– زوجة الأب مستمرة بسرقة الأبطال الذكور.
الفصل السابع عشر
وصلت جينا إلى قصر ليفيا الإمبراطوري، ووقفت تنظر حولها بعيون مندهشة. كانت ذكريات طفولتها، عندما كانت تأتي إلى هنا ممسكة بيدي والديها خلال احتفالات عيد تأسيس الإمبراطورية، لا تزال محفورة في ذهنها. ومع ذلك، كان القصر لا يزال يبدو غريبًا ومهيبًا، كأنه عالم آخر لا ينتمي إليه أحد من عامة الناس. حتى الملحق العسكري، المخصص للشؤون العسكرية، كان مذهلاً بفخامته، مزينًا بأعمدة رخامية بيضاء ونوافذ زجاجية ملونة تلقي بظلالها الملونة على الأرضيات اللامعة. كانت الأجواء مشحونة بالتوتر والترقب، حيث شهد هذا العام عددًا قياسيًا من المتقدمين للانضمام إلى فرقة الفرسان الإمبراطوريين، مما جعل المنافسة أشبه بحرب صامتة.
في غرفة الانتظار، كانت الأجواء خانقة. كانت الغرفة مكتظة بالرجال ذوي الأجسام القوية والمظهر المخيف، يرتدون دروعًا خفيفة ويتبادلون النظرات الحادة كأنهم يحاولون تخويف بعضهم البعض قبل بدء الاختبارات. شعرت جينا، التي كانت تقف وحيدة بينهم، وكأنها غريبة في هذا العالم. كانت ترتدي زيًا بسيطًا مقارنة بالدروع اللامعة التي يرتديها الآخرون، مما زاد من شعورها بالضعف. ‘هل سأتمكن حقًا من التأهل بين كل هؤلاء؟’ تساءلت في نفسها، وهي تشعر بثقتها تتآكل. كانت قد علمت نفسها المبارزة بنفسها، لكنها لم تكن تعرف ما إذا كانت مهاراتها ستقاوم أمام هؤلاء الذين تلقوا تدريبًا رسميًا في أكاديميات مرموقة. الخوف من السخرية أو الفشل كان يثقل كاهلها، مما جعل قلبها ينبض بقلق.
كان اختبار القبول بسيطًا في ظاهره ولكنه قاسٍ في جوهره: مبارزة فردية ضد خصم يتم اختياره عشوائيًا. كان هذا الاختبار فكرة أندريه، قائد فرقة الفرسان الإمبراطوريين، الذي كان يؤمن أن المبارزة الحية هي الطريقة المثلى لتقييم ليس فقط مهارة المرشح، بل أيضًا موهبته، شخصيته، وحتى خلفيته الشخصية. عندما حان دور جينا، تقدمت إلى الحلبة بخطوات مترددة، ووجدت نفسها تواجه رجلاً يُدعى أرنولد. كان أرنولد ضخمًا بشكل مخيف، بجسم يبدو وكأنه منحوت من صخر، وكان أطول منها بضعفين تقريبًا. كان قد تخرج من أكاديمية الفرسان بدرجات ممتازة، وكان واضحًا من نظرته المزدرية أنه يشعر بالإهانة لمواجهة امرأة. ‘امرأة؟ هذا مهين!’ فكر أرنولد، وهو يشد قبضته على سيفه الضخم. كان يعتقد أن النساء يجب أن يكن زينة في القصور، لا مقاتلات في ساحات المبارزة.
من جانبها، شعرت جينا بالذعر عندما رأت أرنولد. كان الخصم الذي تمنت بشدة ألا تواجهه في غرفة الانتظار. ‘لماذا أنا دائمًا الأقل حظًا؟’ فكرت، وهي تتذكر كيف كانت دائمًا الشقيقة الأقل حظًا بين أخواتها الثلاث. كانت تشعر وكأن القدر يتآمر ضدها مرة أخرى.
