“أريد منكِ أن تساعديني لأصبح رجلاً يتفوق على الدوق الأكبر، هذا ما أعنيه.” قال لوينهارث بنبرة مليئة بالعزم، وهو ينظر إلى جينا بعيون تحمل مزيجاً من الأمل والتحدي. لكن، كما توقّع، كان هناك شيء غير صحيح في المشهد. شعرت جينا، بقلبها الذي بدأ يتسارع، برغبة عارمة في التظاهر بعدم فهم ما يقصده. كانت عيناها تتجنبان النظر إليه مباشرة، محاولة إخفاء ارتباكها الداخلي.
“جينا، أنتِ امرأة، أليس كذلك؟” تابع لوينهارث، غافلاً عن تأثير كلماته. “ساعديني لأكسب قلب الأميرة أنجلينا، لأصبح رجلاً قادراً على إثارة مشاعر امرأة، رجلاً يستطيع أن يجعل قلبها يرتجف من الإعجاب والحب.”
كان لوينهارث رجلاً يتحلّى بالجرأة عندما يقرر فعل شيء. كان يعلم أن هذا الطريق قد يكلفه حياته، لكنه كان مصمماً على مواجهة الوحش فيموس، وقطع رأسه ليثبت رجولته الحقيقية. كان هدفه واضحاً: الفوز بقلب أنجلينا، ثم الصعود إلى عرش الإمبراطورية. وعلى الرغم من كبريائه، كان مضطراً للاعتراف بأنه لا يستطيع تحقيق ذلك بمفرده. كان بحاجة إلى يد تمتد إليه بالمساعدة.
في عيني لوينهارث، كانت جينا ليست مجرد حارسة مخلصة، بل امرأة تملك جمالاً وجاذبية لا تقلان عن أنجلينا. كان يعتقد أن الرجل الذي تراه جينا جديراً بالإعجاب سيكون بالتأكيد كذلك بالنسبة لأنجلينا. لكنه لم يكن يعلم أن جينا كانت تفكر بعكس ذلك تماماً. كلماته “أنتِ امرأة، أليس كذلك؟” أثارت جرحاً عميقاً في قلبها. كانت جينا تشعر دائماً بالخجل من افتقارها للأنوثة التقليدية. على عكس ليليانا وأيبريل، لم تكن تجيد الخياطة، وكانت عاجزة تماماً عن أداء الأعمال المنزلية. لذا، بدت كلمات لوينهارث وكأنها تلميح قاسٍ إلى أنها ليست امرأة بما فيه الكفاية في عينيه.
“لماذا تفكرين كثيراً؟ هل تنوين رفض طلبي؟” سأل لوينهارث بنبرة فيها شيء من القلق، وهو يلاحظ ترددها.
“لا، ليس الأمر كذلك!” ردت جينا بسرعة، محاولة إخفاء انزعاجها. هدأت نفسها داخلياً، مقنعة نفسها أن لا داعي للشعور بالإهانة. كان من الطبيعي ألا يُنظر إلى فارسة حارسة كامرأة بالمعنى التقليدي. بل إن هذا التصور قد يكون ميزة، تمكنها من خدمة سيدها بفعالية أكبر. وبعد لحظة من التفكير، أدركت أن اقتراح لوينهارث لم يكن سيئاً على الإطلاق. يمكنها مساعدته على الارتباط بأنجلينا، ثم العمل على جمع أختها بالدوق الأكبر سيغهارت، مما سيحقق توازناً مثالياً في خططها.
“كيف يمكنني مساعدتك، سيدي؟” سألت جينا بنبرة مشتعلة بالحماس المفاجئ، وهي تنظر إليه بعيون متلألئة بالعزيمة.
فوجئ لوينهارث بحماسها المباغت، فتردد للحظة قبل الإجابة. ‘هل يجب أن أقول هذا بنفسي؟’ فكر، وهو يحك خده بحرج واضح. لكنه أدرك أن جينا، التي تبدو غير حساسة للتلميحات الدقيقة، لن تفهم نواياه إن لم يكن صريحاً. “حسناً… أعني، أريدكِ أن تقدمي لي نصائح، أو أي شيء يساعدني لأصبح رجلاً جذاباً. أريدكِ أن تكوني إلى جانبي، ترشدينني لأكون الرجل الذي يُعجب الجميع.”
“نصائح؟ كيف يمكنني أن أجرؤ على تقديم نصائح للأمير الإمبراطوري؟” ردت جينا بصوت يعكس تواضعها، لكن عينيها كانتا تخفيان ارتباكاً داخلياً.
“بفت! فكري في الأمر كصديقة، لا كحارسة!” قال لوينهارث باندفاع، مستخدماً كلمة “صديقة” لتبسيط الأمور. لكنه شعر بالحرج الشديد فور نطقها، وتساءل لماذا شعر بالخجل من اقتراح الصداقة. ألقى نظرة سريعة على وجه جينا ليرى ردة فعلها.
‘صديقة للأمير الإمبراطوري؟’ فكرت جينا بدهشة. كان رفض هذا الاقتراح بقول “كيف يمكنني أن أكون صديقة للأمير؟” سيجرح مشاعر لوينهارث بلا شك. جينا، التي عانت من قلة الأصدقاء طوال حياتها، فهمت هذا الشعور جيداً، فقررت أن الرفض ليس خياراً مناسباً.
“…سأنفذ أوامرك، سيدي!” أعلنت جينا، وهي تُخرج سيفها من غمده المعلق على جانبها، وأدت قسم الفارس بنبرة رسمية. لم تكن كلماتها تناسب لغة الصداقة، لكنها على الأقل لم تكن رفضاً. أراد لوينهارث أن يعلق على ذلك، لكن جدية عينيها وهي تؤدي القسم جعلته يتراجع. كانت علاقتهما لا تزال عالقة بين كونها حارسة وصديقة، في منطقة رمادية غامضة.
فجأة، اهتزت العربة التي كانا يستقلانها بسبب اصطدامها بحجر على الطريق. كان الرحلة إلى إيكيلانغ ستستغرق يومين كاملين، مما أعطى جينا وقتاً للتفكير في هذا الطلب الغريب وكيفية التعامل معه.
***
في قصر ليفيا، وقفت هيلين في منتصف أحد الممرات الطويلة، قلبها يخفق بحماس وفضول. كانت هناك لتتأكد بنفسها من أن جينا، أبنتها، قد أصبحت بالفعل حارسة الأمير الإمبراطوري. ‘سأرى فقط كيف تبدو العلاقة بينهما…’ فكرت، وهي تحلم بإمكانية وجود شرارة رومانسية بين جينا ولوينهارث. إذا كان هناك أي تلميح لذلك، كانت هيلين مستعدة لفعل المستحيل لجمع بينهما، حتى لو كلفها ذلك جهداً هائلاً.
بينما كانت تسير بحماس، لمحت حارساً آخر، فهربت بسرعة إلى ممر جانبي. كانت قد حصلت على إذن بدخول القصر بحجة مساعدة ليليانا، لكن المبنى الرئيسي، حيث يقيم الأمراء، كان تحت حراسة مشددة. كانت الحراس يتربصون في كل زاوية، مما جعلها تتوه في الممرات، غير قادرة على تمييز الطريق. تفاقم الوضع عندما شم كلب حراسة رائحتها وبدأ ينبح بجنون، مقترباً من الممر الذي كانت فيه.
‘لقد انتهى أمري!’ فكرت هيلين، نادمة على فضولها الذي دفعها للتسلل إلى المبنى الرئيسي. كان التسلل إلى مكان يقيم فيه الأمراء جريمة قد تؤدي إلى سجنها في زنزانة تحت الأرض. لكن الندم جاء متأخراً. سمعت خطوات الحراس تقترب مع نباح الكلب المتواصل. لم تجد مكاناً للاختباء—إلا إذا استطاعت أن تطير إلى السماء أو تتحول إلى جزء من الجدار. في لحظة يأس، التصقت بالجدار، مدركة أن ذلك لن يجدي نفعاً. لكنها لاحظت أن إحدى الطوبات كانت مختلفة اللون قليلاً. دون تفكير، ضغطت هيلين على الطوبة بقوة.
***
عند النافذة، وقف الإمبراطور يراقب عربات الجنود وهي تتلاشى في الأفق. لم يتحرك حتى اختفت تماماً. لم يتوقع أن يغادر لوينهارث إلى إيكيلانغ بهذه السرعة بعد أمره. كأب أناني وطماع، أمر ابنه بإثبات نفسه بصنع إنجاز عظيم، لكنه لم يمنحه سوى عشرين جندياً، رغم علمه أن ابنه لا يملك مهارة السيف. شعر الإمبراطور أنه ليس إمبراطوراً عظيماً، بل أباً جباناً عاجزاً عن وداع ابنه بكلمات دافئة.
قبل عشرين عاماً، هزم الإمبراطور، وهو سيد سيف لا يُضاهى، وحش العمالقة فيموس بمفرده، مثبتاً لشعبه لماذا يستحق العرش. كان يعلم أن ابنه مختلف عنه، لكنه توقع من إمبراطور المستقبل أن يمتلك الشجاعة لهزيمة الوحوش التي تهدد الشعب. لم يكن غافلاً عن احتمال موت لوينهارث على يد فيموس، لكنه زار معبد القصر ليصلي إلى إله الشمس من أجل سلامة ابنه.
على الرغم من لياقته البدنية الفائقة، التي كانت تتيح له ركوب الخيل لأيام دون تعب، شعر الإمبراطور بإرهاق غريب ذلك اليوم. أراد أن يكون بمفرده، فأمر الخدم والفرسان بالمغادرة، واتجه إلى ممر هادئ بدلاً من غرفته. ضغط على طوبة باهتة اللون في الجدار، فتحرك الجدار ليكشف عن غرفة سرية—غرفة الإمبراطورة الراحلة. لم يستطع تدمير هذا المكان، لكنه لم يكن يريد أن يظهر ضعفه بحنينه لها بعد كل هذه السنوات. جعل من الغرفة ملاذاً سرياً، مليئاً بملابسها، ومشطها، ولوحاتها المفضلة. كان يشعر وهو هناك وكأنها لا تزال إلى جانبه.
جلس على كرسيها المفضل، مستمتعاً بالهدوء، لكنه شعر فجأة بوجود شخص آخر. رأى ظل امرأة مختبئة خلف ستارة السرير. “إيفا؟” نادى باسم الإمبراطورة للحظة، مخدوعاً بالظل، لكنه أدرك استحالة ذلك. أخرج سيفه، إمباير بليد، واقترب بحذر من الستارة، حيث وجد امرأة متكورة ترتجف.
“من أنتِ؟” سأل بنبرة حادة كالسيف، وهو يوجه نصل سيفه نحو رقبتها الرقيقة، جاهزاً لقطعها في لحظة إن لزم الأمر.
***
كان هذا أسوأ تطور ممكن. اصفر وجه هيلين، وكأنها على وشك الإغماء من الرعب. سحبها الإمبراطور بعنف وفتش الغرفة بدقة متناهية—تحت السرير، خلف الطاولات، وداخل كل خزانة. تأكد أن لا أحد غيرها تسلل إلى الغرفة. ثم نظر إليها بعناية: شعر أحمر متموج كأمواج البحر، عينان قرمزيتان تلمعان كنار مشتعلة، وجسم ممتلئ ينضح بالجاذبية. كانت تشبه ظل الإمبراطورة للوهلة الأولى، لكنها كانت مختلفة تماماً—كأنها شيطانة أرسلها الإله لاختبار إرادة البشر.
‘جمال نادر’، فكر الإمبراطور، لكنه قرر على الفور أن عليه قتلها. امرأة بهذا الجمال، قادرة على إثارة قلبه بمجرد رؤيتها، لا بد أن تكون جزءاً من مؤامرة. كان يعتقد أن فكرة إرسال امرأة جميلة لاغتياله قد أصبحت قديمة ومبتذلة، لكنه استعد لقطع رقبتها، متجاهلاً هوية من قد يكون وراءها، مصمماً على إنهاء التهديد فوراً.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 26"