3
بهذه الكلمات، ذهب جيراكيل ليغتسل. قال أنه شعر بعدم الارتياح لأنه مغطى بالغبار.
والآن بعد ان فكر في الأمر، بدا وكأنه كان يتدخرج في مكان ما. سيده، الذي كان بنصف رشده العقلي مقارنة بالشخص العادي، كان يعاني من اضطراب وسواس قهري شديد الحساسية.
لم يستطع ان يصدق ان جيراكيل، الذي كان يفضل اصطياد فريسته بضربة سيف واحدة حتى لا يتعرق، صار مغطى بالغبار، وأن هناك ابن عرس يلهث أمامه بلعابه.
“لا بد أنه قد جُنّ تمامًا.”
من في الدنيا يُربّي ابن عرس؟ وخاصة حيوان تائه ومهجور!.
ربما يربيه الآن لأنه وجده لطيفًا، لكن إن كان ابن عرس هذا محظوظًا، فلن ينجح أبدًا في البقاء معه إن صار بشريًّا.
فإذا كان جيراكيل هو نفسه الذي يعرفه، فسيفقد اهتمامه به سريعًا إن تغيّر مظهره، ثم يبتلعه أو يلقيه بعيدًا.
‘ربما يراه مجرد طعام للطوارئ.’
لم يجرؤ إيفان قول أي شيء وهو ينظر إلى جيراكيل بتلك الطريقة. حتى ايفان، الذي لا يخشى شيئًا في العادة، كان يتجنب النظر إليه وقتها.
ذلك لأن هذا ابن العرس المسكين قد وقع في أيدي الشخص الخطأ.
في النهاية، صار مصير ابن العرس هذا مرهونًا بجيراكيل رون جابيسي طالما أنه لفت انتباهه. وسيده لا يفرط أبدًا في أي شيء يثير اهتمامه.
“تحمّل… هذه أسوأ مصيبة يمكن أن تصيب ابن عرس.”
غطّى إيفان رأس ابن العرس بمنديله وهو يعبّر عن حزنه، وكأنه يقدم العزاء لفقيد.
كان الوقت لرفع اليدين والدعاء لله. لكن بينما كان المنديل ساكنًا، بدأ يتحرك قليلًا، ثم خرج رأس ابن العرس النائم من فتحة صغيرة.
—
لقد رأيتُ حلمًا مرعبًا…
كنت أُطارد وأُلتهم على يد أسد.
حلم لم أرغب أن أراه أبدًا مجددًا.
كنت أتمتم بكلمات غير مفهومة، غير مدركة حتى لمن أتكلم.
أنا سعيدة أنه كان مجرد حلم، لم أختبر في حياتي حلمًا بهذا الوضوح من قبل.
حتى الآن، كانت ساقاي ترتجفان. كما لو كان الأمر حقيقيًّا.
ولكن لو كان هذا هو الواقع، لما استطعت النوم نهارًا على هذا الوسادة الناعمة.
كان شعورًا غريبًا. أشبه بالعودة إلى حياة البشر. متى كانت آخر مرة نمت فيها على شيء غير العشب؟.
‘انتظر… وسادة؟.’
شعرت بضيق شديد، فمددت يدي أتحسس الأرضية. بلا شك، كانت وسادة حقيقية. ملمسها الناعم كالحرير، كانت دافئة وثابتة كأنها سرير لا يهتز.
لم أذق مثل هذه النعومة طوال سنة كاملة من حياتي كابن عرس.
“.!!”
لكن فجأة، أدركت أن واقعي الآن هو نفسه الحلم الذي كنت فيه أهرب من أسد! ومع ذلك، لم أرَ شيئًا حولي حين فتحت عيني.
‘ما هذا؟.’
من غطاني بالبطانية حتى رأسي! لم أمت بعد!.
بدأت أتحرك بعصبية وأبعدت الغطاء عن وجهي. ثم ظهر لي شكل أسد أشقر.
“آه، استيقظت؟.”
عندما رآني، ارتسمت ابتسامة على وجهه وبدت عيناه لامعتين بسعادة. من أنيابه الظاهرة كان واضحًا أنه أسد بالفعل.
أطلقت صوت تحذير غاضب كما لو أنني ابدأ قتالاً.
“تشو! تشو! تشو!.”
[ابتعد! ابتعد! ابتعد!.]
انتصب فرائي ووقفت كليًّا بوضعيّة دفاعية. رؤية الأسد بمجرد أن أفتح عيني كانت كابوسًا آخر، أما تعبيره فقد صار مزعجًا أكثر.
ثم مدّ يده نحوي وقال:
“لا داعي لهذه الحذر. لن آكلك… ليس بعد.”
‘حاليًا؟!.’
“تشي! تشي! تشووو!.”
[أي أنّك ستأكلني لاحقًا! هاه!.]
غمرتني دموعي ودفنت وجهي تحت الغطاء.
لا أصدق أن هذا يحدث! أنقذوني!.
الأسد الأشقر بدا مرتبكًا وهو يراني أصرخ بكل قوتي.
“لماذا تبكين؟.”
“تشي-!.”
[قلت انك ستأكلني!.]
وبينما كنت أصرخ وأضرب بقدمي في الهواء، سحبني أحدهم فجأة من تحت الغطاء.
في تلك اللحظة، تسللت إلى أنفي رائحة مألوفة. كان الفيرمون نفسه الذي أفقدني الوعي سابقًا.
“لماذا تبكين مجددًا؟.”
كان فتى بملامح متجهمة، شعره الأسود المغسول يلمع برطوبة خفيفة.
‘هاه!.’
حبست أنفاسي من شدة اقترابه من وجهي. لم ألاحظ جماله من قبل، لكن الآن بدا مذهلًا.
خصلات شعره الأسود المائل للزرقة كانت تلمع، وبشرته البيضاء الخالية من العيوب وشفاهه الحمراء كحبات الكرز.
وحتى عيناه الذهبيتان الكسولتان تحملان برود مفترس.
‘ما الذي تنوي فعله بي؟.’
رغم أنه لم يقتلني بعد، فإنني لم أصدق أنني بأمان. ربما الأسد الأشقر لم يكذب حين قال إنه لن يأكلني “الآن”.
حتى مع هذا الفتى الوسيم أمامي، لم أستطع التوقف عن البكاء.
“توقفي عن البكاء.”
“تشوووو…”
[إذا أنقذتني فلن أبكي…]
تمتمت، آملة سرًا، لكن يبدو أنه لم يفهم قصدي أبدًا. ملامحه أوحت بأنه لا يدرك الأمر. فعضضت إصبعه من الإحباط.
فلما رأى الأسد الأشقر ذلك تكلم.
“هل تعتقد انها من عائلة بايج؟. لا يبدو أنه ابن عرس عادي. بالنظر الى شجاعته على إظهار أنيابه أمام الاسد.”
‘ماذا؟ بايج؟.’
توقفت عن العض فجأة. كانت هذه أول مرة أسمع فيها اسم عائلة مألوفة في حياتي كابن عرس.
‘بالتأكيد لا، أليس كذلك؟.’
فجأة، غمرني شعور بالريبة. فحدقت في الصبيان أمامي. هذا المكان يسكنه رجال وحوش. شعرت فجأة بقلق مريع عند رؤية عائلة مألوفة، وربما أنا داخل رواية قرأتها من قبل.
توقفت عن العض، لكنّ الفتى أمامي عبس وكأن الأمر أزعجه. وبعد لحظة، ضرب الأسد الاشقر.
“لم تعد تعضني بسببك.”
ثم مد إصبعه مجددًا وكأنه يطلب مني أن أعضّه بسرعة.
‘هل أنت مجنون؟!.’
بصقت إصبعه، ثم جاهدت بكل قوتي. لكنه أمسك بي بإحكام.
تنهد الصبي بعمق وكأنه آسف جدًا.
“كان عليك تمزيقه، مضغه، تذوّقه والاستمتاع به مثل لحم مجفف.”
‘من الواضح انه مجنون!.’
ازدادت محاولاتي للهروب، لكن الفتى رفض تركي. عندها قال الأسد الأشقر بابتسامة جانبية.
“هل له طعم مميز؟ لو قلت من قبل، لكنت طلبت نصيبي.”
وكان مستعدًا للكشف عن أنيابه لولا أن الفتى قال ببرود.
“لا تفكر حتى.”
فرد الأسد الأشقر بخيبة.
“اوه. يبدو أنك تفضل اكل ابن عرس ذاك لوحدك على مشاركتي معك.”
“تشوووو!.”
[لماذا تشركني بهذا؟.]
ركلت بقدمي من شدة الغضب، كل ما أردته الآن هو الهرب من هذين الأسدَين بأي طريقة.
ثم أثار الأسد الأشقر الموضوع الذي سبق طرحه.
“أنظر إلى هذا. ألا ترى أن مهارته في الركل جيدة؟ كما قلت، انه قاتل بلا شك.”
“هذا صحيح. من الواضح أنه ليس ابن عرس عادي. ماذا عساه يكون؟.”
تجنبت النظر إليه، لكنّه تحرك ليحاصرني مجددًا بعينيه الفضولية.
“تشيك، تشيك، تشيك…”
[لماذا تنظر إلي!.]
التعليقات لهذا الفصل " 3"