***
في مقصورة المتفرجين المرتفعة المطلة على الحلبة، كان الأمير الإمبراطوري لوينهارت يراقب المشهد بحماس. ‘أخيرًا، المتقدمة الأنثى!’ فكر، وهو يكاد يهتف بصوت عالٍ. كان قد أخفى هويته بارتداء رداء بغطاء رأس يغطي شعره الأشقر اللامع وملامحه الملكية المميزة، بناءً على نصيحة أندريه لتجنب جذب الانتباه غير الضروري. كان يفضل مشاهدة المبارزة بهدوء، بعيدًا عن الأعين الفضولية التي قد تتعرف عليه كأمير. جلس في مقعده، متكئًا على الظهر، وراقب جينا وهي تدخل الحلبة. على الرغم من أن الخوذة كانت تخفي وجهها، إلا أن قامتها الطويلة النحيلة وخفة حركتها كانتا واضحتين. ‘يا لسوء حظها!’ فكر لوينهارت، وهو يلاحظ الفارق الهائل في الحجم بينها وبين أرنولد. بدا وكأن الفوز مستحيل بالنسبة لها، مما جعله يشعر بالأسف تجاهها.
“ابدأوا المبارزة!” أعلن أندريه بصوت قوي يتردد في الحلبة، وبدأت المواجهة. هجم أرنولد بسيفه الضخم بقوة وحشية، محاولاً حسم المبارزة بضربة واحدة مدمرة. تفادت جينا الضربة بسرعة مذهلة، وكان صوت السيف وهو يشق الهواء بمثابة تحذير من القوة الهائلة التي تحملها. كانت المبارزة تبدو غير متكافئة تمامًا؛ كان أرنولد يعتمد على قوته البدنية الخارقة، يلوح بسيفه بضربات ثقيلة، بينما كانت جينا تكافح لتفادي هجماته القاتلة. كان الجمهور، بما في ذلك لوينهارت، مقتنعًا بأن المبارزة ستنتهي فورًا إذا أصابت إحدى ضربات أرنولد جينا.
فجأة، صرخت جينا: “لحظة من فضلك!” توقفت المبارزة فورًا، حيث كانت قواعد اختبار الفرسان تسمح للمرشحين بطلب التوقف إذا كانت هناك مشكلة. (كان أحد المتقدمين السابقين قد أثار سخرية الحكام عندما طلب التوقف لاستخدام الحمام.) اقتربت جينا من أندريه وسألت بنبرة هادئة ولكن واثقة: “هل ارتداء الدروع إلزامي؟”.
“لا، ليس إلزاميًا، لكن الإمبراطورية لن تتحمل مسؤولية أي إصابات إذا اخترتِ عدم ارتدائها.” أجاب أندريه، وهو يرفع حاجبيه متعجبًا من سؤالها. كان بعض المتقدمين يختارون عدم ارتداء الدروع بسبب عدم ملاءمتها، كما حدث مع أحدهم بسبب حجم رأسه الكبير جدًا.
ابتسمت جينا ابتسامة مشرقة، ثم نزعت خوذتها الثقيلة التي تشبه كتلة حديدية ورمتها على الأرض. مع سقوط الخوذة، انحلت ربطة شعرها، وتناثر شعرها البني الطويل في الهواء مثل موجة حريرية، مما جذب أنظار جميع الحاضرين. ‘إنها مذهلة!’ فكر لوينهارت، مصدومًا من جمالها. كان يعتقد أن الرسم في ملفها مبالغ فيه، لكنه أدرك الآن أن الواقع أجمل بكثير. عيناها الخضراوان كانتا تلمعان كأحجار الزمرد النقية، وملامحها كانت تشبه غزالًا أنيقًا رآه ذات مرة في إحدى الحفلات. لم تكتفِ جينا بنزع الخوذة، بل أزالت أيضًا درع الساقين، تاركةً فقط درع الجذع والذراعين. ‘إذا أصابتها ضربة الآن، ستتحطم عظامها!’ فكر أندريه، قلقًا من قرارها المتهور، لكنه لم يستطع التدخل طالما أنها اختارت ذلك بحرية. كان يأمل فقط ألا يحدث حادث خطير.
استؤنفت المبارزة، وهجم أرنولد مرة أخرى بكل قوته، مصممًا على إثبات أن المبارزة لا مكان فيها للعواطف، حتى لو كانت خصمته امرأة جميلة. لكن جينا، التي أصبحت أخف حركة بدون الدروع الثقيلة، تفادت ضرباته بسهولة فائقة. فجأة، اقتربت منه بسرعة خاطفة وضربت بطنه بضربة دقيقة وقوية. انقلبت المبارزة رأسًا على عقب. كانت جينا أسرع من أرنولد بكثير، وكانت تستغل تأخره في التحرك بعد كل ضربة ثقيلة يوجهها. واصلت هجومها بلا هوادة، مستهدفة نقاط ضعفه بدقة متناهية. لم يتمكن أرنولد من مواكبة سرعتها، وسرعان ما بدأ يترنح، ثم انهار على الأرض، مرهقًا وفاقدًا للتوازن.
“نهاية المبارزة! جينا إيميلديا الفائزة!” أعلن أندريه بصوت مدوٍ، وسط تصفيق الجمهور المذهول الذي لم يتوقع هذا الانتصار المذهل.
***
في غرفة التقييم الخاصة بالحكام، ضرب لوينهارت الطاولة الخشبية بقوة، معترضًا: “لماذا لم تُقبل؟”.
“أعلم أنها بارعة في المبارزة، سريعة الحركة، وذكية جدًا. لكنها ليست مناسبة لتكون فارسة إمبراطورية.” أجاب أندريه بهدوء وثقة، وهو يرتب قائمة المقبولين على مكتبه المصنوع من خشب الجوز الفاخر. كان قد توقع اعتراض لوينهارت، وهذا بالضبط ما جعله مترددًا في السماح له بحضور الاختبارات. كان الأمير منغمسًا بشكل مفرط في المبارزات، وكأنه في ساحة كولوسيوم وليس اختبارًا رسميًا.
“لكنها فازت!” احتج لوينهارت، وهو يشير إلى الحلبة بعصبية. “كيف يمكن أن تفوز بمبارزة ضد خصم مثل أرنولد ولا تُقبل؟”.
“هذا ليس كولوسيوم، سموك!” رد أندريه بحزم. “الهدف ليس الفوز أو الخسارة فقط، بل تقييم مدى ملاءمة المرشح ليكون جزءًا من فرقة الفرسان الإمبراطوريين. جينا موهوبة بلا شك، لكن أسلوبها في المبارزة غريب وخشن للغاية، ربما لأنها لم تتدرب في أكاديمية الفرسان. لن تتمكن من الاندماج مع الفرسان الآخرين الذين يعتمدون على نظام صارم ومنظم. مهاراتها تجعلها أكثر ملاءمة لتكون مرتزقة أو جندية خاصة في خدمة أحد النبلاء.” شرح أندريه، مستندًا إلى سنوات خبرته الطويلة في إدارة اختبارات الفرسان. كان قد رأى العديد من الموهوبين يفشلون في الاندماج بسبب طباعهم المستقلة أو تعرضهم للتنمر من زملائهم. في نظره، كانت جينا مثل ذئب بري، وليست كلب صيد مدرب يمكن أن يتكيف مع النظام الإمبراطوري.
“إذن، فلتكن جندية خاصة لي!” قال لوينهارت بحماس مفاجئ، وكأنه اكتشف حلاً بسيطًا لمشكلة معقدة. ضرب قبضته على كفه، وأضاف بنبرة مرحة: “جينا، هكذا كان اسمها، أليس كذلك؟ عينها كفارسة حماية خاصة بي. إنها مثالية! ستكون أقل لفتًا للانتباه من الحراس العاديين، ويمكنكَ، يا أندريه، تعليمها كيفية الاندماج مع الفرسان تدريجيًا!”.
