– زوجة الأب مستمرة بسرقة الأبطال الذكور.
الفصل السادس عشر
لم تكن هيلين تتوقع أن تكون مهارات جينا في المبارزة بهذا المستوى المذهل. كانت تعتقد أن جينا تمتلك مجرد موهبة رياضية أعلى من المتوسط، لكن ما رأته في ساحة التدريب الملحقة بقصر الكونت كان أكثر من ذلك بكثير. كانت جينا تمارس التدريب يوميًا في هذا المكان المهجور، حيث كانت الجدران مغطاة بالغبار وأنسجة العنكبوت، لكن روحها المقاتلة كانت تضيء المكان. لقد جذبتها أصوات الضربات المنتظمة إلى هنا، حيث وجدت جينا وهي تتدرب بتركيز شديد، وكأنها في ساحة معركة حقيقية.
كانت جينا تملك مهارة طبيعية، ورثتها عن والدها، الفارس السابق الذي كان يُعدّ من بين الأفضل قبل إصابته. لو كانت قد تلقت تدريبًا رسميًا في أكاديمية الفرسان، لكانت بلا شك واحدة من أمهر المبارزين في الإمبراطورية. لكن حتى مع تدريبها الذاتي، كانت مهاراتها كافية لتجعلها مؤهلة لتصبح فارسة. ‘هذه الفتاة ليست مجرد صيادة، بل يجب أن تكون فارسة!’ فكرت هيلين وهي تراقب جينا وهي تؤدي ضرباتها بدقة وثقة.
“فارسة؟ ماذا… ماذا تقصدين؟” ردت جينا بتردد، محاولةً تفادي الموضوع. لكن في داخلها، كان قلبها يخفق بقوة. كان حلمها منذ الطفولة أن تصبح فارسة، مستوحاة من صورة والدها وهو يرتدي درعه وخوذته، يمتطي جواده متجهًا إلى المعركة. كانت تتذكر تلك الأيام عندما كانت ترتدي خوذة والدها الكبيرة جدًا عليها، وتتجول في ساحة التدريب وهي تقلد حركاته. بعد أن أصيب والدها في حادث سقوط من جواده، أصبحت هذه الأحلام سرًا بينهما، حيث وعدته وهي تمسك بإصبعه الصغير أن تصبح يومًا ما فارسة عظيمة.
لكن الواقع كان قاسيًا. الفرسان الإمبراطوريون نادرًا ما قبلوا النساء في صفوفهم، خاصة من عائلة نبيلة فقدت هيبتها مثل عائلة إيميلديا. كانت جينا تخشى ألا تتمكن من التأقلم مع الفرسان المحافظين والمتعجرفين في القصر الإمبراطوري. كانت فكرة أن تصبح فارسة إمبراطورية تبدو كحلم بعيد المنال، مثل نجمة في السماء لا يمكن الوصول إليها.
“لا بد أنكِ سمعتِ عن إعلان الإمبراطورية الأخير لتجنيد فرسان جدد، أليس كذلك؟” قالت هيلين بنبرة واثقة. كانت قد لاحظت شغف جينا بهذا الموضوع. كلما مرت جينا بإعلانات التجنيد المعلقة في الساحات العامة أو على جدران القلعة، كانت تقف طويلاً تنظر إليها بعيون مليئة بالشوق. كانت هيلين قد تتبعت جينا سرًا لفترة، وأدركت أن هذا الحلم يعني لها الكثير.
“لقد أعددت كل الأوراق اللازمة. كل ما عليكِ فعله هو تقديمها واجتياز الاختبار.” قالت هيلين وهي تخرج ملفًا مرتبًا من حقيبتها، تحتوي على وثائق التقديم للفرسان الإمبراطوريين. كانت الأوراق تشير إلى أن جينا تلقت تدريبًا خاصًا من والدها، الذي كان قائد فرسان سابقًا، بالإضافة إلى خطاب توصية مكتوب بخط يد ماركيزة لوسن، عمة الجنرال الحالي للإمبراطورية. كان خطاب التوصية طويلاً ومفصلاً، يمتد على ست صفحات، مما يعني أن جينا مضمونة تقريبًا لتجاوز مرحلة فحص الأوراق.
نظرت جينا إلى الوثائق بعناية، لكن عينيها كانتا مليئتين بالشك. “وماذا ستستفيدين أنتِ من هذا؟” سألت بنبرة حادة، وهي تحاول فهم دوافع هيلين الحقيقية. كانت تعتقد أن هيلين دائمًا ما تخطط لشيء، ربما محاولة لاستخدامها لتحقيق مكاسب اجتماعية، كما فعلت مع ليليانا.
ابتسمت هيلين بهدوء، مدركة أن جينا لن تقتنع بسهولة. كانت تريد مساعدة جينا على تحقيق حلمها، لكنها كانت تأمل أيضًا أن تجد لها شريكًا مناسبًا. كانت تعلم أن فرقة الفرسان الإمبراطوريين مليئة بالرجال الوسيمين والمؤهلين، ومن بينهم أندريه، قائد فرقة الفرسان المستقبلية “حراس الملاك”، التي ستُشكل لحماية الأميرة أنجلينا. كان أندريه يتمتع بمظهر جذاب، شخصية نبيلة، وثروة هائلة بعد اكتشاف منجم ألماس في أراضي عائلته التي منحها الإمبراطور السابق. كان من النوع الذي يمكن أن يكون شريكًا مثاليًا لجينا، خاصة أنه سيظل مخلصًا لمهمته كفارس حتى في خدمة أنجلينا.
لكن هيلين لم تكن تخطط فقط لمصلحة جينا. كانت ترى في هذا فرصة لإنشاء صلة جديدة بين ليليانا وسيغهارت، قائد جيش هيرسن الإمبراطوري. رغم فشلها في الانضمام إلى جمعية أصدقاء الشمس أو كسب ود الدوقة الكبرى، كانت هيلين تعتقد أن هناك دائمًا أبوابًا أخرى يمكن فتحها. إذا أصبحت جينا فارسة، فقد يفتح ذلك قنوات جديدة للتواصل مع سيغهارت، مما يخدم خطتها الأكبر.
“عائلتكِ في وضع صعب، أليس كذلك؟ إذا حصلتِ على وظيفة، سيساعد ذلك ليليانا وأيبريل كثيرًا. ألا تعتقدين أنهما سيكونان سعيدتين جدًا إذا نجحتِ؟” قالت هيلين بنبرة عملية، مدركة أن الإشارة إلى المال والعائلة ستكون أكثر إقناعًا لجينا. كانت تعلم أن جينا، التي تحمل مسؤولية شقيقتيها، لن تستطيع رفض هذا المنطق. وبالفعل، تخيلت جينا فرحة ليليانا وأيبريل إذا نجحت في أن تصبح فارسة. كانت تعتمد على الصيد لكسب المال، لكن ذلك لم يكن مستدامًا، خاصة مع فضول أصحاب المتاجر الذين حاولوا دائمًا معرفة هويتها الحقيقية.
بدأت جينا بقراءة الأوراق بعناية. كانت لا تزال تشك في نوايا هيلين، لكن الوثائق كانت مثالية، وخطاب التوصية من ماركيزة لوسن كان بمثابة ضمان للقبول. “…سأجرب حظي.” قالت جينا أخيرًا، وهي تحاول إخفاء حماسها الداخلي. كانت الفكرة مغرية، رغم شعورها بالتردد.
نظرت هيلين إلى جينا وهي تجمع الأوراق، وشعرت براحة داخلية. كانت واثقة أن جينا ستصبح فارسة رائعة، وربما تجد أيضًا الشريك المثالي الذي تستحقه. تخيلت لقاءً رومانسيًا بين جينا وأندريه، وابتسمت بخبث وهي تفكر في الاحتمالات.
***
في مكان آخر، في مكتب قائد الفرسان الإمبراطوريين، شعر أندريه فجأة بحكة لا تُطاق في أذنه. “غريب…” تمتم، وهو يحك أذنه بقلق.
“ما الخطب؟” سأل الأمير الإمبراطوري لوينهارت، الذي كان مستلقيًا على أريكة المكتب، يعبث بوسادة مخملية حمراء.
“لا شيء، يبدو أن أحدهم يتحدث عني بسوء.” رد أندريه مازحًا، وهو يحاول التخلص من الحكة. “ربما الفرسان يتجمعون ليثرثروا عني.”
“أو ربما تريد تنظيف أذنيك؟” أستهزأ لوينهارت، وهو يضحك. “إذا كنتَ لا تحب منظرك وأنت تنظف أذنيك هنا، يمكنني المغادرة.”
“وإذا كنتَ لا تحب وجودي في مكتبي، يمكنكَ المغادرة، سمو الأمير.” رد أندريه بنبرة ساخرة، وهو ينظر إلى لوينهارت، الذي كان يتصرف كطفل مدلل رغم مكانته كأمير إمبراطوري. كانا أصدقاء قديمين، لكن أندريه كثيرًا ما شعر بالإحباط من تصرفات لوينهارت غير الناضجة.
“قلت لك، أنا مريض بالحب! أحتاج إلى مواساة!” قال لوينهارت وهو يعانق الوسادة بقوة أكبر. كان يعاني منذ ثلاث سنوات من عشق محموم للأميرة أنجلينا، التي التقاها أثناء دراسته في أكاديمية هيربيانت المرموقة. على الرغم من عودته إلى العاصمة ليفيا منذ شهر فقط، كان يشعر بأنه يكاد يجن من شوقها. بعد وفاة الإمبراطورة، عاد الإمبراطور إلى حياة اللهو، وكان لوينهارت، الذي ورث بعضًا من ميوله، قد وقع في حب أنجلينا بشدة، لدرجة أنه أصبح يعاني من مرض الحب.
لكن الأمور كانت أكثر تعقيدًا. كان منافسه على عرش الإمبراطورية، سيغهارت، ليس فقط منافسًا سياسيًا، بل أصبح أيضًا منافسًا في الحب. كان سيغهارت، بوسامته اللافتة، كتفيه العريضين، وكاريزما قائد جيش هيرسن، يبدو مثاليًا بكل المقاييس. حتى لوينهارت، بصفته الأمير الإمبراطوري، شعر أنه أقل منه في كل شيء باستثناء لقبه. ‘حتى لو قرأتُ رواية رومانسية، لما وجدت قصة بهذا القدر من المأساة!’ فكر لوينهارت بحزن.
“حتى أنا، كرجل، أعترف أن سمو الدوق جذاب للغاية…” قال أندريه بلا مبالاة، مما جعل لوينهارت يشعر بأن صديقه ليس مفيدًا على الإطلاق. نهض لوينهارت من الأريكة فجأة، وهو يشعر بالإحباط. لاحظ أن أندريه كان منشغلاً بمراجعة أوراق تقديم لفرقة الفرسان الإمبراطوريين. جذب انتباهه ملف معين.
“…امرأة؟” قال لوينهارت بدهشة وهو ينظر إلى رسم لفتاة ذات شعر بني وعيون خضراء، تتمتع بملامح جميلة بشكل لافت. ‘حتى لو كانت الرسومات تضخم الجمال بنسبة 200%، فهذه الفتاة تبدو مذهلة!’ فكر لوينهارت، الذي كان معروفًا بحبه للجميلات، مثل والده. على الرغم من حبه لأنجلينا، كان لا يزال يقدر الجمال. “امرأة تتقدم لفرقة الفرسان الإمبراطوريين؟ هذا نادر!” أضاف، وهو يشعر بفضول شديد.
“نعم، إنها مرشحة واعدة. الاختبار سيعقد هذا المساء، وأنا شخصيًا أتطلع إلى رؤية ما يمكنها فعله.” قال أندريه وهو يعيد الملف إلى مظروفه. كان واضحًا أنه مهتم بهذه المرشحة.
“سأذهب معك!” قال لويهارت بحماس.
“ماذا؟ سمو الأمير بنفسه؟” رد أندريه بنظرة متذمرة. كانت اختبارات الفرسان الإمبراطوريين مسؤولية حساسة، ووجود لوينهارت قد يعني تدخلات غير ضرورية. لكن من يستطيع منع أمير مدلل مثل لوينهارت؟.
“ما المشكلة في أن أرى جنودي المستقبليين؟” قال لوينهارت بثقة مبالغ فيها. لم يستطع أندريه إيجاد مبرر قوي للاعتراض، رغم استيائه.
‘اختبار الفرسان الإمبراطوريين… عادةً لا أعيره اهتمامًا، لكن ربما يكون هذا تشتيتًا جيدًا عن أفكاري حول أنجلينا وسيغهارت.’ فكر لوينهارت، وهو يبتسم بحزن. كان يأمل أن يساعده هذا الحدث على الهروب من دوامة مشاعره.
~~~
رجل طفولي فوقها زير نساء 😵💫
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 16"