━━━●┉◯⊰┉ الفصل 6 ┉⊱◯┉●━━━
لمْ تكنْ تتحدّى بوقاحةٍ.
كانتْ عيناها الصغيرتانِ المرحتانِ مفتوحتينِ على وسعهما، تتحدّثُ بهدوءٍ، مما جعلَ غضبَه يتلاشى منْ فرطِ الدهشةِ.
‘هلْ هي مريضةٌ أيضًا أم مجرد مجنونة؟’
لولا كونها مجنونة، لما تجرّأت على إيقاظِه. فحتى الخدم يرتجفونَ خوفًا منه.
لكنْ، لا يمكنُه فعلُ شيءٍ لهذهِ الصغيرةِ.
‘اللعنةُ، اللعنةُ! تبدو وكأنّها ستتكسّرُ!’
نحيفةٌ رغمَ خدَّيْها الممتلئينِ!
بالطبعِ، كانَ بإمكانِه أنْ يفقدَ أعصابَه ويفرغَ غضبَه.
لكنْ، لمْ يفعلْ… بسببِ أخيهِ الثاني.
‘ليس ذنبَك.’
فجأةً، أصبحَ الإخوةُ الثلاثةُ مصابينَ بأمراضٍ عضال لا شفاء منها، لكنّه لمْ ينسَ ما فعلَه أخوهُ الثاني لهم.
وعلاوةً على ذلكَ، الكدمةُ التي تسبّبَ بها على معصمِ بيونا في اليومِ الأوّلِ لمْ تزلْ بعدُ.
‘اللعنةُ، يا لها منْ صغيرةٍ مزعجةٍ. تدّعي أنّها تملكُ قدرةَ الشفاءِ، فلمَ لا تشفي يدَها إذن؟’
لمْ يعلمْ هايك بي رانغ أنَّ بيونا لمْ تعالجْها عمدًا، فظلَّ يتذمّرُ.
مشى هايك بي رانغ بخطواتٍ واسعةٍ، دونَ اكتراثٍ بمتابعتِها لهُ.
“عمّي، إلى أينَ؟”
“سأنامُ. لمَ؟”
“تنامُ أكثرَ بعدَ كلِّ هذا النومِ؟”
“…”
“ألمْ تقلْ إنّكَ لستَ مريضًا؟ إذًا، أنتَ فقطْ تحبُّ النومَ!”
“أتحبُّه؟!”
ادّعى أنّه بصحّةٍ جيّدةٍ، فأصبحَ أحمقَ يعشقُ النومَ.
‘آه، لا أستطيعُ فعلَ شيءٍ لهذهِ الصغيرةِ…’
وعلاوةً على ذلكَ، كانَ يعلمُ السببَ الحقيقيَّ لعجزِه عنْ إيذائِها: ابنتُه.
لمْ يرَ وجهَها، لكنْ…
‘ربما تتجوّلُ هكذا.’
آهٍ، لو كانَ بإمكانِها أنْ تناديَه ‘أبي’ الآنَ…حينها تقلّصَ وجهُه وترك أفكاره عند رؤيتهِ لبيونا أمامهُ.
‘صغيرةٌ مزعجةٌ.’
“عمي! عمّي!”
استمرَّتْ لعبةُ المطاردةِ لثلاثةِ أيامٍ بينهما فهو يهرب منها وهي تبحثُ عنه.
“حسنًا، حسنًا، فهمتُ!”
أخيرًا، استسلمَ هايك بي رانغ.
“ماذا تريدينَ؟”
“تناولْ الدواءَ!”
فكّرَ بعدَ سماعِ كلامِ بيونا:
‘…ربما ضربةٌ خفيفةٌ لنْ تؤذيَ؟’
إنْ غضبَ أخوهُ الثاني، سيكونُ لديهِ عذرٌ.
‘لنْ أقتلَها، فقطْ ضربةٌ خفيفةٌ…!’
كيفَ تجرؤُ صغيرةٌ، ليستْ طبيبةً رسميّةً، على إجبارِه على تناولِ دواءٍ مجهولٍ؟
بينما كانَ هايك بي رانغ يفكّرُ في ضرب جبهتِها الناعمةِ بأصابعهِ، قالتْ:
“اشربْ هذا فقطْ!”
حينها، لاحظَ أخيرًا ما كانتْ تحملُه بينَ ذراعيْها.
ربما كانتْ تتبعُه كعصفورٍ صغيرٍ وهي تحملُه؟
“أرجلُكِ قصيرةٌ، فلمَ تحملينَ شيئًا بحجمِكِ؟”
“لأنّه الوعاءُ الوحيدُ المتوفّرُ…؟”
لمْ يكنْ سؤالًا جادًا، لكنْ…
“اشربْه.”
كانَ وعاءً للجرعاتِ، شائعًا في العائلةِ أثناءَ خدمتهِ كمحاربٍ.
“هلْ تحاولينَ تسميمي؟”
“ماذا؟”
“تطلبينَ منّي شربَ دواءٍ منْ صيدلانيّةٍ غيرِ مرخّصةٍ، لمْ تتلقَّ تعليمًا، وهي طفلةٌ؟”
“نعمْ!”
لمَ تجيبُ بمرحٍ هكذا؟
“عمّي…”
لمْ يردَّ بي رانغ، متوقّعًا هراءً أخر منها.
“إنْ كانَ سمًا، هلْ تريد أن أعطيكَ إيّاهُ؟”
“ماذا؟ هااه، حسنًا. أحيانًا أتمنّى الموتَ، فأعطني إياه، سأموتُ بسرعة وهذا أفضل.”
لمْ يكنْ جادًا.
كيفَ يموتُ ولهُ ابنةٌ كالأرنبِ؟
لكنْ، أحيانًا، كانَ الألمُ يجعلُ الموتَ يبدو أفضلَ له.
“حقًا؟ الموتُ أسهلُ ممّا تظنُّ بكثيرٍ يا عمي.”
نظرتْ إليهِ ببراءةٍ، فشعرَ بي رانغ بشعورٍ غريبٍ.
“لذا، لا تتحدّثْ هكذا بعفويّةٍ عن الموت.”
“…”
“عائلتُنا تُنقذُ الناسَ لا تقتلهم، أليسَ كذلكَ؟”
بينما أغلقَ بي رانغ فمَه، ابتسمتْ بيونا.
“أنتَ لا تثقُ بتشخيصي، أليسَ كذلكَ؟ لذا، تناولْ الدواءَ على الأقلِّ.”
وضعتْ يدَها في وعاءٍ آخرَ كانتْ تحملُه، فتدفّقَ الماءُ فجأةً.
“لنْ تخسرَ شيئًا إنْ شربتَه.”
تياراتُ الماءِ غطّت بي رانغ مجدّدًا.
“ماذا تفعلينَ…”
“قبلَ اثنتي عشرةَ سنةً، بدأ المرضُ في قاعةِ يونغ هيون في المنزل الرئيسي. حيث انهرتَ أمامَ الجميعِ، هكذا بدأ.”
“…”
نظرتْ بيونا إلى الفراغِ وهي تقول هذا.
“الآنَ، عندما تنامُ… كنتَ تنامُ لثلاثةِ أيامٍ، أليس كذلك؟ ولكن مؤخّرًا، نمتَ خمسةَ أيامٍ متواصلةً، ولمْ تستيقظْ إلّا لساعةٍ. الأعراضُ ستزدادُ سوءًا. ألا تعلمُ أنَّ عدمَ الأكلِ يجعلُها أسوأَ؟”
اتّسعتْ عينا بي رانغ عند كلماتها.
“كلُّ هذا صحيحٌ، أليسَ كذلكَ؟ هذا تشخيصي، يا عمُّ.”
“…”
“عدمُ ثقتِكَ يأتي منْ رؤيتِكَ لأطبّاءَ يبدونَ كالأطفالِ فقطْ بدون أي معرفة حقيقية.”
ابتسمتْ الطفلةُ.
“ثقْ بي.”
في تلكَ اللحظةِ، رأى بي رانغ صورةَ شخصٍ آخر تتداخلُ معَ صورة بيونا التي أمامه.
‘الحبُّ والشفاءُ متشابهانِ. كلاهما يحتاجُ إلى الاهتمامِ.’
شعرٌ أرجوانيٌّ فاتحٌ، كشعرِ بيونا. كانت صاحبةُ ذلك الشعر امرأةً أنيقةً تُعطيهِ نصائحَ عاطفيّةً دائمًا.
كانتْ زوجةَ أخيهِ الثاني.
‘ثقْ بي، يا سيدي الصغيرُ.’
‘علاجي ممتازٌ، أليسَ كذلكَ؟’
أعظمُ عبقريّةٍ عرفَها.
“أنا جيّدةٌ في العلاجِ، يا عمي، أليسَ كذلكَ؟”
لو كانتْ على قيدِ الحياةِ، ربما عالجتْه هو، وأخاهُ الأكبرَ، وزوجَها أيضًا
في تلك اللحظة، صرّ بي رانغ على أسنانهِ بقوّةٍ.
***
“أعطني إياه.”
‘ما هذا التغير الغريب؟’
لقد فوجئتُ حقًا.
هرعتُ لفتحِ غطاءِ وعاءِ الدواءِ، لكنّه لمْ يُفتحْ بسهولةٍ!
‘اللعنةُ، قدْ يغيّرُ رأيَه في أيِّ لحظةٍ!’
بينما كنتُ أكافحُ، انتزعَ عمي الوعاءَ.
كييك–
قد فتحَه بسهولةٍ.
نظرتُ إليهِ كسنجابٍ فقدَ جوزتَه.
“إنْ شربتُه…عديني أنّكِ لنْ تُزعجيني مجددًا.”
“حسنًا!”
لمْ أعرفْ لمَ غيّرَ رأيَه، لكنْ…
‘لحسنِ الحظِّ، أعددتُ الدواءَ جيدًا.’
في حديقةِ الجناحِ الشرقيِّ، كانتْ هناكَ رقعةُ أعشابٍ مهجورةٍ، لكنّها تحوي أعشابًا جيّدةً.
بفضلِ ذلكَ، صنعتُ الدواءَ الأوّلَ بسهولةٍ.
“أغغغ، ما هذا؟ هلْ وضعتِ سمًا؟ يا لكِ من صغيرةٍ لعينة!”
بدأ يشربُه بحماسٍ، لكنّه أسقطَ الوعاءَ مندهشًا منَ الطعمِ.
بينما كانَ يمسكُ حلقَه ويتأوّهُ، التقطتُ الوعاءَ الفارغَ، هززتُه، وقلت برضا:
“أوه، أفرغتَه بالكاملِ!”
“آه، عمّي العزيزُ، أحسنتَ شرب الدواء. هلْ أعطيكَ حلوى؟”
“لا اريد! تكلّمي بوضوحٍ. أتحاولينَ تسميمي، أيتها الصغيرةُ اللعينةُ؟”
ما هذا الكلامُ؟
سكانُ القارّةِ الشرقيّةِ يقدسون التنانينَ.
بعضُ البشرِ، المباركينَ منَ التنانينِ، يولدونَ بقوّةٍ استثنائيّةٍ، كوالدِ البطلةِ.
لهذا، يمكنُه البقاءُ على قيدِ الحياةِ بالنومِ دونَ طعامٍ. لو كانَ شخصًا عاديًا، لماتَ منذ زمن.
‘حتّى السمومُ أقلُّ تأثيرًا عليهِ، فما الذي يقولهُ الآن؟’
الدواءُ النافعُ مُرٌّ، حتّى في هذا العالمِ.
“إذًا، وداعًا، يا عمّي!”
“مهلاً، إلى أينَ؟ اشرحي ليّ أولًا!”
أيُّ شرحٍ؟ اشكرني على إعطائِكَ دواءً مثاليًا فقط.
***
مرّتْ أيامٌ.
كما استمرّتِ ابنةُ أخي هذه في القدومِ.
كانتْ تحملُ ذلكَ الدواءَ الغريبَ وتتبعُني بإزعاجٍ.
لمْ يمتْ، إذًا لمْ يكنْ سمًا، لكنَّ طعمَه كالسمِّ!
“حلوى؟”
“…لا اريد.”
ربما كانَ يجبُ أنْ يأكلَها.
الفرقُ الآنَ هو أنّه إنْ شربَ الدواءَ، كانتْ تذهبُ دونَ تردّدٍ وتتركهُ وشأنه.
ما خطّةُ هذهِ الصغيرةِ اللعينةِ؟
ألا يبحثُ الأطفالُ عادةً عنْ الكبارِ منْ وحدتِهم؟
مثلًا، ‘لنأكلْ معًا’ أو ‘دعني أنامُ معكَ’…
ولكنها مجردُ صغيرةٍ لا تهتمُّ إلّا بإعطائِه الدواءَ!
هيكك–
لمْ يكنْ لديهِ ذرّةُ ضميرٍ.
“لماذا لمْ تزلْ الكدمةُ؟”
كلُّ هذا بسببِ تلكَ الكدمةِ اللعينةِ على معصمِها الصغيرِ.
“آه… اللعنةُ، لا أستطيعُ النومَ، وهذا يُزعجني!”
فجأةً، توقّفَ بي رانغ.
أدركَ شيئًا مخيفًا.
بدأتْ نوباتُ النومِ المفرطِ منذُ ثلاثِ سنواتٍ، ومنذُ تفاقمِها كان ينام طوال الوقت…
‘هلْ بقيتُ مستيقظًا أكثرَ منْ ساعتينِ اليوم؟’
نظرَ إلى الساعةِ.
استيقظَ في الثانيةِ ظهرًا.
الآنَ، الخامسةُ.
‘أنا جيّدةٌ في العلاجِ، يا عمّي، أليسَ كذلكَ؟’
في حياتِه الرتيبةِ كعجلةٍ لا تتغير، تغيّرَ شيءٌ واحدٌ.
نهض بي رانغ منْ مكانِه مندهشًا.
يا لها من صغيرةٍ لعينة.
تحرّكتْ قدماهُ بغضبٍ.
***
“همم.”
نظرتُ إلى الورقةِ في يدي. ورقةٌ تعكسُ لونًا أخضرَ باهتًا تحتَ الشمسِ.
“كما توقّعتُ.”
منَ الصعبِ إيجادُ مكوّناتٍ جيّدةٍ.
كانتْ هذه العائلة عائلةٌ بارزةٌ في القارّةِ الشرقيّةِ، تشتهرُ بقدراتِ الشفاءِ، لذا كانتْ الأعشابُ تنتشرُ في كلِّ مكانٍ.
المشكلةُ أنَّ الجناحَ الشرقيَّ، حيثُ أعيشُ، مهجورٌ منذُ زمنٍ، فلا يُدارُ ولا تُزرع فيه الاعشاب.
‘هذهِ الورقةُ لنْ تنفعَ.’
فجأةً، شعرتُ بشيءٍ غريبٍ، فالتفتُ بسرعةٍ.
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات