“…ماذا فعلت؟” 

سأل “بيردي” بوجه مشوه، وكأنه لم يصدق ما سمعه. 

“ماذا فعلت؟ ماذا فعلت ثيل و’إياندروس’؟” 

“…ماذا سمعت للتو؟” 

تبادل “بيردي” و”لوديان” نظرات. التحديق المذهول بين التوأم المتطابق استمر لبرهة قبل أن يبدأ أحدهما بالكلام بتردد: 

“إذن… يعني…” 

“…” 

“ثيل… عقدت عهدًا مع إيان…” 

حاول “لوديان” إكمال الجملة، ثم وضع يديه على رأسه بتعبير يشبه نهاية العالم. 

بينما كان “بيردي” يجلس بهدوء، فك ربطة شعره وأعاد تسريحه، ثم ابتسم ابتسامة مشرقة ونهض. 

“…بيردي، إلى أين تذهب؟” 

سأله “ألفيوس” بنظرة غير مطمئنة. 

“أعطِ منصب ولي العهد لـ’لوديان’. لدي بعض الأمور لأهتم بها في القصر الإمبراطوري.” 

ابتسم “بيردي” ببراءة. 

“أمسكوه!” 

بمجرد أن أصدر “ألفيوس” الأمر، ظهر “كاسوس” فجأةً واضعًا يده بقوة على كتف “بيردي”. 

“ابقَ مكانك.” 

“…” 

“أنت لست الوحيد الذي يحاول التحمل. لا تتصرف بتهور.” 

بصوت “كاسوس” المخيف، جلس “بيردي” مجددًا بعد أن كان على وشك الانطلاق. 

“إذن… ماذا سيحدث الآن؟” 

سأل “لوديان” “ألفيوس” بنظرة مضطربة. شعر بالامتنان لأن “ثيل” لم تكن موجودة في الغرفة. 

لو كانت هنا، لربما كان “بيردي” – الذي كان دائمًا لطيفًا معها – قد تحول إلى وحشٍ يسأل بجنون: “ماذا فعل بكِ ذلك الوغد ‘إياندروس’؟!” 

“لا يمكن كسر العهد.” 

قال “كاسوس” بهدوء. 

“لكن يجب أن تكون هناك طريقة…!” 

“لا يمكن كسره. هناك سبب لعدم إقدام ‘السوين’ على عقد العهد.” 

العهد يحمل مخاطر كبيرة. ليس فقط لا توجد طريقة لكسر العهد، ولكن حتى لو وجدوا طريقة، فلا ضمان لسلامة “ثيل”. 

ساد صمت ثقيل. أطلق “ألفيوس” و”كاسوس” تنهيدة. 

“لا أفهم كيف تم عقد العهد. يقال إن سمو ولي العهد كان فاقدًا للوعي طوال الوقت…” 

“…إذن تقولون أن ‘ثيل’ عقدت العهد بمفردها؟” 

“العهد لا يمكن عقده بمفردك، فلا بد من حدوث تفاعل ما بينهما. لكن السؤال هو: كيف؟ بأي طريقة؟” 

تمتم “ألفيوس”. 

“جدّي.” 

ناداه “بيردي” بصوت خافت. 

“لماذا تناديني؟” 

“إذا كانت ‘ثيل’ قد عقدت عهدًا مع ‘إياندروس’، فهل هذا يعني أنها ستصبح عروسه؟” 

“بالطبع.” 

“إذن هل ستعيش ‘ثيل’ في قصر ولي العهد؟”
“على الأرجح.” 

ضحك “بيردي” ضحكة جافة. 

“سأقتل إياندرو—” 

“مهلاً!” 

قبل أن يتجاوز “بيردي” الحد، سارع “لوديان” بوضع يده على فم أخيه. 

“لكن اسمع يا ‘لوديان’، أختي بالكاد تبلغ السابعة، ولم يمضِ عام حتى على عودتها، والآن يجب إرسالها إلى القصر الإمبراطوري؟” 

“…” 

“على أي حال، الأفضل أن أتخلص من—” 

“كفى.” 

قطع “كاسوس” كلام “بيردي” مرة أخرى. أطاع “بيردي” وأغلق فمه. 

التقت نظرات “ألفيوس” و”كاسوس” في الهواء للحظة. 

“كاسوس.” 

“نعم.” 

أومأ “كاسوس” برأسه. 

تبادل “بيردي” و”لوديان” نظرات حائرة بينهما. 

بدا أن لدى “ألفيوس” و”كاسوس” شيء ليخبراهم به. 

“هناك طريقة واحدة لعدم إرسال ‘ثيل’ إلى القصر الإمبراطوري.” 

“ما هي؟” 

“كان عليكم إخبارنا بهذا منذ البداية!” 

انفجر “لوديان” بغضب، لكن لا “كاسوس” ولا “ألفيوس” وبخاه على وقاحته. 

بدلاً من ذلك، توقفا للحظة يفكران، ثم: 

“‘بيردي’، رأيك مهم هنا.” 

“قولوا لي.” 

أومأ “بيردي” برأسه. 

“إذا أصبحت ‘ثيل’ رئيسة عائلة ‘أستريان’، يمكننا تأجيل إرسالها إلى القصر الإمبراطوري حالياً.” 

“…” 

توقف “كاسوس” عن الكلام. 

نشأ “بيردي” على مدى 11 عامًا باعتباره وريث عائلة “أستريان”، والمقرر أن يصبح رئيس العائلة بعد “كاسوس”. 

كان يعرف كم كان هذا القاسي على “بيردي”. 

“لهذا لم نرغب في ذكر هذا.” 

في الواقع، منذ أن علموا أن العائلات الأخرى كانت تتوجس من “ثيل” وتحاول تقييد “أستريان”، كان “ألفيوس” و”كاسوس” يناقشان هذا الأمر بينهما. 

لكنهما كانا يحاولان تجنب الوصول إلى هذه النقطة. 

“إرسال ‘ثيل’ إلى القصر الإمبراطوري خطر. أنتم جميعًا تعرفون السبب.” 

لقد أظهرت “ثيل” قدرة الضوء. 

والحقيقة أن هذه القدرة يمكن أن تجعل قدرات “أستريان” و”نيستيان” أقوى قد تسربت أيضًا. 

في الوقت نفسه، كانت الشائعات السخيفة تنتشر بأن وجود “ثيل” بجانبك يمكن أن يمنحك قدرات أقوى. 

في مثل هذه الظروف، إرسالها إلى القصر الإمبراطوري يشبه ترك طفل بمفرده في أرض المعركة. 

“حتى لو وعد جلالته وسمو ولي العهد بحمايتها.” 

القصر الإمبراطوري شاسع. 

هذا يعني أنه لا أحد يعرف من قد يأتي أو كيف أو متى ليؤذي “ثيل”. 

أكثر مكان آمن لـ “ثيل” هو مقر عائلة “أستريان” في أراضي “أستريان”. 

ولتحقيق ذلك، كانوا بحاجة إلى شيء حاسم يمنع الآخرين من انتزاعها منهم. و… 

“هذا الشيء هو منصب رئيس العائلة.” 

إذا جعلوا “ثيل” رئيسة لعائلة “أستريان”، يمكن لـ “ألفيوس” إدارة شؤون العائلة حتى تكبر “ثيل” دون أي مشاكل.
بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن لرئيس عائلة “أستريان” أن يعيش ببساطة في القصر الإمبراطوري كما يشاء. 

قد لا يتمكنون من منعها من أن تصبح عروسًا لولي العهد، لكنهم على الأقل يمكنهم تأخير ذلك. 

“على الأقل حتى تكبر ‘ثيل’.” 

كانت “ثيل” صغيرة جدًا وساذجة. 

بالكاد تبلغ السابعة من عمرها، ونظرًا لسوء التغذية في “نيستيان”، كانت أصغر بكثير من الأطفال في سنها. 

بمعنى آخر، كانت طفلة صغيرة عاجزة عن حماية نفسها. 

وكان حمايتها ورعايتها واجب الكبار، وواجب العائلة. 

لكن هذا كان مجرد رأي “كاسوس”، ولم يكن ينوي فرض هذه المسؤولية والواجب على “بيردي”. 

إذا رفض “بيردي”، كان “ألفيوس” و”كاسوس” ينويان البحث عن حل آخر. 

نظر “كاسوس” إلى ابنه الذي كبر كثيرًا دون أن يلاحظ، ووضع يده الثقيلة برفق على رأسه الصغير. 

“‘بيردي’، هذا ليس إجبارًا. يمكنك أن تختار بنفسك. لن يعترض أحد على اختيارك.” 

“…قلتم إنه يمكنني الاختيار، أليس كذلك؟” 

نظر “بيردي” إلى “كاسوس”. 

الابن الذي كبر دون أن يلاحظ، ينظر الآن إلى أبيه. 

ظل الأب صامتًا، لا يتكلم ولا يتحرك، فقط ينظر إلى ابنه. 

“أعطوا منصب رئيس العائلة لـ’ثيل’.” 

“…’بيردي’، رأيك هو الأهم في هذه المسألة. أنت…” 

“رأيي ليس الوحيد المهم، أليس كذلك؟ الشخص الذي كان من المفترض أن يرث منصب رئيس العائلة بعد الجد ليس أنا، بل أبي.” 

نظر “بيردي” إلى “كاسوس” وتحدث بوضوح. كان صوت الصبي واضحًا دون تردد أو ندم أو أي شيء آخر، مما جعل الجميع في الغرفة يحدقون فيه بذهول. 

“ولكن بما أنكم تسألونني، يبدو أن أبي قد تخلى عن منصب رئيس العائلة.” 

“نعم.” 

كان “كاسوس” مستعدًا للتخلي عن منصب رئيس العائلة، بل وأكثر من ذلك، من أجل “ثيل”. مثل حياته نفسها. 

لهذا السبب، كانت “ثيل” كيانًا لا غنى عنه في “أستريان”، وكيانًا لا يريدون فقدانه مرة أخرى، وكانت بمثابة الجرح النازف لفهود “أستريان” السوداء. 

أومأ “بيردي” برأسه كما لو كان يعلم ذلك مسبقًا. 

“لكن لماذا تسألونني؟ إذا كان أبي، الذي كرس حياته لوراثة منصب رئيس عائلة ‘أستريان’، مستعدًا للتخلي عنه من أجل ‘ثيل’، فما الذي يمنعني من فعل الشيء نفسه؟” 

“…” 

“منصب رئيس عائلة ‘أستريان’ لا يعني لي شيئًا. إذا كان بإمكاني إنقاذ ‘ثيل’، يمكنني التخلي عنه بسهولة.” 

“…هذا غير مقبول. ماذا تقول؟” 

تمتم “ألفيوس”، رئيس عائلة “أستريان” الحالي وصاحب المنصب الذي كانوا يتنازلون عنه، وكأنه يشعر بالصداع. 

“إنها مجرد استعارة. على أي حال، لا داعي للقلق بشأني. افعلوا ما تريدون.” 

“‘بيردي’.” 

“سأتبع قراركم. سأفعل أي شيء لحماية ‘ثيل’.” 

تألقت العيون الذهبية لـ”بيردي” بوضوح. 

مثل الضوء الذي غطى سماء ساحة التدريب عندما احتضنت “ثيل” “بيردي” أثناء هياجه…