The stepmother is actually raising children - 5
“سمعت أن ابنتي قد سببت لكِ الكثير من المتاعب.”
نظر آرون إلى إيميليا النائمة على ساقي روزيتا، ولم يستطع إخفاء تعابير وجهه المتحسرة. كانت أشعة الغروب الحمراء تتسلل إلى الغرفة، لكن روزيتا رفعت يدها لتحجب الضوء عن وجه إيميليا، ثم رفعت رأسها لتنظر إلى آرون.
“ليس كثيرًا… فأنا المخطئة لعدم التزامي بوعدي.”
كان الحوار الهادئ بين روزيتا إيفلبري وآرون بيورن غير متوقع على الإطلاق، وكأنه لا يمت بصلة لتاريخهما.
أمال آرون رأسه قليلًا وهو يراقبها.
النسخة التي يعرفها من روزيتا لم تكن بهذا الهدوء أبدًا.
لقد كانت دائمًا إما تبكي أو تصرخ بغضب، وكان كل ذلك نتيجة حبها الأحادي الجانب الذي لم يلقَ أي استجابة. وبالنسبة له، كان ذلك الحب بمثابة كابوس مزعج لم يرغب في الخوض فيه.
“يبدو أنكِ تغيرتِ كثيرًا.”
تمتم آرون وهو ينظر إلى روزيتا التي كانت تحدق في وجه إيميليا بهدوء. لم تكن هذه هي المرأة ذاتها التي كانت تركض نحوه كالثور الهائج في كل مرة تراه.
“ألم تسمع الشائعات بعد؟”
تغير تعبير روزيتا بسرعة أمام النظرة المتفحصة لآرون. تخيلت للحظة والد البطلة الغاضب وهو يطاردها بسيف مسلول بعد أن سمع بما فعلته بابنته.
‘ذلك الرجل خطير جدًا… كأنه فطر سام لا يمكن لمسه!’
لم تستطع إنكار وسامته أو الجسد القوي الذي رأته بالفعل، لكن روزيتا قاومت كل إغراءات عقلها وحسمت موقفها بحزم.
“آه… سمعت أنكِ تخرجين مع الرجال عمدًا فقط للتهربي من الزواج بي.”
“مـ… ماذا؟!”
اتسعت عينا روزيتا بذهول، وهي تحدق في آرون بصدمة. كانت عيناها الخضراء الواسعتان تبدوان كما لو كانتا ستقفزان من محجريهما في أي لحظة، وكان ذلك المشهد يبدو… لطيفًا قليلًا في نظر آرون.
‘بيتي! أي نوع من الشائعات تنشرينها؟!’
كان ذلك عند الغروب، حين بدأت مصابيح الحديقة تضيء واحدة تلو الأخرى، محلّ محل الشمس الغائبة. أدار آرون نظره بعيدًا بعدما سعل خفيفًا بسبب أفكاره غير المعقولة.
“سمعتُ أيضًا أنكِ تمضين لياليكِ في الشراب خوفًا من أن أطلب يدكِ للزواج.”
كانت غرفة الاستقبال مظلمة، ولم يكن هناك سوى الضوء القادم من الخارج لينير المكان، بالكاد يكشف ملامحهما.
“……”
“ألّا زلتِ تدّعين أنكِ لا تتذكرين؟”
“اتذكر ماذا؟”
رفعت روزيتا نظرها إلى آرون، محاولة تجاهل دقات قلبها المتسارعة. كانت إيميليا لا تزال نائمة بهدوء، تتنفس بسلاسة.
“أنكِ أنتِ من تقدّم بطلب الزواج أولًا.”
“كانت أغبى لحظة في حياتي.”
أزاحت روزيتا شعرها إلى الخلف وهزّت رأسها، بينما لمع بريق بارد في عيني آرون الزرقاوين وسط العتمة.
“أخيرًا، هذا أكثر ما راق لي من كلامكِ حتى الآن.”
“ماذا؟ لماذا تنظر إليّ بتلك الطريقة المريبة؟”
تحركت إيميليا في نومها، وشدّت ذراعيها أكثر حول خصر روزيتا، وكأنها كانت تحتجزها كرهينة. لم تستطع روزيتا حتى التفكير في الفرار، فقد وجدت نفسها عالقة مع آرون، الذي كان يقترب منها أكثر فأكثر.
‘كيف يمكن لهذا الجسم الصغير أن يكون بهذه القوة؟!’
“إنه العقد الذي قدّمتهِ لي بنفسكِ، قائلة إنكِ على استعداد لفعل أي شيء طالما يمكنكِ البقاء بجانبي.”
“…عقد؟”
شحبت ملامح روزيتا تمامًا. كان القيد الذي وضَعَتهُ بيدها يرفرف الآن بين أصابع آرون.
* * *
كان هناك مكان يُقال إن الناس يركضون فيه بجنون، حاملين قسائم شراء لا تُعدّ ولا تُحصى، مستغلّين أي فرصة للتوفير.
الأسواق الحرة في المطارات.
قالت صديقتها العائدة حديثًا من شهر العسل إنها كانت سعيدة فقط حتى وصلت إلى هناك.
عندما استفاقت من نشوة لقب “العروس”، وجدت أن لقب “المتزوجة” قد أصبح واقعها الجديد.
قبل فترة ليست ببعيدة، كانت روزيتا تجلس أمامها بكل ثقة، معلنة رفضها القاطع للزواج.
“على الأقل، الآخرون حصلوا على فرصة للتسوق في السوق الحرة.”
تمتمت روزيتا بينما كانت تحتسي شاي الصباح. لم تعد تشتاق لمذاق الكحول القوي، فقد اعتادت الآن على مرارة الشاي الخفيفة التي تنساب في حلقها.
لكنها لم تحصل حتى على فرصة اختبار لقب “العروس”، ولم تمرّ حتى بلحظة أن تكون “المتزوجة” رسميًا.
عوضًا عن ذلك، أصبحت تُعرف الآن باسم…
“أم إيميليا.”
“ماذا؟ أيها الأب العزيز لإيميليا.”
لم يكن هناك رجل أو امرأة في زواجهما التعاقدي. كان هناك فقط “أم إيميليا” و”أب إيميليا”.
بينما كانت روزيتا تسترجع بنود العقد الذي اقترحه، اقترب منها آرون بيورن، الأنيق كعادته، وهو يحمل ربطة عنق في يده.
“يبدو أن ليلتك الأولى كانت جيدة.”
“بفضلك.”
كان ذلك صباح اليوم الأول في منزل آل بيورن، بعد حفل زفاف أشبه بعاصفة، تم على عجل.
امسكت روزيتا ربطة العنق التي مدّها لها آرون، ثم ألقت نظرة خاطفة على الساعة المعلقة على الحائط. إن كان ما قاله آرون صحيحًا، فإن إيميليا ستدخل إلى غرفة الاستقبال برفقة مربيتها بعد قليل.
“ماذا تفعلين؟”
حثّها آرون وهي لا تزال ممسكة بربطة العنق، مراقبًا ملامحها المتوترة وهي تنظر نحو الباب. كان سيكون في مأزق إن قررت الانسحاب الآن.
“إيميليا لم تستطع النوم حتى وقت متأخر من الليل. أنا قلقة عليها…”
قطّبت روزيتا جبينها وهي تحدّق في الباب الصامت لغرفة الاستقبال. كانت إيميليا الوحيدة في هذا المنزل التي استقبلتها بحبّ خالص.
لم تعد تتذكر حتى عدد المرات التي همست فيها لإيميليا “تصبحين على خير” الليلة الماضية.
“إذا كنتِ قلقة لهذا الحد، فلماذا لم تصعدي إليها بدلًا من الوقوف هنا والتفكير؟”
نظر إليها آرون بابتسامة ساخرة. لم يكن في زواجهما شيء يدعى “حب”. لقد تزوجها حين رأى ابنته ممسكة بطرف فستانها، نائمة من كثرة البكاء.
لم يكن يثق بها. لم يصدق الشائعات التي انتشرت حولها في العاصمة.
ابتسمت روزيتا بمكر، وهي تحدّق به.
‘لقد حاولت بالفعل.’
“بالطبع. لولا هذا الطلب السخيف الذي فرضته عليّ، لكنت الآن بجوار إيميليا أساعدها في اختيار ملابسها.”
قالت وهي تأخذ ربطة العنق منه.
“ما طلبته منكِ هو أن تكوني أمًا لإيميليا، لا مربّية لها. أودّ أن تظهري لها سعادة والدتها بجانب والدها.”
“ولهذا السبب أبذل هذا الجهد الآن، أليس كذلك؟”
شدّت روزيتا ربطة العنق حول عنق آرون.
“أوه!”
أطلق آرون تأوهًا قصيرًا، وحدّق بها بنظرات حادة، بينما ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة.
“يبدو أنكَ غير راضٍ عن جهودي؟”
للوهلة الأولى، بدا الأمر كما لو أنها تمسك بياقته بعنف. أن يتمسك أحد بياقة آرون بيورن؟ كان ذلك أمرًا مستحيلًا داخل الإمبراطورية.
“إذًا هذه هي جهودكِ.”
“نعم، لذا هل يمكنكَ أن تخفض رأسكَ قليلًا.”
ضيّق آرون عينيه وهو يحدّق بها. ذراعاها النحيلتان الملتفّتان حول عنقه وكعباها المرتفعان جعلا وضعيتها تبدو غير مستقرة، وكأنها على وشك السقوط.
‘ليست سيئة.’
فكر آرون بإعجاب وهو يرى روزيتا تبتسم رغم الارتجاف الطفيف في جسدها.
“هكذا؟”
انحنى آرون فجأة، مما جعل وجهه يقترب منها بشكل غير متوقع، لتطرف عينا روزيتا بدهشة.
‘ما هذا الزاوية الغريبة؟’
بدلًا من مجرد خفض رأسه، مال وجهه بزاوية جعلت أنفاسهما تتشابك. كانت المسافة بين شفتيهما تكاد تكون معدومة.
“أمي! أبي! صباح الخير… أوه، أكملوا قبلتكما أولًا!”
بصوت عالٍ، فُتح باب غرفة الاستقبال، ثم أُغلق بعنف وكأنه كاد أن يتحطم.
استعادت روزيتا وعيها، ودون تفكير، دفعت رأس آرون بأصابعها.
“اجعلها مستقيمة.”
‘يا إلهي، لقد ظننتُ أنها ستحدث فعلًا!’
حاولت تهدئة خفقان قلبها بينما تواصل عقد ربطة العنق بسرعة. في المقابل، راقبها آرون بصمت، قبل أن يعلّق بنبرة هادئة.
“هذا مطمئن.”
“ماذا تقصد؟”
“كون إيميليا تسيء فهم علاقتنا.”
‘هل فعل ذلك عمدًا؟!’
أدركت روزيتا أخيرًا أن اقترابه لم يكن مصادفة، بل كان مقصودًا تمامًا. شعرت بالغضب، بينما بقي آرون هادئًا تمامًا.
كل ما يهمه هو أن ابنته سعيدة برؤية والدها وزوجة أبيها يبدوان وكأنهما على وفاق.
“أنتِ تقومين بعمل أفضل مما توقعتُ، وهذا يريحني.”
“يسرّني أن نال الأمر رضاك، دوق. أرجو أن تدرك أنني دائمًا أبذل قصارى جهدي.”
من الخارج، بدا الأمر وكأنهما زوجان متحابان، لكن حديثهما كان حادًا وقاسيًا للغاية.
[‘أنا لا أحتاج إلى زوجة، لكن ابنتي تحتاج إلى أم.’
‘أنا لا أحبك!’
‘هذا أفضل شرط زواج سمعته على الإطلاق.’
في الظلام، ابتسم آرون وهو يحدّق في روزيتا. كانت غير قادرة على الحركة بعدما أخذت إيميليا ساقها وسادة لها، فاقترب آرون وانحنى ليكون على مستوى نظرها، ثم نطق ببطء:
‘أنتِ من زحفتِ إلى غرفتي أولًا، روزيتا إيفلبري.’
‘ما حدث تلك الليلة كان خطأ.’
‘إذًا، يمكنكِ الآن تحمّل مسؤولية ذلك الخطأ… كأم لإيميليا.’]
بعد ذلك، سارت الأمور نحو الزواج بسرعة البرق. كان أكثر من ابتهج لهذا الزواج هم والدا روزيتا، اللذان كانا يشعران بالعار بسبب سمعتها المتدهورة لدرجة لا يمكن إصلاحها.
خشية أن يغيّر آرون رأيه، أسرعا في إتمام الزواج بأقصى سرعة ممكنة.
وفي النهاية، الأفعال التي قامت بها روزيتا للهروب من هذا الزواج كانت السبب في وقوعها فيه. لم يتغير مصير روزيتا إيفلبري، الذي حدّده الكاتب مسبقًا، رغم كل محاولاتها.
“أنا مجنونة، أليس كذلك؟”
“أنا لا أختلف معكِ في ذلك، لكن قولي لي، ما الذي تنوين فعله بي؟”
بينما كانت روزيتا تعقد ربطة عنق آرون بلا مبالاة، توقفت يدها لا إراديًا عند سماع صوته.
“واو! أبي، تبدو كهدية!”
تألقت عينا إيميليا وهي تدخل الغرفة بعدما كانت تتلصص من خلف الباب.
باعتبارها الشخص الأكثر دراية بذوق إيميليا، شعرت روزيتا بقلق غامض وهي تنظر نحو آرون.
“هاه!”
انفجرت ضاحكة دون أن تشعر، ثم سارعت بتغطية فمها، لكن آرون، الأقرب إليها، لم يكن ليغفل عن صوت ضحكتها.
“إذًا، أبي هو الهدية اليوم؟”
كان كلام إيميليا صحيحًا تمامًا.
بالنسبة لروزيتا، التي لم تتعامل مع ربطات العنق إلا في أيام دراستها، لم تكن هذه المهمة أكثر من مجرد سحب الربطة الجاهزة إلى الأعلى بكل بساطة.
كان ربط ربطة العنق تحديًا صعبًا للغاية بالنسبة لروزيتا. رغم أنها تلقت بعض الدروس من بيتي حول كيفية القيام بذلك، إلا أن إتقان الأمر لم يكن شيئًا يمكن تحقيقه في يوم واحد.
“أمكِ تُهدي الإمبراطور هدية اليوم. آمل أن تنال إعجابه. ما رأيكِ يا إيميليا؟”
قالت روزيتا وهي تضحك بخفّة، ثم مدت يدها نحو إيميليا، التي سارعت إلى الارتماء في أحضانها، مما جعل جسدها الصغير الدافئ يبعث في قلبها الراحة.
“أعتقد أنه سيحبها كثيرًا! أبي وسيم وأنيق، طويل القامة، كما أن لديه جسدًا رائعًا!”
قالت إيميليا بحماسة، وهي تومئ برأسها بسعادة، مما أظهر مدى رضاها التام عن رأيها.
‘من أين اكتسبت هذا الذوق الرفيع وأنتِ لا تزالين صغيرة؟’
فكرت روزيتا وهي تبتسم وتداعب شعر إيميليا بلطف.