“سموك، هل هناك شيء آخر وراء هذا الاقتراح؟” سأل أندريه، وهو يضيق عينيه بشك. كان يعرف لوينهارت جيدًا، وكان يتساءل عما إذا كانت دوافعه نابعة من إعجاب شخصي بجينا.
“لا، ليس كما تفكر!” رد لوينهارت بسرعة، وهو يتراجع قليلاً بنبرة دفاعية. “ليس لدي أي نوايا خفية! أنا فقط معجب بمهاراتها.” كان صادقًا؛ منذ وقوعه في حب أنجلينا، لم يعد يرى أي امرأة أخرى بنفس الطريقة. كان اهتمامه بجينا نابعًا من إعجابه بموهبتها وشعوره بأنها تستحق فرصة، خاصة كحاكم مستقبلي يؤمن بضرورة استغلال المواهب. “إنها موهبة نادرة، ومن واجبي كأمير أن أعطيها فرصة عادلة.”
“حسنًا، إذا كانت الميزانية ستأتي من خزينتكم الخاصة، فلن أعترض.” أجاب أندريه، مقتنعًا جزئيًا. كانت ميزانية الأمير الإمبراطوري غير محدودة، على عكس ميزانية فرقة الفرسان الخاضعة لقيود صارمة، مما يعني أن تعيين جينا لن يشكل مشكلة إدارية. كما أن فكرة تدريب موهبة مثل جينا كانت مغرية بالنسبة له كقائد فرسان يحب صقل المواهب. ‘ربما يمكن تحويل هذا الذئب البري إلى كلب صيد مطيع مع التدريب المناسب.’ فكر أندريه، وهو يضيف اسم جينا إيميلديا إلى قائمة المقبولين بخط يده.
***
في الحلبة، كانت هيلين تصرخ بحماس وتقفز من الفرحة كطفلة في يوم عيد. كانت قد تسللت إلى القصر متنكرة بزي خادمة إمبراطورية، بعد أن رشت حارسًا بمبلغ زهيد ليسمح لها بدخول منطقة الاختبارات. كان صوتها قد بح من كثرة تشجيعها لجينا، لكن وجهها كان مضيئًا بابتسامة عريضة لا تخفي فرحتها العارمة. كانت تشعر بسعادة تفوق تلك التي شعرت بها عندما تأهلت كوريا الجنوبية إلى دور الـ16 في كأس العالم، وهي ذكرى كانت تحملها من حياتها السابقة. رؤية جينا، مبللة بالعرق ولكنها تضحك بسعادة نقية لم ترَ مثلها من قبل، جعلت قلب هيلين يمتلئ بالفخر، كأنها والدتها.
كانت هيلين تعلم أن جينا موهوبة، لكن عندما رأت أرنولد، الخصم الضخم، ظنت أن الفارق في الحجم والقوة سيجعل الفوز مستحيلاً. لكن جينا فاجأتها بمهارتها الفائقة، التي صقلتها بنفسها رغم عدم تلقيها تدريبًا رسميًا سوى دروس والدها في طفولتها. كانت هيلين فخورة جدًا بها، كما لو كانت ابنتها التي حققت إنجازًا عظيمًا. حتى لو لم يعنِ الفوز قبولًا مضمونًا في فرقة الفرسان، فإن هزيمة خصم مثل أرنولد كانت إنجازًا لا يمكن للحكام تجاهله.
بعد انتهاء المبارزة، استبدلت هيلين زي الخادمة بملابس عادية بسرعة، وتسللت خارج القصر مختبئة في عربة شحن إمبراطورية. كانت مبتسمةً وهي تفكر في مستقبل جينا المشرق، وفي الخطوة التالية في خطتها لدعم عائلة إيميلديا وتحقيق أحلام الفتيات.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 17"