لي معَ العمِّ الكبيرِ، هايك بيوان، صلةٌ وثيقةٌ نوعًا ما.
في حياتي الأولى، حاولتُ إنقاذَ مريضٍ، فتورَّطتُ بسبب جنونهِ ومتُّ.
و كانَ ذلكَ المريضُ هو العمُّ الكبيرُ، هايك بيوان.
‘أشعرُ وكأن لقاؤهُ الآن يبدو بعدَ عقودٍ طِوالٍ من الزمن.’
لمْ يستطعْ أحدٌ علاجَه.
مرضُه لمْ يتسبب في قتلْ غيرَهِ فقطْ، بلْ حتَّى نفسَه، لذا فهو شخصٌ مثيرٌ للشفقةِ حقًا.
‘في حياتي الثَّانيةِ، ماتَ مبكّرًا أيضًا، وفي الثَّالثةِ، كنتُ مشغولةً بأنْ أصبحَ شخصًا عظيمًا وأعودَ إلى المنزلِ فقطْ.’
ولأنَّني أدركتُ خطأَ ما فعلتهُ في تلك الحيوات، جئتُ الآنَ لمواجهةِ ما تجاهلتُه.
“هل يمكننا الدخولُ الآن؟”
مكانُ حبسِ عمي الكبيرِ يُسمَّى ‘القفصُ’ لكنْ، ببساطةٍ، كانَ مستودعًا كبيرًا.
“أجلْ، أعتقدُ أن كل شيءٍ سيكون على ما يرام.”
كانَ بابُ المستودعِ مفتوحًا على مصراعيْه، وكانَ هناكَ حبلٌ أحمرُ ملقًى على الأرضِ.
أخبرَني هايك كيوون أنَّ هذا إشارةُ الأمانِ.
“يبدو أنَّه استفاقَ.”
‘فيوه، هذا جيد.’
‘إذنْ، سأرى النسخةَ العاديّةَ منَ عمي الكبيرِ.’
‘حسنًا، لو كانَ في حالةِ جنونٍ، لكانَ عليَّ الانتظارُ مجدَّدًا.’
‘لو استيقظَ عمي الصَّغيرُ فقطْ، لكانَ بإمكاني التَّعاملُ معهُ حتَّى في حالةِ جنونهِ.’
‘لا خيارَ أمامي الآن.’
الأطبَّاءُ والصَّيادلةُ المهرةُ يسافرونَ معَ المحاربينَ.
بسببِ طبيعةِ هذا القارَّةِ، حيثُ الحروبُ شائعةٌ ويُكسبُ المالَ منها، فإنَّ رؤيةَ مرضى خطرينَ أمرٌ شائعٌ أيضًا.
“يبدو أنَّ والدي ذهبَ إلى الحديقةِ.”
“…الحديقةُ؟”
‘هلْ يمكنُ تسميتُها حديقةً؟’
الحديقةُ التي أشارَ إليها كيوون كانتْ مليئةً بالحفرِ في الأرضِ، ولمْ تكنْ هناكَ شجرةٌ واحدةٌ سليمةٌ.
“هذهِ آثارٌ يتركَها عندما يكون في ذروةِ جنونهِ.”
وسرعانَ ما رأيتُ رجلًا في الحديقةِ.
شعرٌ طويلٌ متعرّجٌ يتأرجحُ عندَ خصرِه بعشوائيّةٍ.
رداءٌ أسودُ يبدو كأنَّه مُلقًى عليهِ بإهمالٍ وبعشوائيةٍ.
رغمَ أنَّني رأيتُ جانبَ وجهِه فقطْ، لكنهُ كانَ وسيمًا جدًّا.
شعرَ بنظراتِنا، فأدارَ هايك بيوان رأسَه ببطءٍ.
تعبيرٌ كسولٌ وباهت، وعينانِ حمراوانِ شرستانِ.
عند رؤية هذا، شعرتُ بقشعريرةٍ.
‘شيءٌ ما… غريبٌ.’
إحساسٌ اكتسبتُه منْ رؤيةِ المرضى لوقتٍ طويلٍ.
‘اللعنةُ، عيناهُ ضبابيتانِ بلا تركيزٍ!’
كانَ جسدي يصرخُ تحذيرًا.
“يا…يا أخي…؟”
[ملاحظة/ كيوون أبن عم البطلة بيونا، ولكنها تناديه بــ أخي بشكل إعتيادي لديهم.]
“لا، لا يمكنُ أنْ يكونَ…”
التفتُّ، فرأيتُ كيوون يتصبَّبُ عرقًا.
توسَّعتْ حدقتاهُ، وارتجفتْ جفناهُ.
‘…هلْ هذهِ حالةُ هلعٍ؟’
فهمتُ الموقفَ فورًا.
لا أعرفُ السَّببَ، لكنَّ فترةُ جنونِ عمي الكبير لمْ تنتهِ بعدُ!
