209
“سيدي الماركيز؟”
رمشتُ بعينيّ مندهشة، فابتسم إبراهام بلطف.
“هل نسيتي؟”
تحدث بأسلوب رسمي، محافظًا على آداب الكمال.
“عائلة سينيس، منذ القدم، هي الخادم الأكثر ولاءً للمعبد.”
آه… أنا كبيرة الكهنة؟
أنا، التي كنتُ حتى الآن أفكر فقط في تدمير المعبد وإنقاذ حياتي، شعرتُ بالذهول للحظة.
لقد كنتُ مستعدة حتى للموت، لذا لم يخطر ببالي أبدًا أن أصبح كبيرة الكهنة.
حتى لو فكرتُ في الأمر، كنتُ أظن أن يوتا هو من سيتبوأ هذا المنصب…
“عندما التقينا في إقليم الماركيز وقضينا وقتًا معًا، تنبأتُ بميلاد كبيرة كهنة جديدة.”
قال إبراهام بنعومة.
“لذلك، توجهتُ فورًا إلى أرهارد.”
بينما كنتُ أحدق بإبراهام في ذهول، قال يوتا:
“بالفعل.”
نهض يوتا ببطء، مبتسمًا برفق.
“كان المعبد دائمًا يرفع صاحب القوة المقدسة الأعظم إلى منصب كبير الكهنة.”
وقف يوتا إلى جانب إبراهام بأدب، ثم أضاف:
“بما أنكِ تملكين قوة مقدسة أعظم من قوتي، فمن الطبيعي أن تتقلدي منصب كبيرة الكهنة.”
هل… هل هذا صحيح؟
بينما كنتُ أرمش بعينيّ، تقدم جايد ووقف إلى جانبهما.
“عائلة دايفنريل الدوقية تُقدّم فروض الطاعة لكبيرة الكهنة الجديدة.”
كانت حركته منضبطة، موجزة، وعميقة.
على إصبعه الخنصر، كان لا يزال يرتدي خاتمين.
في عالم اللاوعي، تذكرتُ أنه وضع أحدهما في يدي، لكن يبدو أن ذلك لم ينعكس في الواقع.
بينما كنتُ أحدق بالخاتم في ذهول، تقدم راي ورينا ووقفا بجانبه في دائرة.
“عائلة لافندال الدوقية تُقدّم فروض الطاعة لكبيرة الكهنة الجديدة.”
“عائلة آيدرا الدوقية تُقدّم فروض الطاعة لكبيرة الكهنة الجديدة.”
وقفت الحيوانات المقدسة الأربعة بطاعة عند قدميّ.
حتى ثيو، الذي كان ساكنًا، أدى التحية بأدب.
“على الرغم من كوني أستاذًا مساعدًا، أنوب عن الأكاديمية لتحية كبيرة الكهنة الجديدة. أتطلع إلى تعاونكم المستمر من أجل تقدم العلم.”
“آه…”
رفعتُ رأسي لأتأمل المشهد المدمر لأرهارد.
على الأرض الملطخة بالماء والطين، كان فرسان المعبد والكهنة ملقين على الأرض.
من بينهم، بدأ الذين أصابتهم إصابات طفيفة وأولئك الذين يملكون حسّ الفرصة ينهضون بتثاقل وينحنون.
“نحيي كبيرة الكهنة الجديدة!”
“نقسم بالولاء لكبيرة الكهنة الجديدة!”
يبدو أن آييتار قد ربّى أتباعه ليكونوا انتهازيين متمرسين.
مع موت آييتار وخضوع العائلات الأرستقراطية الكبرى، لم يكن أمامهم خيار سوى الانصياع.
وراء إبراهام، رأيتُ، بشكل مفاجئ، جدي وشولفا.
كان شولفا يهمس لجدي بصوتٍ مسموع:
“همم، يبدو أن هذا شيء لا يمكن إلا لعائلة أرستقراطية عريقة أن تفعله. لا مكان لعائلة نوارت هنا.”
رمشتُ بعينيّ ونظرتُ إلى جدي.
بينما كانت عائلة سينيس والعائلات الدوقية الأربع راكعة، بدا جدي وكأنه لا يجرؤ حتى على التفكير في الانضمام إليهم.
كان جدي، الذي اعتاد الظهور بوقاحة متغطرسة، يبدو في هذه اللحظة محبطًا بشكل غير معهود.
نظر حوله مرتبكًا، ثم أخفى فأسًا كبيرًا خلف شجرة بإحراج.
لم يبدُ الفأس، الذي لا يبدو أنه اشتراه بثمن باهظ، راقيًا على الإطلاق، بل كان مجرد أداة ضخمة.
مظهر جدي وهو يخفي الفأس بسرعة… بدا، لسبب ما، مؤثرًا وحزينًا.
كان جوليان في نفس الحالة، غير قادر على الانضمام إلى هذا المشهد. كان يحدق بشولفا بنظرة نارية ويتظاهر باللامبالاة.
“لا يمكنك ضربي هنا. أثق أنك تفهم الموقف إلى هذا الحد.”
بالطبع، كان شولفا يستغل الموقف ببراعة.
“لن تكون أحمقًا لتعكر هذا المشهد المقدس بعنفك، أليس كذلك؟”
“…”
بينما كنتُ أراقب هذا المشهد، شعرتُ بغصة في قلبي.
“الجميع… يخشون أن تُعيق عائلة نوارت تقدمي…”
واقعيًا، لم يكن من الممكن استبدال كل فرسان المعبد والكهنة.
كان عليّ أن أنتقي بعناية من اتبعوا الأوامر من الأعلى وأحتضنهم.
في هذه العملية، كان جدي وجوليان يصمتان بهدوء، خشية أن يُسبب أصلي أي مشكلة.
“جدي!”
لهذا، صرختُ بصوتٍ عالٍ عن عمد:
“كل شيء هنا مدمر وفوضوي… ستتكفل بتكاليف الإصلاح، أليس كذلك؟”
تفاجأ جدي وارتجف.
ابتسمتُ وأكملت:
“أن أكون حفيدة عائلة ثرية له مميزاته… اشترِ لي أيضًا ثوب كبيرة الكهنة باهظ الثمن. مزين بالجواهر بكثرة!”
اتسعت عينا جدي.
بعد لحظة من الذهول، ابتسم بشدة حتى كاد فمه يتمزق وهز رأسه بحماس:
“بالطبع! بالتأكيد سأفعل!”
بدأ جدي يدق الأرض بقدميه بحماس وصاح:
“سأصبّ تبرعات هائلة للمعبد! هاهاها!”
قبل ساعات قليلة، كان جدي يطحن أسنانه غضبًا من المعبد، لكن ذلك بدا غير ذي أهمية الآن.
“ثوب كبيرة الكهنة؟ سأجمع كل الجواهر الموجودة وغير الموجودة لأصنع أفخم ثوب! هاهاها!”
كما هو متوقع، كان جدي في أسعد حالاته عندما ينفق المال بسخاء.
ضحكتُ بهدوء ونظرتُ إلى جوليان.
“أخي.”
كان طوليان يحدق بشولقا بنظرة قاتلة، لكنه سرعان ما ابتسم ونظر إليّ.
“نعم، روزي؟”
تحولت عيناه المتقدتان إلى نظرة رقيقة في لحظة.
“ماذا؟ هل هناك شيء يمكن لأخيكِ أن يفعله لروزي؟ قولي أي شيء، أي شيء! تعلمين أنني ثري، أليس كذلك؟”
“لا حاجة للمال. سأحقق حلمك القديم بنفسي.”
نظرتُ إليه وقلت:
“عندما كنتَ صغيرًا، كنتَ تحلم بأن تصبح قائد فرسان المعبد، أليس كذلك؟”
اتسعت عينا جوليان.
“أعرف أن مهاراتك استثنائية. ماذا لو استخدمتَ قدراتك الآن من أجل عالم أفضل؟”
بدت عليه الحيرة للحظة، ثم قال بسرعة:
“روزب… إنه شرف عظيم، لكن قبل أن يتم تعييني رسميًا… هل يمكنني التعامل مع شخصين فقط؟”
كانت نبرته مليئة بالإلحاح.
“قائد فرسان المعبد لا يمكنه قتل الناس دون إجراءات…”
“لا، لا يمكنك.”
هززتُ رأسي بحزم.
“صحيح أن يوتا أخطأ عندما صرخ معلنًا عن علامة القلب على مؤخرتك، لكن ذلك لا يستحق القتل.”
أومأ يوتا بحماس، وجهه يعكس التأثر.
تخمّنتُ من هو الشخص الآخر، فأسرعتُ بالقول:
“وشولفا أيضًا ممنوع. شولفا…”
ابتسمتُ ومددتُ يدي إليه.
“ألن تترك جايد الآن وتأتي إليّ؟”
كفاءة شولفا كانت شيئًا أطمعتُ به منذ عودتي إلى الحياة. لكنني لم أكن في موقع يسمح لي بضمه، فتركته لجايد.
لكن الآن، يبدو أن الوقت قد حان أخيرًا لتوظيف شولفا.
“علينا تسليم المهام هنا، لكن المنظمة في حالة فوضى تامة، وهي تنتظرك.”
عند كلامي، رفع شولفا نظارته بتعبير جاد مميز.
في الحقيقة، الأمور العملية هي الأهم. حتى لو طُلب مني أن أتقلد منصب كبيرة الكهنة من قبل هذه العائلات الأرستقراطية وأشخاص المعبد المتبقين…
كانت المنظمة فاسدة منذ زمن بعيد. لم أكن أعرف من أين أبدأ أو كيف أتعامل معها.
الآن، المنظمة في حالة استبدال القائد وفقًا للمبادئ فقط…
كان هناك شخص واحد فقط يملك الشغف لتحدي هذا الوضع المبهم، شخص يتمتع بذوق ملعون في الحياة.
والآن، بما أن جايد يمكنه التركيز على شؤون عائلة دايفنريل الدوقية، فإن بقاء شولفا هناك ليس سوى إهدار لمواهبه.
“هووو.”
تألقت عينا شولفا بعزيمة وهو يظهر تعبيرًا حازمًا.
“قد أكون سيئ الحظ في الصداقات، لكن حظي في الانتقال الوظيفي ممتاز.”
أومأ جايد موافقًا على انتقاله.
ضحكتُ “هاها” وتنفستُ الصعداء.
° . • .✦ . ◌ ⋆ ° ✬ • ✫ ⋆。 .° ◌ • .●
التعليقات لهذا الفصل " 209"