الفصل 93
يوم العودة إلى أراضي أستيريان
قبل صعودها إلى العربة، التفتت ثيل إلى كاسوس وسألت بحذر:
“قبل الذهاب… أريد رؤية السيد إياندروس، لكن يبدو أن ذلك صعب، أليس كذلك؟”
منذ ذلك اليوم في القصر الإمبراطوري، لم يعد إياندروس يلتقي بها أو يزورها. لذلك، طوال فترة بقائها في العاصمة، لم تتمكن من رؤيته.
“هذا قد يكون صعبًا، لكنني سأبلغه أنكِ تريدين رؤيته.”
ربت كاسوس على رأسها كي لا تشعر بالخيبة. فأومأت ثيل برأسها بثبات:
“نعم، شكرًا لك!”
“حسنًا، لا تقلقي، اصعدي إلى العربة الآن.”
رفعها كاسوس بسهولة إلى العربة، حيث سحبها لوديان، الذي كان قد صعد قبلها، وجلسها بجانبه.
“ثيل، هل تشعرين بالأسف؟”
أومأت ثيل برأسها.
“نعم… لقد ساعدني السيد إياندروس في القصر، ولم أتمكن حتى من شكره بشكل لائق.”
“وماذا لديكِ لتشكريه عليه؟! هو من يجب أن يشكرك!”
“بالضبط! بسبب ذلك الوغد، تعرضت طفلتنا للخطر!”
انفجر لوديان وأوليفيا بالغضب. حتى بيردي، الذي عادةً ما يهدئ لوديان، أومأ موافقًا هذه المرة.
“ما الذي لديكِ لتشكريه عليه، ثيل.”
التعاقد مع إياندروس لتصبح رفيقته يعني أنها ستتحمل معه عبء قدراته غير المستقرة والمخاطر التي يتعرض لها جسده.
الشيء الوحيد الجيد هو أن تعاقدهما غير مكتمل…
‘لكن حتى التعاقد الناقص يظل تعاقدًا، ففي كل مرة يخرج إياندروس عن السيطرة، ستتأذى ثيل.’
فكر بيردي للحظة قصيرة أنه ربما يكون من الأفضل قتل إياندروس…
لكن عندما رفع رأسه ونظر إلى عيني ثيل البراقتين، تخلص من تلك الفكرة على الفور.
مهما كانت أخته صغيرة، يجب احترام قراراتها التي اتخذتها بنفسها.
استمرار بيردي ولوديان في التفكير بهذه الطريقة سيجعل تصرف ثيل، التي خاطرت بنفسها لإنقاذ إياندروس، يبدو غبيًا.
“إذا كنتِ تريدين رؤيته حقًا، سأرسل له خطابًا يأمره بالحضور إلى أستيريان. بما أنكِ الآن رفيقته، فلا بد أن يفعل ذلك على الأقل.”
“آه، هل هذا ضروري…؟”
“ومن سيدعه يدخل؟! حتى لو أراد المجيء، لن نسمح له!”
“صحيح! من لا يحمل لقب أستيريان لا يمكنه دخول القصر!”
صرخت أوليفيا بفخر. نظر إليها لوديان بنظرة باردة:
“تتحدثين وكأنكِ حصلتِ على لقب أستيريان؟”
“……”
“ماذا؟ ألم تحصلي عليه؟ قلتِ إن من لا يحمل لقب أستيريان لا يمكنه دخول القصر، أليس كذلك؟”
همت أوليفيا بالإمساك بياقة لوديان، لكنها تذكرت أن ثيل تجلس بجانبه فتراجعت.
بينما كان الأطفال يتجادلون، بدأت العربة بالتحرك. ألصقت ثيل خدها بنافذة العربة وتطلعت إلى الخارج.
كانت تغادر العاصمة، حيث قضت وقتًا قصيرًا لكنها شعرت انه قتًا طويل، عائدةً إلى قصر أستيريان.
‘الحياة في العاصمة كانت ممتعة… لكنني ما زلت أفضل أستيريان.’
قصر أستيريان يشبه حقًا المنزل. ذلك المكان الذي يمكنها العودة إليه دائمًا.
اتكأت ثيل على النافذة، وشاهدت الأشجار والمنازل تتباعد بسرعة حتى غلبها النعاس.
سحب لوديان، الذي كان يجلس بجانبها، بطانية وغطاها بها، ثم جذب كتفها برفق ليجعلها تستلقي على حجره.
سارت العربة بسرعة.
***
“ثيل، لقد وصلنا.”
هزها بيردي بلطف لإيقاظها. مدت ثيل ذراعيها وهي نصف نائمة ورمشت بعينيها الناعستين.
“أوه؟ بالفعل؟”
“نعم، لقد وصلنا. تعالي.”
مدت ثيل ذراعيها وهي في حالة بين النوم واليقظة. حملها بيردي بسهولة ونزل بها من العربة.
كان الوقت ظهيرةً عندما غادروا، لكن عند الوصول، كان قد أصبح ليلاً مظلمًا. وقف جميع خدم قصر أستيريان خارجًا ينحنون.
“أهلاً بعودتكم، يا رئيس العائلة.”
وقف فاردن في المقدمة ينحني. بينما كان ألفيوس وكاسوس ينزلان من عربة أخرى، أومآ برأسيهما ردًا على تحيته.
“نعم، هل حدث أي شيء، فاردن؟”
“لا، يا رئيس العائلة. تفضلوا بالدخول.”
أومأ فاردن برأسه ثم أرشد ألفيوس وكاسوس وبيردي ولوديان وأوليفيا وثيل إلى داخل القصر.
كانت ثيل محمولة بين ذراعي بيردي، ترمش بعينيها بينما استندت بخدها على كتفه.
‘لقد عدت إلى المنزل…’
رفعت ثيل جفونها الثقيلة لتتطلع إلى وجوه الخدم المألوفين، والممرات التي اعتادتها، والسلالم التي أصبحت جزءًا من حياتها.
أدركت فجأة كم كان الجميع في قصر أستيريان لطفاء معها، حيث لم يستغرق الأمر حتى عامًا واحدًا لتشعر أن هذا المكان منزلها الحقيقي…
“هل نقدم العشاء إلى غرفكم؟”
أومأ الجميع برؤوسهم موافقةً على سؤال مديرة الخادمات. كانوا متعبين بعد رحلة العربة الطويلة، ولم يتبق لديهم الطاقة لتناول الطعام معًا في غرفة الطعام.
“احرصي على تحضير طعام لطيف وسهل المضغ لثيل.”
“نعم، سأفعل ذلك.”
أومأت مديرة الخادمات برأسها، فتفرق الخدم على الفور لتحضير الوجبات وإرسالها إلى الغرف.
لاحظت إحدى الخادمات أن بيردي ما زال يحمل ثيل، فسألت بأدب:
“سيدي، هل تريدينني أن أحمل الآنسة؟”
“لا بأس، سأحملها بنفسي.”
رفض بيردي العرض برفق. كانت الخادمة تعلم أنه يحب حمل ثيل، لذا انسحبت باحترام.
“حسنًا، سيد بيردي.”
مشى بيردي حاملًا ثيل نحو غرفتها، ولم يضعها إلا بعد الوصول. ثم داعب رأسها الصغير بلطف.
“ثيل، حتى لو كنتِ نعسانة، يجب أن تأكلي قبل النوم. اتفقنا؟ تخطي الوجبات ليس جيدًا.”
“نعم، نعم… سأفعل ذلك بالتأكيد…”
“وعد؟ سيتأكد أخوكِ لاحقًا.”
أومأت ثيل برأسها. ابتسم بيردي بحب وقبل خدها قبل أن يغادر الغرفة.
في تلك الأثناء، كانت ليا تنتظر بجانب السرير بملابس النوم، مبتسمةً بينما تقدمت نحو ثيل.
“سيدتي، سأساعدكِ في تغيير ملابسكِ~”
ساعدتها ليا بسرعة في ارتداء بيجاماها، ثم فكت تسريحة شعرها بعناية حتى تتمكن من الراحة.
وبعد وقت قصير، وصل العشاء إلى الغرفة.
“هل تفضلين الأكل على السرير؟”
“هل يمكنني؟ لكنني قد أسقط الطعام…”
“إذا سقط، سنغير الملاءات! افعلي ما يريحكِ!”
فكرت ثيل للحظة، ثم جلست أمام الطاولة. لم تريد إزعاج الخادمات بتنظيف الفوضى على السرير.
وضعت الخادمات الطعام على الطاولة: حساءً دافئًا، ولحمًا طريًا، وسلطة طازجة.
“تناولي الطعام، سيدتي! لا بد أنكِ جائعة بعد الرحلة الطويلة!”
“ممم… لستُ جائعة حقًا… لأن أخويّ ظلوا يعطونني طعامًا…”
كان بيردي ولوديان يطعمانها شيئًا كل ساعة خلال الرحلة.
‘لا تجوع الطفلة أبدًا!’ – كانت هذه فلسفتهما.
أحيانًا كان الخبز الطري، أو الحلوى الحلوة، أو الفاكهة الطازجة. بفضلهما، استطاعت ثيل أن تأكل وتنام براحة خلال الرحلة.
بينما تمضغ قطعة اللحم الطري، نظرت ثيل إلى ليا وسألت:
“ليا، هل تعرفين شيئًا عن أرض اللافجر؟”
“بالطبع! لا أحد في إمبراطورية كراسيون لا يعرفها. في الماضي، كان السوين يسمونها أركاديا.”
“أركاديا؟ لماذا لا نستخدم هذا الاسم الآن؟”
“أركاديا تعني الجنة، سيدتي. يُقال إنها كانت مكانًا رائعًا في الماضي، لذا سُميت هكذا…”
ابتسمت ليا بخفة.
“لكن الآن كما تعلمين، أصبحت أرضًا لا تشرق فيها الشمس. لذا لم نعد نستخدم ذلك الاسم. لكن… من يعلم؟”
أصغت ثيل بانتباه وهي تبلع اللحم.
“إذا عادت الشمس لتشرق هناك، قد تستعيد اسم أركاديا. رغم أنها الآن منطقة محظورة على الوحوش…”
“هل… هل يمكنني سؤالكِ عن شيء آخر؟”
“بالطبع! اسألي أي شيء!”
“لماذا أصبحت أرضًا محظورة على الوحوش؟ هل ارتكب السوين شيئًا… سيئًا في أركاديا؟”
ترجمه :يوميكو
التعليقات لهذا الفصل "93"