الفصل 04
فجأة، غدت هي دُو دُو متحمّسة للغاية.
تحدّثت عبر هاتفها قائلة، “لِمَ لا نبدأ حملة باسم ‘البحث عن جي تشوان’؟ لِنكشف القصة الكامنة وراء هذه الصورة المحترقة نصفها!”
ثم أعادت الصورة إلى العلبة المعدنية، وغادرت وهي تحمل العلبة من المستشفى النفسي.
اعتراني القلق، فلم أملك إلا أن أتبعها.
“أعيديها إليّ!”
“تلك صورتي!”
لكنها لم تكن تسمعني.
ثم خرجتُ من المستشفى النفسي، وتبعتها حتى وصلت إلى منزلها.
أدركتُ حينها أن ما قيدني لم يكن المستشفى، بل هذه الصورة.
لم أكن أستطيع التحرّك إلا بالقرب من الصورة.
راقبتُ بعجز هي دُو دُو وهي تنشر صورتي على الإنترنت، وتجمع الأخبار، وتتواصل مع شتّى الناس، وتستفسر عن مستشفى تشينغشان النفسي.
اجتاح الإنترنتَ كلَّه صخبُ حملة ‘البحث عن جي تشوان’.
شعرتُ بشيء من الخوف، خوفًا من أن يكتشف جي تشوان أنني قد متّ منذ زمن.
سيحزن حزنًا شديدًا.
ولو كان جي تشوان قد مات، فلربما ما كنتُ لأغادر عالمي هذا أبدًا.
لكنني لم أستطع أن أوقف هي دُو دُو.
لأنني، ببساطة، كنتُ قد متّ بالفعل.
في تلك اللحظة.
عثرت هي دُو دُو على خبر.
أشار المقال إلى أنّ جي تشوان، عبقري الصناعة التقنية، سيعود إلى البلاد الأسبوع القادم للمشاركة في مؤتمر حول الذكاء الاصطناعي.
“جي تشوان!” جلست فجأة من على السرير، فوقع قناع الوجه عن وجهها.
ثم همست لنفسها، “مستحيل، مستحيل.”
حدّقتُ في الصورة المنشورة بالخبر، ولم أجرؤ أن أرمش.
لقد كان جي تشوان.
جي تشوان في الثلاثين من عمره.
أوّل حبّ لي، جي تشوان.
إذن، أكان يعيش في الخارج طَوال هذا الوقت؟
أَكان قد نسيني؟
لِمَ لم يأتِ إلى المستشفى النفسي ليراني؟
أكان السبب أنني لم أتعافَ؟
ولِمَ لم يعُد جي تشوان ذو الثلاثين عامًا يبتسم؟
ألم يكن سعيدًا؟
كنتُ حقًا أرغب أن أراه مرّة أخرى.
لمحتُ هي دُو دُو، ثم نظرتُ إلى منزلها. لا بأس، قلتُ في نفسي، قد يكون الأمر شاقًّا عليها بعض الشيء.
بعد يومين، ترك شخص ما رسالة على الإنترنت يزعم أنه يعرفني. غمرت السعادة هي دُو دُو حين رأتها.
لقد كانت فعلًا من النوع الذي يبالغ في ردّة فعله، على عكس جي تشوان، الذي لم يكن يتصرّف هكذا أبدًا.
وما إن هدأت قليلًا، حتى رحتُ أتابع الهاتف معها بقلق.
“الشخص في الصورة كانت زميلتي في الثانوية. توقّفت عن الحضور كثيرًا بعد السنة الثانية، وبعدها لم يسمع عنها أحد. كان اسمها جيان شي يو. لم تكن طبيعية تمامًا، لكنها لم تكن لتؤذي أحدًا. كل ما في الأمر أنها لم تكن تُصغي في الصف، دائمًا ما تسلّم أوراق امتحان فارغة، وكأنها لا تعبأ بما يقوله أحد. لم تكن تتواصل مع أيٍّ كان. الآن إذ أسترجع الأمر، أظن أنها كانت مصابة بالتوحّد.”
