“إذا كنتُ أنا وأمي سعيدتين، فهل ستكون أنت سعيدًا أيضًا يا أبي؟”
“بالطبع.”
نظرت إيميليا تارة إلى روزيتا وتارة إلى آرون وهي تبتسم بوجه مشرق. شعرت روزيتا بحرارة نظرات آرون عليها، فسارعت بتغيير الموضوع.
“إيميليا، هل تدربتِ كثيرًا؟”
“بالطبع!”
أجابت إيميليا بحماس وهي تهز رأسها بقوة، مما جعل الزهرة المعلقة على رأسها تهتز كأنها ستنقضّ على روزيتا لتبتلعها. نظرت روزيتا إلى ابنتها التي أصبحت أشبه بزهرة آكلة للحوم تتحدث، وهزّت رأسها ببطء.
‘ابنتي التي أخجل من إخراجها أمام الناس.’
تنهدت روزيتا وهي تضبط مزاجها. لا أحد يعلم متى سينتهي ‘تلك المرحلة’ من طفولتها. ومع ذلك، كانت ممتنة لأن إيميليا لم تعد تصرّ على ارتداء الأحذية الفروية بعد الآن.
“لقد وصلنا!”
ما إن توقفت العربة حتى قفزت إيميليا منها بحيوية، بعد أن لم ترفع نظرها عن النافذة طوال الطريق. تنهدت روزيتا عند رؤية خفة حركتها، بينما نظر آرون إلى يديه الفارغتين بدهشة، وكأنه لا يصدق أن إيميليا أفلتت منه بهذه السرعة.
“يا للعجب! جسد إيميليا أسرع من سيفي!”
“نعم، وأنا أعيش يومي كله مع تلك الفتاة السريعة.”
عند سماع كلمات روزيتا، قبض آرون يده ثم بسطها مرارًا، غير مصدّق أنه لم يتمكن من الإمساك بها. في هذه الأثناء، تعالت أصوات الأطفال خارج العربة.
“مرحبًا! إيميليا!”
“مرحبًا بك يا اوبا الكبير!”
ما إن سمع آرون صوت ابنته الخجول، حتى اتسعت عيناه غضبًا واندفع من العربة بسرعة. ومع صوت تنهداته العميقة التي تلت نزوله، أخرجت روزيتا رأسها على عجل لتتابع الموقف.
“مرحبًا، دوقة، هل تسمحين لي بإمساك يدكِ لمساعدتكِ على النزول؟”
“آه!”
انطلقت شهقة أسف من فم تومي الذي فاته شرف مرافقة روزيتا بسبب سرعة تصرّف دانيال.
“يا لك من مخادع، فوبيل!”
حتى تيسكا أظهر استياءه من مبادرة دانيال السريعة. وبينما كان تيسكا يضرب الأرض بقدمه غضبًا، وينتفخ خدّا تومي امتعاضًا، مدّ دانيال يده نحو روزيتا بثقة.
“أنا زوجها، إن لم تنتبهوا.”
لم يتمالك آرون نفسه فتنهد وتقدّم إلى الأمام.
“شكرًا لك، يا السيد الشاب فوبيل.”
سارعت روزيتا إلى إمساك يد دانيال بعدما رأت آرون عالقًا وسط مجموعة الأطفال الصغار.
“ناديني دانيال فقط، يا والدة إيميليا.”
“أوه! يبدو أنني أخطأت.”
وضعت روزيتا إصبعها على شفتيها بابتسامة ماكرة، متذكرة أن استخدام الألقاب التي تُظهر المنزلة الاجتماعية محظور داخل الأكاديمية، ثم غمزت بعينها. وبينما كانت تتبادل الأحاديث الودية مع دانيال، اقترب تيسكا خفيةً من آرون.
“يبدو أن والد إيميليا لم يُصلح الأمور بعد، أليس كذلك؟”
حدّق آرون في تيسكا الذي كان يتهكم وهو يدور حوله، وبدت على وجهه علامات الانزعاج.
‘قال إنها كانت تحبه.’
تنهد آرون في صمت. لقد كانت فكرة إرسال الرسالة عبر كتاب الحكايات بمساعدة إيميليا خطة مثالية. لكن المشكلة كانت بعد ذلك، إذ لم يتلقَّ أي رد من روزيتا. كان ذلك أول خلاف زوجي لهما بعد الزواج، ولم يكن يعرف كيف يتعامل مع مثل هذا النوع من الخلافات.
وبينما كان يتنهد بقلق وهو يراقب روزيتا، قالت الأخيرة وهي تتأمل من حولها:
“يا له من مشهد… يبدو أن الجميع مميزون بطريقتهم الخاصة.”
شعرت روزيتا بقليل من العزاء وهي تدرك أن كل الآباء اليوم يشعرون بما كانت تشعر به تجاه ابنتها التي تخجل أحيانًا من تصرفاتها. والآن فهمت لماذا أمضت إيميليا وقتًا طويلًا أمام المرآة تضبط زاوية الزهرة في شعرها، فزهرتها الآكلة للحوم لم تكن الأسوأ على الإطلاق.
“همف!”
انتفخ صدر تيسكا فخرًا معتقدًا أن كلمات روزيتا كانت مدحًا له. كادت روزيتا أن تناديه بـ”رئيس القسم!” من شدة شبهه بذلك النمط من المدراء الذين يبالغون في مظهرهم. كان يربط ربطة رأسه بطريقة ملتفة حول جبهته، فوقها مباشرة مجسّم صغير لتنين أسود، مشهد جعلها تشعر بالخزي نيابة عنه.
“لا يوجد مكان أفضل من الجبهة لعرض شيطاني أمام الجميع!”
أدارت روزيتا وجهها عنه متنهدة.
‘ولماذا أشعر أنا بالعار بدلًا منه؟’
“إذًا، اسم هذا التنين هو شيطان؟”
“همف!”
غمز تيسكا بعين واحدة وهو يضع إصبعه على فمه، محاولًا الإيحاء بأن الاسم سرّ، بينما هو في الواقع يفضح نفسه أكثر.
أدارت روزيتا بصرها مبتعدة لتجد تومي يرفع رأسه بفخر كأنه كان ينتظر نظرتها. حاول تقليد ربطة العنق، لكن ما كان حول عنقه مجرد شريط أحمر ضخم جعله يبدو وكأن وجهه يطفو فوقه. ومع ذلك، فقد تناسق تمامًا مع شعره الفضي وعينيه الزرقاوين.
أُعجبت روزيتا بجماله من جديد ورفعت إبهامها إعجابًا.
‘لو تزوجت إيميليا من هذا الفتى، فلن أقلق على شكل أحفادي.’
لكن حين التفتت برضاها، وقعت عيناها على دانيال الذي كان يبتسم بخجل وهو يمدّ يده اليسرى. كان على معصمه شريط قديم بالكاد متماسك، وقد احمرّ وجهه خجلًا وأغمض عينيه بإحكام.
لقد أنفق كل مصروفه الشهري لشراء زهرة ليهديها إلى روزيتا، فلم يتبقَّ له ما يشتري به مستلزمات يوم الرياضة. وبينما كان يحاول إخفاء وجهه الأحمر، حطّ على رأسه قماش حريري أحمر ناعم.
“هل نبدّل؟”
“هاه؟”
رفع دانيال رأسه بسرعة.
“هذا القماش مفرط في البهرجة بالنسبة لي. شعري أحمر بالفعل، فلو أضفت إليه ربطة حمراء سيكون الأمر مبالغًا فيه.”
قالت روزيتا بابتسامة مشرقة وهي تلوّح أمامه بوشاحها الحريري الأحمر. وبما أن فريق إيميليا هو الفريق الأحمر، كان على والديها أيضًا ارتداء شيء أحمر.
“لكن…”
تردّد دانيال وهو ينظر إلى الوشاح المتمايل في الهواء، والذي بدا له وكأنه خصلات شعر روزيتا نفسها.
“أين أضعه يا ترى؟”
سحبت روزيتا يده اليمنى بلطف، فمدّها دانيال مطيعًا، فلفّت حولها الوشاح وربطته على شكل فيونكة أنيقة.
“آه! هل سيكون مزعجًا عند استخدامك السيف؟”
“لا، لا! لا بأس أبدًا!”
خشية أن يُفك الشريط مجددًا، هزّ دانيال رأسه بسرعة. كانت نظراته تتلألأ وهو يحدّق في الشريط الذي عقدته روزيتا له.
امتلأت عيناه السوداوان بصورة روزيتا.
“حسنًا! إذًا، هل ستعطيني شريطك يا دانيال؟”
“نعم؟”
تأمّل دانيال الشريط المربوط على معصمه الأيسر. كان شريطًا بسيطًا مصنوعًا من رباط شعر يستخدمه أثناء تدريب السيف، ولا يُقارن أبدًا بوشاح روزيتا الأنيق.
“هيا.”
بإلحاح روزيتا، فكّ دانيال المنديل المربوط على معصمه، وظلّ يحدّق بيدها الممدودة إليه في تردد.
“واو! إنه يشبه خاتم شريط ماما!”
اتسعت عينا إيميليا دهشةً وهي تُبدي إعجابها. على عكسها، كان بريق عيني آرون يضطرب بشدة.
‘يا له من صبي جريء!’
