الفصل 08
قبل أن يصعد إلى الطائرة، أمسكت لين يوان بذراع جي تشوان.
“كنتُ أظن أنّه من الأفضل أن أنتظر حتى تُخلي قلبك منها تمامًا قبل أن أخبرك بهذا، لكنني كنتُ خائفة. خائفة من أن تلومني.”
“عمّ تتحدثين؟”
“أخي، جيان شي يو ماتت. لقد ماتت قبل عشر سنوات.” عضّت لين يوان على شفتيها بقوة وهي تتكلم. “لم تكن تتعمّد السكوت عن الدفاع عنك؛ بل لم يكن ذلك ممكنًا لها. لقد كانت قد فارقت الحياة، فلم تعد قادرة على قول شيءٍ لك، ولا على الحضور للبحث عنك.”
“بعد أن كُشف أمركما، أُرسلت إلى مستشفى للأمراض النفسية، قُطِعت صلتها بالعالم الخارجي…تلك الصورة التي تحتفظ بها، لقد نجت من حريق شبّ في المستشفى. لقد حمتها بجسدها. هي…هي لطالما أحبّتك.”
“أخي، لقد أحبّتك أكثر مما كنتَ تتخيّل.”
سوء الفهم ذاك، الذي امتدّ عقدًا كاملًا، انكشف أخيرًا بأبشع صورة مأساوية.
وفي النهاية، قالت لين يوان الحقيقة لـ جي تشوان.
لم تعد قادرة على كتمانها أكثر.
لقد كان ذلك ظلمًا فادحًا بحق جيان شي يو.
وانهمرت دموع لين يوان الغزيرة، بعدما لم تَعُد قادرة على حبسها.
كانت في الثامنة عشرة حين ماتت…كانت تنتظر جي تشوان أن يأتي ويبحث عنها.
ابتسم جي تشوان.
“لا تتفوهِي بكلامٍ غير صحيح.”
لكن ابتسامته تجمّدت على وجهه.
لم يصعد إلى الطائرة. استدار وعاد إلى منزله.
كانت خطواته متعثّرة، كأنّ جسده قد ينهار في أية لحظة.
وعلى الأرض، كانت صورة جيان شي يو ذات الثمانية عشر عامًا تبتسم إليه.
انهار جي تشوان على ركبتيه، يعانق الصورة، وأطلق صرخة ممزقة كعواء حيوان أسير.
كان يظن أنّ عدم حبّها له هو أوج الألم في هذا العالم.
وما زال يذكر ذلك اليوم الماطر قبل عشر سنوات، حين ذهب لرؤيتها.
لقد أشار والدها إلى وجهه وهو يصرخ، “لا تظنّ أنّي لا أعرف ما الذي يسعى إليه فتى فقير مثلك! دعني أخبرك، ابنتي ليست طبيعية! لولا خداعك لها، لما دخلت في علاقة معك أبدًا! إنّها لا تفهم ما هو الحب! بالنسبة لها، لا فرق بينك وبين كلب أو زهرة!”
“لم يخطر لي يومًا أنّ جيان شي يو غير طبيعية، ولم يخطر لي يومًا أنّ حبّها زائف.”
لقد كان بريق عينيها صافيًا لا يَخفي شيئًا. كان واثقًا أنّه كان حبًّا.
كانت تحبّه.
“حسنًا. إن لم تصدّقني، فلننتظر إذن. بعد أن تخرج من حياتها، ستنساك في لمح البصر، فهي هكذا دائمًا. لن تحبّ أحدًا. حين غادرت أمّها، لم تبكِ، ولم تبحث عنها. إن هي تواصلت معك ولو لمرة، فسأدعكما معًا!”
“لكن إن لم تفعل، فلن تمدّ يدك إليها ثانية، لا تحاول إغواءها، لا تزعجها، وإلا فلن تراها في حياتك أبدًا!”
أراد أن يحتجّ.
لكن الرجل قال، “جي تشوان، إنّها في الثامنة عشرة فقط.”
