كانت هيلين، وهي تجلس في ركن هادئ من القصر الإمبراطوري، تستمع بانتباه إلى الأخبار المتأخرة التي نقلتها لها ليليانا، إحدى الوصيفات المقربات. لم تكن جينا، التي كانت هيلين تعتبرها كابنتها، مجرد فارسة عادية في الجيش الإمبراطوري، بل تم اختيارها لتكون فارسة الحماية الشخصية لولي العهد، الأمير لوينهارت. هذا الخبر كان بمثابة صدمة سارة وغير متوقعة.
ردت ليليانا بنبرة مترددة، كأنها تحاول استيعاب الخبر بنفسها: “نعم… قالت جينا إن سمو ولي العهد أعجب بها شخصيًا واختارها بنفسه لهذا المنصب الرفيع…” كانت كلماتها تحمل مزيجًا من الدهشة والإعجاب، مع لمحة من الحذر، كما لو كانت تخشى أن تكون قد كشفت عن سر عظيم.
أثناء احتساء هيلين لقهوتها الساخنة، أحرقت سقف حلقها بالخطأ، وكادت أن تختنق، لكنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها وابتسمت ابتسامة مشرقة تخفي خلفها انفعالاتها. في داخلها، كانت تفكر في مدى تماشي هذا القرار مع شخصية ولي العهد لوينهارت، الذي كان يُعتبر أحد أبرز المرشحين لدور البطل الرئيسي في رواية “الأميرة المثالية أنجلينا”، الرواية الخيالية التي كانت هيلين تتابعها بشغف. كان لوينهارت شخصية غامضة وجذابة، يصعب التنبؤ بتصرفاته، مما جعله مثار جدل بين قراء الرواية. في البداية، كرهه العديد من القراء بسبب طباعه المتقلبة وسلوكه الغريب، وكانت التعليقات على الإنترنت تعكس هذا الشعور بوضوح:
[ولي العهد ليس بمستوى البطل!]
[أرجوكم، أكدوا أنه ليس البطل الرئيسي!]
[اليوم الـ2153 للاحتجاجات ضد اختيار ولي العهد كبطل!]
ومع ذلك، اختيار لوينهارت لجينا كفارسة حمايته كان قرارًا غير متوقع ومثير للاهتمام. تخيلت هيلين الثنائي في ذهنها: ‘فارسة شقية مليئة بالحيوية وولي عهد متهور يعيش حياة الترف…’ كانا يبدوان كزوج متناغم بشكل غريب ومثالي في آن واحد. هذه الفكرة أشعلت خيالها، ولم تستطع إلا أن تبتسم في سرها وهي تتخيل المستقبل المحتمل لهما.
“زوجة أبي، هل أنتِ بخير؟” سألت ليليانا، وقد لاحظت شرود هيلين في أفكارها العميقة. لتجنب إظهار حماسها الزائد، سارعت هيلين بوضع قطعة من كعكة الجبن الشهية في فمها، ثم قالت بنبرة هادئة ومتماسكة: “لا، لا شيء، فقط أن مذاق القهوة والكعكة في القصر الإمبراطوري رائع حقًا، كما هو متوقع من مكان فخم كهذا.” كانت تحاول إخفاء فرحتها وتفكيرها المتسارع وراء هذا التعليق البسيط.
ليليانا، التي أصبحت الآن وصيفة أولى للأميرة أنجلينا، استغلت منصبها لتضيف اسم هيلين إلى قائمة ضيوف القصر بحجة مهمة صغيرة تتعلق بالخدمة. بفضل هذه الخطوة الذكية، تمكنت هيلين من دخول القصر الإمبراطوري، وهو إنجاز كبير لم تكن تتوقعه. كانت تأمل أنه إذا سارت الأمور على ما يرام، قد تتمكن من زيارة القاعة الرئيسية حيث يقيم النبلاء، وربما تلتقي بجينا وهي برفقة ولي العهد.
فكرت هيلين أيضًا في قائد الفرسان أندريه، الذي كان رجلًا صالحًا وجذابًا بكل المقاييس، لكن مقارنته بولي العهد، المرشح البارز لبطولة “السيدة المثالية”، جعلها تميل إلى تخيل مستقبل أكبر وأكثر إثارة لجينا. ‘ماذا لو أصبحت ليليانا دوقة عظمى وجينا إمبراطورة؟’ كانت هذه الفكرة تداعب خيالها، رغم محاولاتها المتكررة لكبح جماح توقعاتها بعد خيبات أمل سابقة. لكنها لم تستطع مقاومة التفكير في الاحتمالات المثيرة التي بدت قريبة المنال.
ثم لاحظت هيلين شيئًا آخر أثار انتباهها: “أقراطكِ جميلة جدًا، ليليانا.”
خفضت ليليانا رأسها بخجل، لكن بريق اللؤلؤ النادر في أذنيها لم يمكن إخفاؤه. احمر وجهها فجأة، كأنها تحاول إخفاء سرٍ ما. أضافت هيلين بنبرة دافئة: “وحذاؤكِ الجديد الأرجواني يبدو رائعًا أيضًا.” حاولت ليليانا إخفاء حذائها الجديد بحركة خجولة، لكن هيلين كانت تعرف بالفعل مصدر هذه الهدايا. من غير الدوق الأكبر سيغهارت قد يكون؟.
بفضل منصب ليليانا كوصيفة أولى للأميرة أنجلينا، كانت تقضي وقتًا طويلًا مع الدوق الأكبر، مما جعل هيلين تتساءل عما إذا كانت علاقتهما مجرد صداقة أم شيء أعمق. وحتى لو كانت هناك مشاعر رومانسية، هل يمكن أن تتفوق على حب سيغهارت الطويل والمعلن للأميرة أنجلينا؟ كانت هذه الأسئلة تثير قلق هيلين، خاصة وأنها كانت تخشى تأثير هذه التطورات على القصة الأصلية لـ”للسيدة المثالية أنجلينا”. إذا سُرق اثنان من المرشحين الرئيسيين لدور البطل – ولي العهد والدوق الأكبر – من الأميرة أنجلينا، فمن سيكون البطل الرئيسي؟ كانت هذه الفكرة تثير فضولها، خاصة وأن أنجلينا كانت على وشك الوصول إلى العاصمة خلال أسبوع.
ردت ليليانا بخجل وهي تحاول تهدئة قلبها المتلهف: “الدوق الأكبر… كان فقط كريمًا معي.” كانت تكرر هذه الكلمات في ذهنها مئات المرات لتسيطر على مشاعرها. كانت تعلم جيدًا أن سيغهارت يحب الأميرة أنجلينا منذ سنوات، وأن وصول الأميرة سيضع نهاية لأي أمل لها في قلبه. لكن حتى ذلك الحين، كانت تسمح لنفسها بالشعور بقليل من الإثارة، وهي تدرك أن “تاريخ صلاحية” حبها السري سينتهي قريبًا. وهي تفكر في ذلك، عضت ليليانا شفتيها برفق، كأنها تحاول كبح دموعها أو مشاعرها المتضاربة.
***
في قاعة الاستقبال الفخمة بقصر ليفيا، كان الإمبراطور، المعروف بطباعه الجريئة والصاخبة التي جعلته يُلقب بـ”ابن الشمس”، يجلس بجدية غير معتادة أمام حاشيته المطأطئة الرؤوس. كان يمرر أصابعه على ذقنه وهو يفكر بعمق، ثم تحدث ليُلخص الموقف بصوت جهوري: “هل يُقال إن الوحش فيموس قد عاد مجددًا في إقليم إيكيلانغ؟”.
فيموس، الوحش الأسطوري الضخم الذي يصل حجمه إلى حجم منزل، كان كائنًا مرعبًا يقتل البشر بعشوائية ويأكل لحومهم دون رحمة. قبل عشرين عامًا، تمكن الإمبراطور، وهو آنذاك بطل شاب في مقتبل العمر، من هزيمة فيموس وقطع رأسه، مما جعله بطلًا قوميًا وأسطورة في الإمبراطورية. خلال تلك الحملة البطولية، التقى بأميرة إيكيلانغ، التي أصبحت لاحقًا إمبراطورته ووالدة ولي العهد لوينهارت. لكن يبدو أن فيموس يعود كل عشرين عامًا ليروع سكان إيكيلانغ، وها هو قد ظهر مجددًا، يقتل الناس ويثير الرعب في الإقليم.
طلب نبلاء إيكيلانغ مساعدة القصر الإمبراطوري العاجلة. اقترح أحد الوزراء بحذر: “لماذا لا نرسل جنود القصر الإمبراطوري لدعم إيكيلانغ؟” كان إيكيلانغ إقليمًا زراعيًا غنيًا، لكنه يفتقر إلى القوة العسكرية الكافية لمواجهة مثل هذا الوحش المرعب. ثم أضاف وزير آخر بنبرة مترددة: “أو ربما نرسل الدوق الأكبر سيغهارت، سيد السيف الأعلى؟”.
كان هذا هو ما يريده سكان إيكيلانغ بالفعل: إما إرسال جيش قوي أو بطل عظيم مثل سيغهارت، الذي اشتهر بمهاراته القتالية الاستثنائية. لكن هذا الاقتراح أثار استياء الإمبراطور. بعد وفاة الإمبراطورة، تولت زوجة أخيه الراحل، الدوقة الكبرى ليفلاديان، إدارة جميع المناسبات الاجتماعية والدينية في الإمبراطورية بكفاءة لا مثيل لها. كانت الإمبراطورة البديلة المثالية، مما جعل الإمبراطور يرفض أي حديث عن الزواج مجددًا، رافضًا الاستماع إلى نصائح الوزراء. كما أنها ربت ابنها الوحيد سيغهارت بشكل ممتاز، حيث أصبح سيد سيف متميز وبطلًا يُشار إليه بالبنان، يشبه الإمبراطور في شبابه.
كان سيغهارت يتمتع بشعر أسود وعيون حمراء، وهي السمات التقليدية للعائلة الإمبراطورية، مما جعله يبدو أكثر شبهاً بالإمبراطور من ابنه لوينهارت، الذي ورث شعر والدته البلاتيني. هذا التشابه، إلى جانب إنجازات سيغهارت اللافتة، جعل البعض يروجون له كمرشح لخلافة العرش، مما أثار قلق الإمبراطور العميق.
كان الإمبراطور قد عين لوينهارت وليًا للعهد لحمايته من الصراعات على العرش، وامتنع عن الزواج مجددًا أو إقامة علاقات جدية، مكتفيًا بالتسلية العابرة مع الراقصات. لكنه كان مصممًا على أن يصبح لوينهارت الإمبراطور القادم. لذا، اقترح فكرة مفاجئة وجريئة: “ماذا عن إرسال ولي العهد؟”.
نظر الوزراء إلى بعضهم بعضًا بدهشة واضطراب. كان الجميع يعلم أن لوينهارت، رغم تفوقه في الدراسات العسكرية والتكتيكات، لم يكن مقاتلًا. قبل ثماني سنوات، تعرض قصر ليفيا لهجوم من قِبل قتلة، وفي تلك الحادثة المأساوية، ضحت الإمبراطورة بحياتها لحماية لوينهارت. منذ ذلك الحين، أصيب لوينهارت بصدمة نفسية جعلته يكره السيوف ويرفض تعلم القتال تمامًا.
حاول أحد الوزراء الاعتراض بحذر شديد: “أخشى أن يكون فيموس خصمًا قويًا جدًا على سمو ولي العهد…” لكن الإمبراطور، رغم كونه ليس طاغية، كان معروفًا بعناده الذي لا يُضاهى. رد بنبرة حادة تحمل تهديدًا ضمنيًا: “هل تعارضونني الآن؟”.
تذكر الجميع حادثة قديمة مرعبة حين قطع الإمبراطور رأس أحد الوزراء بسيفه الضخم “إمباير بليد” بسبب معارضته. كان السيف، الذي يُقال إنه يزن وزن طفل صغير، لا يزال يُحمل بجانب الإمبراطور رغم تقاعده كفارس.
أصر الإمبراطور بنبرة لا تقبل النقاش: “هذه مهمة لوينهارت، وسيتولاها بنفسه.” كان يرى أن هذه فرصة ذهبية لإثبات أن لوينهارت جدير بالعرش. في سن الثامنة عشرة، كان عليه أن يواجه التحديات بنفسه، تمامًا كما فعل الإمبراطور في شبابه عندما قاتل فيموس وصعد إلى العرش. أمر الإمبراطور بصوت قوي: “استدعوا ولي العهد.”
~~~
احداث فيموس للفصل خمسين مستمرة 😂
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 23"