في تلك اللحظة التي كانت فيها روزيتا تحدق في الشريط الذي عقده دانيال، انبعث صوت إعلان من مكبر الصوت.
“نرجو من أولياء الأمور والطلاب المشاركين في يوم الرياضة التوجّه إلى ساحة الملعب استعدادًا لمراسم الافتتاح.”
بدأ الأطفال يتجمّعون نحو الساحة.
“اذهبي بسرعة يا إيميليا، ماما ستنتظرك هناك.”
دفعت روزيتا ظهر إيميليا برفق وهي تنظر حولها.
“حسنًا يا أمي.”
أومأت إيميليا برأسها.
“وأنت يا دانيال، تعال لتناول الغداء مع إيميليا لاحقًا، لا تذهب إلى مطعم الأكاديمية.”
“هل يمكنني ذلك فعلًا؟”
تلألأت عينا دانيال سرورًا. فهو يعيش في سكن الأكاديمية، وبسبب بُعد منزله، لم يكن والداه يحضران فعاليات الأكاديمية أبدًا.
“بالطبع، هناك ما يكفي من الطعام، فلا تقلق، تأكد من المجيء.”
“شكرًا جزيلًا.”
انحنى دانيال بتحية ثم انطلق مسرعًا.
“آه! إيميليا، اتركيني! أنا أيضًا! أمي لم تستطع الحضور لأن أخي مريض!”
كان تومي يصرخ بأسى وهو يُسحب من عنقه بيد إيميليا. فقد اضطرت زوجة النبيل ميلتون للبقاء في المنزل بعدما أصيب ابنها الصغير بحمى في الفجر.
“بالطبع يا تومي!”
“شكرًا لكِ!”
ابتسم تومي بفرح ولوّح بيده قبل أن يختفي مع الأطفال.
“ألستَ ذاهبًا؟”
زمجر آرون بصوت منخفض موجهًا كلامه إلى تيسكا، الذي كان يدور حولهم مبتسمًا بخبث.
“همم، هل لم تتقبّل الدوقة اعتذارك؟ أم أنك لم تعتذر بعد، يا دوق؟”
“…….”
“تسك، والدي يقول إن عبارة ‘أنا آسف جدًا ولا أعرف كيف أعتذر’ مجرد هراء.”
هزّ تيسكا إصبعه الثاني يمينًا ويسارًا.
“سمو الأمير، ممن تعلمت هذا الأسلوب في الحديث؟”
تنهد آرون بعمق وقد بدا عليه الاستسلام أمام تيسكا الذي كان يقلّد الكبار بذكاء.
“أمي قالت إنه لا يوجد شيء اسمه ‘سأعتذر لاحقًا’.”
لكن تيسكا كان طفلًا يعرف متى ينهي كلامه.
آه.
وضع آرون يده على جبهته. فلم يكن بوسعه تجاهل ما يقوله هذا الطفل الصغير، إذ إن كل كلماته مستمدة من الإمبراطور والإمبراطورة نفسيهما.
‘هل كانت الرسالة غير كافية؟’
وبينما كان آرون يفكر، انطلق تيسكا يركض نحو الساحة بعد أن نقر بلسانه كالبالغين.
وحين اختفى تيسكا أيضًا، استدارت روزيتا لتغادر.
“من هنا.”
أمسك آرون بمعصم روزيتا، وقطّب حاجبيه حين شعر بملمس شيء غريب تحت يده.
‘يا لهذا الغراب الشمالي الوقح!’
تذكّر آرون دانيال الذي ربط الشريط على إصبعها الرابع من اليد اليسرى ثم فرّ هاربًا.
“إلى أين يتجه هذا العالم؟”
“ماذا تقصد؟”
بدت روزيتا غافلة تمامًا عن السبب، فنظرت إليه بقلق دون أن تفهم معنى كلماته.
“أقصد هذا الشريط.”
رفع آرون معصم روزيتا، وقد تدلى منه شريط أحمر طويل يُخفي خاتم الزواج تمامًا.
“ما به؟”
“من بين كل الأصابع، لماذا الرابع؟ ولماذا في اليد اليسرى؟”
نظرت روزيتا إلى يدها، فرأت أن خاتم زواجها اللامع قد اختفى تحت الشريط.
“هل تعني أن الأمر بسبب أن الخاتم مخفي؟”
‘إنه خاتم زواج بلا معنى كبير على أي حال.’
“لقد فعل ذلك عمدًا بلا شك.”
“إنه مجرد طفل في التاسعة من عمره. رأى شيئًا لامعًا فربطه دون تفكير.”
هزّت روزيتا رأسها نافية هذا الاتهام الغريب، لكن نظرات آرون نحو الشريط المربوط على يدها ظلت غير راضية.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات