ابتسمت ليا برقة. فتحت ثيل فمها الصغير قليلًا ثم أومأت برأسها.
“لقد مضى زمن طويل منذ تحول أركاديا إلى ما هي عليه الآن. في الحقيقة، لا توجد حتى أساطير أو روايات متوارثة عن تلك الفترة.”
“ولكني سمعت أن هناك سوين وحشية لا تزال تعيش هناك…”
“اممم… لكن أولئك السوين لا يبذلون أي جهد للتواصل مع السوين الوحشية خارج أركاديا. وكما تعلمين، لا يمكن للوحوش دخول تلك المنطقة، لذا فإن المعلومات التي تمتلكها عائلة أستيريان محدودة جدًا. على حد علمي، عائلة أرني لديها معلومات أكثر عن المكان.”
“أتقصدين بعائلة أرني، تلك العائلة التي تمتلك قدرة الخضرة الخارقة؟”
تذكرت ثيل النساء ذوات الشعر الأخضر الجميل اللاتي رأتهن في لوميناري أثناء حديثها.
لاحظت ثيل أن المشاركين من عائلة أرني في لوميناري كانوا غريبين بشكل ملفت – حيث كان عدد الذكور قليلًا جدًا. سواء كانت رئيسة العائلة أو خليفتها، كلاهما كانا من الإناث. باستثناء الفرسان، كان هناك رجل واحد فقط من بين من بدوا أنهم أعضاء مباشرون في العائلة.
كانت تلك النقطة غريبة ومدهشة، لذا ظلت عالقة في ذهن ثيل طوال الوقت.
فأومأت ليا برأسها مبتسمة:
“أحسنتِ، أرني هي أيضًا الأقرب إلى أرضِ اللافجر. لذا فهم يمتلكون أكبر قدر من المعلومات عن تلك المنطقة.”
“آه، هكذا إذن…”
أنهت ثيل وجبتها وهي تستمع إلى حديث ليا، ثم التقطت الكرز الموضوع فوق البودينغ الذي قدم كحلوى وأدارته في فمها.
“هل لديك أي أسئلة أخرى؟”
“لا، أعتقد أن هذا يكفي في الوقت الحالي…”
“إذن سأزيح الطاولة. إذا رغبتِ في أي شيء آخر، فقط أخبريني يا سيدتي!”
جمعت ليا الأطباق وبقايا الطعام على صينية وخرجت بها من الغرفة.
انبطحت ثيل على السرير ورفعت جفنيها بينما كان ذهنها يعمل.
‘أركاديا…’
يا لها من تسمية جميلة.
لا بد أنها كانت حقًا جنة عندما كانت تُدعى بأركاديا.
لم تزر ثيل أبدًا أرضِ اللافجر، لكن بفضل الشرح المفصل الذي قدمه كل من لوديان وبيردي، علمت أن المكان أصبح الآن أرضًا ميئوسًا منها.
فعدم شروق الشمس يعني أن الأرض لا تستطيع دعم الحياة، وهذا أمر بديهي.
‘مع ذلك، لماذا يستمر أولئك الذين يعيشون هناك في البقاء؟’
إذا كانت الأرض لا تستطيع دعم الحياة، فبالطبع لن يكون هناك طعام. فبماذا يعيشون؟
خطر ببال ثيل فجأة أن السوين الوحشية التي تعيش في ذلك المكان الذي كان يُسمى يومًا أركاديا لا بد أنهم يشعرون بوحدة قاسية.
***
اليوم التالي
“أولًا، علينا أن نطلب المساعدة من أرني.”
قال ألفيوس وهو ينظر إلى كاسوس. على الطاولة بينهما كان هناك فنجانان من الشاي لا يزالان ينبعث منهما البخار.
أخذ ألفيوس رشفة من الشاي ثم تابع حديثه:
“إذا استطعنا الحصول على فرسان أرني، سيكون ذلك مثاليًا.”
“هل يمكننا الوثوق بأرني؟”
“وما خيارنا إذا لم نثق بهم؟ لا يمكننا تتبعهم بأنفسنا. بالإضافة إلى ذلك، أرني هم الأكثر دراية بـ تلك الأرض، لذا ليس لدينا خيار.”
“يبدو أننا سنحتاج إلى طلب مرشد من أرني، لكنني أعارض بقاء الأطفال هناك. من يعلم ما قد يحدث أثناء وجودهم في منزل تلك العائلة؟”
“إذا كنا سنتحدث عن الخطر، ألا تعرف أن الشارع أكثر خطورة من منزل أرني؟ لا تكن أحمق يا كاسوس. أرني أيضًا لن تتحرك بتهور. هذه قضية تتحرك فيها العائلة الإمبراطورية وأستيريان شخصيًا. ليس لأرني مكان للتدخل.”
قال ألفيوس بحسم. لم يضف كاسوس أي شيء آخر ونظر إلى ألفيوس.
“إذا تعرض الأطفال للخطر…”
“من يجرؤ على مواجهة أستيريان؟”
بالطبع، هناك أشخاص اغبياء مثل إيكر أو نيستيان قد يفكر في ذلك.
ولكن حتى هؤلاء سيفكرون ألف مرة قبل التصرف، وهذا بالضبط قوة أستيريان.
“بصراحة، لا أعتقد أن ثيل قادرة على تحقيق ذلك.”
قال كاسوس بهدوء. هذه المرة، استمع ألفيوس إلى كلام ابنه بانتباه.
