خرج اسم من فم سيغهارت دون تفكير، قبل أن يتمكن من رؤية وجه الشخص الواقف عند النافذة. توقف النسيم العابث، كأنه استمع إلى كلماته قبل أن يهدأ.
[رحبت أنجلينا بسيغهارت بابتسامة خجولة ولكنها مليئة بالحب.]
تلك الجملة من رواية الآنسة المثالية أنجلينا بدأت تتلاشى من ذهنه. لقد نطق سيغهارت باسم شخص آخر، وتحولت ملامح أنجلينا إلى تعبير غريب، لا هو بالضحك ولا بالبكاء، بل خليط محير بينهما.
قبل ساعات قليلة، وصلت أنجلينا إلى العاصمة ليفيا، متحمسة لمفاجأة الأرشيدوق سيغهارت بعد غياب طويل. كانت الغرفة التي زُينت بعناية من قبل خادمات القصر الإمبراطوري تعكس مدى حب سيغهارت لها، مما جعل قلبها يرفرف بالدفء. تخيلت لحظة اكتشافه لها خلف الستائر، متوقعة فرحته الممزوجة بالدهشة. لكن بدلاً من ذلك، ناداها باسم “ليليانا”.
“أوه، آنسة أنجلينا…” تمتم سيغهارت مرتبكاً، وشعر بحرارة الخجل تغزو وجهه. كيف ارتكب مثل هذا الخطأ الطائش؟ لماذا نطق باسم ليليانا قبل أن يرى وجهها؟.
لم تقل أنجلينا شيئاً، وهذا ما زاد من قلقه. كانت أنجلينا، المعروفة بحيويتها وتعابيرها المتنوعة، تظهر الآن تعبيراً غامضاً لم يره من قبل. للحظة، بدا وكأن الزمن توقف، لكنها سرعان ما كسرت الصمت بضحكة خفيفة، وانثنت زوايا عينيها بنعومة.
“ههه، سيغهارت، هل تعلم أن تعبير وجهك الآن مضحك للغاية؟” قالت بنبرة مرحة، عادت فيها إلى طبيعتها المألوفة.
فرك سيغهارت رقبته بخجل. ربما كان هو من بالغ في ردة فعله على هذا الخطأ البسيط. لم يكن يتوقع وصول أنجلينا إلى ليفيا قبل موعدها بيومين، لذا كان من الطبيعي أن يفترض أن الشخص في الغرفة هو ليليانا، كبيرة وصيفات أنجلينا التي تعمل هنا يومياً. بدا كل شيء منطقياً في عقله، لكن قلبه ظل مضطرباً، كأن هناك شيئاً لم يستطع تفسيره. حتى وهو يقف أمام أنجلينا، التي طالما اشتاق لرؤيتها، تاهت عيناه كأنما تبحثان عن شيء آخر.
“أعتذر، لقد فاجأتني بظهورك المفاجئ،” قالت أنجلينا بنبرة دافئة، قررت أن تتجاوز الموقف برحابة صدر. كان استقبالاً غير متوقع، لكنها اعتقدت أن الضحك عليه سيجعل الحادثة مجرد قصة طريفة. ‘ليليانا… من تكون هذه على أي حال؟’ فكرت في نفسها، وهي تخطط لمضايقة سيغهارت بهذا السؤال يوماً ما.
لكن في تلك اللحظة، انفتح الباب بصوت خافت. ومن بين كل الأشخاص، دخلت ليليانا نفسها، صاحبة الاسم الذي نطق به سيغهارت. وقفت عند الباب، عيناها مفتوحتان على اتساعهما كأرنب مذعور.
تسبب ظهور ليليانا في إرباك سيغهارت مرة أخرى. وقوفه بين المرأتين جعله يشعر بشعور غريب بالذنب، أقوى بكثير من ذنب طفولته عندما تظاهر بالمرض ليتجنب حضور الصلوات في المعبد. لم يفهم لماذا يشعر بهذا الثقل، لكنه ألقى على ليليانا تحية عينية محرجة.
تجمدت ليليانا في مكانها عندما رأت سيغهارت وأنجلينا معاً. كانت قد تخيلت هذا المشهد مرات عديدة لتستعد عاطفياً، لكن الواقع كان أقسى بكثير. شعرت وكأن قلبها يتمزق إرباً. رؤية سيغهارت وأنجلينا يتبادلان النظرات جعلتها تدرك أنها مجرد متفرجة في قصتهما. لكنها لم تسمح لمشاعرها بالسيطرة. كانت الآن كبيرة وصيفات الدوقة أنجلينا، وعليها أن تتصرف وفقاً لدورها. انحنت ليليانا بأدب وقالت: “سيدتي الدوقة أنجلينا، تشرفت بلقائكِ للمرة الأولى.”
حرصت ليليانا على إخفاء أي أثر لمشاعرها في كلماتها أو تصرفاتها. اقتربت أنجلينا منها، وعندما همت ليليانا بتقديم نفسها، هزت أنجلينا رأسها برفق.
“أعتقد أنني أعرف من أنتِ دون الحاجة إلى تعريف،” قالت أنجلينا بابتسامة غامضة، ثم أضافت بثقة: “ألستِ ليليانا؟”
كان اسم “ليليانا” مجرد اسم يُنطق بلا معنى أو عاطفة، كما لو كانت تنادي أي خادمة عادية. لكن في داخل أنجلينا، كان هناك شيء آخر. لم تكن معتادة على التفكير بأحد بهذا العمق، وهذا الشعور كان مزعجاً لها. كانت قد سمعت عن ليليانا، ابنة عائلة كونت، التي عُينت كبيرة وصيفاتها من خلال رسالة من سيغهارت. لم تكن تتوقع أن يظل هذا الاسم عالقاً في ذهنها.
“نعم، سيدتي الدوقة. أنا ليليانا إيميلديا، كبيرة خادماتكِ في القصر الإمبراطوري من الآن فصاعداً،” أجابت ليليانا بصوت ثابت، مندهشة من أن أنجلينا عرفت اسمها مسبقاً. شعرت بالخجل من نفسها لجرأتها على التفكير في سيغهارت، رجل هذه الدوقة الرقيقة واللطيفة. أخفضت رأسها أكثر، غير قادرة على مواجهة أنجلينا.
“حسناً، أتطلع إلى العمل معكِ، ليليانا،” قالت أنجلينا بنبرة لطيفة، لكنها فكرت في نفسها: ‘لن أكرر اسمكِ في ذهني مرة أخرى.’ ابتلعت كلماتها الحادة، محتفظة بها في قلبها.
***
استيقظت هيلين فجأة، فتحت عينيها بسرعة وحاولت رفع جسدها بكل قوتها. كان رأسها يؤلمها بسبب المادة الكيميائية التي استنشقتها، لكن أولويتها كانت فهم الوضع. صوت حوافر الخيل واهتزاز العربة أشارا إلى أنها في حجرة شحن. رفعت هيلين الستارة التي تفصل المقصورة الأمامية بحذر.
‘كما توقعت…’ فكرت. لم يكن هناك سوى شخص واحد في العالم يجرؤ على خطف زوجة كونت أمام قصرها مباشرة: شاكيا. التقت عيناها بعينيه وهو يبتسم بخفة.
“أعتذر، إنها المرة الأولى التي أطلب فيها موعداً بهذه الطريقة،” قال شاكيا بسخرية.
شعرت هيلين برغبة في فقدان الوعي مجدداً. “لم يمضِ حتى شهرين، أليس كذلك؟ شاكيا، هذا ليس مقبولاً…” قالت بنبرة متذمرة، لكنها كانت تعلم أنها في موقف ضعف. حاولت تهدئة غضبها وهي ترتب شعرها المنكوش وملابسها الممزقة.
“لم أكن أنوي فقدان وعيكِ. كنت أريد التحدث كالرجال المحترمين، لكن هؤلاء الأغبياء أساؤوا فهمي،” أجاب شاكيا، وفي الحال انحنى رجاله الكبار الذين يقفون خلفه معتذرين.
كانت طريقتهم في إغمائها محترفة بشكل مخيف، لكن هيلين لم ترغب في معرفة المزيد. “حسناً… إذن، هل تريد موعداً حقاً؟” سألت بصوت مرتجف، وهي تفكر: ‘هل هذا المجنون وقع في حبي فعلاً؟’.
لم يجب شاكيا مباشرة. توقفت العربة، ونزل منها، وتبعته هيلين. كانوا في قرية بينيا، حي فقير في ضواحي ليفيا، حيث تجمعت أسقف بيوت باهتة ومهترئة، بعيدة عن تألق العاصمة.
“أو ربما وظيفة مؤقتة،” أضاف شاكيا فجأة.
“وظيفة مؤقتة؟” كررت هيلين في ذهنها. في حياتها السابقة، كانت هان يينا دائمًا في حاجة إلى المال بسبب ديون والديها بالتبني، مما جعلها الخيار الأول لأي وظيفة مؤقتة. كانت هذه أخباراً أفضل بكثير من “موعد”.
“كم ستدفع؟” سألت، عيناها تلمعان بالاهتمام.
“خمسون ألف ذهبية الآن، وخمسون ألف أخرى بعد إتمام العمل،” أجاب شاكيا.
مئة ألف ذهبية! كان هذا مبلغاً ضخماً، مما يعني أن المهمة ستكون صعبة للغاية. لكن عيني شاكيا لم تظهران أي تردد، وهو ما أثار فضول هيلين وخوفها في آن واحد.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 28"