في تلكَ اللحظةِ، ركَّزَ وجهُ عمي الكبيرِ الفاقدِ التَّركيزِ علينا فجأةً.
“ابتعدي يا بيونا!”
بوم!
في اللحظةِ التَّاليةِ، سقطتُ على الأرضِ. كانَ كتفي يؤلمني جدًّا.
‘كتفي ليسَ مخلوعًا الآن، أليسَ كذلكَ؟’
رفعتُ عينيَّ، فوجدتُ المكانَ الذي كنَّا فيهِ قدْ تحطَّمَ.
‘إنهُ مجنونٌ حقًا!’
‘إنْ بقيتُ ساكنةً، سأموتُ!’
كانَ عمي الكبيرُ ينفضُ يدَه بعدَ أنْ وجَّهَ لكمةً ولكنها أصابت الأرض.
التقى نظرُه بي، وابتسمَ بسخريةٍ، مائلاً رأسَه.
هذا تعبيرٌ مألوفٌ.
‘…آه، يجبُ أن أبتعدَ، بسرعةٍ…!’
في حياتي الأولى، كانتْ لحظةُ موتي هكذا أيضًا.
“بيونا!”
رفعَني كيوون على عجلٍ. لحسنِ الحظِّ، تفادى الضربة وهو يحملني بسرعةٍ.
“ألا تستطيعينَ الهجومَ بالماءِ أو شيءٍ ما؟”
“ماذا؟”
‘أنا معالجةٌ، أيها الوغد!’
‘لو كنتُ أمتلكُ قوَّةً قتاليّةً، لكنتُ هزمتُ وليَّ العهدِ في حياتي الثَّالثةِ!’
“ماذا نفعلُ؟ ماذا…!”
بدأ كيوون يذعرُ.
لكنْ، كما ورثَ موهبةَ والدِه، كانتْ مهارةُ تفاديهِ لهجومٍ قويٍّ كهذا غيرَ عاديّةٍ.
بوم!
أخيرًا، واجهنا طريقًا مسدودًا. أنزلَني كيوون ووقفَ بجانبي.
بدأتْ شراراتُ برقٍ صغيرةٌ تتطايرُ منْ أطرافِ أصابعِه.
“…لستُ واثقًا منَ قوةِ البرق لدي.”
كانَ صوتُه يرتجفُ قليلًا.
“تماسك، يا أخي!”
“هاااه…هذا غريبٌ. كانَ منَ المفترضِ أنْ تنتهي فترةُ جنونهِ منذُ زمنٍ، أوه! لقدْ فتحتِ البابَ!”
“نعم. لذلك ابتعدْ! ابتعدْ بسرعة!”
لصنعِ دخانٍ سامٍّ كالذي استخدمتُه ضدَّ
هايك دايوي، أحتاجُ إلى موادَّ.
“يا أخي! كمْ دقيقةً تستطيعُ تَّفادي ضربات عمي؟”
“تسألينَ عنْ ثوانٍ…”
“كمْ ثانيةً إذنْ؟”
“آه، ثلاثونَ ثانيةً!”
‘هذا لا يكفي!’
فتحتُ غطاءَ الدَّلوِ الذي كنتُ أحملهُ بسرعةٍ.
في اللحظةِ التي اقتربَ فيها عمّي الكبيرُ بسرعةٍ مخيفةٍ، غمستُ أصابعي في الماءِ.
ششش!
اندفعَ الماءُ كموجةٍ وغطَّى عمَّي الكبيرَ.
“أنتِ…!”
عادةً، أستخدمُ الماءَ للتشخيصِ، لكنْ بهذهِ الطَّريقةِ، يمكنُني إيقافهُ مؤقَّتًا.
“يا أخي، لا أستطيعُ الصُّمودَ طويلًا أمامهُ!”
استعادَ كيوون بعضَ رباطةِ جأشِه، ولوَّحَ بيدِه كما لو يرسمُ مستقيمًا في الهواءِ.
بوم! بززز!
أصابَ برقٌ منْ يدِ كيوون عمي الكبيرَ.
‘كأنَّه بيكاتشو!’
‘رائعٌ، يا أخي كيوون! إنهُ لا يتردَّدُ حتَّى ضدَّ والدِه!’
“لكنْ لمَ هو بخيرٍ؟”
“بالطَّبعِ، لأنَّ والدي أيضًا يمتلكُ قدرةَ البرقِ!”
‘كانَ عليكَ قولُ ذلكَ مبكّرًا، أيُّها الأحمق!’
“لنهربْ!”
“لا، سيُمسكُ بنا بسرعةٍ.”
عمّي الكبيرُ وهو في حالةِ جنونهِ بدا كمجنونٍ حقيقيٍّ.
بينَ خصلاتِ شعرِه المبلّلِ، لمعتْ عيناهُ كوحشٍ، فشعرتُ بقشعريرةٍ في ظهري.
‘لا أستطيعُ تقييدَ حركتهِ طويلًا.’
