وفي هذه الأثناء كانت لورا قد أمرت الخادمات بإتمام التنظيف، ثم رفعت رأسها بفخر وقالت:
“لقد أخبرتكِ دائمًا… الخارج خطر، والمرض يرهق السادة. لا يجوز أن تزعجي كبار القصر. لذا، ابقي داخل غرفتك.”
أعرف هذا النمط جيدًا، وأعرف ما ستقوله بعده.
“ولذلك عليكِ أن تنالي عقابك.”
ومع عبارتها تلك، تداعت في ذهني عشرات المرات التي سمعت فيها نفس الكلمات في الماضي.
“يجب أن تُعاقبي يا آنسة.”
“هذا عقاب على خطأ اليوم. تأملي نفسك.”
وفي تلك اللحظة انسدّ مجرى أنفاسي الضيق أصلًا تمامًا.
دارت بي الغرفة.
شعرت بوجهـي يخلو من الدماء في إحساس مألوف ومقيت.
وبينما كنت شاحبة وصامتة، انطلقت ضحكة رضا من لورا، وهي تقول:
“فكري وحدك فيما اقترفتِ من أخطاء وأنتِ في غرفتك.”
بعد أن أخرجت لورا الخادمة التي جمعت كل الهدايا التي قدمها لي والدي، التفتت نحوي وقالت:
“سأفتح لكِ الباب عندما تنتهين من التأمل في أخطائك.”
دوّي.
أُغلق الباب أمام عينيّ، وتلاه صوت القفل وهو يُدار.
طَق.
“أه…”
كنتُ أقاوم بكل ما أملك كي لا أسقط أمام لورا، وما إن أُغلق الباب حتى انهارت ركبتاي وجلست أرضًا.
بيب–
ارتفع طنين أذني حتى غطّى على كل الأصوات. لم يبقَ لي إلا أن أبقى جالسة أترقب زوال هذه المعاناة الرهيبة.
***
“…هُو.”
لم يمضِ وقت طويل حتى عاد نفسي كأنه لم يكن قد انقطع. واختفى الطنين المزعج أيضًا.
غطيت وجهي بكفيّ وأنا أنتظر أن تزول الآلام، ثم أخذت أتنفس بوعي حتى تمكنت أخيرًا من رفع رأسي.
“هاه… حين أخرج من هنا، أول ما سأفعله هو البحث عن دواء يُنهي هذه الأعراض البشعة.”
أعدت ترديد خطتي في ذهني من جديد.
بعد أن أتجرد من اسم كاتيلوس وأغادر العائلة، كنت أنوي أن أطوف البلاد بحثًا عن أشهر الأطباء لأطلب منهم علاجًا.
ارتجف كتفي لمجرد أنني تذكرت ما مررت به قبل قليل.
“يجب أن أجد العلاج بأسرع وقت. هذه الأعراض يجب أن تزول في أسرع ما يمكن، فهذا لصالح صحتي.”
كأن مرضًا قاتلًا لم يكفِ، حتى تضاف إليه أعراضٌ تسبق نوبة الحمى، وتكاد تفتك بي كل مرة.
هززت رأسي نفيًا.
الأعراض التي أصابتني منذ قليل كانت نتيجة المرض السحري الذي أعانيه.
وتحديدًا… مرض عدم التكيّف مع المانا.
هذا المرض يجلب حُمّى بشكل دوري، لكن قبلها دائمًا تسبقها أعراض: ضيق في التنفس، طنين في الأذن، ثم تندلع الحُمّى بعدها بساعات. لكن حدّة هذه الأعراض تختلف بحسب حالتي الجسدية.
“لكن هذه المرة كانت شديدة للغاية… شعرت أن أنفاسي ستنقطع تمامًا.”
يبدو أن خروجي المتكرر إلى الحديقة مؤخرًا لجمع الثمار والزهور قد أرهق جسدي بالفعل.
وفوق ذلك، فإن تداخل الذكريات الماضية جعل الأعراض تتفاقم أكثر من المعتاد.
“ظننت أنني بخير… يا لهذا الأسلوب الحقير في الترويض.”
لقد كان نمطًا مألوفًا: إن لم أخضع، جرى حبسي بحجة العقاب، في محاولة لكسر إرادتي.
منذ طفولتي حتى لحظة موتي السابقة، ظللتُ أُعامَل هكذا؛ ممنوعة من مغادرة الجناح.
حتى أنني مع مرور الوقت صرتُ أقتنع بتلك الفكرة السخيفة: أن خروجي من الجناح يعني أن عائلتي ستتخلى عني. مع أن الحقيقة أنني كنت متروكة أصلًا في ذلك الجناح.
لكنني أقسمت أنني هذه المرة لن أسمح لهم بأن يقيدوني مجددًا.
“ومع ذلك… النتيجة نفسها.”
استعدتُ الكلمات التي وجهتها للورا، وخرجتُ بخلاصة أنها لم تكن سيئة.
“لا بأس… قلتُ كل ما يجب قوله. باستثناء جملة أخيرة فقط.”
كنت أرغب أن أقول لها: اخرجي من غرفتي.
لكن لم يسعفني حالي. ومع ذلك، رضيت بهذا القدر، فلم أكن أتوقع منها أصلًا أن تُجيبني بـ “نعم” مطيعة.
المشكلة الأخطر التي أقلقتني كانت غير ذلك.
“هل لأنني خرجت فجأة؟… الأعراض السابقة للحُمّى ظهرت أسرع مما توقعت.”
في الماضي، بعد أن سُلِّم تايل إلى توسكان، عانيت هذه الأعراض في اليوم التالي، حين سمعت خبر موته.
أتذكر كيف أصابتني الحُمّى ليلتها بقسوة.
لكن على خلاف الماضي، لم ألتقِ بتايل هذه المرة أصلًا… ومع ذلك، داهمني ضيق التنفس والطنين.
ذلك جعل القلق يتملكني. فماذا لو لم أستطع أن ألتقي بتايل أبدًا؟
“…الوضع تغيّر قليلًا، لكن… لكن لا بد أن ألتقي به، أليس كذلك؟”
كنت أنظر بقلق من النافذة.
لم يكن المطر قد بدأ بعد.
“سأنتظر قليلًا بعد.”
لم يحن بعد وقت لقاء تايل. مجرد ذلك كان كافيًا ليمنحني بعض الطمأنينة.
“لم تزل الفرصة لم تضِع بعد. لا بأس.”
أسرعت متوجهة إلى أسفل السرير. كان الصندوق الصغير لا يزال في مكانه.
“ثم إن هناك ما يكفي من الثمار والزهور.”
تمتمت قائلة إن كل شيء سيكون على ما يرام، ثم خبأت الصندوق بحذر داخل السرير.
بعدها ألقيت نظرة حول الغرفة. في النافذة الكبيرة كان قد ثُبّت قفل من أجل السلامة بعد أن سقطتُ منها المرة السابقة.
“آه، كما توقعت، لقد أقفلوها.”
يبدو أن الخادمات قد أغلَقت القفل وهنّ في طريقهن للخروج.
تجاوزت النافذة متجهة إلى الشرفة.
طَق.
دفعت باب الشرفة المخلخل بقليل من القوة، فصدر صوت صرير وفتح الباب.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات