1
ابنُ سعادةِ الحاكم في “هبْتشيون” كان في الأصل متكبرًا متغطرسًا لا يقوم بواجب الإنسان. غير أنّه بعد أن تلقّى موعظةً من رئيس دير “هايِنسا” صَفَتْ سريرته، فارتقى بعد ذلك إلى منصب الحاكم العام في “بيونغيانغ”.
وقد أوصى رئيس الدير مشددًا أن يرسل في يومٍ معلوم وساعةٍ معلومةٍ راهبًا، وأكد أن يجعله يبيت معه في الغرفة نفسها.
وبعد أعوام، جاء حقًّا راهبٌ من دير “هايِنسا”، ففعل الحاكم العام كما أوصاه رئيس الدير. وأثناء ذلك، إذا بالرائحة الزنخة تفوح، فلمّا أوقد المصباح وجد الراهبَ قد طُعن في بطنه بخنجرٍ فمات، والدم يغمر الأرض.
وبالتحقيق بان أنّ الفاعل عبدٌ من عبيد الحكومة كان يضمر للحاكم حقدًا. إذ ظن أن الحاكم نفسه هو الذي ينام عند الموقد، فطعنه هناك.
وكان رئيس الدير قد علم بالأمر كله من قبل، فأرسل عمدًا بالراهب ليَفديَ الحاكم ويتلقى عنه النحس.
من كتاب: 『قصص التلال الزرقاء』.
—
في صورة التأبين كانت امرأةٌ تبدو في الثلاثين من عمرها.
وأمامها جثا طفلٌ على ركبتيه لا يطرف له جفن، محدقًا في الصورة. وجهه أشدّ شحوبًا بسبب ثيابه السود، وعيناه واسعتان فحسب.
ومن وراء ظهر الطفل سُمِعتْ أصوات:
“دان، أليس اسمك دان؟ أما عرفتني؟ أنا عمة أبيك الكبرى.”
“دعيه، فقد شاهد بأم عينه ما أصاب أمه، أيُعقل أن يسمع كلامنا الآن؟”
“وا حسرتاه، كيف يتركون طفلاً في السابعة وحيدًا هكذا؟ أين أبوه؟ أليس له ولدٌ غيره؟”
“لا أدري. لقد كان يهيم حبًّا به، فإذا به يغفل عنه فجأة.”
“أنا أعلم السبب. إذ عاد الولد وحده حيًّا، فأصبح في عينيه شيئًا من النفور والرعب.”
“وله عذره. ذاك طفل غريب. انظري إلى عينه اليسرى!”
الطفل الذي كان لا يزال يحدق بصورة أمه استدار فجأة.
وإذا بحدقته اليسرى قد احمرّت احمرار الدم.
فتحوّلت صور المعزين الذين كانوا يتحدثون، فانشق فم الشيخ الوقور من الأذن إلى الأذن، وأطلق قهقهةً شيطانية.
فما كانوا بأقرباء، بل كانوا كائنات شريرة تلبّست بأشكال البشر. هؤلاء هم وحوش الصغار، أو ما يُسمّى بالـ”يوكاي”.
“أه…….”
ارتاع الطفل وأخذ يلتفت حوله.
غير أن الكبار لم يلتفتوا إليه، كأنهم لا يرون ما يحدث، بل كأن شيئًا ما يعطلهم عن الإحساس.
‘إنها عين نادرة! من أين لك بها؟ أأهديتَ أمّك قربانًا لتحصل عليها؟’
‘البشر الذين يروننا خطرٌ عظيم، لا بد من قلع تلك العين حالًا!’
‘هلمّ يا بُني، أنا أمك.’
وتقاربوا قهقهةً وتغيّر أحدهم إلى صورة أمه.
فاغتاظ الطفل رغم خوفه.
“اخرسوا!”
لا يُدرى من أين اندفع إليه هذا الجَلَد، فضرب المهاجمين بقبضته وركلاته. وتذكّر حينها السبحة التي وضعتها خالته في يده، فنزعها وألقاها عليهم.
“كييييييك!”
فانقلبت تلك الأشباح دخانًا أسود وتلاشت.
تنفّس الطفل باضطراب، ثم هوى منكسر الكتفين.
لكن في تلك اللحظة—
طَخ! ضربةٌ غامرة ارتطمت بمؤخرته.
“……!”
فاستفاق يو-دان فاغر العينين.
وكانت حدقته اليسرى تشتعل حمرةً، ثم عادت شيئًا فشيئًا إلى السواد. وفي عينه انعكست صورة الغرفة الكئيبة.
‘……ذاك الحلم مرةً أخرى.’
مرّت عشر سنين، وما يزال المشهد عالقًا كأنه البارحة.
جلس يو-دان مذهولًا قليلًا، ثم هزّ شعره المشعث.
ساوره خاطرٌ بأن يومه شؤم.
وكما هي العادة، لم يخطئ حدسه.
لمَ خطر بباله أن يركب المترو اليوم؟
“…….”
نظر صامتًا إلى المقعد المقابل.
وقد صبغت الشمس الغاربة كل شيءٍ بالحمرة، ولم يبق في المترو سواه وتلك التلميذة.
“كح! كح!”
كانت الفتاة المقابلة تسعل بوجهٍ شاحب منذ قليل، ثم فجأة التفتت وراءها مذعورة أو تطلعت تحت قدميها، أو مسّت عنقها كأن شيئًا يخنقها.
‘……لا. لا شأن لي.’
أعرض يو-دان بوجهه.
‘دعك من ذلك.’
وأخرج هاتفه يحدّق فيه بوجهٍ متصلب. جالت عيناه بين الحروف على الشاشة، لكن لا شيء منها دخل ذهنه.
“ممتع. ممتع.”
تناهى إلى أذنه همسٌ ضعيف من مكانٍ ما.
‘تبا.’
شدّ لَفَّة شاله إلى الأعلى وأغمض عينيه، ولكن—
“كح! كح!”
صوت السعال المختنق جعله يفتح عينيه بغتة.
وكان وجه الفتاة قد ازرقّ كأنها على وشك أن تختنق.
لم يَعُد في وسعه التغاضي.
رغم يقينه بأنه سيندم، أغمض عينه اليمنى قليلًا.
فإذا بمشهد المترو يتلاشى ضبابًا، وظهر “ذلك” بوضوح.
لقد كان أفاعيَ ذات مجسات مقززة تلتف حول الفتاة. بل إن أخرى كانت تزحف من سقف العربة واحدةً تلو الأخرى.
ومن فوق الرف جلس الكائن—يوكاي بشع الجسد، متقرح الجلد يسيل منه القيح، يُخرج من خرزةٍ سوداء صغارًا من تلك الأفاعي ويلقي بها على الفتاة.
‘ما الدافع وراء ذلك؟’
لكن المؤكد أنّه يظن نفسه في مأمن، يخدع الناس من وراء ستار، حتى إذا به يُفتضح اليوم
“أما آن لك أن تكفّ؟”
ارتجف اليوكاي فوق الرف وتوقف.
حتى الفتاة التفتت تنظر بدهشة.
“أعذرني، فجأة ساءت صحتي…….”
“لستُ أعنيك.”
أجابها يو-دان جافيًا، شاخصًا بصره نحو الرف.
“هذا هو لهوك؟ أن تؤذي البشر؟ انزل حالًا! وألقِ تلك الخرزة المشؤومة!”
فتغيّر لون اليوكاي من الفزع.
دائمًا كذلك؛ ما إن يُكشَف أمرهم حتى يُصابوا بالارتباك.
فما استطاع حتى أن يلقاه بعينٍ ثابتة، وأخذ يلتفت يمينًا وشمالًا. ثم لمّا انفتحت أبواب المترو، اغتنم الفرصة وفرّ إلى الخارج.
نقر يو-دان بلسانه.
‘ها قد أثقلت نفسي بالمتاعب مرة أخرى.’
فقام مسرعًا وتبعه قبل أن تُغلق الأبواب. وفي اللحظة نفسها مدّ يده نحو الفتاة.
فارتاعت وانكمشت.
إذ كانت من قبل ترتعب من هذا الفتى العابس الذي يصرخ في الفراغ.
لكن يده امتدت إلى جانب عنقها، كأنه قبض على شيء خفي.
وفجأة انزاح عنها الكابوس، وانفتح صدرها بالنَّفَس.
“آه……؟”
نظرت خلفه مذهولة، فيما أُطبقت أبواب المترو.
—
كان الليل قد أرخى سدوله، وراحت لافتات الحانات تومض قبل النجوم.
يتخلل جموع الموظفين العائدين إلى بيوتهم، يفرّ اليوكاي متخبّطًا.
“آه، يا لها من مشقة…….”
تمتم يو-دان متضجرًا وهو يتبعه.
ولم يظن اليوكاي أن أحدًا يلحقه، فخرج من الطريق العام يبحث عن ضحية أخرى. وإذا به يبصر فتاةً تنتظر الحافلة وحدها، فيدنو منها متسللًا.
وما إن كاد يلتصق بها من الخلف حتى امتدت يد تشده من عنقه.
“هيييييك!”
فارتاع اليوكاي.
وكان ملمسه الزلق مما يمقته يو-دان، لكنه لم يتركه، بل جرّه جرًّا حتى طرحه إلى جدار الزقاق.
“أتستخف بكلامي؟”
“خطئي! خطئي!”
أخذ اليوكاي يتوسل صاغرًا، ووجهه البشع متقيح مقيت.
“حقًّا خطئي! لم أطق صبري على حالتي هذه، فلم أجد إلا أن أؤذي الآخرين كي أستطيع احتمال عذابي…….”
“اسكت! من سألك؟ لا شأن لي بقصتك ولا أريد سماعها. اختفِ عن ناظري وإلا ندمت!”
“لكن…… في الأصل لا يُرى أمثالنا للبشر.”
ثم رمق عين يو-دان اليسرى بوجل.
“وكيف لك تلك العين…….”
“اخرس!”
“أعذرني! أذنبْتُ، أنصرف حالًا.”
“مكانك.”
داس يو-دان على ذيل اليوكاي الذي كان يزحف متراجعًا بخطًى حذرة، فأوقفه.
“ذاك ينبغي أن تتركه قبل أن تنصرف.”
“نعم؟ آه، أجل، صدقت.”
مدّ اليوكاي يده المهشّمة إلى حضنه، فأخرج رزمة من النقود. ولمّا لم يفعل يو-دان شيئًا غير التحديق فيه بدهشة، دسّها في جيبه بنفسه.
“أي عبث هذا؟ من قال لك أن تخرج النقود؟! أعني تلك الخرزة السوداء! الخرزة التي تُخضع بها الوحوش!”
“ماذا تقول؟ تلك الخرزة؟”
سأل اليوكاي متفاجئًا.
‘كما توقعت… يتغابى ويتصنّع البراءة، وهذا يثير غيظي.’
إنّ مثل هذه الكائنات التي تؤذي الناس دائمًا ما يكون لها أصل أو مصدر للسحر. سيف عتيق، أو رمح بالٍ، أو عقد يتدلّى على الصدر، أو كيس مجهول المضمون… الأنواع شتى. غير أنّ أكثرها شيوعًا هو الخرز.
فما إن تقع العين عليها، يجب مهما كلّف الأمر أن تُنتزع وتُكسر. ينبغي استئصال الجذور من الأساس. وإلا عاد اللقاء بهم وأصبح الأمر وبالًا.
“هاتها برضاك. فإن لم تفعل، سأظلّ أطاردك وأثير ضوضاء حتى تخرجها. وقد يمرّ من هنا كاهن، أو راهب، أو قسّ… ومن يدري من يلاحظ أمرنا؟ وحينها، فأينا سيكون في مأزق أكبر؟”
عندها ارتبك اليوكاي. ففي العادة ينهار عزيمتهم عند هذا الحد، إذ في صدورهم دائمًا موضع ضعف يخشونه.
“آه، حسنًا… فهمت.”
طلعت على وجه اليوكاي القبيح ملامح غريبة.
“إن طلبتَها فسأعطيك إياها. لكن أأنت جادّ في أخذها؟ ألا يجدر بك أن تفكر مليًّا مرة أخرى؟”
“أي هذيان هذا؟ أسرع وأعطني إياها!”
“نعم… حاضر…”
ارتبك اليوكاي، وأدخل يده في حضنه مرة أخرى، وأخرج خرزة سوداء حالكة وقدّمها. فمدّ يو-دان يده فأخذها.
كان ملمسها غريبًا، كقشرة قشريّات البحر، كأنها قد تتحطّم لو ضغطها قليلًا. سطحها مطفأ، لكن أعماقها تضمّ بريقًا عجيبًا.
‘ما هذا؟’
ثبت بصره عليها بعينه اليسرى، فإذا بتموّجات طفيفة تتلألأ. من الظلمة التي كانت تتماوج بخفاء، انبعثت رائحة شرّ لا يُحتمل.
‘لا أريد أن أفكر بهذا…’
إنها نفسها كما في ذلك الحين.
‘لا أذكر إلا أن حادثة وقعت… صرخات الناس… ثمّ ظهر في الظلمة شعلتان، ثم أربع، ثم ست، ثم ثمانٍ…’
ولما أفاق، كان الجميع قد سقطوا أرضًا. حتى أمّه. وكانت عينه اليسرى توجعه ألمًا شديدًا.
شدّ يو-دان طرف وشاحه بقبضته دون أن يشعر.
“لقد سئمت….”
ضغط الخرزة بيده الأخرى بكل قوة. وفي اللحظة التي تصدّع سطحها الأسود بشرخ دقيق، لفح عنقه نسيم بارد. أدرك حينها أنّ أمرًا جللًا قد وقع، ولكن كان الأوان قد فات.
تفتّت غلاف الخرزة، وانفجر منها سيل من السواد كالمداد، فغطّى الأجواء. شعر بحرارة تكوي جبينه كالنار، ولم يعرف ما الأمر.
‘ما هذا؟’
نظر يو-دان إلى اليوكاي، مذعورًا. كان جسده المشوّه ينهض شيئًا فشيئًا، متحوّلًا إلى ظلّ يفوق قامة البشر بكثير. وزال عنه في لحظة ما كان يغطي جسده من قيح وصديد.
“ظننت أنّه وهم، فإذا به صدق.”
صوت اليوكاي… لا، ذاك الشيء المجهول، صار مهيبًا وملؤه الجبروت.
“إنك لا تعلم شيئًا أصلًا. تلك العين لا تزيدك إلا بصرًا… لكنها لا تُعطيك إدراكًا! يا للخسارة فيك!”
“ماذا تقول؟”
“إنها خرزة البلاء! لطول ما تقادم بها العهد حسبتُها كنزًا والتقطتُها، لكنها لم تكن إلا وعاءً للشؤم. ومن امتلكها لا بدّ أن ينال البلاء حتمًا. لكنك جئتني تطلبها بنفسك! وهكذا نلتُ حريتي!”
وقف ذاك المخلوق منتصبًا، ونشر جناحيه عريضين، وقد انمحى عنه قبحه السابق.
“لقد صرتَ أنت موضع العذاب والألم عوضًا عني!”
“ماذا؟ موضع الألم؟” سأل يو-دان بذهول.
ارتجّت الأرض تحت قدميه. انشقّت أرضية الخرسانة، فإذا بفجوة سوداء تظهر، هي ذات الظلمة التي رآها في جوف الخرزة. صارت الآن هاوية لا قرار لها. ومن قعرها البعيد، تعالت صرخات كائنات ميتة تتوجع، تستدعيه إليها.
‘ما الذي يحدث؟’
كاد أن يُبتلع لكنه تفادى الفجوة بأعجوبة، وانطلق هاربًا عبر الأزقة حتى خرج إلى شارع مكتظ بالمارّة.
كان يعلم أن مثل هذه الكيانات، مهما بلغ شرّها، فإنها تتحاشى مواطن البشر. تختبئ زمنًا حتى تعود فتظفر بلحظة مواتية. هكذا علمه طول المطاردة. غير أن الأمر الآن لم يكن كذلك.
كانت الفجوة تتبعه، تلتهم كل ما يعترضها، وتقترب منه كالمفترس بلا صوت. كلما أسرع، ازدادت سرعة مطاردته. أظلمت الدنيا أمامه.
‘سواء أكانت بلاءً أم غيره، ما شأني؟! ما كان لي أن أتدخل أصلًا! كان عليّ أن أغض الطرف عمّا يصيب الآخرين!’
لكن الندم جاء متأخرًا.
كان قد أنذره أحد من قبل: إن استمرّ في الانتقام من تلك الكائنات على هواه، فسيأتيه يومٌ يُصاب فيه بالبلاء، ولن يملك ردّه.
‘مع ذلك…’
يو-دان لم يستطع يومًا أن يدير وجهه عن مشاهد كاليوكاي الذي يتمثّل بأمّه، أو الروح التي تدفع طفلًا من علوّ شاهق، أو الوحش الذي يخنق فتاة صغيرة وحدها في عربة المترو.
تلك المواقف كانت توقظ في أعماقه غضبًا قديمًا لا يهدأ. لم يكن يستطيع التظاهر بالعمى.
‘ربما لم يكن صوابًا… لكن…’
عضّ يو-دان على شفته. ‘ينبغي أن أعيش على كل حال. لقد رحلت أمي، فلو متُّ أنا أيضًا، لأصاب ذلك خالتي وزوجها، وأختي ميا، وأخي سو-هيون بصدمة عظيمة.’
‘آه، صحيح… ميا أوني…’
أثناء عدوه، أخرج هاتفه من جيبه وهو يلهث.
‘نا-ميا…’
ابنة خالته، التي ورثت شيئًا من البصيرة، وإن لم تكن بقدر ما عنده. بل واتخذت من تلك القدرة عملًا مؤقتًا.
“في هذا العمل قد تتعرض حياتك للخطر، لكن دائمًا ثمّة وسيلة للنجاة.”
“وما هي؟”
“ههه! لا شأن لك بها! إنما أنا التي أقدر على ذلك.”
تذكّر يو-دان حديثها، وظلّ يتصل مرارًا حتى ردّت أخيرًا.
「ألو.」 كان صوتها باردًا.
「أنا في السينما الآن. أرجوك لا تفسد عليّ ساعتي، أيًّا كان الأمر.」
سمع ضحكات رفيقاتها بجانبها. وكان يعلم أن إزعاجها وهي تتظاهر بحياة جامعية عادية سيجرّ عليه ثمنًا، لكن لم يكن أمامه خيار.
“سينما وأباطيل! إنني الآن أطاردني هاوية عظيمة! ما العمل؟”
「ماذا قلت؟ هاوية؟」
“أجل! تحاول ابتلاعي! قال إنها بلاء! وإنني صرت موضع العذاب!”
سكتت فجأة، وخفتت أصوات صديقاتها.
「ماذا؟ قلتَ إنك صرت موضع البلاء؟」
“نعم! سلبتُ الخرزة من يوكاي وحطّمتها، ثم…”
「كم مرة قلتُ لك أن تكفّ عن تلك الحماقات! اسمع… لا تركض. إن ركضتَ أسرعتْ أكثر. يجب أن تبقى ثابتًا. قل لي… ما قطرها؟」
“لا أدري… نحو خمسة أمتار؟”
ساد الصمت برهة.
「إذن مُتْ. جنيت على نفسك. لا تصرّ أن تصبح روحًا هائمة.”
“كفاكِ تشاؤمًا! أعينيني فحسب!”
「لا فائدة. حتى أنا لا أستطيع.”
هبط في صدره ثقل.
“كيف؟! وأنتِ التي طالما تباهيتِ؟”
「لأنها غُوياء!」
“غُوياء؟”
م.كلمة “غوياء” هي جمع كلمة “غاوية”، التي تُشتق من الفعل “غوَى”، وتعني الضلال، الخيبة، أو الفساد
「نعم. لا أقدر على أسرها. لكن ثمّة مكان… هناك يمكن أن يتم الأمر. لأنه ’الحقيقي‘. ولكن هل سيوافقون على عونك؟ لا أدري. لا بدّ من القرابين.”
“قرابين؟ أي هذيان هذا؟! هل تعرفين أحدًا؟”
「ليس بشرًا.”
أجابت بحزم، فتسرب البرد إلى عروقه.
「اسمع جيّدًا. عليك أن تتوجه إلى متجر تقليدي يُسمى بانولدانغ. هكذا تصل إليه…」
وبينما هو مصعوق، وجد نفسه يحفظ العنوان الذي أمْلته عليه.
—
‘هل أنا في الطريق الصحيح؟’
كلما أدار رأسه باحثًا، اصطدم بعلبة ضخمة بين يديه.
‘آه… يجب أن أحذر.’
نظر يو-دان إلى أصابعه المتصلّبة التي كانت تقبض على صندوق كبير، يزيّنه شريط ملون يبدو في غير موضعه.
‘… أودّ لو أطرحه أرضًا.’
لكن لا، لا يستطيع. فهذا هو ’القربان‘ الذي أوصته ميا به مرارًا.
قديما كانوا يقدّمون بنات القرى، لكن الزمان تبدّل. صار هؤلاء يفضّلون كعكة فاخرة مصنوعة يدويًا، أكثر من عذراء كثيرة البكاء. اجلبها، قدمها، وتوسّل النجاة. عندها، ربما تنجو.
هكذا ثرثرت ميا بلهفة.
“إلى أي مكان تسوقينني يا ترى؟” تمتم يو-دان بقلق وخوف.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 6 - دفع البلاء ⁶ والأخير 2025-08-30
- 5 - دفع البلاء ⁵ 2025-08-30
- 4 - دفع البلاء ⁴ 2025-08-30
- 3 - دفع البلاء ³ 2025-08-30
- 2 - دفع البلاء ² 2025-08-30
- 1 - الحكاية الأولى: دفع البلاء¹ 2025-08-30
التعليقات لهذا الفصل " 1"