نعم، كانت في الثامنة عشرة فقط.
وكان بوسعه أن ينتظر.
لاحقًا، أرسل إليها جي تشوان رسائل كثيرة، لكنها ذهبت جميعًا في صمت مطبق.
حقًا، لم تتواصل معه أبدًا.
وحين قرر السفر للخارج، فكّر أن يغيّر رقم هاتفه، لكنه في النهاية لم يستطع.
لقد كانت جيان شي يو ككائن صغير غريب.
كائن صغير غريب يتلقى حبّ الناس ولا يُبالي به.
لكنّه كان يحبّ ذلك الكائن الغريب.
وفي العشرين من عمره، انتهت أولى تجاربه في الحب بلا نهاية واضحة. وبعد مرور عشر سنوات، لم يتمكّن من كبح نفسه، فعاد إلى البلاد عودة لافتة.
خلال تلك السنوات العشر، اتّصل بذلك الرقم مرّة وهو في حالة سُكر، فلم يسمع سوى أنّه لم يعد مستخدمًا.
فتلاشت شجاعته كلها في لحظة.
ولم يجرؤ بعدها على محاولة التواصل معها، ولا على البحث عنها.
لقد اكتفى بالانتظار.
لكن مهما طال انتظاره، لم تظهر أبدًا.
فكّر أنّ والدها ربما كان على حق.
إنّها لا تفهم الحب.
لقد خدعها حينذاك، فجعلها تسيء فهم الحب، ولذلك كانت معه.
أصبح اسم جيان شي يو موضوعًا محرّمًا، مؤلمًا حدّ العجز عن مسّه.
لكنّه كان مخطئًا.
لم تأتِ للبحث عنه لأنّها كانت قد ماتت منذ عشر سنوات.
في زمن صار فيه الحبّ رخيصًا، كان حنانها استثناءً نادرًا.
وكذلك هو.
في الثامنة عشرة، كانت قد ضحّت بنفسها لتحمي صورة واحدة.
أمضى جي تشوان عمره كلّه يفكّر بها.
وعندما بلغ الأربعين، كان شعره قد ابيضّ كله، ووجهه قد هزل، ونظراته مثقلة بالكآبة، كرجلٍ عجوز يوشك على بلوغ نهايته.
في ذلك العام، مات جي تشوان وحيدًا في دارٍ للمسنّين.
لم يتزوّج أبدًا، وواجه الموت منفردًا. وقبل أن يلفظ آخر أنفاسه، كان متمسكًا بقوة بالنصف المتبقي من الصورة.
وفي لحظاته الأخيرة، أبصر جيان شي يو ذات الثامنة عشرة.
لم يكن يعرف كيف يواجهها.
ظلت على حالها بلا أدنى تغيير.
لكنّه هو…وقد تقدم به العمر.
“أعتذر…لقد جئتُ متأخرًا جدًا.”
كانت عينا جيان شي يو الصافيتان مشوبتين بالذهول والأسى، لا بالازدراء.
“جي تشوان، لِمَ جئتَ بهذه السرعة؟”
لقد فات الأوان منذ زمن.
“لأنني افتقدتكِ كثيرًا.”
تمامًا كما كان يفعل حين يدرّسها، فيأتي قبل الموعد بنصف ساعة ليقف أمام بابها.
وكما كان يفعل في مواعيدهما، فينتظرها ساعة كاملة قبل الأوان.
خلال عشرين عامًا بلا حضورها، كتب لها رسائل كثيرة لم يُرسلها أبدًا.
كان جي تشوان يعلم أنّ لـ جيان شي يو عالمها الخاص، وأنها لم تعرف الوحدة يومًا.
لكنّه هو…كان وحيدًا أكثر من أن يُحتمل.
في عالمٍ خالٍ منها، كانت كل ثانية تمرّ صعبة التحمل وطويلة بشكل مؤلم.
ـ نـهــاية الـقــصــة الـإضــافــيــة ـ
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات