للأسف لم يكن لي اسم في هذا المكان. ربما كان لي اسم من قبل، لكنني لا أتذكره. كل ما كنت أراه عندما فتحتُ عيني كان حقلاً من العشب.

“يبدو أنكِ بلا اسم.”

تمتم جيراكيل وهو يقلّبني بين يديه بتفكير، وكأنه يفكر في الاسم الذي سيعطيني إياه.

يا للمصادفة، بطني كانت ممتلئة وجسدي يتدحرج في الوقت نفسه.

“تشووو!.”

[أشعر بالدوار!.]

كانت رؤيتي تدور من حولي. من يدحرج مخلوقًا بعد أن يطعمه حتى الشبع؟ هذا الرجل يشبه من يعذّب الحيوانات!.

تمكنتُ من الإمساك بإصبعه وحاولتُ أن أتشبث به.

“تشي–!.”

[توقف!.]

في تلك اللحظة، أمسك بي جيراكيل فجأة ورفعني. ثم تمدد على السرير وهو ما زال ممسكًا بي. توقفت رؤيتي الدوارة فجأة، ووجه جيراكيل ملأ مجالي البصري.

ابتسم ببطء وقال شيئًا.

عندما ابتسم، كان وجهه بريئًا إلى أبعد حد.

“حسنًا. تشيتشي اسم مناسب.”

“؟!.”

“لأنكِ دائمًا تقولين تشي تشي.”

‘حقًا؟ من يعطي اسمًا بهذا الشكل العشوائي؟!.’ 

ثم إنني لستُ مجرد ابن عرس، أنا مزيج إنسان وابن عرس. حتى وإن فشلت تحولي البشري الآن، قد أنجح يومًا ما!.

“تشووو!.”

[لا يعجبني هذا الاسم!.]

كنتُ على وشك أن أركل وجه جيراكيل ركلة نارية حين رأيته يحمر خجلاً متأخرًا.

‘لا تتصرف وكأنك سعيد عندما أضربك!.’

فقدتُ رغبتي في الضرب ونظرتُ إلى جيراكيل بعينين معتمتين.

“عيناكِ كأنكِ تنظرين إلى حشرات.”

“تشي…”

كنتُ على وشك أن أقول: “حتى الآن، إذا سحبتَ اسم تشيتشي فسأسامحك بقلب إنسان وابن عرس كريم.”

لا أعرف كيف فسّر نظراتي المليئة بالغضب، لكن جيراكيل فجأة غطى خده بيد واحدة وتمتم بهدوء.

“يجعلني ذلك أشعر بالإثارة.”

‘هي، هل تنظر إليّ هكذا؟.’

كان صوته الخجول أشبه بصوت فتاة وقعت في حبها الأول. لكن المضمون لم يكن جميلاً أبدًا.

“أفضل لو أنكِ خطوتِ عليّ.”

بدا صادقًا جدًا حتى إنه قرّب وجهه أكثر. ما زال الأمر غريبًا… هل اتخذتُ خيارًا خاطئًا فعلاً؟.

في ذلك اليوم تأكدتُ أن جيراكيل رون جابيسي ليس سليم العقل.

—

كان ذلك في الصباح الباكر حين غلب النعاس تشيتشي من الإرهاق.

جيراكيل، الذي استخدم كل وسيلة لإيقاظها، كان يحدق بإبن عرس النائم باهتمام.

كانت نظرته مختلفة تمامًا عن نظرة اللعب أثناء النهار، إذ كانت الآن باردة وحادة.

كان يتأمل الإصبع الذي عضّته تشيتشي، غارقًا في التفكير.

كانت تشيتشي التي ظهرت أمامه موضوعًا مثيرًا للاهتمام حقًا.

فراء أبيض، عينان ورديتان، وشخصية جريئة خشنة. ناهيك عن الفيرمونات الضعيفة التي لا تتعدى ذيل فأر، قدراتها الحقيقية ما تزال مجهولة.

شيء واحد كان مؤكدًا: فيرمونات تشيتشي لم تعمل كما ينبغي.

بل على العكس، فيرموناتها الغريبة بدت وكأنها تستهلك فيرموناته وتغلبها.

فيرمونات جيراكيل كانت معروفة بأنها الأقوى في عشيرة الأسود، جابيسي، والأقوى بين فيرمونات الإغواء في عالم السوين. 

تمتلك فيرموناته قوة تشل الفريسة وتلتهمها. كانت تُعتبر أعلى فيرمونات بين الأنواع المفترسة.

عادةً من يتأثر بفيرموناته يرتجف ألمًا أو ينام طوال اليوم.

لكن ابن عرس امامه، التي لم تستطع حتى أن تتحول إلى هيئة انسان، تمكنت من إزالة تأثيرها خلال أقل من ساعة وأصبحت تركض بنشاط.

قد تكون جاسوسة أرسلها عشيرة بايج كما اقترح إيفان.

“سارفان؟ أم ربما بلونيا؟.”

لبرهة، ترددت أسماء عشائر ابن العرس التي يعرفها في غرفة النوم الهادئة مثل أغانٍ هادئة.

لكن هذا كل ما في الأمر. جيراكيل، الذي سمح لإبن عرس المثيرة للاهتمام بالدخول، لم يكن ينوي تركها تذهب.

أولاً عليه أن يُشبع فضوله. وإذا تبيّن أنها جاسوسة، يمكنه التعامل معها لاحقًا.

تمتم ساخرًا وهو يضغط خدّ تشيتشي بإصبعه:

“لا تبدين لذيذة، لكن لنجرب.”

وبعد أن قال ما يريد لتشيتشي، أغلق عينيه.

—

“آنسة تشيتشي!.”

ركضتُ في الردهة وأنا أتجاهل نداء آيلا. 

منذ اليوم الأول أخذت آيلا على عاتقها أن تكون حاميتي في غياب جيراكيل.

قد تكون سوين لبؤة تنظر اليّ أحيانًا وتأكل قبضتها كما لو كانت جائعة، إلا أنها كانت حالة افضل من إيفان أو جيراكيل.

لكن ذلك لا يعني أنني راضية عن حياتي هنا.

لقد مرّ أسبوع منذ أن أخذتني عشيرة جابيسي. كل ليلة كنت أتحمل “تعذيبات” جيراكيل التي كانت أشبه بسوء معاملة أكثر من كونها رعاية.

“هو بالتأكيد يريد أن يربيني ليأكلني!.”

وإلا فلماذا يطعمُني حتى أنفجر، ثم مباشرة يدحرجني على السرير وكأنه يجعلني أتمرن؟.

كان الأمر سيئًا حقًا أن يُدحرجني بينما معدتي ما زالت تهضم. كنتُ أفضل أن أركض في عجلة هامستر على أن أخضع لهذا التدحرج المستمر.

كان عليّ أن أسحب أفكاري السابقة عن كونه ملاكًا إذ أن جيراكيل رون جابيسي كان بوضوح شيطانًا.

“تشيي!.”

[جانبي ما زال يؤلمني. لا أستطيع الاستمرار هكذا!.]

ترددت صرخات ابن العرس الباكية في الردهة.

وضعتُ يدي على جانبي المؤلم وعبَرتُ الممر. لم أعد أستطيع العيش هكذا. كنتُ أفضل أن أتدحرج في العشب. 

كما أن الضفدع لا يتذكر أنه كان شرغوفًا، نسيتُ الشتاء القاسي الذي تحملته وركزتُ فقط على الهرب من جيراكيل.

وأنا أتنقل خلسةً متجاوزة آيلا، كدتُ أرتطم بشخص ما عند المنعطف. لم أستطع منع نفسي من الاصطدام بساقيه.

“تشو!.”

بينما كنت أركض بأقصى سرعة، ارتد جسدي إلى الوراء بصدمة، وكدتُ أُسحق من الغريب.

رفعت رأسي إلى الشخص الذي كاد أن يدهسني. عبس ورفع حاجبه.

“ابن عرس أبيض؟.”

كان صوته يوحي وكأنه يقول: “ما هذا المخلوق؟” كان ذا هيئة باردة حتى أنه بدا كنسخة بالغة من جيراكيل.

‘من هذا؟.’

كان الرجل غريبًا تمامًا رغم تجوالي في القلعة أسبوعًا.

نظر إليّ بنظرة حائرة وكان يبدو ضعيفًا، به هالات سوداء تحت عينيه كأنه سيهوى بضربة صغيرة.

‘هل هو من عائلة جيراكيل؟.’

بينما كنتُ أخوض تحدي النظرات الغريبة مع الرجل أمامي، لاحظته آيلا التي تبعتني فحيته.

“السيد زاكاري.”

“آيلا، ما قصة هذه الحبة البيضاء؟ من قال لكِ أن تجلبي هذا المخلوق ذي الرائحة الكريهة إلى قصري؟.”

‘ماذا؟ حبة بيضاء؟ مخلوق ذو رائحة كريهة؟!.’

صُدمتُ من الإهانات ورمشتُ بارتباك. لكنني شعرتُ بهالة الرجل الباردة، فمددتُ ذراعي نحو آيلا.

“تشو، تشوو!.”

[آيلا، أرجوكِ، احمليني، أنا خائفة!.]

اتبعت آيلا طلبي فاحتضنتني. ثم هدأتني وشرحت للرجل:

“هذه هي تشيتشي، انها حيوان السيد جيراكيل الأليف.”

“حيوان أليف؟.”

“نعم. رُبيت أثناء غياب السيد.”

“تربية ابن عرس كأليف الآن؟ هذا انحدار جديد.”

تمتم زاكاري ساخطًا على فكرة كوني حيوان جيراكيل الأليف.

وفي هذه الأثناء فوجئتُ حين علمت أنه يُخاطَب بلقب ‘السيد’.

‘هل هو السيد؟ والد جيراكيل ربما؟.’

في القصة الأصلية، كان جيراكيل هو رئيس عائلة جابيسي. كان يبرز كقائد شاب يعادل وريث بايج، وهذا ترك انطباعًا قويًا.

الآن وأنا أفكر في الأمر، لم أرَ أحدًا في هذا البيت سوى جيراكيل.

في القصة الأصلية ظهرت والدته فقط، فظننت أنه لا يملك أب.

‘هل مات بمرض؟.’

لم يكن ذلك مستبعدًا، خاصة عندما نظرتُ إلى زاكاري أمامي. بدا وكأنه لن يعيش طويلاً.

كان يشبه إلى حد كبير وصف جيراكيل في القصة الأصلية. إذا كان جيراكيل الحالي مجنونًا جامحًا، فالرجل أمامي بدا كأنه مجنون منهك وضعيف.

كلاهما كانت في عينيه مسحة من الجنون تجعله يبدو عضوًا في عائلة شريرة.

هل يمكن أن يكون هذا مزيجًا من مجنون بعيون صافية ومجنون بعيون باهتة؟ شيء واحد كان واضحًا: لا أحد منهما يبدو سليم العقل.

بدا أن زاكاري لاحظ نظرتي فمال برأسه.

“عيناكِ تبدوان نجستين.”