1
❀ تحذير من المترجمة : قد تحتوي الرواية على مشاهد تزعج القارئ ،بمجرد أن تشعر بعدم الإرتياح ابحث عن رواية أخرى 🫰🩵
* ❀ *
الفصل 1
تخطت قدماها البيضاوان النحيفتان بخطواتٍ هادئة نحو السرير.
إنه ليلٌ يتسلل فيه ضوء القمر الخافت عبر النافذة.
‘يا له من فعلٍ آثم، أن أتسلل في غسق الليل لأصعد إلى سرير رجلٍ ليس بزوجي ولا خطيبي.’
‘لو رآني أحد لقال إنني مسخٌ يسعى خلف الرجال.’
تسلقت فوق الفراش كأنها ملكة العناكب التي تتربص بفريستها.
بدا الرجل المستلقي بانتظام، وقد خفض أهدابه المرتبة، غارقًا في نومٍ هادئ.
أمالت شعرها الأشقر الطويل فوقه وراحت تنظر إليه بصمت.
بدءًا من شعره الأسود الذي لا تزال به بقايا بللٍ لم يجف تمامًا، وصولًا إلى حاجبيه المتناسقين، انحدرت نظراتها فوق جسر أنفه الشامخ.
أخيرًا توقفت نظراتها عند شفتيه الممتلئتين والمغرية.
ومن بين شفتيها اللتين انفرجتا قليلًا وكأنها على وشك تقبيله، انساب صوتٌ عذب:
“ريهارد أبردين، فارسي العزيز. أأنت نائم؟”
أرهفت السمع لأنفاسه الخافتة.
كان تنفسه الهادئ كما هو، لكن توترًا لا يمكن تفسيره كان يملأ الأجواء.
اختلطت الأنفاس حتى لم تعد تميز إن كان ذلك التنفس المتسارع هو تنفسها أم تنفسه.
ومعها تقاربت نبضات القلب في إيقاعٍ واحد.
وأخيرًا، وفي نهاية ذلك التنفس الذي بات غير منتظم، انفتحت عيناه.
كشف عن حدقتين بلون الدم تشبهان القمر الأحمر.
شعرت بنشوةٍ حين رأت أن نظراته الغارقة في العمق لا تحتوي إلا عليها هي فقط.
“فيرونيكا، لماذا أنتِ في هذه الغرفة…؟”
الرجل الذي كان ينظر بذهولٍ إلى وجهها المبتسم برقة، هو زميل زنزانتها ورفيقها في الهروب من السجن.
مررت أناملها فوق خطوط وجهه وهمست بسرية:
“أعلم أنك لم تكن نائمًا. لقد كنت تنتظرني.”
بدلًا من الإنكار، احمرّ ما حول عينيه قليلًا.
لو كانت زيارةً من دخيل، لما كان سيستلقي هكذا دون دفاع.
‘لقد كنت تنتظر بهدوء رغم علمك بقدومي منذ البداية، ومع ذلك تتظاهر بالبراءة، يا لك من ماكر.’
“أجئتِ إلى هنا بهذا اللباس؟”
قال ذلك بلهجةٍ عاتبة رغم علمه بخلو الرواق من المارة.
جذب نظره قميص النوم الرقيق وشبه الشفاف الذي كان يبرز قوامها تحت خصلات شعرها الذهبية المتموجة.
تأرجحت نظرات ريهارد لأسفل.
وتسللت الرائحة الزكية المنبعثة منها إلى أنفه مسببةً له الدوار.
حين حاول رفع جزئه العلوي كأنه يهرب، أوقفته فيرونيكا بإيماءةٍ بسيطة من يدها الصغيرة التي استقرت على كتفه.
اضطربت تفاحة آدم البارزة في حلقه وهو يبتلع ريقه.
اكتفت فيرونيكا بالنظر إلى ريهارد بتمعن.
لتترك نظراتها الفاتنة تغرق ريهارد تدريجيًا.
انتشرت الحرارة في جسده بالكامل بدءًا من الموضع الذي لمسته يد فيرونيكا.
نظر إلى فيرونيكا وهو ينسى حتى أن يرمش بعينيه.
وكان ما تحت حدقتيه اللتين باتتا أكثر تركيزًا قد اشتعل احمرارًا.
استمتعت بذلك الشعور المحفوف بالمخاطر، ومررت يدها بخفةٍ فوق جسده الذي تصلب من التوتر.
وجاء رد الفعل فورًا.
“آه، ماذا تفعلين الآن؟ لا تفعلي هذا!”
“اششش-. أنت تعلم لماذا أفعل هذا. تعلم أنني أحتاج مساعدتك حتمًا للهروب من هذا السجن.”
“حـ-حتى دون فعل هذا، أنا بالفعل…”
“أأنت تكره ذلك حقًا؟”
ريهارد، الذي قطب ما بين حاجبيه بشدة وكأنه يتألم، لم يجرؤ على لمسها، بل قبض على اللحاف بيأس.
دون أن يدرك أن ذلك يجعلها ترغب في مضايقته أكثر.
في كل مرة يحدث هذا، كانت ترغب في دفع ريهارد للبكاء تمامًا.
لذا، وبدافعٍ متهور، عضت وجنته برقة.
تصاعد وهبط صدر ريهارد مع أنفاسه المجهدة.
وانتقلت إليها حرارةٌ تشعر بها كأنها نار من جسده الملاصق لها.
لم يكن يملك إلا أن يستسلم لإغوائها.
فإن رفض فيرونيكا التي أفسدته بالفعل سيكون فعلًا ينكر النعمة بين يديه.
وهكذا، تحركت يده التي بررت فعلتها ببطء لتحتضن خصر فيرونيكا.
وبينما جذب قوامها النحيل إلى صدره بجشع، تمتم بصوتٍ ملهوف:
“آه، لا ينبغي فعل هذا… كل هذا بسبب فيرونيكا. بما أنكِ من جعلتني هكذا، فعليكِ تحمل المسؤولية.”
رغم أنها شعرت بالذهول قليلًا من تعبيرات وجهه التي كانت تنم عن السعادة على عكس كلماته، إلا أنها ضحكت في النهاية.
لأنها علمت أن الرجل الذي سقط في شباكها بالفعل لم يكن سوى أسيرٍ لها.
لم تكن هناك حاجة للشموع.
فالليل الذي يسطع فيه ضوء القمر لم يخفِ شيئًا، بل أظهر كل ما لدى الطرف الآخر.
برزت العروق الزرقاء بوضوح على ذراعه المفتولة بالعضلات، واختلط ظلاهما معًا.
كان شعورًا سلميًا للغاية.
حتى اللحظة السابقة مباشرةً.
تششش!
“بففف، كحه! كحه!”
انفجرت نوبات السعال بجنون إثر صفعةٍ من الماء البارد كالثلج ارتطمت بوجهي.
فتحت عينيّ وحاولت جاهدةً استعادة وعيي المشوش.
حين تفقدت المحيط بعينين يغلبهما النعاس، رأيت الماء المسكوب عند قدمي ودلوًا فضيًا.
حذاء جلدي أسود… بينما كنت أرمش بأهدابي المبتلة وأراقب ساقي الرجل بوعيٍ لم يعد كاملًا بعد، تناهى إلى مسامعي صوتٌ منخفض.
“من المحزن أن تنامي بعمقٍ أمامي، روز فالنتاين.”
“…”
“بل هل ينبغي أن أناديكِ فيرونيكا فالنتاين؟ أيتها القديسة المزيفة.”
قديسة؟ آه، صحيح… الآن فقط عادت ذكرياتي بوضوح حول هذا المكان.
كان سجن “فورتريس” حيث أُحتجز حاليًا لسببٍ ما.
والمكان الذي أتوجد فيه هو الطابق السفلي الأول، وهو أدنى طابق في السجن.
لقد كنت غائبةً عن الوعي في غرفة التعذيب، واستيقظت للتو إثر رشقة الماء تلك.
قطبت وجهي بانزعاج وأنا أشعر بقطرات الماء الباردة والرطبة تنساب على جلدي.
“…أنت من لم تدعني أنام.”
رفعت نظري ببطء لأحدق في الرجل الذي يلف جسده بملابس سوداء بالكامل وحمالات جلدية.
إنه “كايل كيثنيس”، مدير سجن فورتريس، والشخص الذي أيقظني بالقوة قبل قليل.