لحسنِ الحظِّ، وسَّعنا المسافةَ، لكنْ منْ يدري متى ستضيقُ مجدَّدًا؟
أخرجتُ نباتًا منْ جيبي وبدأتُ أمضغُه بسرعةٍ.
‘تبًا، لو كانَ هناكَ ماءٌ أكثرُ فقط! أو لو كانتْ قدرتي أكثرَ إتقانًا!’
الدَّواءُ أو السُّمُّ يحتاجُ إلى تركيبةٍ دقيقةٍ. جسدي الصَّغيرُ وعمري جعلاني في مأزقٍ.
أخيرًا، تحرَّرَ عمّي الكبيرُ منَ الماءِ واعترضَ طريقَنا.
حينها سحبَ كيوون سيفَه لأوّلِ مرَّةٍ.
“لستُ واثقًا. لمْ أنجحْ أبدًا في ثلاثِ جولاتٍ ضدَّ والدي…”
“حتَّى لو، كنْ واثقًا الآن! يجبُ أنْ نعيشَ! ثقْ بي!”
ابتسمَ كيوون بضعفٍ:
“…لمْ يقلْ لي أحدٌ هذا غيرُ والدي وأنتِ.”
‘هذا ليس وقت تطوير هوسكَ تجاهي!’
“هلْ تعتقدُ أن العم الكبيرُ يريدُ هذا؟ إنْ متَّ، منْ سيطهو لي؟”
كانت الجملةُ الأخيرةُ مزحةً بالطَّبعِ.
شعرتُ أنَّ التَّوتّرَ يفارقُ جسدَ كيوون. بدأ البرقُ يتجمَّعُ عندَ طرفِ سيفِه.
“حسنًا، شكرًا. بفضلِ مساعدتكِ في إيقافهِ، تمكَّنتُ منْ جمعِ البرقِ.”
‘إذنْ، كانَ يجمعُ الطَّاقةَ؟’
أومأت برأسي عند كلماته.
كانَ الوقتُ كافيًا لي أيضًا.
“…لا خيارَ أمامي سوى المحاولةِ.”
ليسَ خطأَ عمي الكبيرِ أنْهُ يهاجمُ ابنَهُ الآن.
“…سيطاردُنا.”
عمي الكبير، المأسورُ بالجنونِ، كانَ يتحرَّكُ بغريزةِ الصَّيدِ فقطْ.
إنَّها أخطرُ أنواعِ الهوسِ الجنوني، مدفوعةٌ بـ ‘نيَّةِ القتلِ’.
“هااا!”
هيكك!
تقدَّمَ كيوون وواجهَ عمَّس الكبيرَ.
‘ما هذا؟ إنَّه يقاتلُ جيّدًا!’
‘أمْ أنَّ الطَّرفَ الآخرَ يتساهلُ؟’
لكنْ، بعدَ لحظاتٍ، بدأ البرقُ يتجمَّعُ في يدِ عمِّي الكبيرِ، وطارَ كيوون للخلفِ بسبب ضربته.
“آه…!”
لمْ يكنْ هناكَ وقتٌ لنداءِ كيوون. قبلَ أنْ أرميَ ما في يدي بسرعة، كانَ عمّي الكبيرُ أمامي بالفعل.
‘اللعنةُ، إنَّه سريعٌ جدًّا…!’
‘تبًّا، يا عمِّي! أنا طفلةٌ! وطبيبةٌ! حتَّى في ساحةِ المعركةِ، المعالجونَ محميّونَ من قبل المحاربين!’
“توقف، يا والدي!”
أغمضتُ عينيَّ بقوَّةٍ أمامَ القبضةِ القادمةِ.
‘منْ كانَ يظنُّ أنَّ حياتي الرَّابعةَ ستنتهي وأنا في الثَّالثةِ؟’
‘آه، لقدْ بدأتُ للتَّوِّ، وبالكادِ حسَّنتُ حالةَ عمِّي الصَّغيرِ بي رانغ!’
“…أليسَ عليكِ تفادي القبضةِ القادمةِ نحوكِ؟”
صوتٌ مألوفٌ.
في الوقتِ ذاتِه، شعرتُ أنَّ جسدي يطفو.
‘…لمْ أمتْ؟’
رأيتُ قبضةَ عمِّي الكبيرِ محجوبةً، ويدهُ ترتجفُ بجنونٍ.
وكل هذا بسبب تيَّارِ ماءٍ كان يلفُّ يدَهُ ويقوم بكبحهِ.
‘ماءٌ؟’
“آه، التَّوافقُ بيننا سيّئٌ جدًّا حقًا.”
رفعتُ رأسي، فرأيتُ وجهًا متجهّمًا ولكنهُ وسيمٌ جدًا.
“ما كُل هذا العناء فورَ استيقاظي فقط؟”
كانَ هذا عمَّي الصَّغير، بي رانغ.
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 10"