1
‘انا جائعة…’
تناولت سريعًا حفنة من الثلج الأبيض، ورفعت بصري إلى السماء بنظرة فارغة.
بمعنى آخر… بعد مرور عام منذ ان اصبحت ابن عرس، كنت أتحرك وفق غرائزي، مجبرة على النجاة في البرية القاسية منذ اللحظة التي استيقظت فيها في هذه الحياة.
الربيع والصيف والخريف مضوا بصعوبة، لكن أول شتاء كان قاسيًا للغاية…
لقد نفد ما لدي من مخزون الطعام. لم أذق شيئًا منذ البارحة، وبدأت أشعر بأن جسدي يخلو من القوة.
تمنيت لو كان بإمكاني العيش على تناول الثلج، لكن البقاء بلا طعام أمر مستحيل.
كان مؤلمًا أن اتجسد من جديد في جسد ابن عرس… والأسوأ أنني على وشك الموت جوعًا. يا لها من قسوة!.
الطعام الذي كنت أبحث عنه في الأرض القاحلة لم يكن موجودًا، حتى خارت قواي…
وفجأة، التقط أنفي رائحة مألوفة، رائحة لذيذة. غريزيًا، بدأت أتحرك منجذبة للرائحة.
عندما يجوع المرء، تصبح حاسة الشم لديه أكثر حدة، وكأنها تمتد لمسافة بعيدة لا يراها البصر.
‘هناك…’
ومن بعيد، لمحتها… قلعة ضخمة، كانت ارضًا لوحوش لا حصر لهم رأيتهم في محاولاتي للنجاة هنا.
غريزيًا، كنت أتجنب الاقتراب من أماكن كهذه، خوفًا من ان اتمزق إربًا إندخلتها دون إذن.
لكن… تلك الرائحة كانت أقوى من قدرتي على المقاومة، فقد كنتُ جائعة ليومين.
‘آه… إنه بيانكو.’
رأيته يحفر فتحة صغيرة محاولا الدخول إلى القلعة.
كان بيانكو، مثلي، نمسًا تُرك في البرية، لكنه على عكسي… كان لصًا ماكرًا نجح في تحويل نفسه الى انسان.
بالتفكير في الامر، قال بيانكو أنه سيسرق مستودع في المرة السابقة.
‘هل هذا هو المكان؟.’
فجأة، تذكرت كيف كان، لأيام متواصلة، يُلح علي للذهاب معه لمداهمة المستودع.
قال بيانكو أن هناك كمية كبيرة من الطعام متراكم في المستودع.
اليوم، تأكدت من صدق كلامه… فالرائحة وحدها كانت كفيلة بإثبات ذلك.
لم أتردد طويلًا، فقد كان الأمر نفسه سواء متُّ جوعًا أو عضَّني أسد… وفي كلتا الحالتين، النهاية قد تكون واحدة.
اعماني الجوع، وانتهى بي الأمر بدخول مكان لم يكن ينبغي لي أن ادخله.
—
انجرفت خلف بيانكو، ودخلنا القلعة خلسة…
لكن ما إن نجحنا في التسلل، واجهت مأزقًا غير متوقع، اختفى بيانكو فجأة!
انتظرت طويلًا، لكنه لم يعد… وعندما وصلت إلى المخزن، كان فارغًا تمامًا.
ذلك الوغد تركني وحيدة… لا أحد يمكن الوثوق به!.
لكن المصيبة لم تنتهِ عند هذا الحد. المشكلة الاكبر وقعت في طريقي للهروب.
من كان ليظن أن المكان الذي هبطت فيه سيكون رأس أسدٍ صغير؟.
“ما هذا؟.”
“؟!”
فزعت، فقفزت بعيدًا بسرعة لأبتعد عن الصبي. كان الفتى يحدق بي بنظرات غريبة، كما لو أنني استخدمتُ رأسه كحجرٍ للدوس، كانت عيناه الناعستان مليئتين بالتعب.
“هاه؟ ما الأمر؟.”
بعد رؤية الحيوانات فقط طوال الوقت، رأيت أخيرًا سوين بهيئته البشرية، فقدت الفرصة المناسبة للهرب دون أن أدرك ذلك.
كانت عيناه الذهبيتان،اللتان تليقان بسوين اسد، تلمعان بلون أصفر يشبه شمسًا لاهبة، وشعره الأسود فكان لامعًا براقًا، كأنه زرقة الليل الداكن.
‘يا إلهي… لا بد أنه سيد هذا القصر!.’
بمجرد النظر إليه، ومع ذلك الجو المهيب الذي يحيط به، شعرت بلعابي يُبتلع تلقائيًا.
إذا اكتشف أنني سرقتُ مخزنه، فقد يعضني حتى الموت.
لفترة، كنت أحدق في الصبي بنظرة فارغة، أراقب ردة فعله ببطء. وفجأة، تذكرت كلمات أحد أصدقائي في حياتي السابقة، حين كنا نستمتع بمشاهدة مسلسل “مملكة الحيوانات”.
“ابن العرس يتظاهر بالجنون عندما يصطاد الأرنب. بهذه الطريقة، يتمكن من الانقضاض عليه بسهولة.”
لا أعرف لماذا تذكرت ذلك فجأة، لكن الأمر بدا وكأنه فرصة. أليس البقاء على قيد الحياة يستحق أي حيلة؟.
حدقت بالفتى وهو يتثاءب بملل.
ثم بدأت أتصرف بجنون بأقصى ما أستطيع، أقفز وأتلوى بطريقة غريبة.
هل كان تظاهري ناجحًا؟ عيناه اتسعتا بشكل غير مألوف.
‘هكذا إذن… هذا ما سيجعله يخفف حذره!.’
زادت حركتي حماسًا، وفي الوقت نفسه بدأت أتحرك خلسة مبتعدة.
لكن… لو كنت أعلم أن ما فعلته سيجذب انتباهه أكثر، لما تجرأت على القيام به!.
—
‘لم أرَ شيئًا كهذا من قبل.’
حدق جيراكيل بالنمس امامه بنظرة غريبة. فجأة هبط النمس فوقه، فبدا عليه الفزع وتدحرج، ثم بدأ يتخبط بجسده كله.
قفز مخلوق صغير، أبيض، وكأنه قطعة قطن، خاطفًا انتباهي. كان مبهرًا لدرجة أن النعاس الذي كان يثقل جفني منذ فترة تلاشى فجأة.
استطعت أن أميز أنه سوين. وربما لأنه غير متحول إلى هيئتة البشرية، لم يدرك أنه يتصرف بجرأة أمامي.
ذلك المشهد الغريب أمامه كان كافيًا لجذب اهتمام جيراكيل أكثر من قيلولة كسولة بعد الظهيرة.
في البداية، كنت أنوي النوم قليلا هربًا من إيفان.
لكن كان من المضحك جدًا أن أرى ذلك المخلوق الأبيض أمامي وهو يرقص بكل شغفه وطاقته.
كيف لمثل هذا الجسد الصغير، الذي يبدو وكأنه سيتم اكله في قضمة واحدة إذا وُضع على طبق، ان يمتلك طاقة كهذه؟.
يبدو انه دخل بالخطأ منطقة الأسد أثناء البحث عن طعام. ومع ذلك، ما لم يكن أحمق، فلا أحد يجرؤ على الركض هكذا أمام أسد.
“ما خطبه؟.”
عند هذه الكلمات، ارتجف ابن عرس وحدق فيه بنظرة غاضبة. لم يكن يدرك شيئًا عن خطورة هذا العالم.
كانت مشكلة صغيرة جدًا لدرجة أنني استطعت تجاهلها بعد حادثة واحدة. بدا وكأنه يفهم شتائمي.
كان فراء ابن العرس أبيض كالثلج. كان أبيض لدرجة أنه وسط الثلج المتناثر غير المذاب، لم يكن ليظهر منه سوى عينيه وانفه وفمه.
الشتاء كان قد بدأ للتو، والرياح الباردة كانت قاسية بعض الشيء، لكن لم تصل بعد إلى حد القتل.
وبما أن حجمه أصغر بكثير من حجم ابن العرس العادي، بدا واضحًا أنه لم يحصل على طعام كافٍ لفترة طويلة. لا شك أنه جاء إلى هنا بدافع الجوع.
في العادة، كنت سأتركه وشأنه.
ربما لأنني رأيت لتوي مشهد مثير للاهتمام كهذا، ثبتُ نظري على ابن عرس. بدا من المؤسف أن أتركه يرحل هكذا.
‘بالنظر إلى الفراء المرتجف، اظن انه خائف. إن أمسكت به، فسيصاب بالذعر ويصبح أكثر شراسة.’
عندما تخيلت كيف سيبدو وهو يتخبط بين يدي،
شعرت فجأة برغبة في الضغط عليه.
غير مدرك لافكاره المرعبة، واصل ابن عرس الرقص.
كانت حركاته تشبه كثيرًا ما يفعله ابن العرس أثناء الصيد…
“هل تحاول أن تغريني؟.”
لا أعتقد أنني سمعت من قبل عن ابن عرس يقوم بالحيل.
اقترب جيراكيل منه، وبخطوات خفيفة بدأ يضيّق المسافة بينهما.
لكن قبل أن أدرك، كان ابن العرس قد ابتعد ببطء، وعندما التفت نحوه، لمع بريق وردي في عينيه وهرب حين خفضت حذري.
“هاه؟.”
حينها فقط أدرك جيراكيل سبب تصرف ابن عرس بهذه الطريقة الغريبة وأطلق تنهيدة ضحلة.
لقد كان يحاول تشتيت انتباهي والهروب.
“لم يكن غبيًا في النهاية.”
حتى لو ركض، فذلك لا يزال ضمن نطاقه. نهض جيراكيل من وضعيته المستلقية تحت الشجرة. وفي الوقت نفسه، تحول إلى هيئته الاسدية وبدأ بمطاردة النمس.
كانت لعبة غير مناسبة بين أسد شاب وابن عرس صغير.
—
‘لماذا! لماذا يتبعني؟!.’
نجحت في الهروب من الأسد بكل قوتي، لكن سرعان ما وجدت نفسي في خطر.
الرجل، الذي كان نصف نائم منذ لحظات، صار يطاردني الآن بعينين متقدتين. انتهى به الأمر بمطاردتي بهيئة الاسد، مما وضعني في موقف دفاعي.
حتى وإن كان صغيرًا، إلا انه يظل أسدًا. خطواته الطويلة كانت كفيلة بإرعابي.
‘انا خائفة، انا خائفة، انا خائفة!.’
وتضاعف خوفي حين تحول الصبي الذي كان يبدو طفلاً لطيفًا منذ قليل إلى أسد مخيف.
لو أمسك بي، فسوف ينتهي بي الأمر مباشرة بين أنيابه.
أي حظ سيئ جعلني أختبئ في أرض أسد، أبحث عن الطعام في مستودعه، ثم أقع في مواجهته وجهًا لوجه؟.
كان بيانكو، الذي كان يلمح منذ ايام إلى أنه سيذهب لسرقة المخزن، قد هرب بالفعل ولم يعد موجودًا في أي مكان.
‘أيها الوغد! ليتك أنت من يلتهمه الأسد بدلًا عني!.’
أردت لو أدفعه أمام صدر الأسد لأفرغ غضبي فيه.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"