“ثيل ما زالت صغيرة جدًا، كما أنها أظهرت قدراتها الخارقة منذ أقل من عام. لقد أظهرت تقدمًا ملحوظًا في فترة قصيرة، لكن هذا كل شيء.”
كان صوت كاسوس هادئًا وواضحًا:
“إنها في السابعة من عمرها فقط.”
“هذا صحيح…”
“ولهذا أعتقد أنه يجب علينا إيقافها الآن، يا أبي.”
كان كاسوس يحترم قرار ثيل دائمًا، ويضع رغبتها فوق كل اعتبار. كان مستعدًا لتحقيق أي شيء تريده، مهما كان.
لكن… إذا كان الأمر يتعلق بإرسال ابنته إلى مكان خطير…
“أنا أشاركك رأيك، كاسوس.”
“……”
“ثيل ما زالت صغيرة جدًا… وهذه المهمة خطيرة للغاية… وليست أمرًا ملحًا يجب تنفيذه الآن.”
إذا عقدت عائلة أستيريان العزم، يمكنها أن تقهر بقوة عائلات نيستيان وإيكر وفولفغانغ وأرني الأربع، وتجعل ثيل رئيسة لعائلة أستيريان.
من يجرؤ على معارضة أستيريان إذا قررت ذلك؟
لكن السبب في عدم فعل ذلك…
هو أن القوة الكامنة في قدرات ثيل الخارقة ستُطمس تحت سلطة أستيريان إذا تم إخضاع الجميع بالقوة.
نظر ألفيوس إلى كاسوس:
“لكن إذا رغبت حفيدتي في ذلك. إذا أرادت المحاولة حتى لو فشلت، أعتقد أن دور العائلة والجد والأب هو دعمها ودفعها للأمام.”
“……”
“بالطبع أنا أفهم مشاعرك. إنها ابنتك التي استعدتها بعد عناء، ولا تريد إرسالها مرة أخرى إلى مكان خطر.”
“نعم.”
“وهذا كل شيء؟ ألا ترغب في احتضانها حتى تكبر وتترك حضنك… لكن كاسوس.”
حدقت العينان الذهبيتان الهادئتان والواضحتان لألفيوس بابنه الذي أصبح أبًا.
“لقد ولدت تلك الطفلة لحياة مختلفة. ألا تعرف ذلك؟”
“نعم، أبي.”
“ما إن تظهر قدراتها الخارقة المتعلقة بالنور، سيبذل الكثيرون جهودًا لا تحصى لإيذائها وإسقاطها. وحتى حمايتنا لها سيكون لها حدود.”
أحضر ألفيوس فنجان الشاي الذي أصبح فاترًا إلى شفتيه.
“وبالتأكيد ستكون هناك مواقف مثل هذه، حيث لا يوجد سوى ثيل من يمكنها إنجاز المهمة. أنا ممن يعتقدون أن هذه الرحلة ضرورية لنموها.”
“نعم، أبي. كلامك صحيح بلا أدنى شك. لكن…”
أومأ ألفيوس برأسه وكأنه يقول له تابع. فتح كاسوس فمه ببطء:
“قبل نصف يوم فقط، كنت ترتجف من القلق.”
“……”
“وقبل ذلك، كنت تقول إن إرسال بيردي ولوديان فقط أمر خطير، ويجب إرسال أوليفيا معهما بالتأكيد.”
“……”
“ما الذي حدث في ذلك الوقت القصير؟”
نظر كاسوس إلى ألفيوس بتعبير مليء بالمعنى. فسعل ألفيوس ثم أدار رأسه.
“لا تعترض على كلام رئيس العائلة!”
“نعم… لم أكن أنوي الاعتراض حقًا. حسنًا، سأفعل كما تقول.”
بينما كان ألفيوس يستمع إلى كلام كاسوس، شعر بقوة من أين أتى أسلوب بيردي ولوديان في الكلام.
“خطيئتي…”
“ماذا؟ ماذا قلت؟”
“لا شيء، لا يهم. على أي حال، يجب أن نكتب رسالة إلى أرني. رسالة نطلب فيها تعاونهم، ويجب أن نرسل رسالة إلى جلالة الإمبراطور أيضًا.”
“هل تنوي مناقشة موعد إرسال الأطفال إلى الشمال؟”
“نعم، يجب إرسالهم قبل أن يصبح الجو أكثر برودة. فالطريق سيكون أكثر قسوة مع اشتداد البرد. ثيل تعيش في مكان بارد لذا يمكنها التحمل إلى حد ما، لكن الأطفال الآخرين ليسوا كذلك.”
عندما يصبح الطقس أكثر برودة، ستصبح الطريق إلى الشمال أكثر وعورة. إذا واجهوا عاصفة ثلجية، فمن الواضح أن الأطفال سيعانون كثيرًا.
لذلك يجب تشكيل فرقة فرسان على عجل وإرسال الأطفال قبل أن يتجمد الطقس تمامًا. كان ألفيوس على وشك أن يقول إنه سيكتب الرسالة إلى الإمبراطور بنفسه، عندما…
ساد ضجة خفيفة في الخارج. ارتفعت حاجبي ألفيوس وكاسوس في وقت واحد.
“من أتى؟”
تمتم كاسوس وحوّل نظره إلى خارج النافذة. لكن الحديقة الهادئة خارج النافذة لم تقدم أي دليل على سبب الضجة الخارجية.
طق طق
دقّات خفيفة على الباب، وبعد وقت قصير فتح باب غرفة العمل. وقفت خادمة على عتبة الباب وانحنت برأسها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "94"