نعم، كان ذلك توحّدًا، لا مرضًا نفسيًّا.
“باستثناء عدم دراستها، وعدم كلامها، وعدم تواصلها مع الناس، كانت عادية فيما عدا ذلك.”
بادرت هي دُو دُو بالتواصل مع هذا الشخص على الفور.
“هل تعرف جي تشوان؟ ما علاقته بـ جيان شي يو؟”
“لا أعرفه. جيان شي يو لم تكن تتفاعل مع أحد أبدًا. لكن اسم جي تشوان يبدو مألوفًا. دعيني أفكّر.”
دعوتُ في صمت أن لا يتذكّر.
لكن الدعوات لا تُجدي.
“لقد تذكّرت الآن! كان طالب متفوق في السنة الثالثة، وأحرز المرتبة الأولى في امتحان القبول الجامعي على مستوى المدينة تلك السنة! بوسعكِ البحث عنه في الأخبار، لا بد أن تجدي صورته.”
وما إن بحثت، حتى تمتمت هي دُو دُو بلعنة.
“اللـ*ـنة! أليس ذاك جي تشوان، أحد عباقرة الإنترنت اليوم؟ أيمكن أن تكون صدفة بهذا القدر؟!”
بلى، بالطبع، لم تكن صدفة.
هي دُو دُو، أرجوكِ، أرجوكِ، لا تسألي جي تشوان عن الصورة.
في يوم عودة جي تشوان إلى البلاد، تمكّنت هي دُو دُو من التواصل مع صديقة صحفية لها، وذهبتا معًا لانتظاره.
وفي الأيام القليلة التي قضيتها مع هي دُو دُو، اكتشفتُ أمرًا، نظرية ست درجات من الانفصال، لم تكن تنطبق عليها.
(نظرية ست درجات من الانفصال تعني أنّ كل شخصين في العالم يمكن أن يكونا مرتبطين عبر سلسلة من معارف لا تزيد عن ستة أشخاص. ببساطة، يمكنك الوصول لأي شخص في العالم عبر صديق، أو صديق صديقك، وهكذا حتى ست خطوات فقط.)
كان يبدو أن لا أحد يفوتها معرفته؛ درجتان من الانفصال تكفيان.
طفوتُ إلى جوار هي دُو دُو، متوتّرة إلى أقصى حد.
فعلى الرغم من خوفي أن يكتشف جي تشوان موتي، كنتُ أخيرًا سأتمكّن من التسلّل لرؤيته.
ثم، كما رغبتُ، أبصرتُ جي تشوان ذو الثلاثين عامًا.
لكن كان برفقة امرأة أخرى، تسير لصيقة به، وقد شبكت ذراعها بذراعه.
شعرتُ بوخزة غضب وحزن.
لم أحظَ يومًا بفرصة أن أمسك بذراع جي تشوان.
أكان جي تشوان سيحبّها بالقدر الذي أحبّني به يومًا؟
التفكير في ذلك جعل قلبي كأنما يتآكل ببطء، كأمطار حمضية تنخره. لكنني شعرتُ أيضًا ببعض السعادة، إذ بدا أن جي تشوان بخير.
اندفعت هي دُو دُو إلى الأمام ورفعت نصف الصورة قائلة، “جي تشوان! هل تتعرّف على الشخص في هذه الصورة؟”
يا إلهي!
كيف لها أن تكون متهوّرة إلى هذا الحد!
لقد كان سؤالها فجًّا، وفي غير أوانه.
لكن جي تشوان توقّف.
سقط بصره على الصورة، ثم رفع عينيه إلى هي دُو دُو بنظرة باردة.
ولم تُفاجَأ هي دُو دُو وحدها.
أنا أيضًا تراجعتُ خطوة إلى الوراء من شدّة الخوف.
لقد كان بصر جي تشوان وكأنه يستعد لافتراس أحد.
“لا أعرفها.”
يتبع في الفصل القادم.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات