– زوجة الاب مستمرة بسرقة الابطال الذكور.
الفصل الثالث
في رواية “الأميرة المثالية أنجلينا”، كانت الأخوات الثلاث من عائلة إيميلديا مجرد شخصيات ثانوية، بل أكثر هامشية حتى من الشريرة الدنيئة هيلينا. لم تُذكر أسماؤهن بشكل بارز في القصة، وكأنهن مجرد ظلال تتلاشى في خلفية الأحداث. بسبب وجود زوجة أب قاسية ومدمرة، لم تتح لهن الفرصة لإظهار مواهبهن أو التألق في المجتمع، فتلاشت أسماؤهن من دوائر الأرستقراطية. كن مجرد أدوات درامية، أشبه بالديكور، موجودات فقط لإبراز تألق أنجلينا، الشخصية الرئيسية التي تمتلك كل شيء.
كانت عائلة إيميلديا، في يوم من الأيام، واحدة من أثرى العائلات في مملكة هيرسن، حيث سيطرت على جميع مناجم الزمرد في المنطقة، مما جعلها رمزًا للثروة والرفاهية. وكما لو كان ذلك قدرًا، ورثت الأخوات الثلاث عيونًا خضراء ساحرة تشبه الزمرد، كأنها تعكس تراث عائلتهن العريق.
الأخت الكبرى، ليليانا إيميلديا، كانت في الثانية والعشرين من عمرها، وهي فتاة تمتلك جمالًا كلاسيكيًا يذكّر بأمها الراحلة، بشعرها البني الفاتح الناعم الذي يتدفق كالحرير. كانت ليليانا تجسيدًا للأناقة والرقي الأرستقراطي، بمظهرها الوقور وسلوكها الرزين. كانت العائلات النبيلة ترى فيها مرشحة مثالية لتكون زوجة ابنها، لكن وجود هيلينا، التي كانت تُعرف في الإمبراطورية بلقب “الساحرة الحمراء” وتُعتبر وصمة عار، جعل أي اقتراح زواج ليليانا أمرًا شبه مستحيل. لم يجرؤ أحد على ربط عائلته بهيلين، حتى ولو كان الثمن هو التخلي عن ليليانا، التي ظلت عزباء رغم سنها المتقدم نسبيًا.
بعد أن تسببت ديون هيلين في مغادرة جميع الخدم من القصر، أصبحت ليليانا تتحمل عبء الأعمال المنزلية بمفردها. كانت تستيقظ مع الفجر وتعمل حتى المساء، تتحمل الإرهاق والتعب دون شكوى. ومع ذلك، كانت كل ليلة تخصص وقتًا للصلاة لإله الشمس، في طقس يعكس إيمانها العميق وصبرها اللا نهائي.
الأخت الوسطى، جينا، في السابعة عشرة من عمرها، كانت عكس ليليانا تمامًا. ورثت شعرًا بنيًا داكنًا من والدها، مع ملامح واضحة تجمع بين الجمال الأنثوي والوسامة الذكورية. كانت فتاة متهورة ومفعمة بالحيوية، تشبه والدها الذي كان فارسًا في الماضي، مما منحها مهارات رياضية استثنائية وقوة بدنية لافتة. بطولها الذي بلغ 175 سنتيمترًا، كانت تفوق معظم الرجال طولًا وقوة، مما جعلها قادرة على التصدي لهيلينا بسهولة عندما أشعلت الأخيرة فوضى في المنزل. جينا، التي كانت تكره هيلينا كرهًا شديدًا، لم تتردد يومًا في مواجهتها.
الأخت الصغرى، إيبريل، كانت في العاشرة من عمرها، وهي الأخت التي تفصلها سنوات طويلة عن ليليانا. على عكس ما قد يُتوقع من طفلة صغيرة، لم تكن إيبريل مرحة أو ودودة. كانت تمتلك نضجًا غريبًا، بل وحتى لمحة من الغموض في تصرفاتها. غالبًا ما كانت تقضي وقتها منعزلة في غرفتها، منغمسة في أمور لا يعرفها أحد. شعرها الأحمر، الذي يشبه شعر هيلينا، كان مصدر إثارة للدهشة، لكنه لم يكن دليلًا على أنها ابنتها، بل إرثًا من أحد أجداد عائلة إيميلديا. كانت إيبريل تمتلك ملامح دقيقة وعينين واسعتين تجعلانها تبدو كدمية ساحرة، لكن شخصيتها كانت بعيدة كل البعد عن اللطف أو المرح، مما جعلها صعبة الاقتراب.
هيلين، التي كانت في حياتها السابقة فتاة تُدعى هان يينا، بدأت تشعر بشيء غريب تجاه الأخوات الثلاث. ربما بسبب ذكرياتها السابقة، لم تعد ترى فيهن مجرد أعداء أو مصدر إزعاج. كانت تجربتهن المؤلمة، التي عشنها تحت ظل زوجة أب قاسية، تذكرها بحياتها السابقة، مما أثار لديها شعورًا بالتعاطف والأسف. في رواية “الأميرة المثالية أنجلينا”، كانت هيلين الشريرة الأكثر فظاعة، والأم الروحية التي دمرت حياة الأخوات. لكن الآن، وهي تواجههن، شعرت بثقل المسؤولية: ‘إذا كنتُ أنا الأم الروحية الشريرة في القصة، فأنا بالتأكيد الأسوأ على الإطلاق…’.
ومع ذلك، لم يتغير الواقع بمجرد تغير مشاعر هيلين الداخلية. كانت الأخوات الثلاث ينظرن إليها بعيون خضراء مليئة بالغضب والاحتقار، كأنها سيوف تطعنها. هيلين، التي كانت تحاول تفادي مصير مروع كقطع أصابعها، أدركت أن كلماتها التي قالتها دفاعًا عن نفسها قد تسببت في سوء فهم كبير لدى الأخوات. لم تكن ذكريات حياتها السابقة كافية لتغيير شخصيتها بين ليلة وضحاها، ولم يكن بإمكانها إخفاء حقيقتها إلى الأبد. قررت أن تواجه الأمر وتستغل الموقف لصالحها، معتبرة أن هذا قد يكون فرصة لتصحيح مسار الأحداث.
جينا، التي أصابها الذهول من وقاحة هيلين، وضعت يدها على رقبتها وهي تتمتم: “هذه الوقاحة لها حدود…” لكن ليليانا، التي كانت دائمًا هادئة ولا تفقد أعصابها، تقدمت لتواجه هيلينا. حتى في غضبها، كانت ليليانا تحتفظ برباطة جأشها، لكن صوتها كان يرتجف قليلًا، مما يكشف عن مشاعرها المكبوتة. قالت: “إذن، تريدين تزويجي لتسديد ديونكِ؟ هل تملكين الحق في فعل ذلك، يا أمي الجديدة؟”.
على عكس أختيها اللتين تتجاهلان هيلين، كانت ليليانا تُصر على مناداتها بـ”أمي الجديدة”، وكأنها تحاول وضع حدود واضحة بينهما. ردت هيلين بثقة، وهي ترفع كتفيها: “لمَ لا؟ أنا أمكم، أليس كذلك؟” كانت تشعر ببعض الذنب، لكنها أدركت أن التراجع الآن سيدمر خطتها. بعد وفاة كونت إيميلديا، تخلت العائلة الممتدة عن الأخوات الثلاث، وحتى وصيهن الرسمي، الذي كان منشغلاً بكسب المال، تجاهلهن تمامًا. في هذا العالم القاسي، كانت هيلين الوصية الوحيدة لهن، وهي من تملك سلطة اتخاذ القرارات بصفتها ربة الأسرة.
ليليانا، التي بدأت تفقد صبرها، أمسكت جبهتها وكأنها تعاني من صداع. ثم تقدمت إيبريل، الصغيرة البالغة من العمر عشر سنوات، وصاحت: “من قال إنكِ أمنا؟ لم أعتبركِ أمًا لي ولو للحظة!” نظرت إيبريل إلى هيلين بعينيها الخضراوين المتقدتين، ثم دفعتها بقوة. لم تكن الدفعة قوية بما يكفي لإيذاء هيلين، لكن الشرر في عيني الطفلة جعل هيلين تتراجع للحظة. حاولت هيلين استعادة رباطة جأشها، فأمسكت بيد إيبريل بلطف وقالت: “إيبريل، مهما كنتِ غاضبة، لا يصح أن تدفعي الناس هكذا. كدتِ تؤذينني.”
كانت هذه المرة الأولى التي تُوبخ فيها إيبريل، التي فقدت والدتها في سن الثانية، ولم يجرؤ أحد من عائلتها على توبيخها بسبب شعورهم بالذنب تجاهها. كانت هيلين في الماضي تُعرف بطباعها النارية، حيث كانت تلقي بالشتائم وترمي الأشياء عند أدنى استفزاز. لكن هذه المرة، كانت ردة فعلها هادئة ومنطقية، مما أذهل إيبريل. تدخلت جينا بسرعة، وأمسكت بيد هيلين بقوة مذهلة، وهي تصرخ: “ماذا تفعلين بإيبريل؟” صرخت هيلين من الألم، لكنها تمكنت من تحرير يدها وقالت: “من الآن فصاعدًا، أريد منكما، جينا وإيبريل، أن تنادياني بـ”أمي الجديدة” مثل ليليانا.”
نظرة الدهشة على وجه جينا كانت واضحة، وكأنها لا تصدق وقاحة هيلين. لكن هيلين استمرت: “ليس من أجلي، بل من أجلكم. مهما شتمتموني، لن يزيد ذلك من سوء سمعتي، لكنكم أنتم من سيتعرضن للإهانة بسبب ارتباطكم بي.” في الحقيقة، كانت ليليانا هي الأكثر كرهًا لهيلين، لأنها لو لم تكن موجودة، لأصبحت ليليانا ربة الأسرة. ومع ذلك، كانت ليليانا تُصر على مناداتها بـ”أمي الجديدة” لتؤكد أن هيلين لا تملك أي سلطة حقيقية عليها.
وجهت هيلين كلامها إلى إيبريل: “وأنتِ، إيبريل، مهما كنتِ تكرهينني، أنا أكبر منكِ وأقوى. لستِ في وضع يسمح لكِ بمواجهتي وجهًا لوجه. ماذا لو فقدتُ أعصابي حقًا وهاجمتكِ؟” لم تكن هيلين توبخ إيبريل لمجرد معارضتها، بل كانت تحذرها من مواجهة خصم أقوى منها. كانت هذه دروسًا قاسية عن الواقع: في هذا العالم، يجب على المرء أن يميز بين القوي والضعيف ليتمكن من البقاء.
ليليانا، التي استعادت هدوءها، سألت: “لم تكترثي بنا يومًا، والآن تتظاهرين بأنكِ أم؟ هل هذا كله من أجل سداد ديونك؟” كانت محقة. هيلين لم تكن يومًا أمًا حقيقية لهن، بل كانت السبب في تدمير مستقبلهن، حيث أنفقت ثروة العائلة في القمار وأهانت الجميع في لحظات غضبها.
ردت هيلين بثقة: “نعم، سأسدد تلك الديون مهما كلف الأمر.” كانت تتذكر حياتها السابقة كـ”هان يينا”، التي عانت من والدين بالتبني عاملاها كضحية لضعفهما. لقد أمضت هان يينا حياتها وهي تحاول إثبات أنها ليست فاشلة كما ادعيا، لكنها ماتت دون أن تحقق شيئًا. لكنها كانت تكره أن تظل مدينة لأحد.
نظرت إلى الأخوات وقالت: “وأنا مدينة لكن أيضًا.” في الرواية، كانت نهاية الأخوات مأساوية بسبب هيلين. ليليانا تموت مريضة في سن الثانية والعشرين، ولو لم تفقد العائلة قصرها، لكان بإمكان جينا وإيبريل مساعدتها، أو على الأقل كانت ستموت بين أحضانهما.
تذكرت هيلين وعد هان يينا الأخير قبل موتها: ‘لن أعيش مثل هؤلاء…’ ثم نظرت إلى الأخوات وأعلنت: “آسفة، لكن عليكن أن تصبحن سعيدات من أجلي.”
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 3"