مر أسبوعان منذ وصول فيونا إلى المملكة. وها هي اليوم، كعادتها، تتجول في الحديقة برفقة ماتياس.
“هل تعتقد، يا ماتياس، أن بإمكاني تنظيف غرفتي بنفسي؟”
كانت تشعر بالملل من فراغ يديها.
تأكل طعامها، تقرأ كتابًا، تلعب ألعاب الورق مع ماتياس، تتجول، تتناول الحلوى… أيام هادئة مليئة بالراحة، سعيدة إلى حدٍ يفوق التصور. لكنها، كأسيرة، كانت تشعر يومًا بعد يوم بأن هذا الرفاه لا يليق بها.
“إن كنتِ تشعرين بالملل، يمكنني جلب المزيد من الألعاب لتسليتك!”
“ليس هذا ما أقصده. أريد عملاً أقوم به. هذا الرفاه الزائد سيفسدني!”
“حسنًا، لستُ متأكدًا من فهمي لكِ، لكن إن كنتِ ترغبين في التنظيف، سأرتب لتجهيز الأدوات اللازمة.”
“شكرًا، يا ماتياس. أقدر ذلك.”
الأدوات التي أُحضرت لها كانت، بلا شك، جديدة وفاخرة.
في اليوم التالي، أثناء تناول الإفطار مع ماتياس، أخبرها عن خطط اليوم.
“لدي مهمة اليوم، لذا سأغيب. لوك سيتولى مراقبتك، لكن هناك تغيير مفاجئ: ستُقابلين جلالة الملك اليوم. هل يمكنكِ الذهاب برفقة لوك؟”
“حسنًا، فهمت.”
“كنتُ أتمنى أن أرافقكِ بنفسي… ذلك الثعلب العجوز، أراهن أنه تعمد اختيار هذا الوقت لغيابي!” تمتم ماتياس وتجاعيد الغضب تظهر على جبينه.
“ثعلب عجوز؟” كررت فيونا متعجبة وهي تدهن العسل على فطيرتها بسخاء.
بعد الإفطار، ذهبت إلى غرفة تغيير الملابس. اخترت تنورة سوداء ضيقة وقميصًا أبيض مع ربطة زرقاء عند الصدر، وجدلت شعرها برفق خلف رأسها. كساحرة، كان زيها الرسمي عادةً رداءً، لكن نظرًا لوضعها الحالي، اختارت الزي الرسمي الشائع لنساء المملكة.
“هل هناك شيء غير مناسب؟”
“دعيني أرى,” قال ماتياس وهو يتفحص ياقتها، يعدل طية خلف عنقها ويستوى الربطة بدقة. “حسنًا، أنتِ جاهزة.”
“شكرًا.”
بعد ذلك، وضع ماتياس قيدًا على يدها وغادر لمهمته. لوحت له مودعة، ثم قضت بعض الوقت تنظر من النافذة حتى وصل لوك، مرتديًا رداءً أبيض.
“صباح الخير، فيونا! هل نذهب؟”
“صباح الخير، لوك. أرجوك اعتنِ بي.”
“بالطبع!”
أزال القيد، وخرجا معًا من الغرفة. أثناء سيرهما في الممر الطويل، مرّا بأشخاص يرتدون ملابس عادية أو أردية، فكانت فيونا تحييهم برأسها. نزلا الدرج وخرجا إلى الخارج، متجهين نحو القلعة الملكية عبر ممر مرصوف بالطوب.
كانت فيونا تسير في اتجاه لم تزرْه من قبل، فشعرت بفرح خفيف. كانت تستمتع بالمناظر دون أي مظهر من التوتر.
“لا تبدين متوترة.”
“لا فائدة من التوتر، أليس كذلك؟”
“هاها، هذا صحيح!”
بعد دقائق من المشي والحديث، وصلا إلى القلعة. عند المدخل، رافقهما اثنان من الفرسان بزي أزرق داكن. كانت الجدران من الحجر الأبيض، مزينة بلوحات فنية. اقتربا من باب أزرق ضخم مزخرف بالذهب، يؤدي إلى قاعة العرش.
عند اقترابهما، فتح الفرسان الواقفان على الجانبين الباب. تقدمت فيونا خلف لوك على سجادة حمراء تمتد في المنتصف. في القاعة، وقف ستة فرسان حماية واثنان من المقربين حول العرش، حيث جلس ملك المملكة، رجل في منتصف العمر بشعر أحمر مسرح للخلف وعينين بنيتين.
ركعت فيونا على ركبة واحدة، تقليدًا للوك، وأحنت رأسها.
“مرحبًا، أيتها الساحرة الذهبية. أنا ديكهارت، ملك هذه الأرض. ارفعي رأسكِ وكوني مرتاحة.”
رفعت فيونا رأسها قليلاً، ملقية نظرة على لوك، الذي استدار مبتسمًا بشكل غريب رغم وقوفه أمام الملك، فقامت هي أيضًا.
“إنه لشرف عظيم أن أحظى بمقابلة جلالتكم. أنا فيونا.”
قالت وهي تضع يدها على صدرها وتحني رأسها تحيةً. ثم رفعت عينيها لتنظر إلى الملك، ملاحظةً الشبه الكبير بينه وبين لوك.
‘إنهما متشابهان جدًا.’
كأن الملك قرأ أفكارها، أجاب على الفور: “إديلوك، الواقف هناك، هو ابن أخي.”
“ابن أخيك؟”
هذا يعني أن لوك من الدم الملكي، وأن اسمه الحقيقي هو إديلوك. همست له بهدوء: “إديلوك-ساما؟”
“لا، لا حاجة لذلك الآن!” رد لوك بصوت عالٍ وابتسامة مترددة، مستديرًا للخلف. “أجل، لا داعي لذلك الآن، صحيح؟” فكرت فيونا وهي تهمس “حسنًا”.
“حسنًا، لقد سمعت عنكِ من ماتياس، لكن هذه أول مرة نلتقي فيها وجهًا لوجه. دعينا نتحدث بصراحة.”
“بالطبع، اسألني ما شئتَ,” ردت فيونا وهي تتقدم خطوة.
سألها الملك عن أوضاع إمبراطورية غارجود الحالية، فأجابت بكل ما تعرفه.
بدأت الإمبراطورية في محاولات نهب المملكة منذ حوالي عام، بعد أن أصيب الإمبراطور بمرض وتولى الأمير الأول، جيلبيرت، السلطة. طمع الأمير في استخدام قوة فيونا، حاملة القطعة المقدسة، للاستيلاء على أراضي الدول الأخرى الغنية، بدءًا بنهب موارد المملكة المجاورة، مثل الأحجار الواقية والأحجار السحرية.
كررت الإمبراطورية هجماتها بإرسال سحرة، بمن فيهم فيونا، لسرقة الموارد، مما أدى إلى تقوية دفاعات المملكة وتكرار المعارك الشرسة.
على الرغم من أن العلاقة بين الإمبراطورية والمملكة كانت محايدة نسبيًا، إلا أن مرض الإمبراطور أدى إلى تدهورها. تجاهلت الإمبراطورية الاحتجاجات الدبلوماسية من المملكة، واستمرت في نهبها دون هوادة.
عندما سألها الملك عن شخصية الأمير، أجابت فيونا ببرود: “إنه متعجرف، متغطرس، قاسٍ، فاسق، وأسوأ إنسان ممكن.” كلمة “فاسق” لم تكن ضرورية في هذا السياق، لكنها أرادت أن تشوه سمعته في الخارج لأنها تكرهه بشدة.
“سمعتُ أنه لا ولاء لكِ تجاه الإمبراطورية، أصحيح ذلك؟”
“نعم، لم أمتلك مثل هذا الولاء يومًا. كان لدي وطن عزيز، لكن لم يعد هناك أي شخص عزيز عليّ هناك.”
“إذن، لا يهمكِ إن لم تعودي أبدًا؟”
“لا، لا أرغب في العودة أبدًا.”
“حسنًا… وماذا عن ماتياس؟ ما رأيكِ به؟”
تفاجأت بالسؤال العشوائي، لكنها فكرت مليًا. كان ماتياس عدوًا لم تتحدث معه من قبل، لكنه هنا كان لطيفًا معها دائمًا، يهتم بتفاصيلها، يحقق رغباتها، ويعتني بها. كان حضوره دافئًا ومطمئنًا، كأنه…
“أمي…؟ ماتياس يشبه أمي.”
“بفت!” سُمع صوت ضحك مكتوم من الخلف. استدارت لترى لوك يضع يده على فمه، يرتجف من الضحك.
“أمك…؟” تمتم وهو يجلس على الأرض غير قادر على التحمل.
نظرت فيونا إلى الملك، فوجدته يرتجف قليلاً وهو ينظر إلى الأسفل، بينما بدا أن الفرسان والمقربين يهتزون بصمت. “هاها… أمها؟ يا للأسف على ماتياس…” قال الملك وهو يكتم ضحكته.
“الأسف؟” فكرت فيونا، مدركةً أن وصف رجل بـ”الأم” قد يكون إهانة. شعرت بالذنب لإهانتها ماتياس دون قصد.
“أرجوك، لا تخبر ماتياس بذلك.”
“هاها، حسنًا، سأحتفظ بالسر.”
عزمت فيونا في قلبها ألا تكرر هذا الوصف أمام ماتياس أبدًا.
— ترجمة إسراء
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"
كان وضحت الاخت قال يشبه امي 😂😂