمتُ بخبث: “العمة أروا دائمًا على حق!”
ضحك سيلفستر رغما عنه، في حين رفع سيلتر يده بحماس، كما لو كان يقسم الولاء لي رسميًا.
أما إلياس، فقد هز رأسه، وتنهد، لكنه لم يستطع إخفاء ابتسامته وهو يهمس، “يا إلهي، لقد بدأت الفوضى رسميًا…”
ولكنني، بابتسامة واسعة، عرفت أن هذه كانت مجرد البداية.
بعد أن فرضتُ “قواعدي العائلية”، جلستُ أشعر بالانتصار، بينما نظر إليّ سيلفستر بشيء من التحفظ، وسيلتر بإعجاب صامت. أما إلياس، فكان يراقبني بمزيجه المعتاد من المتعة والصداع الذي بدا أنني أسببه له باستمرار.
ثم جاءت اللحظة التي كنت أخشاها – الصمت المحرج.
قبل أن أتمكن من كسرها، جاء الإنقاذ من مكان غير متوقع على الإطلاق.
“العمة أروا، هل ترغبين باللعب معنا؟”
التفتُّ نحو الصوت، فلم يكن سوى سيلفستر، واقفًا هناك بكل هدوء طفوليّ، ينظر إليّ بتحدٍّ خفيّ. لم أفهم ما يقصده بـ”اللعب”، لكنني شعرتُ وكأنّ اختبارًا خفيًا يُحضَر لي الآن.
“بالتأكيد!” أجبتُ بحماسٍ شديد، ونهضتُ من مقعدي. “أيُّ نوعٍ من الألعاب تقصد؟”
تبادل سيلفستر النظرات مع سيلتر، ثم قال بجدية، “نحن نحب لعب الشطرنج، والمبارزة، وتقمص أدوار الشخصيات التاريخية.”
…
حسناً، أين الدمى؟ أين الكرات؟ أين الأشياء التي يُفترض أن يلعب بها الأطفال؟!
نظرت إلى إلياس، كما لو كنت أتوسل بصمت طلبًا للمساعدة، لكنه هز كتفيه فقط، كما لو كان هذا أمرًا طبيعيًا تمامًا.
ولكن لأنني أرفض الخسارة حتى أمام الأطفال الصغار، قررت مواجهة هذا التحدي.
“حسنًا!” صفقتُ بيديّ بحماسٍ مُصطنع. “المبارزة إذًا! من سيكون خصمي الأول؟”
لقد درسني سيلفستر باهتمام شديد، ثم قال بثقة، “أنا كذلك”.
في أقل من دقيقة، كنا واقفين في ساحة صغيرة داخل الجناح، حيث وُضعت مجموعة من السيوف الخشبية بدقة على حامل أنيق. أخرج سيلفستر واحدًا منها بمهارة، وسلمه لي بطريقة رسمية، كما لو كان يتحدى فارسًا محترفًا.
يا إلهي، هذا الطفل ليس طبيعيًا.
أمسكت بالسيف بيدي، محاولًا التظاهر بالاسترخاء، رغم أنني بالكاد كنت أعرف كيف أمسكه. توقعت أن يكون مجرد لعبة، لكن عندما أخذ سيلفستر وضعية المبارزة على محمل الجد، بدأت أشعر أنني ربما ارتكبت خطأً فادحًا.
“هل أنت مستعد؟” سأل بهدوء.
أوه، اللعنة.
لكنني لم أستسلم. اتخذتُ وضعيةً عشوائية، وشعرتُ أنني أشبهُ بمهرجٍ أكثر من مبارزٍ محترف.
وبعد ذلك بدأ الهجوم.
هَه! صرخ سيلفستر وهو ينقضّ عليّ بسرعة غير متوقعة. بالكاد تمكنتُ من صد الضربة الأولى، وبينما كنتُ أتراجع متعثرًا، انفجر إلياس ضاحكًا بشدة، وكان يراقبنا من بعيد.
“أوه، هذا سيكون ممتعًا!” قال بابتسامة ساخرة.
“هذا ليس مضحكًا يا إلياس!” صرخت وأنا أحاول التراجع، لكن سيلفستر لم يكن على استعداد لمنحي فرصة للهروب.
لقد هاجمني الطفل وكأنه مصمم على نزع كل ذرة من كرامتي!
“أوه لا، لا! خذ الأمر ببساطة، أيها الفارس الصغير، هذا مجرد تمرين، أليس كذلك؟!”
ولكنه لم يرد، فقط استمر في توجيه سلسلة من الضربات الخشبية، وبالكاد تمكنت من تجنبها.
وفي اللحظة التي ظننت فيها أنني على وشك النجاة، فقدت توازني بسبب السجادة الزلقة تحت قدمي… وسقطت على ظهري بصوت مكتوم.
“آآآآآه!”
كان صوت سقوطي يصم الآذان، ثم أعقبه صمت مطبق.
ثم فجأة، انفجر ضحكٌ عالٍ – ليس فقط من إلياس، بل حتى من سيلتر، الذي كان يقبض معدته من شدة الضحك. أما سيلفستر، فقد وقف منتصبًا، ثم تقدم للأمام، مادًا يده بنفس الهدوء الذي بدأ به التحدي.
“لقد كنت خصمًا جديرًا، يا عمتي.”
توقفت للحظة، وأنا أنظر إليه بصدمة، ثم انفجرت في الضحك وأمسكت بيده لأساعد نفسي على النهوض.
“حسنًا، أيها الدوق الصغير، سأدعك تحصل على هذا النصر اليوم… ولكن انتظر حتى أتعلم المبارزة الصحيحة!”
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 10"