ذلك الزي الذي يتناقض مع عينيه الذهبيتين الصافيتين وشعره الأشقر بلون الليمون، كان زي عمله.
يقولون إنه زي مخصص لتعذيب السجناء.
سخرتُ بمرارة وأنا أفكر في مدى سخافة الأمر.
لكن لسوء الحظ، كنت أنا من تستحق السخرية في الواقع.
يداي وقدماي المربوطتان إلى الكرسي كانتا دليلًا على ذلك.
لقد فقدت وعيي بينما كان كايل يعذبني.
اللعنة، أكان سيضره شيء لو أيقظني بلطف بدلًا من هذا؟
بمجرد إدراكي للواقع، ارتجف جسدي الذي أصابه الماء البارد.
حدقتُ في كايل، الرجل الذي حفظتُ اسمه وأنا أصر على أسناني متوعدةً بألا أنسى هذا أبدًا حتى بعد خروجي من هنا.
أمال رأسه قليلًا ورفع أحد حاجبيه.
“لم تنكسر شوكتكِ بعد؟ ألم يحن الوقت لتقبل وضعكِ؟”
شحنتُ عينيّ بالعدائية بكل ما أوتيت من قوة.
لأن التحدث بغير كلفة والتحديق فيه كانا التمرد الوحيد الذي أستطيعه وأنا في هذه الحالة من العجز.
اقترب كايل الذي كان ينظر إليّ بهدوء وجلس القرفصاء.
ورغم أن مستوى أعيننا تساوى، إلا أن شعور الهيبة ظل كما هو.
“أم أن قدرتكِ على التعلم ناقصة؟ لقد أخبرتكِ أنني سأدللكِ إن تصرفتِ بوداعة.”
مسح كايل شعري المبتل بيده الضخمة.
وانحدرت نظراته متبعةً قطرات الماء المنسابة.
كانت الملابس المبتلة تلتصق بجلدي وتشف عما تحتها.
بمجرد أن عرفتُ إلى أين تتجه عيناه، بصقتُ عليه.
وبينما كنت أرمقه بنظراتٍ مليئة بالازدراء، انزلق اللعاب اللزج ببطء فوق وجنة كايل.
ابتلعتُ ريقي بتوتر وسط الصمت الذي خيّم على الغرفة فجأة، فمسح كايل وجنته بإصبعه.
بينما كان ينظر إلى طرف إصبعه بتعبيرٍ لا يمكن تخمين ما وراءه، جذب فجأةً مؤخرة رأسي.
وفي تلك اللحظة، اتسعت عيناي بذهول.
“مممم! مممم!”
اصطدمت الشفاه وتسربت أنات غير واضحة من فمي المسدود.
تخبطتُ بعنف، لكن بما أن يديّ وقدميّ كانتا مقيدتين، لم يكن تمردي ذا أثرٍ كبير.
لم يوقف قبلته التهديدية رغم رفضي.
كان كايل ينظر إليّ بتمعن وأنا أتخبط دون أن يغلق عينيه.
تلك النظرات التي بدت وكأنها ستلتهمني جعلت القشعريرة تسري في قفاي.
لم أعد أحتمل، فغرزت أسناني في لحم كايل.
وبمجرد أن ابتعد، رحتُ أستنشق الهواء بجشع.
“لماذا تستفزينني وأنتِ تعلمين أنكِ ستندمين سريعًا؟”
مسح كايل الجرح الذي بدأ ينزف منه الدم ببرود.
وعلى عكس بروده، رحتُ أناقشه بانفعالٍ صارخة:
“أأ-أأ-أأنت مجنون؟ هل يُسمح للسجان بفعل هذا بالسجين؟”
لا يُسمح، بالطبع لا يُسمح.
حتى لو كان مدير السجن!
لكن كايل رمش بعينيه وكأنه لا يفهم ما أقول.
ثم سأل باستغرابٍ وكأنه يشعر بالفضول حقًا:
“لماذا لا يُسمح؟ وأنتِ ساحرة.”
فقدتُ القدرة على الرد للحظة.
صحيح، أنا ساحرة.
وساحرة مسجونة أيضًا.
التعليقات لهذا الفصل " 1"