– زوجة الأب مستمرة بسرقة الأبطال الذكور.
الفصل الثاني عشى
فووم!
“أمسكته!” صاحت جينا بنشوة، وهي ترفع قوسها بفخر. في تلك اللحظة، شعرت هيلين بأن ركبتيها تخونانها من الخوف، فانهارت على الأرض، قلبها لا يزال ينبض بشدة من رعب السهم الذي ظنت أنه موجه إليها.
نظرت خلفها لترى جثة طائر رمادي الرأس، وهو نوع نادر وشهي يُعتبر طعامًا فاخرًا بين النبلاء، ملقاة على الأرض، مثقوبة بدقة بسهم جينا.
“يا إلهي، كان يجب أن تحذريني بوجود طائر!” قالت هيلين، وهي تحاول استعادة أنفاسها، وجسدها لا يزال يرتجف من الصدمة.
“حقًا؟ لو صرختُ “إنه طائر! سأقتله'”، هل تعتقدين أنه كان سيبقى في مكانه بانتظاري؟” ردت جينا بسخرية، ونظرتها الجريئة تحمل مزيجًا من الثقة والتحدي. كانت طريقتها في الحديث، الحادة والذكية، تجعل هيلين تشعر بالعجز عن الرد.
نظرت هيلين إلى جثة الطائر المثقوبة بدقة، مذهولة من مهارة جينا. كانت المسافة بينهما بعيدة جدًا، حيث بالكاد يمكن للصوت أن يصل بينهما إذا صرختا. أن تصيب جينا طائرًا صغيرًا بحجم الجذر الرمادي من تلك المسافة كان يتطلب بصرًا خارقًا ومهارة لا تصدق. كان السهم قد اخترق جسد الطائر بدقة، مما يظهر قوة وتدريب جينا كصيادة.
‘جينا… أنا حقًا آسفة على كل شيء…’ فكرت هيلين في نفسها، وهي تشعر بوخز الضمير تجاه الأخت الوسطى التي أساءت فهمها.
“بالمناسبة، ماذا تفعلين أنتِ، أو بالأحرى زوجة أبي، في هذا الجبل؟” سألت جينا، وهي تسحب السهم من جثة الطائر بحركة سريعة وماهرة، وكأنها اعتادت على هذا العمل.
توقفت هيلين للحظة، مدركةً مدى غرابة وجودها في هذا المكان. هذا الجبل الوعر، المعزول، لم يكن مكانًا للنبلاء، وبالتأكيد ليس لامرأة مثل هيلين، التي تُعرف بحبها للرفاهية والمظاهر. كان مكانًا يرتاده الصيادون المتمرسون فقط، ومليئًا بالمخاطر من حيوانات برية أو حتى مخلوقات سحرية.
“أم… حسنًا…” تمتمت هيلين، وهي تسحب ورقة من حقيبتها الصغيرة. كانت رسمة بدائية، ربما أقل جودة من رسومات إيبريل عندما كانت في الثالثة من عمرها. لقد رسمتها هيلين لتظهرها لأي شخص متمرس في الجبل، على أمل أن يساعدها في العثور على ما تبحث عنه. مدّت الورقة إلى جينا، مترددة.
نظرت جينا إلى الرسمة وضحكت بسخرية خفيفة. “هذا؟” قالت، وهي تكتم ضحكتها. لكن عينيها، الحادتين كالصقر، تعرفتا على الفور على ما كانت هيلين تبحث عنه. كانت جينا تقضي معظم وقتها في هذا الجبل، تعرف كل زاوية وشجرة فيه. شرحت لها بسرعة أين تجد ما تبحث عنه، ثم التفتت إليها بسؤال:
“بالمناسبة، أنتِ هنا للصيد؟” سألت هيلين، وهي تنظر إلى القوس على كتف جينا.
ارتجفت جينا داخليًا. كان صيدها سرًا لا تعرفه حتى ليليانا أو إيبريل. بدأت هذا العمل كوسيلة لتفريغ الضغط الناتج عن تصرفات زوجة أبيها بعد وفاة والدها. كانت تتذكر أيام الصيد مع والدها في طفولتها، وما بدأ كهواية تحول إلى شغف حقيقي. لم يكن الصيد مجرد متعة؛ كان يناسب طباعها الجريئة، وكان مربحًا أيضًا. كانت تبيع جلود الحيوانات البرية في القرية، متخفية خلف وشاحها، وكانت الأموال التي تجمعها تتراكم ببطء. كانت جينا الآن صيادة ماهرة، قادرة على مواجهة أي وحش في الجبل.
لكن كان هناك سبب أعمق وراء صيدها. “إيبريل فتاة خاصة…” كانت كلمات ليليانا تتردد في ذهنها. كانت إيبريل، الأخت الصغرى، عبقرية حقيقية. تعلمت القراءة قبل أن تُعلم، والآن كانت تقرأ كتبًا باللغة القديمة التي لا تستطيع حتى جينا أو ليليانا فهمها. كانت جينا تعتقد أن حياة المغامرة قد تناسب شخصيتها الجامحة، لكنها أرادت لليليانا زواجًا سعيدًا، ولإيبريل فرصة الدراسة في الأكاديمية الإمبراطورية، وهي مؤسسة مخصصة للنبلاء من الطبقة العليا والعائلة الإمبراطورية. لكن رسوم الأكاديمية كانت باهظة، بعيدة عن متناول عائلة إيميلديا المفلسة.
كل جلد حيوان تبيعه جينا كان خطوة نحو تحقيق أحلام أختيها. كانت تشعر ببعض الذنب عند قتل الحيوانات، لكنها كانت تعزي نفسها بأن هذه الأموال قد تؤمن رسوم إيبريل، وربما، إذا كانت طموحة بما فيه الكفاية، مهرًا لزواج ليريانا.
“…أرجوكِ، لا تخبري ليليانا أو إيبريل”، قالت جينا بنبرة جادة، غير قادرة على اختلاق عذر مقنع. كانت تكره هيلين، لكنها شعرت، بشكل غريب، أن هيلين الحالية قد تحترم سرها. لقد لاحظت تغيرات صغيرة: إيبريل، التي كانت تعاني من النحافة بسبب عاداتها الغذائية السيئة، أصبحت خدودها ممتلئة بفضل وجبات لذيذة أعدتها هيلين، وليليانا كانت تغني بفرح بعد عودتها من المعبد. ربما، فقط ربما، بدأت جينا تفتح قلبها لهيلين قليلاً.
“وأنتِ، لا تجرئي على قول إنكِ رأيتني أتسلق الجبال! سأموت خجلاً إذا عرف الناس!” ردت هيلين بنبرة مرحة، محاولة تخفيف التوتر. ثم، بثقة متجددة، استدارت لتواصل بحثها عن “ذلك الشيء” بخطوات واثقة، تاركة جينا وراءها.
***
بعد انتهاء صلاة الصباح في المعبد، اقتربت ماركيزة لوسن من هيلين بنظرة ذات مغزى، مما جعل هيلين تشعر أن اللحظة التي طال انتظارها قد حانت: دعوة للانضمام إلى “جمعية أصدقاء إله الشمس”، وهي نادٍ اجتماعي مرموق بين النبيلات. كم من الجهد بذلت هيلين لكسب ود الماركيزة لوسن!.
كان الماركيز لوسن معروفًا في الإمبراطورية كرجل ساحر ومغازل. بصفته مالك أكبر الأراضي الزراعية في هيرسن، كان يُقال إنه “يزرع البذور” بمهارة في كل مكان. عشيقته الجديدة، التي كانت أصغر من ابنته الكبرى، أنجبت طفله السادس غير الشرعي، وحصلت على أرض وقصر كهدية منه. هذا جعل الماركيزة لوسن مهووسة أكثر بجمالها وشبابها. على الرغم من أنها كانت لا تزال جميلة بشكل لافت مقارنة بعمرها، إلا أن بشرتها كانت تعاني من حب الشباب الملتهب، ربما بسبب المنتجات القاسية التي استخدمتها في سعيها للحفاظ على شبابها.
في عالم لم تتطور فيه مستحضرات التجميل كثيرًا، كانت المنتجات المتوفرة بعيدة عن الكفاءة، وأحيانًا تسبب ضررًا أكثر من النفع. لكن هيلين، أو بالأحرى يينا من حياتها السابقة، كانت لديها ميزة. في حياتها السابقة، درست يينا فنون المكياج في الجامعة بعد عمل شاق لسنوات، وعملت في متجر مكياج شهير. كانت تتذكر قناع الوجه المصنوع من عشبة الأمارانث (المعروفة أيضًا باسم عشبة السمك بسبب رائحتها)، والذي كانت تحضره يوميًا في المتجر. كانت العشبة، التي كانت تُجلب خصيصًا من جزيرة جيجو، فعالة بشكل مذهل في تهدئة البشرة الملتهبة وتحسين مظهر المكياج.
:لو أجد الأمارانث هنا…’ فكرت هيلين. كانت تعلم أن هذه العشبة، برائحتها السمكية الناتجة عن زيوتها الأساسية، كانت مضادًا طبيعيًا للالتهابات ومثالية لتهدئة البشرة. قضت أيامًا في تفتيش جبال ليفيا بحثًا عنها، حتى وجهتها جينا إلى مكان مليء بهذه العشبة، كأنه مزرعة طبيعية.
جمعت هيلين العشبة وطحنتها بعناية لتحضير تونر ومحلول استحمام. كان هذا منتجًا طبيعيًا خالصًا، أقرب إلى المستحضرات العضوية الفاخرة. حتى هيلين، التي كانت تعاني من بشرة متضررة بسبب المكياج الثقيل، لاحظت تحسنًا ملحوظًا في غضون أسبوع. أصبحت بشرتها صافية ومشرقة، لدرجة أنها لم تعد بحاجة إلى طبقات البودرة السميكة. يبدو أن الأمارانث في هذا العالم كان أكثر فعالية من نظيره في حياتها السابقة.
قررت هيلين تقديم زجاجة زجاجية أنيقة مليئة بالتونر المصنوع من الأمارانث إلى الماركيزة لوسن. عندما رأت الماركيزة بشرة هيلين النقية دون مكياج، تقبلت الهدية على مضض، وكأنها تقول: “حسنًا، سأجربها.” لكن بعد أيام قليلة، كانت الماركيزة مذهولة. بشرتها، التي لم تتحسن رغم إنفاق ثروة على مستحضرات باهظة، أصبحت أكثر هدوءًا ونقاءً. للحظة، تساءلت إن كانت هيلين تستخدم سحرًا أسودًا، كما تقول الشائعات. أرادت المزيد من هذا التونر بأي ثمن.(السحر الأسود يدمر الحياة مو يجملها)
قبل أن تطلب الماركيزة المزيد، قدمت هيلين لها زجاجة أخرى من التونر ومحلول استحمام إضافي. عندما عاد الماركيز لوسن إلى قصره بعد أشهر، لم يستطع إبعاد عينيه عن بشرة زوجته النقية. لأول مرة منذ فترة، قرر البقاء في قصر الماركيزة بدلاً من قضاء الوقت مع عشيقته.
“لماذا تمنحينني هذا الشيء الرائع؟” سألت الماركيزة لوسن، ونبرتها مليئة بالدهشة والحذر. كانت دائمًا تشعر بانعدام الأمان. كانت الأميرة الثالثة لمملكة أرتين، وهي دولة معروفة بقوتها العسكرية. مقارنة بأختيها الكبريين، اللتان أصبحتا ملكتين في بلدان أجنبية، كان زواجها من الماركيز لوسن متواضعًا. كونها أجنبية، مع ملامح غريبة ونطق متعثر للغة هيرسن، جعلها تشعر دائمًا بالغربة في الأوساط الاجتماعية. حتى بعض الكونتيسات كن ينظرن إليها بازدراء رغم لقبها. لذا، كانت تتساءل لماذا اختارت هيلين، من بين كل النبيلات، أن تمنحها هذه الهدية الثمينة.
“لأنني أريد أن أكون صديقتكِ!” أجابت هيلين بنبرة صادقة، وعيناها تلمعان بحماس. كانت هيلين تدرك أن كسب ود الماركيزة لوسن سيفتح لها أبواب “جمعية أصدقاء إله الشمس”، وهو مفتاح لتعزيز مكانتها الاجتماعية وتحسين سمعة عائلة إيميلديا.
بدأت الماركيزة لوسن تفتح قلبها لهيلين تدريجيًا. كانت بحاجة إلى صديقة مثل هيلين، شخص يقف إلى جانبها في عالم النبلاء القاسي. في الجمعية، كانت دائمًا تشعر بالعزلة، كأنها غريبة بين النبيلات. وجود هيلين، “زوجة الأب المتوبة” التي أصبحت حديث الإمبراطورية، سيضيف لمسة من الإثارة إلى الجمعية، وربما يساعدها في تحسين صورتها بعد أن أغضبت الدوقة الكبرى ليقلاديان بملابسها المبهرجة في المعبد.
في جلسة شاي جمعية أصدقاء إله الشمس، جمعت الماركيزة لوسن شجاعتها، وهي التي كانت دائمًا خجولة وسط النبيلات. “أود… أود دعوة صديقة جديدة إلى الجمعية، ما رأيكم؟” قالت، ولسوء الحظ، التفتت كل الأنظار إليها، مما جعل قلبها ينبض بتوتر لم تشعر به من قبل. لكن في تلك اللحظة، شعرت بدعم هيلين الخفي، كأنه يمنحها القوة لتكون جزءًا من هذا العالم الذي طالما شعرت بأنها غريبة عنه.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 12"